صفحة من تاريخ مصر: جماعة الجهاد.. رؤية أكثر عمقا (21)

319

ونمضي قدمًا لنتأمل أعماق الفكر الجهادي، ولنكتشف أن الجميع اعترف على الجميع ولكن مع كل اعتراف توجد معلومات او حتي معلومة واحدة جديدة. نأتي إلى المتهم صلاح السيد بيومي على وشهرته ابو البصير (سن 20 سنة – مقيم 16 شارع طاهر الجزائري شبرا مصر) اعترف ابو البصير قائلا “انه تعرف على كل من سالم الرحال واحمد هاني الحناوي، وان الاول اخبره انه اسس تنظيما يقوم على فكر الجهاد للقيام بانقلاب فى مصر لاقامة دولة اسلامية. وقال ان احمد هاني جاءه بعد فترة وابلغه ان سلطات الامن قد رحلت محمد سالم الرحال خارج الجمهورية، وان نائبه كمال السعيد حبيب قد تولي مسئولية التنظيم وقام بتعريفه به، وطلب اليه كمال حبيب دعوة آخرين للانضمام للتنظيم فقام بدعوة كل من اسامة قاسم ونبيل فرج وخميس محمد مسلم وصلاح ابو ميره وقدمهم لكمال حبيب، كما قام كمال حبيب بتعريفه بمحمد طارق ابراهيم واتفق الجميع على ان يكون كمال حبيب امير الجماعة ومحمد طارق مسئول حركة واسامة قاسم مسئولا عن التدريب، وانه عرف فى نهاية سبتمبر 1981 من محمد طارق انهم انضموا إلى تنظيم “فرج” واكمل اعترافاته بما لا يخرج عن اعترافات سابقه “اسامة السيد قاسم”، وفى التحقيق الذي جري مع المتهم انور عبدالعظيم عكاشة (المتهم رقم 21.. سن 23 طالب بكلية التربية جامعة عين شمس ومقيم بمدينة الزقازيق قسم النحال ثان) قرر انه تعرف على اسامة السيد قاسم بعد الافراج عنه فى قضية التكفير والهجرة (وهكذا نري الحبل السري ممتدا من الاخوان إلى التكفير والهجرة إلى جماعة الجهاد) واعترف انه سبق ان اشتري من خلال السواح صندوقا به 25 قنبلة يدوية وأودعه طرف اسامة قاسم وانه بعد احداث الزاوية الحمراء اعاد اليه الصندوق بعد ان احتفظ بعدد منها. وانه فى يوم 5 اكتوبر 1981 حضر اليه فى بلدته اسامة قاسم وآخران ورجع معهم ومعه 13 قنبلة يدوية وعدد 7 قنابل اخري كان قد احضرها له محمد غنية وأنه توجه بالقنابل إلى منزل عبود الزمر حيث علم باغتيال السادات وانهم سوف يبدأون حرب عصابات وقرر أن كلا من محمد غنية وثروت صلاح شحاتة ومحمد مخيمر وزكي عزت طلبوا اليه ان يدربهم على استخدام السلاح خشية أن يستغل المسيحيون مقتل السادات وأنه اتفق مع طارق إبراهيم على أن يقوما بتدريبهم (وهنا نتعثر فى معلومة جديدة ضمن عقلية الجماعة وهي التسلح خوفا من اي تحرك مسيحي، ولعل قادة الجماعة كانوا يعرفون ان المسيحيين لا خوف منهم لكنهم استخدموا فزاعة المسيحيين لحث بعض المتعصبين للانضمام اليهم) وبالفعل وفى 10 اكتوبر توجها إلى الموعد فى ميدان المنيب، واصطحبهم محمد طارق ابراهيم إلى شقة احمد رجب سلامة فى ساقية مكي وفى مساء ذات اليوم حضر اسامة السيد قاسم ومعه اسلحة نارية ومفرقعات ودربهم لمدة ساعة وفى اليوم التالي عادوا إلى بلدتهم، وقال انه ظل بالقاهرة حتي علم بنبأ القبض على عبود الزمر فعاد إلى بلدته حتي قبض عليه.
ونتجاوز عديدا من الاعترافات لأنها متشابهة وتكرر ذات المعلومات تقريبا حتي نأتي إلى من نحتاج إلى التعرف عليه لأنه يلعب دورا فى الهجوم على جماعة الاخوان الآن بعد ان وصل إلى قممها القيادية.
نأتي إلى كمال السعيد حبيب (المتهم رقم 116- سن 24 سنة – خريج كلية اقتصاد ومقيم بشارع الانوار بالجيزة) وقد اعترف قائلا “انه فى شهر يناير 1981 قام احمد هاني الحناوي بتعريفه بكل من سالم الرحال ونبيل نعيم عبدالفتاح، وان الثاني تردد عليه وطلب منه تشكيل مجموعات فوافق وشكل مجموعة بالطالبية منها رمضان محمد وكان يجتمع بهم فى المسجد وفى منزله ثم قدمه هاني الحناوي إلى طارق الزمر وعبد الله الحسين وانه علم من الاول انه ضمن تنظيم محمد عبدالسلام فرج وان لهم نشاطا مسلحا يتمثل فى الاعداد والتدريب على استعمال السلاح كما قدمه احمد هاني الحناوي إلى صلاح بيومي واسامة قاسم وخميس مسلم وصلاح ابو ميرة الذين ترددوا على منزله كما عرفه صلاح بيومي على نبيل المغربي ونبيل فرج رزق.
واضاف كمال حبيب انه يعرف طارق من انه كان زميلا فى الجامعة وفهم منه انه يريد المشاركة فى عمل جهادي عن طريق العنف فقدمه إلى اسامة السيد وصلاح بيومي واحمد هاني ونبيل رزق للتحرك معه فى هذا الطريق. واعترف بأنه اثناء وجوده بالمنصورة حضر اليه محمد طارق ابراهيم واصطحبه إلى القاهرة وطلب منه تدبير شقة لايواء بعض افراد من الزقازيق فاستعان بشقة رجب سلامة بساقية مكي. وهكذا اعترف كمال السعيد حبيب بكل ما يعرف وعلي كل من عرف.
ونأتي إلى شخصية اخري اصبحت ولم تزل من اهم شخصيات الارهاب المتأسلم.. نأتي إلى امير المؤمنين فى جماعة القاعدة ايمن محمد ربيع الظواهري (المتهم 113 – سن 30 سنة – طبيب مقيم برقم 10 شارع 154 بالمعادي) وقد اعترف هو ايضا بانه يعرف عصام القمري منذ عشر سنوات اثناء تردده على جمعية انصار السنة المحمدية (وهذا خيط جديد من خيوط التأسلم الذي يتظاهر بالبراءة) وانه منذ ثلاثة اشهر حضر إلى عيادته وابلغه ان لديه بعض المتفجرات يريد اخفاءها لمدة بسيطة فوافقه فأحضر له على دفعتين عشرة صناديق بداخلها اسلحة وذخائر فاحتفظ بها لمدة 15 يوما وعندما خشي من افتضاح امرها اودعها عند صديقه نبيل البرعي الذي علم بمحتوياتها وظلت عنده حتي ضبطت عنده. وهكذا اعترف الظواهري على من احضر له السلاح واعترف على صديقه الذي قبل ان يقدم له خدمة اخفاء السلاح.. أرأيتم الاخلاق؟ لكننا يتعين علينا احقاقا للحقيقة ان نورد فقرة وردت فى حيثيات الحكم تقول “ثبت للمحكمة على وجه القطع والجزم ان غالبية المتهمين تعرضوا لاعتداءات جسيمة اثر ضبطهم، وذلك ان سلطات الامن لم يكن لديها معلومات عن التنظيم ونشاطه وافراده، واشارت الحيثيات إلى احتجاز المتهمين لمدد طويلة فى السجون دون عرضهم على النيابة (صفحة 412) لكننا مع ذلك نشير إلى ان شخصا واحدا لم يصمد امام التعذيب بينما فى قضايا رأي أخري كان الصمود قائما وعجز القائمون على التعذيب عن كسر ارادة المتهم. وعلي أية حال فإن المحكمة لم تأخذ باعترافات المتهمين فى كثير من الحالات لكن الاحكام أتت قاسية بما يدل على ان ادلة الثبوت الأخري كانت حاسمة.. ونواصل.

التعليقات متوقفه