الجيل الجديد يحتل الصورة

55

بتوزيع جوائز المهرجان القومي للسينما المصرية مساء الخميس الماضي بالقاعة الكبري لدار الاوبرا تأكدت الصورة بالنسبة للسينما وهي احتلال الجيل الجديد من صناع هذا الفن للمكان والمكانة التي كانت حتي سنوات معدودة محسومة لمن قبلهم من السينمائيين، ولكي نكون منصفين فإن “الجيل الجديد” تعبير يطلق على من قدموا اعمالا تنتمي إلى سينما مختلفة أو قدموا اعمالهم الاولي، وفى المهرجان نكتشف أن هناك مخرجين شبان لكن افلامهم تنتمي إلى السينما السائدة أو المألوفة فى البناء واسلوب التعبير، وغيرهم يحاولون الخروج من دوائر المألوف.. ومن العشرين فيلما روائيا طويلا التي قدمها المهرجان فى دورته العشرين هذاالعام- أو التي تقدمت للمشاركة فيه- تسعة افلام هي الاولي لمخرجيها وهو رقم يقارب النصف تقريبا ويعبر عن الحلم والشغف بالسينما لدي اجيال جديدة من المصريين، وهو رقم ضئيل بالنسبة لبلد كمصر ولأننان نعرف أن الازمة الانتاجية هي الاهم منذ عقود بالنسبة لصناعة الفيلم المصري، فإن علينا أن نتصور كم فيلم لم ينتج بسبب عجز التمويل، وكم مخرج ومبدع توقف ظهوره بسببها.. وحسنا فعل وزير الثقافة حلمي النمنم فى كلمته فى ختام المهرجان بالاعلان عن قرب صدور لائحة تمويل ودعم السينما المصرية من خلال صندوق يموله بنك الاستثمار القومي وخصص له مبلغ 150 مليون جنيه مصري سنويا..
أيها السينمائيون.. أرجوكم
فى حديثها قبل اعلان جوائز الافلام الروائية الطويلة، ناشدت الكاتبة اقبال بركة، رئيسة لجنة التحكيم لهذه الدورة، صناع السينما المصرية أن لاي غفلوا عن قضايا مجتمعهم، وأن يقدموا ما نريده كمشاهدين فى هذه اللحظات التاريخية بالغة الحساسية وهي كلمات مهمة بالفعل، فى اطار اختيار شخصية عامة رفيعة المستوي الثقافى على رأس لجنة التحكيم وهو تقليد جيد بدأه د. سمير سيف رئيس المهرجان منذ العام الماضي باختيار الكاتب يوسف القعيد لرئاسة اللجنة، وقد وجه يومها رسالة ايضا إلى صناع السينما المصرية، ومن المؤكد أن القرابة بين الرواية والفيلم كبيرة، لكن المؤكد ايضا أن السينمائيين الآن لا يرحبون بها كثيرا، وحتي حين يتم تقديم فيلم عن عمل روائي مثل (الفيل الازرق) عام 2014 أو (هيبتا) 2015 فإن دافعة هو نجاح رواية كاتب جديد والاقبال عليها من جمهور الشباب.. الشباب هم كلمة السر بالنسبة للسينما الآن، وليس المجتمع فقط، ولهذا جاءت جوائز المهرجان معبرة عن هذا بنسبة 80%، إذ أن فيلما واحدا من الافلام الستة التي حصدت الجوائز ينتمي لمخرج بدأ العمل فى مطلع التسعينيات فى لندن قبل أن يستقر فى بلده مصر وهو المخرج خالد الحجر الذي حصل فيلمه (حرام الجسد) على ثلاثة جوائز هي جائزة الصوت لمهندس الصوت جمعة عبد اللطيف والتصميم الفني للفنانة مونيا فتح الله وجائزة التمثيل الثاني نساء لناهد السباعي التي حصلت عليها هنا وفى فيلم ثان هو (سكر مر).. خالد الحجر اقدم مخرجي جوائز القومي هذاالعام كان اول افلامه الطويلة هو (احلام صغيرة) عام 1993 بعد مجموعة من الافلام الوثائقية.. ووصل انجازه إلى الفوز بذهبية مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 2011 عن فيلمه (الشوق).
سكر مر.. وهموم جيل
حصل هاني خليفة على جائزة افضل مخرج عن فيلم (سكر مر) وهو فيلمه الثاني بعد (سهر الليالي) عام 2003، أي أنه استمر 13 عاما كاملة بلا تقديم أي فيلم جديد، هل هذه صدفة أم سوء حظ؟ المؤكد انها الاوضاع السيئة للسينما المصرية خاصة بعد النجاح المبهر للفيلم الاول، وفى هذا الفيلم الجديد يبهرنا خليفة من جديد بقدرته على تقديم شريحة من الحياة المصرية باسلوب سلس مع تعدد الاجواء والشخصيات وأيضا الازمنة حيث ينتقل ابطال الفيلم العشرة بين حالات ومتغيرات عديدة من عام 2009 إلى 2014 فى اطار رؤية لجيل شاب يتمتع بكل امراض آبائه ولا يستطيع التحرر برغم اشواقه للتغيير وقد حصد الفيلم ايضا جائزة خاصة لمدير التصوير احمد عبد العزيز ولناهد السباعي ممثلة الدور الثاني، وهنا لا يوجد دور اول اضافة إلى جائزة الانتاج الاولي، وهو ما تساوي معه فيه فيلم اخر هو (خارج الخدمة) اخراج محمود كامل الذي حصد ايضا اربعة جوائز للموسيقي (تامر كروان) وجائزة الانتاج الثالثة ثم المفاجأة وهي جائزتا التمثيل الاولي رجال ونساء والتي ذهبت لاول مرة إلى (شيرين رضا) و(احمد الفيشاوي) لتتوج ابداعا حقيقيا لهما، خاصة شيرين التي لا تظهر كثيرا ولم تقم ابدا بدور البطولة إلا فى هذا الفيلم ولكنها وانما بطلة فى اي دور تقوم به، مهما كان صغيرا، وهكذا ايضا يمكننا وصف اداء احمد الفيشاوي الذي بدأ التمثيل مراهقا قبل أن يكبر فى الحياة وعلي الشاشة ويتقدم فى ادائه بأسلوب واضح ومن هنا يستحق أن يكون الممثل الاول لهذا العام، فى القائمة ايضا ثلاثة افلام اخري حصدت الجوائز أولها (قط وفار) للكاتب الكبير وحيد حامد، الاستثناء الوحيد بين كتاب السينما فى المهرجان، والذي يطرح العلاقة بين المواطن والوزير أو المسئول الكبير باسلوب شائق، وقد حصل ايضا مخرجه (تامر محسن) على جائزة الاخراج للعمل الاول ومن الجدير بالذكر هنا انه مخرج مسلسلين مهمين هما (بدون ذكر اسماء) و(تحت السيطرة) وكلاهما من اهم الاعمال التليفزيونية فى السنوات العشرة الاخيرة، ويبقي فيلمان حصل كل منهما على جائزتان الاول هو (شد اجزاء) اخراج حسين المنياوي (عمل أول) والذي حصل على جائزتي التصوير لمصوره الفنان اسلام عبد السميع وجائزة المونتاج للمونتير رجب العويني، ثم فيلم (باب الوداع) احد اجمل اكتشافات السينما المصرية فى العام الماضي، والذي حصل على جائزة خاصة لمخرجه كريم حنفى اضافة إلى جائزة الانتاج الثانية.. السؤال الآن هو هل هناك فرصة لأن يعمل هؤلاء السينمائيون المبدعون افلاما جديدة.. بدون انتظار طويل..وهل تتيح لهم جوائزهم فرصا اكبر واسرع مثلما يحدث فى كل العالم.

التعليقات متوقفه