رؤية اقتصادية لآفاق المستقبل

86

بقلم : حسام الدين ناصف

إن الاجتهاد فى ظل الظروف الاقتصادية المتلاطمة حاليا لهو أمر محمود حتى نأخذ ما نتوافق عليه لصالح أمر البلاد بصرف النظر عن توافق الاتجاهات السياسية أو الإيديولوجية فيما بيننا لذا فإن وضع رؤية اقتصادية للنهوض بهذا الوطن بغرض تحسين الأحوال المعيشية للشعب لهو أمر جلل يجب على كل منا أن يدلي فيه بدلوه دون الدخول فى حروب تكسير العظام لدحض آراء الآخرين والتفرد بالرؤية الملهمة المتعالية على الآخرين ولنتوافق على مبادئ وأولويات يجب أن تكون عامة حتى وإن اختلفنا فى تفاصيل العمل للوصول إليها، ولتكن رؤية مبنية على خمسة محاور أساسية للنهضة الاقتصادية لمصر التي نرى تنوع المصادر والإمكانات للنهضة بها سواء ذاتيا أو لجلب العملة الأجنبية، ليس فقط من إيرادات قناة السويس والسياحة وتحويلات المصريين العاملين فى الخارج (سابقا) كما تود الحكومات المتعاقبة اقناع الشعب بإفلاس بلد (خزائن الأرض) إلا من تلك المصادر النمطية، وتلك الخطوات من وجهة نظرنا وبعض الاقتصاديين يجب أن تكون كالتالي:
أولا: البدء فى تشجيع وتسهيل المشروعات المحلية ذات التمويل الذاتي أو المحلي أي يجب أن نبدأ بمساندة المشروعات القائمة فعلا والمساعدة على نموها خاصة تلك التي تمتلك القدرة على التوسع والنمو بإمكاناتها المادية الذاتية دون مساهمة مالية من الدولة أو الخارج وتلك المشروعات الجديدة التي تملك التمويل المالي الذاتي، وثانيا تلك المشروعات التي يمكن تمويلها محليًا سواء من القطاع المصرفى المحلي أو من خلال تمويل داخلي ( من مصر ) سواء بطرح أسهم أو سندات، وتقديم كل التسهيلات والخدمات لتلك المشروعات بالإضافة إلى مجموعات متكاملة من الحزم المحفزة على زيادة أو إعادة الاستثمار المالي بتلك المشروعات، وتصنف تلك المشروعات بمدى مساهمتها الإيجابية فى معدلات النمو للدولة.
ثانيًا: الاهتمام وتحفيز المشروعات القائمة على أساس استغلال المواد الخام المحلية سواء التوسع الأفقي بها مثل زيادة حجم الإنتاج أو الصناعات التكميلية وكذلك التوسع الرأسي للوصول إلى منتج نهائي مثل صناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة أو صناعة البتروكيماويات التي تضاعف من قيمة المنتج الأساسي عدة مرات على سبيل المثال وكذلك صناعات الرخام والجرانيت.
ثالثا: الاهتمام والتوسع فى المشروعات التي تخدم أو تغطي احتياجات الغالبية العظمى من الناس ولكل المراحل العمرية به، أي من المهد إلى اللحد بدءًا من مستلزمات وطعام الأطفال مرورًا بالأدوات المدرسية والملابس والأدوات المكتبية والمنزلية والأجهزة الكهربية وحتى أجهزة الاتصالات والغرض هنا هو استغلال كبر حجم السوق المصري لاستيعاب تلك المنتجات وأهمها هنا هو الطعام والشراب أي التوسع الزراعي والغذائي ومشروعات المحافظة على المياه العذبة وكل المشروعات الخدمية أيضا التي تخدم الغالبية من الشعب المصري من تعليم وصحة وثقافة وفن واتصالات وخدمات عامة تكون تحت ضوابط متفق عليها وبمعايير عالية الجودة.
رابعًا: الاستغلال القطاعي الأمثل للموارد، عندما تكون الموارد محدودة ويجب توزيعها على القطاعات المختلفة يجب أن يكون التوزيع لتحقيق أكبر عائد ممكن (مادي ومجتمعي) فللتبسيط إذا كانت هناك ثلاثة قطاعات على سبيل المثال: زراعي وصناعي وخدمي يجب أن توزع الموارد على تلك القطاعات ليس بالضرورة بالتساوي ولكن لتحقيق أكبر ناتج قومي ممكن ويجب أن توزع الموارد أيضا داخل كل قطاع على الأنشطة التي تعود باكبر عائد مادي ومجتمعي وهو ما يطلق عليه التخصيص الأمثل للموارد، وتلك عملية اقتصادية معقدة إلى حد ما لتداخل المنافع المادية والأولوية المجتمعية فيها فيجب مراعاة العوائد على بعض الفئات مثل الفئات الأكثر فقراً أو خفض معدلات البطالة أو مراعاة التعليم الأساسي أي الخدمة العامة وهكذا… ومن هنا يحدث هذا التداخل وإن كان العائد الإجمالي على المجتمع والغالبية العظمى به يكون دائماً هو الهدف الرئيسي لتلك الحسابات، والتي نأمل أن يكون ذلك ما تفعله وزارة التخطيط لما لها من إمكانيات متاحة من بيانات عن المجمتع المصري، خاصة بعد إلغاء وزارة الاقتصاد وكأننا قد حققنا كل ما نأمله من رفاهية اقتصادية وليست هذه حالة مستمرة من النمو.
خامسًا: التوزيع الإقليمي بمعنى توزيع المشاريع القومية على أقاليم القطر المصري بما يناسب مع ظروف ومتطلبات كل أقليم وفى نفس الوقت ما يحقق له أكبر عائد مادي وأكثر فائدة تعود على مجتمع ذلك الإقليم بما يتناسب مع خصائصه، فالمشاريع التي تقام فى المناطق الساحلية الشمالية لا تناسب بالضرورة مناطق أعلى صعيد مصر بل يفضل لها مشاريع تختص بالمزايا النسبية لتلك الأقاليم والعادات الاجتماعية والثقافية بها مع الأخذ فى الاعتبار زيادة الوعي والتنمية الحضارية لكل أقليم بما يناسب احتياجاته، ولا تخص جميع المشروعات القومية داخل أو حول العاصمة أو بالأفكار النمطية على منطقة دون أخرى فيجب العمل على تعميم عملية النمو على مستوى كل أقاليم الدولية ومجتمعاتها. وتفاصيل العمل داخل كل خطوة من الخطوات السابقة يجتمع لها خبراء لوضع تلك المناهج وليكن معلوما أن جميع مشكلات مصر قد تم وضع حلول لها فما من مشكلة إلا ولها على الأقل أكثر من رسالة دكتوراه واحدة وذلك على جميع الأصعدة وهناك من هم على استعداد لابتكار حلول ومفاهيم جديدة لرفعة هذا الوطن (ولا أقصد نفسي إطلاقا) ولكن ودائماً نطبق مثلنا الشعبي فى إعطاء الحلق (أي القرط) لوزراء «المجموعة الاقتصادية».

تعليق 1
  1. Ahmed El Alfy يقول

    لم تكن المشكلة يوما فى الحلول ولكن فى الإرادة أن تكون هذه الحلول موضع التطبيق ، والحقيقة أن رأى الكاتب يلمس مواضع المرض والداء على نحو مميز يدلل على قوة إحتكاكه بالواقع ومشكلات الناس ، وكالعادة يساورنا الشك فى إرادة الحكومة فى الأخذ بالحلول لأنها أصبحت وبلا شك من يعطى الفرصة لتضخم المشكلات.
    عموما إستمتعت كثرا بتحليل الكاتب وبالحلول المطروحة
    وأرى أن مصر هى ( خزائن الأرض ) كما ذكر وهو ما يؤيدة التقرير فى الرابط التالى الذى يذكر أن مصر ستكون من أقوى 20 إقتصاد عالميا فى 2030م

التعليقات متوقفه