معرض القاهرة الدولى للكتاب.. مشاكل دائمة.. الأزمة الاقتصادية تلقى بظلالهــا و«القرصنـة» ســيد الموقــف

89

انتهت الدورة 48 لمعرض القاهرة الدولى للكتاب لكن الكثير من الأسئلة لازالت تبحث عن إجابات جراء ما لحق بهذه الدورة التى أقيمت تحت شعار “الشباب وثقافة المستقبل” وشارك فيها 35 دولة منها 16 دولة عربية، 6 دول أفريقية، 13 دولة أجنبية، وبلغ عدد الناشرين نحو 670 ناشرا منهم 6 ناشرين أفارقة، 13 ناشرا اجنبيا، 200 ناشر عربى، 451 ناشرا مصرىا منهم 7 مؤسسات صحفية،31 مؤسسات حكومية، و119 كشكا بسور الأزبكية.
لعل فى مقدمة الإشكاليات التى يجب البحث عن حلول لها حتى يمكن تفاديها فى الدورات القادمة ويتحقق لتلك التظاهرة المهمة ما نأمل من وراءها، وأن تكون بحق وحقيق تظاهرة ثقافية تحرك المياه الراكدة فلا تتحول لاحتفالية “كرنفالية” بلا فلسفة حقيقية للهدف الذى نبغى تحقيقه من جراء إقامته، خصوصا وأن المعرض يقترب من يوبيله الذهبى ولكنه رغم ذلك افتقد لـ “بصمته” الخاصة التى اشتهر بها على مدى تاريخه الحافل، حتى على مستوى الملفات الكثيرة التى تؤرق واقعنا الثقافى والسياسى، لم تفلح هذه الدوره فى إثارة الجدل حول تلك القضايا الحيوية، فهل ذلك نتاج إفتقاد الجهة المنظمه للتخطيط الجيد ومن ثم التنفيذ على أرض الواقع؟ أم لعل الأمر مرهون بإعادة ضبط المنظومة الثقافية بأكملها ما سينعكس على أى من التظاهرات الثقافية.
القيمة الإيجارية
هذا العام لعبت الاوضاع الاقتصادية التى تمر به مصر دورا كبيرا فى زيادة المشاكل التى شهدها معرض الكتاب ربما فى مقدمتها ما أشار له الناشر عادل المصرى رئيس إتحاد الناشرين المصريين حول استياء دور النشر المصرية من عدم مساواة دور النشر المصرية بالعربية فيما يخص القيمة الايجارية بسبب ارتفاع سعر الدولار والذى ألقى بظلاله على مجمل الاليات وفى مقدمتها تكلفة الكتاب نفسه، وحتى مع تقليل المكاسب الربحية لم تتمكن دور النشر من تغطية مصاريفها مقارنة بالدورات السابقة، مؤكدا أن أسعار الورق ارتفعت إلى الضعف فى المعرض الحالى مقارنة بمعرض الكتاب العام السابق بنسبة 160%، وأن أسعار الكتب ليست مرتفعة بالنسبة للزيادة فى أسعار الورق، لافتًا إلى ارتفاع أسعار الكتب بالمعرض الحالي بنسبة 20% فقط، موضحا أن الناشرين لا يهدفون للربح خلال فترة تنظيم المعرض، لكنهم سيعملون على الربح بعد نهاية فترة المعرض من خلال بيع الكتب فى المكتبات المختلفة، مشيرا إلى أن فئة الشباب بين 18 إلى 30 عاما هى الفئة الأكثر إقبالًا على زيارة المعرض، وهذا مؤشر رائع، لأنه يعكس رغبة هذه الفئة فى القراءة، والإقبال على معرض الكتاب.
القدرة الشرائية
بينما وصف الباحث نبيل عبد الفتاح -متخصص فى شئون الجماعات الإسلامية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية- معرض الكتاب بأنه القوة الناعمة المصرية، وواحد من أكبر معارض الكتب فى العالم، على الرغم من المشاكل التى تواجه تنظيمه سنوياً، إلى جانب ضعف بعض الموارد المالية التي تؤدى إلى بروز بعض السلبيات التى تحتاج إلى معالجات من الدولة للحفاظ على مكانته ودوره أسوة ببعض المعارض العربية الأخرى، مؤكدا أن معرض القاهرة الدولى يواجه مشكلة كبرى تؤثر على مكانته ودوره خاصة بعد تعويم الجنيه، وتأثير ذلك على القدرة الشرائية للقراء المصريين فى اقتناء الكتب، خاصة أن الناشرين العرب والأجانب يحددون أسعار كتبهم بناءً على سعر صرف الجنيه المصرى فى مقابل الدولار، بالإضافة إلى الرسوم المقررة لحجز أجنحتهم فى المعرض، ما دفع بعض الناشرين إلى عدم المشاركة هذا العام بسبب ارتفاع الرسوم، وهو الأمر الذي يحاول من خلاله بعض الناشرين أن يطرحوا أنفسهم بديلاً عن الهيئة العامة للكتاب، فى إقامة المعرض سنوياً فى المستقبل، الأمر الذى يتطلب ضرورة تقديم تسهيلات من قبل الدولة إلى الهيئة للحفاظ على مكانة المعرض، إلى جانب مساهمة وزارات التربية والتعليم، والتعليم العالى، والسياحة والتعاون الدولى فى دعم الهيئة العامة للكتاب، كما يجب أن يساهم رجال الأعمال فى دعم أنشطة المعرض باعتبارة أحد مظاهر مكانة مصر الثقافية.
تجهيزات المعرض أحد أبرز المشكلات “المزمنة” التى يواجهها معرض الكتاب الدولى وهو ما أشار له الناشر محمد رشاد رئيس إتحاد الناشرين العرب مؤكدا انه فى الوقت الذى تحرص فيه إدارة معارض الكتاب فى العديد من الدول على إقامته داخل أروقة ومبانى مخصصة لذلك، إلا أننا فى مصر لازلنا نقيمه فى صالات عرض غير مجهزة، وبين الخيام وأكشاك ما يجعل المعرض دوما فى مشاكل بسبب التأمين إضافة لما تتحمله الخيام من ظروف طقسية مختلفة.
مشاكل مزمنة
مشيرا إلى مدى تأثر القارئ والناشر معا هذا العام خاصة بعد أن رفعت هيئة المعارض الدولية من قيمة الإيجار على هيئة الكتاب ليصل 7 ملايين جنيه، بالرغم من كونها جهة حكومية، وهو ما انعكس بدوره على رفع هيئة الكتاب قيمة مشاركة الناشر المصرى بالمعرض لـ500 جنيه للمتر وأكثر من 178 دولارا للناشر العربى، أضاف أن المعرض هذا العام شهد تراجعا كبيرا فيما يخص عدد العناوين نتيجة إرتفاع سعر الورق وتعويم الجنيه، خاصة أن سعر طن الورق بلغ نحو 18 الف جنيه، ولا شك أن ذلك انعكس على زيادة سعر الكتاب المطروح، مما يزيد من إحجام القراء وهو ما يؤدى بدوره لكساد صناعة الكتاب، إلى جانب كثرة الفعاليات التى لا تخدم مضمون المعرض ولا علاقة لها بالشعار الذي أتفق عليه، وذلك من أبرز المشاكلات التى تهدد معرض الكتاب من دورة لأخرى، وكأن المطلوب هو أن تمتلىء أروقة المعرض بفعاليات كثيرة ومن دون تخطيط يصب لصالح مضمون محدد.
ويلفت الناشر محمد رشاد إلى أزمة غياب الخدمات عن أرض المعارض المصرية، وهو ما لا يتناسب مطلقا مع قيمة وحجم معرض القاهرة الدولي للكتاب، مشيرا إلى المعارض العربية والخليجية التى تقدم للقراء والناشرين من خدمات وإمكانات تكنولوجية ومرافق تمهد لنجاح تلك التظاهرات الثقافية، وأضاف أن الناشرين العرب برغم ذلك حريصون على التواجد والتفاعل مع القارئ من خلال المعرض الذى يعد الأكبر من حيث الإقبال والنشاط، وهم يقدرون الظرف العصيب الذي تمر به العواصم العربية والقاهرة، ولكنهم يأملون بخطة لإحداث تغيير بخدمات المعرض المقدمة كل عام.
حقوق المؤلف
القرصنة والتى ضربت الكثير من أوجه الإبداع (سينما، غناء) ضربت أيضا صناعه الكتب، حيث إنتشرت مثل الأعوام السابقه ظاهرة “النسخة الشعبية” لكثير من الكتب، وهو أكدته أيضا ندوة “التحديات التى تواجه سوق النشر” والتى عقدت على هامش المعرض وحضرها جان جان بوان مدير عام المكتب الدولى للنشر بفرنسا وأشار فيها لأهمية الحفاظ على حقوق المؤلف ودور النشر وحماية حقوقها خصوصا مع إنتشار ظاهرة تصوير الكتب وتحويلها الي نسخة “ p d f “ونشرها على الإنترنت، وهو النوع الأكثر انتشارا، أو طباعة الكتب ونشرها من قبل دور لا تمتلك حقوق نشرها، مؤكدا أنه مع حل هذه المشكلة ستزداد الأرباح، مضيفا ضرورة دعم المكتبات الإقليمية من قبل الدولة.
ظواهر القرصنة
فى سياق متصل تمت الاشارة عبر ندوات المعرض لمدى تأثير السوشيال ميديا على إنتشار ظواهر القرصنة، حيث قالت الدكتورة شيرين بدر مدير التسويق الرقمى بإحدى الشركات أن الكتاب الألكترونى يلقى إقبالًا كبيرا عن الكتاب الورقى من قبل الشباب لانخفاض تكلفته، ما جعل النشر الالكترونى يزيد بنسبة 300%.
كما أكد الدكتور عبد الرحمن حجازى مدير إدارة النشر والتحرير بالمجلس الأعلى للثقافة أن الشباب يلجأ إلى الكتاب الالكترونى أكثر من الورقى بسبب إرتفاع أسعار الكتب والنشر والتوزيع، مشيرا لأن للفن دورا كبيرا وتأثير على إنتشار الكتاب ومن هذه الفنون السينما والمسرح.
أرض المعارض الجديدة
فى ختام المعرض أعلن حلمي النمنم وزير الثقافة أن الدورة القادمة 49 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب سوف تقام العام المقبل 2018 فى أرض المعارض الجديدة التي تقام حاليا خلف مسجد المشير أبو غزالة، التى تبلغ مساحتها حوالي 40 ألف متر مربع حوالى ضعف المساحة الحالية المقام عليها معرض القاهرة الدولي للكتاب، وكشف النمنم أنه تقرر أن تحل الجزائر ضيف شرف لمعرض القاهرة الدولى للكتاب القادم 2018 وقد قبلت الجزائر الدعوة.

التعليقات متوقفه