د.جودة عبد الخالق فى «الكنانة»: الإنتاج سقط من جدول أعمال الحكومة .. و27 % من المواطنين يعيشون تحت خط الفقر

90

متابعد: محمد مختار

أكد المفكر الاقتصادى ووزير التموين الأسبق، د. جودة عبد الخالق، أن البديل الأفضل لطريقة الإصلاح الاقتصادى، تكمن فى إعلان اقتصاد حرب، وتطبيق برنامج جاد للتقشف لتقليل الطلب الكلى، وإعادة النظر فى الإنفاق الحكومى غير الضرورى، إضافة إلى مراجعة قائمة المشروعات الكبرى وتأجيل بعضها والغاء البعض، والبدء فى تنفيذ مشروع قومى لتأهيل شبكة الصرف المغطى للأراضى الزراعية، وضرورة تشغيل المصانع المعطلة مؤكدًا أنها يجب أن تكون على رأس أولويات الحكومة فى الوقت الحالى، وأنه بدلًا من ضريبة القيمة المضافة يؤخذ بنظام الضريبة التصاعدية على الدخل، ويعاد العمل بالضريبة على الأرباح الناتجة عن معاملات البورصة.
جاء ذلك خلال فعاليات ندوة «إصلاح الاقتصاد فى مصر» والذى أعدها مركز الكنانة، لآفتًا أن الاقتصاديين لا يديرون الاقتصاد ولكنها مهمة السياسيين، موضحًا أن عملية الإصلاح الاقتصادى معقدة، وتستغرق وقتا كبيرا ولها ضحاياها، وتشترط أن تكون على الطريق الصحيح وتتطلب سرعة فى الحركة.
الإصلاح الاقتصادى
وتطرق وزير التموين الأسبق، إلى أزمة الاقتصاد المصرى عبر الحكومات السابقة، وعلته، كاشفًا أن هناك نوعين من الاصلاح، أولهما الاصلاح على طريقة صندوق النقد الدولى، وثانيًا الاصلاح الحقيقى نحو برنامج بديل.
وتابع، أن مشكلات مصر الاقتصادية ليست وليدة اليوم، ولكن إذا تم الرجوع إلى ستينيات القرن الماضى،فنجد أن الناتج المحلى الاجمالى من بنوك ومصارف وتجارة داخلية وتعليم والصناعات التحويلية،وغيرها، قائلا إن جميع القطاعات الانتاجية تراجعت وبشكل كبير، مشيرًا إلى أن قطاع الزراعة فقد نصف مفعوله على مدار الفترة الماضية، والتى تعتبر هى أساس الأمن الغذائى والاستقرار الاقتصادى، مشيرًا إلى أنه كان يُورد ثلث الناتج المحلى، وفى قطاع الصناعة قال، إنه تزايد بعض الشيء بفضل الصناعات التعدينية والذى يدخل ضمن إطار الاقتصاد الريعى، مؤكدًا أنه على مدى الـ ٣٠ عامًا الماضية فإن الانتاج قد سقط من جدول أعمالنا.
الخدمات
وأوضح عبد الخالق، أن تنامى قطاع الخدمات على حساب القطاعات الأخرى يشكل قيدًا كبيرًا على إدارة الاقتصاد، قائلا: “ إن المواطنين لن تأكل وتشرب خدمات”، وأن هناك تشوهًا كبيرًا فى الاقتصاد المصرى، تسبب بمشكلات كبيرة فى ساقى الاقتصاد وهما: الزراعة والصناعة، مطالبًا بضرورة إعادة الاعتبار للزراعة والصناعة.
وقال أن هناك عجزًا داخليًا وخارجيًا، لافتًا أن العجز الخارجى والذى يؤدى إلى دين خارجى، وهى مشكلة اقتصادية كبيرة جدًا تقوم بالضغط على الموارد، وتمثل تهديدًا للأجيال القادمة، موضحًا أنه وصل إلى معدلات كبيرة تخطت ٥٪ من إجمالى الناتج المحلى، و قال إن هناك العجز فى الموازنة العامة للدولة يصل إلى ١٠٪ من الناتج المحلى، قائلا :إنه لا يجوز أن يزيد العجز فى الموازنة العامة للدولة منسوبًا للناتج المحلى على ٣٪، مشيرًا إلى أن العجز  فى هذه الأيام وصل إلى ١٢٪، وهذا أمر يجب التوقف عنه كثيرًا.
عجز الموازنة
وعن تمويل وسد هذا العجز فى الموازنة العامة، أكد أن هناك طريقتين، منها التمويل المحلى المصرفى وهى البنوك، والتى تضطر إلى طباعة عملات إضافية وإنعكاس هذا على الأسواق، نجد اننا أمام أموال كثيرة تطارد سلعًا ومنتجات قليلة، وأنه لن تُحل هذه المعادلة إلا عن طريق الانتاج والتصنيع حتى لا نجد أنفسنا أمام أمرين لا ثالث لهما،أولهما ارتفاع الأسعار أو الضغط على العملة المحلية فتقل قيمتها.
وأضاف أن علة الاقتصاد المصرى أيضًا، أنه اقتصاد ريعى، ويعانى كما سماه “أعراض المرض الهولندى”، وهو تمدد قطاعات السلع المحلية مثل العقارات والخدمات وغيرها،على حساب قطاعات سلع التجارة، وأيضا تراجع الصناعة والزراعة وافتقاد الامن الغذائى مؤكدًا أن مصر تستورد أكثر من نصف غذائها اليومى قائلا :إن من يصعب عليه توفير أمنه الغذائى يصبح أمنه القومى مهددا وبشكل كبير، وكذلك ارتفاع نسبة المكون الأجنبى للانتاج المحلى والاستهلاك والاستثمار، اتساع نطاق الفقر والتهميش الاجتماعى، إضافة إلى تبعية السياسة النقدية للسياسة المالية حيث يتبع البنك المركزى قرارات وزارة المالية.
الصناعة
وقال إن معظم الصناعات التى لدينا ومنها السيارات تعتبر هى تجميع لمنتجات مستوردة فقط، ونسبة المكون الأجنبى فى عدد من الصناعات تتخطى ٦٥٪، الأمر الذى يجعله أكثر عرضة لمتغيرات سوق الصرف وأسعار العملات، منوهًا إلى أننا مجتمع يصبو إلى أن يأكل مثلما يأكل الأمريكان، وهذه مشكلة يجب أن ننتبه إليه.
وأوضح أن نسبة من يعيشون تحت خط الفقر بلغت 27٪، طبقا للاحصائيات، وأن هناك تباينًا بين المحافظات، ولكنها نسبة عالية ترتبط بالتهميش الاجتماعى.
وقال إن الاقتصاد المصرى يتبع سياسة “رأسمالية المحاسيب”، وهو وجود فئة معينة تحاول أن تأخذ جميع الامتيازات والموارد الخاصة بالمجتمع ككل إلى صالحها.
الاستثمار
وعن الاستثمار الأجنبى، قال إن نصف جهد الحكومة ككل مركز على قضية جلب الاستثمارات للتعافى من الوضع الحالى، مشيرًا إلى أن هذه الطريقه تعبر عن وجود خلل واضح فى الرؤى المستقبلية.
صندوق النقد
وتناول طريقتى الاصلاح الاقتصادى، حيث عرض طريقة الاصلاح بشروط صندوق النقد الدولى، موضحًا أنه يستهدف تخفيض عجز الموازنة العامة للدولة، وتقليل الدين العام المحلى، وتحسين عمل سوق الصرف والذى أدى إلى تعويم الجنيه، ورفع معدل النمو الاقتصادى، وتوسيع شبكات الحماية الاجتماعية، مشيرًا إلى أن الهدف نبيل هو الاصلاح الاقتصادى، ولكننا لم نحسن استخدام الوسيلة المناسبة، وأنه سينتج عن العلاج بهذه الطريقة زيادة الدين الخارجى وكذلك التضخم.
وتطرق إلى التحول من الدعم العينى إلى الدعم النقدى، قائلا إنها مشكلة كببرة تشكل خطرًا على الأمن الغذائى للمواطن، وليس له توجه إلا سلعة واحدة وهى رغيف الخبز لأنها المتبقية، لأن جميع السلع خرجت من دعم الدولة لها، وأن ذلك سيخلق مشاكل كبيرة، موكدًا أن هذا النوع من الاصلاح سيؤدى إلى مزيد من الضغوط الاقتصادية والاستدانة، والخصخصة.
الفساد
وتابع وزير التموين الأسبق رؤيته للسياسة الأمثل للإصلاح الاقتصادى والتى تتمثل فى وضع سقف معلن للدين العام لا يمكن تجاوزه لحماية الأجيال القادمة، ومحاربة الفساد فعلا لا قولا، ووضع حد أقصى لزيادة كمية النقود بمعدل يساوى زيادة الإنتاج لضمان الاستقرار النقدى، إضافة إلى إعادة النظر فى نظام دعم القمح والخبز والسلع التموينية لمكافحة وردع المتلاعبين بأقوات الغلابة، فضلا عن وضع قيود على الواردات إعمالا لحقوق مصر كعضو فى منظمة التجارة العالمية، وتغيير نظام سعر الصرف بربط الجنيه المصرى بسلة عملات بدلا من المعمول به حاليا وهو الربط بالدولار فقط، وإصدار تشريعات لتحقيق الكفاءة للاقتصاد المصرى.

التعليقات متوقفه