#هاشتاج: “توطين التكنولوجيا.. خيار استراتيجى”

51

يمكننا بكل ثقة تقييم الخطوات التى خطتها مصر مؤخرا، ممثلة فى وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على أنها خطوات هامة فى طريق تحقيق الاستراتيجية الوطنية لتنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات، والتحول نحو المجتمع الرقمى، وتحويل مصر من مجرد دولة مستهلكة للتكنولوجيا إلى دولة منتجة، بل، ومصدرة لها.
لقد كان من الصواب أن تتجه مصر من خلال وزارة المهندس ياسر القاضى، مدعوما بالدفعة القوية التى يتلقاها القطاع من الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى التركيز على إقامة المناطق التكنولوجية، ونشرها، حيث أن هذه الخطة ستثمر عن فتح آفاق جديدة لتنويع فرص العمل أمام الشباب، وإتاحة الفرصة لهم لاكتساب الخبرات العملية، والعلمية، والمعرفية الضرورية، وبالتالى، تأهيلهم لمزيد من الخطوات والخطط الطموحة المستقبلية، مما يعنى أننا بدأنا الخطوة الأولى فى مسيرة الألف ميل على طريق تعزيز استقلالية القرار الوطنى، وتعزيز الاعتماد على الذات، وهو ما يتطابق تماما مع توجهاتنا كيسار وطنى، وتوجهات القيادة السياسية للبلاد، التى بدأت بالفعل فى إحياء مشاريع تعرضت للإهمال والتخريب المتعمد فى الفترات السابقة، كصناعة المكونات التكنولوجية، والإلكترونيات المنزلية الاستهلاكية، وغيرها، وهى صناعات كانت كفيلة – لو سارت فى مسارها الصحيح منذ عقود مضت – بأن تضع مصر فى مصاف الدول المتقدمة، ولكانت أعفتنا من المتاعب التى يعانيها اقتصادنا حاليا. ولكن إرادة الله سبقت، وتم رهن القرار المصرى، وإخضاعه للتبعية، منذ المقولة الشهيرة للرئيس الراحل أنور السادات أن (99 % من أوراق اللعب فى يد أمريكا).
ما يهمنا فى هذا المقام أنه، وبحمد الله، بدأ المارد المصرى يستعيد صحوته، وينهض من كبوته، وأننا بدأنا تصحيح مسار الاقتصاد، وتنويع مصادره، وتحفيزه على النهوض من جديد من خلال واحد من أهم القطاعات الاقتصادية، وهو قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، المقدر له أن يكون قاطرة الاقتصاد الكلى للبلاد. فمن المعروف أن هذا القطاع بات يتداخل بقوة مع جميع القطاعات الاقتصادية الأخرى للدولة، كالقطاع الصحى، والتعليمى، ومختلف القطاعات الصناعية والإنتاجية، والخدمية، مما يؤهله بالفعل ليكون قاطرة للتنمية.
وإن شاء الله سيكون هذا القطاع بحق قاطرة الاقتصاد، إذا تم التخطيط بعناية لما بعد جذب الاستثمارات الأجنبية.
فبكل تأكيد، لا يمكن أن يكون الهدف الوحيد لهذا الكم الهائل اللقاءات، والاتفاقيات التى تتم يوما بعد يوم مع الشركات والمؤسسات الأجنبية، مجرد تحقيق نسب تشغيل عالية للمناطق التكنولوجية، ولا مجرد توفير المزيد من فرص العمل، بل، ينبغى أن تكون جميع تلك التحركات مرتبطة بتحقيق الأهداف الاستراتيجية العليا، فنحن لم ولن نعترف بأى إنجاز يتحقق ما لم يكن مرتبطا بتحقيق الأهداف، والمصالح العليا للوطن.
وما يدفعنا لهذا التفاؤل، أن مصر بشهادة الجميع من المستثمرين المحليين والأجانب، تمثل بيئة واعدة، حافلة بالفرص الإيجابية، التى تؤهلها للاستفادة من الخبرات العالمية، ونقل المعرفة، ومن ثم بناء قدراتها الوطنية اعتمادا على سواعد أبنائها المخلصين.
لقد بتنا فى سباق مع الزمن، وعلينا أن نبذل أقصى الجهد لتوفير البيئة المناسبة للاستفادة الحقيقة من الفرص المتاحة، من حيث الجوانب التشريعية، والحوافز الاستثمارية، ودعم ميزانيات البحث العلمى، وإدماج الشركات الوطنية فى العملية، للقضاء على مخاوفهم من المنافسة الأجنبية، وتوفير الدعم التقنى، والمادى لهم، ومساعدتهم على إعادة هيكلة نماذج أعمالهم بحيث تتوافق مع النموذج الجديد المطروح للتنمية. وبالطبع، لا يفوتنا التأكيد على أهمية التركيز على إعادة النظر فى برامج تأهيل الشباب، وتخطيطها بطريقة تضمن استيعابهم للأعمال التى ستوكل إليهم، حتى يكونوا رصيدا وطنيا، يمكن الاعتماد عليه لاحقا فى برامج، ومشاريع مصرية صميمة.
لقد باتت عملية توطين التكنولوجيا مطلبا ملحا، وخيارا استراتيجيا، لا يمكن التراجع عنه كضرورة حتمية لبناء «مصر المستقبل»، ولا يمكن أن نسير فى هذا الطريق دون اتخاذ كافة الاحتياطات، والتدابير الوطنية اللازمة.

التعليقات متوقفه