ضد التيار: حان وقت الوقفة التعبوية

42

لم يعد محتملا ألم الغفلة والإهمال والتواكل وسوء التقدير والتراخى والتباطؤ فى أخذ القرار.لم يعد مفهوما أن تترك شخصية تتسم بالكفاءة والانجاز بحجم العميد أركان حرب قائد الفرقة التاسعة مشاة” عادل رجائى”، صاحب الأدوار المتنوعة التى يقوم بها داخل سيناء وخارجها،للتصدى للإرهابيين، دون حراسة اسثنائية، تجعل من الصعوبة بمكان العثور عليه، ناهيك عن اغتياله بهذه السهولة أمام منزله فى مدينة العبور الملاصقة لظهير صحراوى، وتباهى القتلة بالسطو على سلاحه الميرى، بما يثير الشكوك العميقة فى وجود اختراقات أمنية لشبكة معلومات وخطط تحرك القادة العسكريين الذين يشاركون فى مكافحة الإرهاب وأماكن سكنهم ومواعيد تنقلاتهم.كانت التهديدات من قبل جماعة الإخوان للثأر من مقتل الإرهابى محمد كمال مهندس ما كان يجرى فى اعتصام رابعة المسلح من قتل وعنف وخرق لكل القوانين،وما جرى خارجها من حرق للكنائس، وتدمير لمدريات الأمن، وتفجير لمحطات الكهرباء والمياه، كانت تهديدات معلنة ومتوقعة، فلماذا لم تعلن التعبئة العامة للقوى الأمنية لسد جميع الثغرات وأخذ أقصى الاحتياطات لافشال تلك التهديدات،أوجعل خسائرها فى نطاق محدود؟
لم يعد مقبولا منطق تسديد الخانات، الذى تجلى فى ارسال شباب تجاوز عمره العشرين عاما بقليل، التحق بالجيش قبل أربعة أشهر فقط، ولم يتدرب أو يكتسب الخبرات الكافية بعد إلى ساحة الحرب الشرسة فى سيناء، لمواجهة فصائل إرهابية مدربة فى سوريا وأفغانستان وغيرهما ومسلحة باسلحة حديثة، وهو ما انتهى باستشهاد 12 جنديا منهم بعد هجوم ارهابى على كمين عسكرى فى بئر عبد بشمال سيناء قبل أيام.
وكان منطق تسديد الخانات نفسه هو ما كشف عنه حادث الهروب الجماعى لستة من الإرهابيين والجنائيين من سجن المستقبل فى الإسماعيلية.فالهاربون تمكنوا من رشوة حارس السجن وإدخال أسلحة آلية للزنازين بكميات كبيرة، فضلا عن المواد المخدرة التى استخدمت فى تخدير نزلاء الزنازين،وهو ما أدى إلى استشهاد الرئد محمد الحسينى رئيس مباحث قسم شرطة أبو صوير ومواطن آخر.وكان تشديد الحراسة على هذا السجن، وانتقاء أفضل العناصر للقيام بذلك،ضرورة يحتمها كميات الأسلحة التى تم ضبطها مع المساجين الهاربين، وكانت معدة لتهريبها إلى الفصائل الإرهابية بسيناء.ولعله بات من الحتمى أن تراجع الداخلية لوائحها، التى لا تجيز تفتيش الأطقم الأمنية من أفراد وأمناء الشرطة والضباط اثناء دخولهم وخروجهم من مبنى السجون، فالأغلب الأعم أن واقعة الهروب فى سجن المستقبل قد استفادت من هذا الاستثناء لتنفيذ الحادث، والغاؤه بات شرطا لضبط الأمور داخل السجون المصرية، التى غدت مخترقة بجماعة الإخوان وأنصارها من معدومى الضمائر والخلق والدين، شأنها شأن كثير من مؤسسات الدولة الأخرى.
على عكس ما توقع قتلة الشهيد عادل رجائى،لم ينجح الحادث فى بث الرعب والخوف والتذمر لدى المواطنين، بل أشاع حالة من الغضب السخط العارم، على غيبة الخطط الأمنية المحكمة لحماية القيادات المكلفة بتعقب جماعات الإرهاب وملاحقتها والقضاء عليها، وتطهير مؤسسات الدولة ممن يتسترون عليها، ويستخدمون مواقعهم الوظيفية لمدهم بالبيانات والمعلومات لمواصلة تخريبها.
وعلي الجهات والقيادات المسئولة فى البلاد استثمار هذه الحالة فى عمل ما يسميه العسكريون وقفة تعبوية، تعيد ترتيب الامور، وتسد جميع الثغرات الإجرائية والقانونية، التي ينفذ منها الارهابيون حتي يكون الشهيد “رجائي” آخر الشهداء.

التعليقات متوقفه