عاجل للأهمية: حكومة تدمن خلق الأزمات

35

المجادلات التي دارت فى لجنة الإسكان بالبرلمان حول قانون الإيجار القديم تكشف أن البعض لا يدرك أبعاد ومخاطر العبث أو التلاعب بأوضاع مستقرة على مدى عشرات السنين.
ذلك أن هذه المسألة تمس حياة ما لايقل عن عشرة ملايين مواطن مستأجر وفقاً للقانون القديم.
وهناك الآن من يطالبون بما يسمى التحرير الكامل « للعلاقة بين المالك والمستأجر وخضوع الوحدات السكنية لقانون الإيجار الجديد وفقاً للعرض والطلب ! «.
والمعروف أن أدنى شقة، من حيث مستوى تجهيزها، يتجاوز الخمسمائة جنيه تقريباً حاليًا، كما أن العقد يسمح بزيادة الإيجار سنويًا.
ولا يعرف البعض أن إلغاء قانون الإيجار القديم يشكل دعوة للقلاقل وتقويض الاستقرار ويهدد السلام الاجتماعي ويؤدي إلى طرد وتشريد الملايين من المواطنين فى الشوارع؛ والأمور لا تحتمل العبث، وخاصة فى ظل حكومة تدمن صنع الأزمات وافتعالها أحياناً، واعتادت أن تفتح الباب للكوارث والمصائب لأكبر عدد من الناس.
ولنا أن نتصور الأرامل اللاتي يعشن على معاش أزواجهن وليس لهن أي دخل آخر. وفى الأغلب والأعم تضطر كل منهن إلى إنفاق ما يزيد على نصف المعاش فى شراء الأدوية، وربما لا يكفى الباقي ما يسد الرمق. وكذلك المسنون من الرجال.. ثم يجد هؤلاء أنفسهم بإزاء قانون جديد يفرض عليهم أن يدفعوا أضعاف مبلغ المعاش لتسديد القيمة الإيجارية لمساكنهم.
ماذا يفعلون إذا كانوا فى سن لا تسمح لهم بممارسة أي عمل يقتاتون منه ؟
إن كل ما « يسترهم « الآن هو ذلك المسكن الذي يعيشون تحت سقفه إلى أن يودعوا الحياة فهل تنقض عليهم الحكومة، وبعض « ممثلي الشعب « كالصاعقة لحرمانهم من المسكن الذي يقضون فيه آخر أيامهم ؟
وهل من المعقول أن تتصرف الحكومة مثل الفيل فى متجر الخزف الذي يحطم كل ما حوله ويقتحم على الناس بيوتهم ليردهم منها دون أدنى تفكير فى العواقب الاجتماعية ؟
هل اكتشفت الحكومة، بعد أن ألقت بالمواطنين فى أتون جحيم الأسعار، أن هناك من يعيشون طوال حياتهم فى مساكن لا يستحقونها… فقررت الشروع فى حركة « تصحيح « أو « إصلاح « ؟!ولا يستطيع أحد أن يتجاهل أن العدد الأكبر من المباني التي تحتوى على مساكن بنظام الإيجار القديم قد تم تشييدها بمبالغ متواضعة بالمقارنة بأسعار هذه الأيام، وأن اصحاب هذه المباني حصلوا على أضعاف أضعاف ما أنفقوه فى بناء هذا المبنى .
الخطوة الوحيدة الصحيحة هي أن يصدر قانون ينزع المسكن من أي شخص لا يحتاج إليه ويتركه خالياً ويغلق أبوابه، لأنه اختار لنفسه ولأسرته الإقامة فى مسكن آخر فى الأحياء الجديدة أو فى « كومباوند « ومن حق صاحب البيت فى هذه الحالة أن يسترد شقته، ويحق للحكومة أيضاً أن تفرض على الساكنين بنظام الإيجار القديم تقديم مساهمات مالية لعمليات الصيانة والترميمات حرصاً على سلامة العقار.
أما من يتحدثون عن تقديم دعم حكومي لغير القادرين على تحمل القيمة الإيجارية، وفقا لقانون الإيجار الجديد، فى حالة إلغاء قانون الإيجار القديم فإنهم يخدعون أنفسهم، لأنهم يعرفون أن الحكومة ليست فى وارد تقديم أي دعم لأي مواطن، فهي حكومة إلغاء كل دعم للمواطنين !

التعليقات متوقفه