الحكومة تترك «العمالة غير المنتظمة».. فى الشارع.. خبراء: الجهات المعنية تفشل فى حصرهم.. فكيف ستهتم بحالهم؟

61

تحقيق: محمد مختار

انتهى مجلس الوزراء من مناقشة المسودة النهائية لمشروع قانون العمل الجديد، بعد ادخال كل الملاحظات الواردة من الوزارات والجهات المعنية، من قبل اللجنة المشكلة بمعرفة وزير العدل، وبانتظار رفعه لمجلس النواب لاتخاذ الإجراءات التشريعية بشأنه، حيث أكد وزير القوى العاملة محمد سعفان، أن مشروع القانون يحقق الأمان الوظيفى للعاملين بالقطاع الخاص، وذلك من خلال حظر الفصل التعسفى تطبيقاً لنص الدستور، ووضع ضمانات منضبطة لإنهاء علاقة العمل.
وبالتطرق لفئة مهمشة ومهملة من جميع الجهات المعنية وهم «العمالة غير المنتظمة»، فإن مشروع القانون ينص على إنشاء مجلس أعلى لتخطيط وتشغيل القوى العاملة فى الداخل والخارج برئاسة الوزير المختص، ويتولى رسم السياسة العامة لتشغيل العمالة فى الداخل والخارج، وينشأ صندوق لحماية وتشغيل العمالة غير المنتظمة.
*ضوابط
ولكن تبقى الحقيقة على أرض الواقع، تقول: إنه لآ يوجد حصر دقيق لهذه الفئة، فضلا عن غياب أبسط مبادى العمل وهو الأمان الوظيفى، ومحرومون من كل الحقوق والتى كفلها الدستور لجميع العاملين، ومع القرارات الاقتصادية الأخيرة فإن أحوال العمالة غير المنتظمة أصبحت “لا تسر عدو ولا حبيب”، وبحاجة إلى إصدار قرارات فورية لتقنين أوضاع هذه الفئة.
أكد رئيس النقابة العامة للعاملين بالبناء والأخشاب، عبد المنعم الجمل، أن العمالة غير المنتظمة تعانى من مشاكل كبيرة جدًا خاصة بالرعاية الاجتماعية والصحية والتأمينية، وأن قانون العمل يجب أن يذلل مثل هذه العقبات، مؤكدًا أن شركات توريد العمالة تعمل وكأنها فوق القانون، ولآ يوجد رقابة عليها ولا متابعة دورية، وأنها حتى ولو كانت تعمل مع المؤسسات والشركات فإنها تنتهج طرق التدليس والتزوير الذى يؤدى إلى وجود حالة من الظلم الكبير للعمالة غير المنتظمة، وأن هذه المشكلة تتكرر أمامنا باستمرار، ونطالب بوضع ضوابط لهذه لعمل هذه الشركات ووجود نصوص واضحة بذلك فى قانون العمل.
وأشار الجمل، أن أزمة توريد العمالة كثرة الشركات القائمة على هذا الأمر أصبحت مثل السرطان الذى يتغول وينتشر فى مجتمعنا وشركاتنا وخاصة فى قطاعات الأسمنت والبترول والأسمدة، والتى تسعى من خلال وسيط وهى شركات التوريد إلى استقدام عمالة من الممكن أن تظل فى هذه المنشآت أكثر من 10 سنوات، الأمر الذى يقلل من حجم العمالة الأصلية داخل هذه المنشآت، وهذ النهج يأتى لكى يتنصل صاحب العمل من الحقوق المشروعة للعاملين.
*مقترحات
وتابع الجمل، أن معظم الاحصائيات الخاصة بالعمالة غير المنتظة تواجه العديد من المشاكل، بسبب تنقل هذه العمالة من وقت لآخر بين الشركات، ولكن البعض يقدرها بحوالى 7 ملايين عامل، منوهًا أنه لآبد من وجود شكل قانونى نستطيع من خلاله تقنين أوضاع هذه الفئة، لآن معظم الأرقام والتى تظهر على الساحة ليست دقيقة.
وأوضح أن النقابة العامة للعاملين بالبناء والأخشاب تقدمت بمقترحاتها لوزارة التضامن الاجتماعى، وذلك لتنظيم عملية التأمينات الخاصة بالعمالة غير المنتظمة ورفع مستواها، حيث إن مبلغ ثلاثمائة جنيه لم يعد لآئقًا فى ظل ما نعانيه من ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وفى نفس الوقت فإن الثقافة التأمينية لم تصل للعمال بشكل حيث يعتبرها البعض جباية لصاحب العمل، وكذلك التوسع فى مظلة الرعاية الصحية، والتى كان الروتين يُجبر العامل للعزوف عن الاشتراك بالتأمين الاجتماعى والصحى.
*استقرار
وأشار رئيس النقابة العاملة للعاملين بالزراعة والرى، محمد سالم، أن العمالة غير المنتظمة بحاجه إلى استقرار فى أوضاع العمل، حيث إنه لآبد أن تكون لهذه الفئة عمل بصفة مستمرة، وأن يكون لهم تأمينات اجتماعية وليست تأمينات عامل الزراعة واليومية، فضلا عن التأمين الصحى، ووضع سن محدد لهم للخروج إلى المعاش لا يقل عن 55 سنة، مطالبًا بضرورة تعديل قانون العمل، وأن حقوق العمالة غير المنتظمة يشوبها الكثير من الغموض وعدم الوضوح فضلا عن المعالجات الخاطئة فى إدارة الآزمات وعدم الاهتمام بشئونهم على مدى عقود.
*أمان وظيفى
وعلى الجانب الآخر، قال محمد عبد القادر، الأمين العام للنقابة المستقلة للعمالة غير المنتظمة، إن القرارات الوزارية الحالية لا توفر أى حماية للعمالة غير المنتظمة، بل إزداد الأمر سوءًا بالسماح للقطاع الخاص باستحداث شركات توريد للعمالة والتى ساهمت بصورة كبيرة فى إهدار حقوق العمال وضياع فكرة الأمان الوظيفى، مؤكدًا أن هذه الفئة لا تحصل على خدمات نقابية، وفى انتظار إصدار قانون عادل ومتوازن للمنظمات النقابية، حيث إن مشروع القانون المًقدم من الحكومة به العديد من التحفظات.
وطالب بضرورة تنظيم علاقات العمل لاحتواء مشاكل العمالة غير المنتظمة، وذلك تنفيذًا للمادة 26، مشيرًا أن هناك عدة قرارات تعتبر مخالفة للدستور والقانون، وتعتبر تحصيل جباية من أصحاب الأعمال، بزعم أنها تقدم رعاية اجتماعية وصحية للعمالة غير المنتظمة، وفى الواقع هى لا تقدم أى شىء لأحد، مشيرًا أنه ليس هناك أى خدمات أو حماية تقدم من جانب وزارة القوى العاملة للعمالة غير المنتظمة، وجزء منهم يعمل فى شركات المقاولات، باليومية دون أى حقوق، وحوالى 90% من عمال المقاولات يعملون فى القطاع غير الرسمى، دون أى حماية أو ضوابط، أو تشريعات، وليس هناك أى وجود أو أى جهة منوط بها توفير الحماية للعمال، مطالبًا بضرورة وجودرمنح ودورات تدريبية للعمالة غير المنتظمة، مؤكدًا أنه ليس هناك حصر ثابت لأعداد هذه الفئة.
*قانون العمل
وفى نفس السياق، أكد شعبان خليفة، رئيس النقابة العامة للعاملين بالقطاع الخاص، أن هناك قلقًا كبيرًا لمعظم العاملين بالقطاع الخاص من توجه الحكومة لإرضاء رجال الاعمال على حساب حقوقهم المشروعة والتى كفلها لها الدستور، ومن المفترض أن تتضمنها مسودة قانون العمل التى ستقدم لمجلس النواب لإقرارها، وموضحًا أن كل هذا ما هى إلا مناورات من جانب رجال الأعمال للخروج بأكبر مكاسب لهم على حساب العمال الذين لا حول لهم ولا قوة “على حد قوله”، مطالبًا رجال الأعمال بتحمل مسئولياتهم الاجتماعية وإعطاء العمال حقوقهم المشروعة.
ولفت رئيس النقابة العامة للعاملين بالقطاع الخاص، أن العمالة غير المنتظمة بحاجة ضرورية إلى توفير تأمين صحى لهم ولأسرهم، وإدراجهم تحت مظلة الحماية الاجتماعية، وأن يكونوا الفئة الأولى والمستهدفة بالمقام الأول من منظومة الدعم، لأنهم هم بالفعل مستحقى دعم الدولة سواء كان نقديًا أو عينيًا، مطالبًا فى نفس الوقت بتحقيق نوع من المساواة بين العاملين بالقطاع الخاص، وزملائهم بالقطاع الحكومى وذلك عن طريق توفير الأمان الوظيفى لهم بتحرير عقود عمل لهم غير محددة المدة، وألا يتركوا فريسة سهلة لرجال الأعمال لكى تهدر حقوق العمال، وتفصلهم تعسفيًا.
وقال خليفة، إن مسوة قانون العمل تتطرق إلى عدم فصل أية عامل الإ عن طريق اللجوء إلى المحكمة، قائلًا إن المشكلة ليست فى القوانين التى تصدر، ولكن تكمن فى وجود سلطة تنفيذية تسطيع تطبيق هذا القانون وغيره، وذلك لأن هناك 400 ألف قضية عمالية بالمحكمة ولم يفصل فيها حتى الأن، إضافة إلى وجود 15 ألف عامل مفصول تعسفيًا لن تسطيع السلطة التنفيذية من إعادتهم للعمل سواء من حصل منهم على أحكام قضائية بالعودة أو عن طريق المفاوضة الجماعية مع صاحب العمل.
وطالب رئيس النقابة العامة للعاملين بالقطاع الخاص، بإلغاء نشاط شركات توريد العمالة نهائيًا، وذلك لأنها تهدر حقوق العمال فى الأرباح وغيرها من مستحقاته وتأمينات فضلا عن انعدام مبدأ الأمان الوظيفى.

التعليقات متوقفه