بسبب تعسف أصحاب الأعمال  وإهمال الحكومة: معاناة 15 ألف عامل مفصول تبحث لها عن حل

30

تحقيق: محمد مختار

– المراغى: البرلمان سيتبنى خطة لعودة المفصولين

– العاملون بقطاع الأعمال العام يطالبون بتخفيف معاناة أسر كاملة ويسألون عن لجنة المفصولين بالقوي العاملة

– من يُجبر أصحاب العمال على تنفيذ أحكام القضاء

– مطالب بنصوص واضحة بقانون العمل يجرم الفصل التعسفى

 

تقدمت النقابة العاملة للعاملين بالقطاع الخاص، برئاسة شعبان خليفة، بمذكرة إلى مجلس الوزراء، وذلك لبحث أزمة العمال المفصولين والشروع على حلها، مراعاة للظروف الاجتماعية للعاملين، وطالبت المذكرة بضرورة الحفاظ على الطبقة العاملة ضد من يسعى إلى تصفيتها وتشريدها.

وأضافت، أن ذلك يأتى فى ظل وجود مجلس النواب، والذى يجب أن يتحمل مسئولياته تجاه العمال وقضياهم الملحة، ويكون له الدور الاكبر فى إصدار تشريعات تساعد على الحفاظ على حقوق الطبقة العاملة، وتفصل فى الأزمات بين العمال وأصحاب الأعمال.

وجاء في المذكرة، أن الحق فى العمل من أبسط وأهم المبادى التى يكفلها الدستور ويجب أن تعمل الدولة متمثلة فى مؤسساتها المختلفة على توفيرها للمواطنين، لكى يحيوا حياة كريمة تساعدهم على توفير متطلبات الحياة، ولكن وسط هذه المبادئ العامة، فإذا نظرنا إلى أرض الواقع نجد شيئًا مغايرًا تماما، وهو أنه لا يوجد من يتابع تنفيذ هذه البنود، ويترك العامل لقمة سائغة أمام صاحب العمل، وأصبح شعار العمال المفصولين كلمة إنشائية يتغنى بها المسئولون فى خطبهم الرنانة ولكن أصل المشكلة لا تجد من يعمل على حلها، حتى وصل عدد العمال المفصولين إلى  15 ألف عامل.. فكيف يكون الحل؟.

*15 ألف عامل مفصول

طبقًا لآخر حصر تم للعمالة المفصولة فقد بلغ عددها على مستوى الجمهورية 15 ألف عامل تقريبًا، من بينهم حوالي ما يقارب من 700 حالة ملحة دائمي التردد على وزارة القوى العاملة ومدرياتها بالمحافظات المختلفة، وكذلك إلى المنظمات النقابية العمالية، للمطالبة بإعادتهم إلى أعمالهم.

وكانت الإجراءات التى تمت مع المترددين على الوزارة، هى بحث حالتهم واستكمال مستنداتهم، وما أمكن الوصول لتسوية ودية لهم مع صاحب العمل هم 180 عاملاً فقط من أصل 700 عامل، وكان ذلك عن طريق إعادتهم إلى عملهم أو بتوفير فرص عمل بديلة تم قبولها، في حين رفض عدد من الحالات فرص العمل البديلة وتمسكوا بإعادتهم إلى أعمالهم، ولكن بالنظر إلى هذا العدد الضئيل الذى لا يقدر بـ 1 % من اصل العمال المفصولين نجد أن أصل المشكلة ما زالت قائمة، والتحرك لم يقوم بالغرض الذى انشأ أجله.

*البرلمان وإنهاء الأزمة

قال النائب جبالى المراغى رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر ورئيس لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، إنه تم إرسال العديد من المذكرات لرئيس الوزراء، ووزير الاستثمار، وذلك لبحث كيفية عودة عمال القطاع العام المفصولين، مشيرًا أننا ننتظر الرد فى هذه المذكرات والبت فيها، وأن الاتحاد لا يُدخر جهدًا فى هذه القضية حتى تتم عودة المفصولين والذين حصلول على أحكام قضائية بذلك.

وأكد المراغى، أن لجنة القوى العاملة ستتبنى قضية العمال المفصولين وسيتم التواصل مع أصحاب الأعمال، ومعرفة الأسباب الحقيقية ومحاولة إنهاء الفصل والعودة للعمل مرة أخرى وسنقف بجانب من حصلوا على أحكام قضائية نهائية بالعودة، مؤكًدا أن أحد الأسباب المهمة للفصل من العمل هو تعثر المصانع وتوقفها عن العمل، منوهًا إلى أنه لآبد من وجود آلية لتشغيلها مرة أخرى لآنه سيصب فى مصلحة العامل بطبيعة الأمر.

وكان رئيس الاتحاد، قد التقى عمال مفصولين ممثلين عن 4 شركات تابعة لقطاع الغزل والنسيج وهم “غزل المحلة، مصر إيران، طنطا للكتان، غزل شبين”، وذلك لمطالبة رئيس الاتحاد بمساندتهم حتى تتم العودة للعمل مرة أخرى، إضافة إلى عودة جميع شركات قطاع الأعمال للدولة بعد أن دمرتها سياسات الخصخصة، وصرف مستحقاتهم المالية لدي الشركات القابضة.

*قانون العمل

وفى سياق أخر، أشارت فاطمة رمضان القيادية العمالية، إلى أن حل مشكلة العمال المفصولين تكمن فى وجود عقوبة رادعة لأصحاب الأعمال إذا أقدموا على فصل العامل تعسفيًا أوعدم الاستجابة للأحكام القضائىة التى تقضى بعودة العامل مرة أخرى، موضحة أن قانون العمل لأبد وأن ينص على تجريم الفصل التعسفى تجريمًا تامًا، وألا تكون هذه السلطة فى يد صاحب العمل وحده، موضحة أن هذا لا يتنافى مع معاقبة من أخطأ من العمال ولكن لابد من وجود سلطة حيادية تتمثل فى المحكمة، والتى يجب أن يلجأ إليها الطرفان حيث سيتم الفصل فى الواقعة طبقًا لأسس محددة.

وأوضحت، أنه يجب أن يتم تغليظ العقوبة على صاحب العمل الذى يمتنع عن تنفيذ الأحكام القضائية ويجب أن تصل للحبس، حتى لا نرى هذا الرقم الكبير من العمال المفصولين ولا يجدوا من يساندهم فى العودة، موضحة أن العمال يستطيعون مقاضاة أى وزير ولكن صاحب العمل فى هذه الأيام يعتبر نفسه أعلى من سلطة القانون وهذا أمر يجب أن يتم تعديله.

وأكدت، أن مسودة قانون العمل والتى سيتم طرحها قريبًا على مجلس النواب لإقرارها بحاجة إلى نصوص واضحة فيما يخص هذا الشأن، مشيرة إلى أنه تم إعداد قانون عمل بديل من قبلة حملة شارك فيها عدد من المختصين بالشأن العمالى وكانت تجرم بشكل واضح وصريح الفصل التعسفى.

*معاناة العاملين

ومثالًا على حالات الفصل فى القطاع العام أو تسريح العمالة لعدم القدرة على صرف رواتبهم، وتشغيل المصانع يأتى القطاع الذى لا يمكن أن نتغافله، بل  ويعتبر المثال الواضح على معانة العاملين بكل شركات القطاع العام، وفى هذا السياق قال غريب صقر، أحد العاملين من شركة مصر إيران، إن العمال فى الشركة يتسولون مرتباتهم وأن أحاديث الإدارة مؤخرًا عن توفير اعتمادانت مالية لتشغيل الشركة لم نشهده على أرض الواقع، موضحًا أن العدد الأكبر من العاملين جالسين فى منازلهم، لأن الشركة قامت بإبلاغ عدد كبير من العمالة بأنها ليست بحاجة إليهم بالوقت الحالى، إضافة إلى عدم سداد المستحقات المتأخرة.

وطالب صقر، من المسئولين عن العمال بضرورة بذل جهد أكبر لتخفيف معانات أسر بأكملها، مشيرًا، أنه تم طرق جميع الأبواب المتاحة واتخاذ جميع القنوات الشرعية للحصول على حقوق العمل المشروعة والتى تعتبر أولها الحق فى العمل ولكنهم لم يصلوا إلى شىء.

وأما العاملون بالقطاع الخاص والذى تًرك مرتعًا لصاحب العمل يتصرف كيفما يشاء، دون وجود من يحاسبه، فمثال على ذلك ما يواجه العاملين بالشركة الشرقية لصناعة الأجهزة المنزلية “تكنوجاز”، حيث اتجهت الإدارة إلى تخفيض رواتب العاملين فى ظل هذا الغلاء بنسبة 5 %، وعندما اشتكى العاملون قالت لهم الإدارة والتى تضمن أنه لا يوجد عقاب ” اللى مش عجبة يمشى”، وهذا وفقًا لما قاله العاملون بالشركة، وعلى الرغم من تقديم العمال شكوى بمكتب العمل التابعين له، إلا أنه لم يحرك ساكنًا تجاه تشريد العمال والذى لن يجدوا امامهم ذلك أو قبولهم بالأمر الواقع وقبول خفيض الرواتب وهو فى حد ذاته ظلم كبير يقع عليهم.

 

*محاولة فاشلة

وكانت المحاولة الأولى والأخيرة لبحث هذه الأزمة ومحاولة حلها فى عهد وزيرة القوى العاملة السابقة ناهد عشرى، والتى شكلت لجنة تسمى “لجنة العمال المفصولين”، ولكن هذه اللجنة كتبت لها النهاية قبل أن تبدأ ولم تستطع إعادة من حصلوا على أحكام قضائية بالعودة، وكان السبب فى أن قرارات هذه اللجنة غير ملزمة لصاجب العمل.

تشكلت لجنة العمال المفصولين في 24 / 5 / 2014، وبدأت عملها في شهر أغسطس من نفس العام، وشكلتها وزيرة القوى العاملة السابقة ناهد عشري بالتنسيق مع مجلس الوزراء فى حينها وبرئاستها وتتكون هذه اللجنة من ممثل من الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، وممثل من النقابات المستقلة، وممثل من جمعية الدفاع عن عمال مصر، إضافة إلى ممثلين عن وزارتي الداخلية والعدل، و3 أعضاء من وزارة القوى العاملة.

بدأت «لجنة العمال المفصولين» عملها بحصر أعداد العمالة والتي تم فصلها تعسفياً من الشركات واستغرق هذا الحصر شهرين، وكانت النتائج هي وجود 15 ألفاً و300 عامل مفصول في مصر، وتم تقسيمهم إلى 3 شرائح  الحاصلين على حكم قضائي نهائي بالعودة، وتتعنت الشركات في عودتهم بحجة أن هناك إجراءات قضائية أخرى ويقدروا بحوالي 7 آلاف عامل ويتعنت أصحاب الأعمال في عودتهم حتى هذه اللحظة ومصيرهم مجهول.

والشريحة الثانية،  تضم عمالة ما زالت قضاياها منظورة أمام القضاء، وقامت وزيرة القوى العاملة السابقة «ناهد عشرى» بمخاطبة وزارة العدل بضرورة التعجيل في الفصل بهذه القضايا والتي تعدت حينها 15 ألف عامل مفصول ينتظر حكم المحكمة بعودته والشريحة الثالثة، هي عمالة لم تتخذ أي إجراء قانوني بعد الفصل.

و كانت المحصلة النهائية لهذه اللجنة صفرًا، نتيجة عدم التقدم فى تنفيذ الاجراءات القانونية على أرض الواقع، فالعمال المفصولين عددهم يتزايد ولا يوجد مسلك قانوني للعودة مرة أخرى إلى عملهم وبالتالي كان هذا سبباً أساسياً في كثرة الإضرابات التى نشاهدها فى هذه الفترة.

التعليقات متوقفه