تأملات

62

بقلم: أسامة عبد الحميد

عندما نقرأ له نجد الكثير من التأمل والتنوير، نعرف من نحن وما دورنا حيث كان موسوعة من العلم والمعرفة، عميق الفكر سلس التعبير قادر على قراءة المستقبل السياسي من معطيات الواقع ومن دراسات التاريخ.

ولد في قرية بجيرم مركز قويسنا محافظة المنوفية في 22 سبتمبر1921 وتخرج من الكلية الحربية وانضم الى تنظيم الضباط الاحرار، وعمل مدرساً في الكلية العسكرية ثم أستاذاً في كلية الأركان، ثم رئيس قسم الخطط في العمليات العسكرية بقيادة القوات المسلحة، وخلال رئاسته لشعبة العمليات بهيئة الأركان المصرية وضع خطة الدفاع عن ميناء بورسعيد، كما أنه كان مسؤلاً عن جبهة الدفاع عن القاهرة خلال العدوان الثلاثي عام 1956.

اختاره الرئيس جمال عبد الناصر مستشاراً للشؤون السياسية، ثم سفير مصر لدى المغرب والعراق، ثم وزيراً للإرشاد القومي ثم وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، ثم عينه رئيساً للمخابرات العامة ووزيراً للحربية بعد نكسة يونيو 1967 وكانت غاية عبد الناصر من ذلك اعادة بناء القوات المسلحة المصرية بعيداً عن مراكز القوى التي ساهمت صراعاتها في حصول النكسة، وفي فترة رئاسته للجهاز تم كشف 53 جاسوساً لإسرائيل في مصر قُدموا جميعاً للمحاكمة، واشراف على عملية إغراق الحفار عند ساحل العاج عام 1970 وعلى تدمير ميناء إيلات في عام 1969.

وبعد وفاة الزعيم عبد الناصر وتسُلم السادات الحكم، تم اعتقاله من بين 91 شخصاً بتهمة الخيانة العظمى، ثم وضع تحت الحراسة، اثناء أحداث 15 مايو عام 1971 والتي كانت بمثابة انقلاب على المشروع الناصري، حيث تم خلالها اعتقال بعض القيادات الناصرية وأسماها السادات بثورة التصحيح.

وبدأت هذه الأحداث عندما استقال خمسة من أهم وزراء الحكومة وعلى رأسهم وزراء الحربية والداخلية والإعلام، وبعد أقل من 48 ساعة ألقا السادات خطاباً أعلن فيه اعتقال من سماهم بمراكز القوى وألف قصة المؤامرة التي تعرض لها ومحاولة الوزراء المستقيلين إحداث فراغ سياسي في البلاد وقيام أعوانهم بالتجسس عليه بهدف إحراجه والتطاول عليه، وقد مثل هؤلاء الوزراء وآخرون معهم أمام محكمة استثنائية بتهمة محاولة قلب نظام الحكم، وحكم على بعضهم بالإعدام لكن السادات خفف الحكم إلى السجن لمدد متفاوتة، منهم من قضى المدة بأكملها وراء القضبان، ومنهم من أفرج عنه لأسباب صحية، وكان ممن أفرج عنهم بعدها ووضع تحت الحراسة.

تفرغ للبحث والتأليف والكتابة ولم يعمل بعد ذلك في أي حكومة، وظل حتى مماته مدافعاً متحمساً عن فكر عبد الناصر والعروبة والاشتراكية.

ترك لنا العديد من مؤلفاته التي أثرى بها العمل السياسي، حيث ألفَ 25 كتاباً باللغتين العربية والانكليزية ومنهم: كيف يفكر زعماء الصهيونية ـ الفرص الضائعة ـ 50 عاماً من العواصف ـ ما رأيته قلته ـ حرب 1967 اسرار وخبايا، كما كتب في عدد من الصحف منها: الأهرام ـ الحياة ـ الأهالي.

انه المفكر اليساري الكبير (أمين هويدي) الذي كان يطل علينا اسبوعياً من خلال جريدة الأهالي بعموده “تأملات” والذي غاب عنا في مثل هذا الشهر يوم 31 اكتوبر 2009 وفي ذكراه نتقدم له بالدعاء ونسأل الله أن يسكنه فسيح جنانه، ويلهمنا وأهلهُ واصدقائهُ وتلاميذه ومحبيه الصبر والسلوان.

التعليقات متوقفه