الارتفاعات والتفاوت فى أسعار إيجار الشقق يستنزف دخل المواطن

115

مغالاة غير مسبوقة فى القيم الايجارية للوحدات والشقق السكنية بالأحياء والمناطق المصرية، وأصبحت فرصة الحصول على مسكن ضئيل للغاية خاصة لدي فئة الشباب المقبلين على الزواج ذوي الدخول البسيطة، كما ان دخل المواطن لم يعد يتحمل تكاليف المعيشة من مسكن ومأكل ومشرب.
وحين النظر الى سياسة الايجار فى مصر نري انها تخضع لقانون العرض والطلب، فلم تستقر القيمة الايجارية على حالها وتختلف باختلاف الاحياء والمناطق والموقع والمساحة،ويصل اقل ايجار لغرفة فى منطقة عشوائية لـ500 و600 جنيه، ويصل اقل إيجار شقة فى مناطق مثل المعادي والزمالك والهرم لـ2و3 آلاف جنيه فى الشهر، وقد تزايدت القيم الايجارية فى الفترة الأخيرة بعد تعويم الجنيه وارتفاع تكلفة مواد البناء بنسبة لا تقل عن 40%.
خلل
وفى ذات السياق قال محمد عبدالعال “ المستشار القانوني لرابطة المستأجرين بالقانون القديم” ان نظام الايجار فى مصر به خلل شديد، ومنذ صدور قانون الايجار الجديد رقم 4 لسنة 1996، زادت المشكلة تعقيداً، ولم يكن الايجار السبيل الايسر لحصول غالبية طالبي السكن على السكن الملائم لضعف القدرة الشرائية.
مضيفاً ان 70% من المواطنين لا يستطيعون تحمل أقساط شقق التمليك، ومن ثم عدم وجود تشريع يضمن الحد الادني لحقوق المواطن فى الحصول على مسكن آمن ومستقر يعتبر جريمة، خاصة مع زيادة نسب التضخم وانخفاض القدرة الشرائية للعملة المصرية.
لافتاً الى انه على مدار الـ20 سنة الماضية لم يحقق قانون الايجار الجديد المزاعم التى روجت لصدوره، والتي منها فتح الشقق المغلقة والخالية، باعتبار ان المالك يملك الضمانات فى انهاء العلاقة الايجارية، بالاضافة الى زعم ان تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر وخضوعها للعرض والطلب ستساهم فى تخفيض القيم الايجارية.
موضحاً ان قانون 4 لسنة 1996 لم يأت بقواعد تشريعية منظمة وفق التطورات الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع المصري، حيث احال تنظيم العلاقة الى القواعد العامة لاحوال القانون المدنى الذي صدر فى عام 1948، وبالتالي فهناك تعسف تشريعي متمثل فى تطبيق تشريع لا يتواءم مع الظروف الاقتصادية والاجتماعية نظراً لتغيير الخريطة الاسكانية وعدد السكان منذ عام 1984 حتى عام 1969 وقت صدور القانون.
مؤكداً ان التشريعات الاجتماعية فى دول العالم حتى فى النظم الرأسمالية، لا تعطي الحرية الكاملة فى التعاقد للمالك، وتتدخل الدولة وتضع قيودًا على إرادة المالك تمثل على الاقل الحد الادني من ضمانة الحق فى السكن.
عشوائية
ويرى المستشار ثروت طنطاوي “ مستشار هندسي “ ان سياسة الايجار فى مصر عشوائية، تخدم بذاتها رجال الاعمال والمستثمرين الكبار، فى سبيل تحقيق ربح مضاعف والاستثمار فى العقارات، وفى المقابل لا تنظر الدولة للمواطن فى توفير سكن ملائم، بما يزيد من الازمة وتتراكم دون حلول جذرية.
مضيفاً ان الاسكان الاجتماعي الذي تنتجه الدولة يساهم فى حل الازمة ولكن بشكل نسبي نظرا للزيادة السكانية والزيادة المستمرة على طلب السكن وفى مقابل قلة المعروض الذي يناسب الشريحة الكبري لطالبي السكن فى مصر.
مطالباً بذلك عودة لجنة تقدير الايجارات، التى كانت تقوم بتحديد القيم الايجارية للشقق والوحدات السكنية المعروضة للايجار فى المناطق والأحياء المختلفة، بناءً على أسس معينة منها تكلفة الشقة وثمن الارض وتحديد الايجار، وفى خلال 10 سنوات يكون المالك قد حصل على ما انفقه ثم بعد ذلك ما يحصل عليه يكون ربحًا صافيًا له.
نفقات السكن
ويري د.وليد جاب الله “ خبير التشريعات الاقتصادية “ ان نفقات الاسرة المصرية على السكن وفقاً لدراسة الجهاز المركزي للإحصاء فى عام 2014، تمثل 19.9 % من دخل الاسرة ينفق على سكن الإيجار الجديد والمفروش، و19.3% من دخل الاسرة ينفق على التمليك، فى حين ان المعدلات العالمية للإنفاق على السكن تمثل من 15% :25%، بما يعنى ان نسبه إنفاقنا على السكن متوسطة وفق التقديرات العالمية.
مضيفاً اننا نعاني من فجوة إسكانية، حيث نحتاج من مليون و600 ألف وحدة الى 2 مليون وحدة سنوياً لمواجهة الزيادة السكانية، فى حين ان ما يبنى فى مصر يمثل 600 الف وحدة فقط، ومن ضمن الاحصائيات ايضاً يوجد حوالي 8 ملايين وحدة مغلقة نصفها إيجار قديم.
مشدداً على اهمية النظر الى العلاقات الايجارية فى اطار النظام الاقتصادي للدولة، فإذا كنا بصدد نظام راسمالي حر فتكون العلاقة حرة، وإذا كنا بصدد نظام اشتراكي فتتدخل الدولة فى آليات العلاقة وإعادة تنظيمها. مؤكداً ان طرح الشقق المغلقة للسوق السكني سيساهم فى حل ازمة السكن ويقلل من القيم الايجارية او القسم التمليكي لزيادة المعروض فى السوق.
ضروريات الحياة
وقال د.حسن الخولي “ استاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس “ ان السكن يعد من ضروريات الحياة الأساسية كي يستقر الانسان، وتعد المشكلة السكنية احد معوقات الاستقرار الاجتماعي للفرد.
مضيفاً ان المغالاة فى السكن عواقبها سلبية من الناحية الاجتماعية ويتسبب ذلك فى زيادة نسبة العنوسة للبنات والسلوك الانحرافى للشباب.
لافتاً الى ان سوق السكن فى مصر يشوبه شيء من الفوضي، حيث يتبع اساليب السوق المفتوح او السوق الحر، بمعنى ان المالك او المستثمر يتحكم فى سعر الوحدة التى يمتلكها ويعرضها للبيع بأسعار وفق اهوائه الشخصية دون ضوابط من الدولة.
مشيراً الى ان العشوائيات مشكلة متراكمة لعدم توفير سكن ملائم وباسعار مناسبة، وبالتالي يجب على الدولة ان تنتبه للمشكلة وتضع توفير السكن الملائم للمواطنين على أولويات أجندتها.

التعليقات متوقفه