رأى دبلوماسى: المنابع الفكرية لنظرية صدام الحضارات
تكتسب نظرية صدام الحضارات زخماً فكرياً كبيراً على المستوى العالمي منذ صدور كتاب صامويل هنتينجتون عام 1996 والذي مهد له بمقالة بمجلة الفورين افيرز عام 1993.
والآن وبعد وصول ترامب لسدة الرئاسة الأمريكية فى يناير 2017، والذي يستند إلى نظرية صدام الحضارات باعتباره وكبار معاونيه ذوي نزعة يمينية مسيحية صهيونية زاد الزخم حول تلك النظرية ومن هنا أهمية استقصاء أصول وفكرة صدام الحضارات.
أذكر أثناء حضوري الدراسات العليا بكلية الاقتصاد (إعدادي ماجستير) بقسم العلوم السياسية، درس لنا الدكتور حامد ربيع الفيلسوف المصري العبقري العتيد فى ذلك العام 1974/1975 هذه الفكرة، حيث تنبأ بأن العالم مقدم على فكرة الدولة الحضارية وأنه سيشهد صراعاَ بين خمسة حضارات هي: الحضارة الغربية المسيحية اليهودية 2- الحضارة العربية الإسلامية 3- الحضارة الصينية 4- الحضارة الهندوسية (الهند) 5- وأخيرالنظم الحضارية فى افريقيا وأمريكا اللاتينية وأن الصراع الأساسي سيكون بين الحضارة الغربية التي تصف نفسها بالمسيحية اليهودية من جانب والحضارة العربية الإسلامية من جانب آخر.
ولما أصدر هنتنجتون كتابه عام 1996، ذكر لي أحد الباحثين فى علم السياسة أن مغربياً عمل مساعداً لصامويل هانتنجتون هو الذي نقل له الفكرة الأساسية عن صدام الحضارات والتي على أساسها نشر عالم السياسة الأمريكي مقالته فى مجلة الشئون الخارجية (فورين آفيرز) وطورها بشكل موسع فى كتاب جرى ترجمته للعربية على يد الأستاذ طلعت الشايب ونشره المركز المصري للترجمة ثم الهيئة العامة للكتاب، وقد يكون هذا المغربي قد سمع بهذا الاقتراب لتوقع صراعات المستقبل إما من المفكر المغربي “المهدي المنجرة” أو من المفكر المصري “حامد ربيع” مباشرةً.
وإذا كان من المعروف تاريخياً دور العرب وعلماء الإسلام فى الإضافات الفكرية والابداع الأدبي والذي جرى نقله لأوروبا وعلى أساسه قامت الحضارة الحديثة فى الغرب، فها هو حامد ربيع ابن مصر البار الذي حصل على سبع درجات للدكتوراة ولاسيما فى النظرية السياسية وكان يجيد الحديث والكتابة بخمس لغات وقرأ أفلاطون وأريسطو باللغة اللاتينية يقدم النموذج الحديث للإبداع واستشراف المستقبل. ويكفى فى هذا المقام الإشارة لكتابه العميق “نظرية الأمن القومي العربي” الصادر عام 1984 عن دار الموقف العربي والذي كأنه كتبه بالأمس عليه رحمة الله. ولكن كما كان يقول لنا الدكتور ربيع هل من مستمع؟.
السفير محمد العشماوى
التعليقات متوقفه