انتفاضة الخبز .. يا واخد قوتى.. يا ناوى على موتى.. خبراء : السياسة التموينية فى معالجة أزمة الرغيف خاطئة ومتسرعة ولم تمهد للإجراءات الجديدة

405

على مدار أربعة شهور كاملة منذ قرار تحرير سعر الصرف، تحمل المصريون موجة ارتفاع أسعار غير مسبوقة لجميع أسعار السلع الغذائية والخدمات من خضار وفاكهة ولحوم وأرز وسكر وزيت، واثقين فى وعد الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتحلي بالصبر والمثابرة مقابل عدم المساس برغيف الخبز.
لكن مع فشل المواطنين فى الحصول على حصتهم فى الخبز،فصبر المصريون قد نفد، فنزل المئات فى تظاهرات بعدة محافظات،بعد عدم قدرتهم على صرف حصتهم اليومية من الخبز،مما أعاد للأذهان انتفاضة 1977 ضد الرئيس أنور السادات و 2008 ضد الوزير الحالي على المصيلحي فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك.
فشهدت فترة “ مصيلحي” الأولى أشد أزمات الخبز، سقط خلالها العشرات ما بين قتيل ومصاب، أطلقت عليهم “ شهداء الخبز”، حيث وصلت حدة الأزمة فى عهده،إلى دفع الرئيس الأسبق مبارك، إلى مخاطبة جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة،‏ ووزارة الداخلية،‏ فى مارس 2008 للتدخل فى مجال إنتاج الخبز لسد حاجات المواطنين.‏

فهذا المشهد عاد إلى الأذهان بعد أن قام به المواطنون الأسبوع الماضي بالمحافظات من قطع للطرق وشق النساء ملابسهن فى الشوارع بسبب تخفيض حصة الكارت الذهبي الموجود لدى المخابز والذي من خلاله يتم صرف الخبز لغير حاملي بطاقات التموين.
البداية
ظهرت الأزمة مع إعلان وزير التموين والتجارة الداخلية،الدكتور على مصيلحي،فى أول يوم عمل داخل الوزارة ضرورة إعادة النظر فى منظومة الدعم المقدم للمواطنين فى الفترة الحالية، مؤكدا ضرورة فك الاشتباك بين منظومة الخبز والسلع فيما يتعلق بفارق نقاط الخبز،بالإضافة إلى ضرورة الاستمرار فى تنقية بطاقات التموين لحذف غير المستحقين.
فالتنقية جاءت بشكل عشوائي فى الفترة الحالية ورغم إسنادها إلى وزارة الإنتاج الحربي، إلا أنه حتى الآن لا توجد معايير محددة من جانب الحكومة لحذف غير المستحقين من قاعدة البيانات، وما تم الإعلان عنه حاليا هو أنه تم حذف مليون و200 ألف فرد من بطاقات التموين ما بين مسافر أو متوفى أو مكرر على قاعدة التموين.
فقرر الدكتور على المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية،وقف العمل بالبطاقات الورقية وتخفيض عدد أرغفة الكارت الذهبي لأصحاب المخابز لـ 500 رغيف يوميا “ بدلا من 1500” تسبب فى حدوث مشاجرات بين العديد من المواطنين وأصحاب المخابز فى المحافظات واتهام “ المخابز “ بالامتناع عن تسليم المواطنين الحصص اليومية للخبز، كما أوضح المواطنون أنه تم تخفيض حصة البطاقات التالفة من 20 رغيفا إلى 10 أرغفة وحصة الـ 15 رغيفا إلى 5 أرغفة فقط.
فاندلعت تظاهرات من جانب المواطنين حاملي البطاقات الورقية فى عدة محافظات على رأسها المنيا والإسكندرية وكفر الشيخ والفيوم والجيزة، خاصة بعد تخفيض حصة المخابز لـ 500 رغيف على الكارت الذهبي وانخفاض الكميات المقدمة للمواطنين،مما جعل بعضهم يقوم بقطع الطرق والتجمهر أمام مكاتب التموين احتجاجا على القرار،بالإضافة إلى قيام بعض النساء المشاركات فى المظاهرات بشق ملابسهن وارتفاع الصراخ والبكاء فى الشوارع، وترديد هتافات “ الصحافة فين الغلابة أهم”،” واحد أتنين رغيف العيش فين”،”العيش العيش..الحكومة فين،”اتفرج يا سيسي سرقوا رغيفي”، “الشعب يريد إلغاء القرار”، “مش هنمشي.. كلوا إلا العيش”.
شكاوى
فقال على محمد، احد المتظاهرين إن أصحاب المخابز قاموا بتخفيض الحصة اليومية من الخبز بعد قرار وزير التموين بوقف العمل بنظام البطاقات الورقية لتنخفض الحصة لنصف الكمية مقارنة بما قبل تولى الوزير الحالي.
وأضاف ان الوزير الحالى دائما يعمل ضد المواطنين البسطاء منذ توليه نفس المنصب اثناء حكم الرئيس الأسبق مبارك، مطالبا الرئيس عبد الفتاح السيسى، رئيس الجمهورية،بالتدخل والوفاء بوعده لجموع المصريين بعدم المساس برغيف العيش،فى مقابل تحمل الارتفاع الجنونى للأسعار خلال الفترة الراهنة.
أما فاطمة سعيد،متظاهرة إن تخفيض عدد الارغفة اليومية لكل مواطن،يمثل كارثة كبرى للأسرة الواحدة،قائلة: “يا واخد قوتي، يا ناوي على موتي” مطالبة بضرورة تشديدة الرقابة على المخابز لملاحقة جشع وطمع بعض أصحاب المخابز.
وأوضحت أنها فوجئت عند ذهابها لصرف الخبز بالبطاقة الورقية كما هو معتاد،بأن صاحب المخبز يخبرها بأن حصة البطاقات الورقية قد انتهت،قائلا: “ احنا ذنبنا إيه إن الدولة اتأخرت فى عمل البطاقة الذكية لنا واحنا غلابة ومش حنقدر نجيب الرغيف بنص جنيه”.
كما قالت سيدة سيد، احد المواطنين، أنها تعول خمس بنات،أولاد اختها الأرملة، التى ماتت وتركتهن لها، حيث تقوم بمسح السلالم وتنظيف الشقق،مبينة انهن يعيشن على الطعمية والعيش،واستمرت فى البكاء من عدم قدرتها على شراء العيش،فقالت لمكتب التموين ارمى الأطفال ولا ابيعهم.
مشاكل البطاقات
وانتقد عمرو شعبان، صاحب أحد المخابز،قرار الوزير الخاصة بخفض حصة الكارت الخبز الذهبي،موضحا انه يوجد ملايين المواطنين فى مصر عندهم مشاكل فى بطاقات التموين والناس معظمها بتصرف من خلال الكارت الذهبي الموجود بالمخابز.
وأضاف أنه تم تخفيض الكميات المقدمة للمواطنين ما أدى لحدوث اشتباكات بين المخابز والمواطنين، مبينا أن تخفيض الكمية المقدمة من جانب المخابز للمواطنين غير حاملي بطاقات التموين جاء بسبب خفض حصة الكارت الذهبي للمخابز.
تشديد الرقابة
ومن جانبه أعرب الدكتور على المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية، عن أسفه لما حدث من أزمات نتيجة عدم تمكن بعض المواطنين من الحصول على الخبز خلال يومي الأزمة، مشيرا الي ان الأزمة لم تظهر بقوة سوي فى ٧ محافظات، لا سيما الجيزة والإسكندرية،وأنه خلال الـ ٥ سنوات الماضية، حدثت زيادات كبيرة لمخصصات الدعم والجميع لايعلم أين ذهبت،حيث إن الكارت الذهبي كان يحصل عليه صاحب المخبز، لم يتم انتاج سوي ٢٠٪‏ منه فى أغلب المحافظات والباقي يذهب الي جيوب التجار.
وأوضح خلال المؤتمر الصحفى عقب اندلاع التظاهرات ببعض المحافظات،انه لا مساس بحصص المحافظات من الدقيق، مؤكدا انه ستتم إعادة النظر فى الحد الأقصى من الكارت الذهبي البالغ ٥٠٠ رغيف يوميا، نظرا لحدوث بعض الأزمات فى المحافظات، حيث سيتم تحديد الكميات طبقا لأعداد البطاقات الورقية الموجودة فى كل محافظة،وسيتم توفير الخبز بناء على المستفيدين الفعليين.
وأشار إلى أن السبب الأساسي فى تفاقم أزمة الخبز هو أنه تم فتحها للصرف على مستوي الجمهورية، بحيث يحصل المغترب على كارت يصرف من خلال الخبز، إضافة إلى وجود بطاقته الأساسية، وذلك دون رقابة أو حساب،مبينا انه سيتم إصدار بطاقات بدل التالف على وجه السرعة، إذ أن محافظة الجيزة وحدها متبقي نحو ٦٥ الف بطاقة بدل تالف وفاقد جار طباعتها،بالإضافة إلى وجود ٦٠٠ الف بطاقة ورقية سيتم تحويلها قريبا.
وتابع أن محافظة الفيوم يوجد نحو ١١ الف بطاقة ورقية جار تحويلها لذكية،وحوالى ٥٤ الف بطاقة فى محافظة المنيا تحت الإصدار، كما انه يتم استكمال بيانات نحو ١٩ مليون مواطن مسجل على قاعدة البيانات الرئيسية وذلك لضمان وصول الدعم لمستحقيه بالفعل دون تلاعب.
وقال إن الإجراءات الاصلاحية التي تقوم بها الوزارة تعمل على تصحيح مسار الدعم وتصويب الأخطاء، مشيرة إلى أن الهدف من المنظومة وميكنتها فتح المجال أمام كل مواطن ليحصل على حقه من أي مخبز.
ولفت إلى أن المنظومة لم تراع مواصفات الرغيف وما خفى كان أعظم،فهناك مشاكل كبيرة يتم العمل معها بشتى الطرق،مؤكدا أن سيتم عقد اجتماع كبير للجنة العالية للرقابة لتحديد الآليات التي سيتم من خلالها مراقبة الأسواق خلال المرحلة المقبلة.
وتابع أن الأجهزة الرقابية متمثلة فى مفتشى وزارة التموين وشرطة التموين بوزارة الداخلية، وجهت حملات مكبرة استهدفت الرقابة على المخابز على مستوى الجمهورية لمنع التلاعب بأموال الدعم والحفاظ على قوت المواطنين، ومنع المحاولات المتكررة لبعض أصحاب المخابز باختراق نظام التشغيل والاستيلاء على أموال الدعم.
وأيضا هيئة الرقابة الإدارية تقوم حاليا بمتابعة حصر بيانات بطاقات التموين الورقية، والإشراف على تحويل هذه البطاقات إلى إلكترونية، وذلك للتأكد من عدم تلاعب البعض فى البيانات، أو إضافة أفراد وهميين على البطاقات، مثلما كان يحدث مسبقا من حصول بعض بطاقات التموين على سلع لأفراد أكثر من عدد أفراد الأسر المقيدين بالبطاقة وكذلك تضرر البعض الآخر من عدم صرف مستحقات أفراد أسرهم المقيدين على البطاقات من السلع المدعمة.
نفس الأخطاء
وأكد الدكتور نادر نور الدين،المستشار الأسبق لوزير التموين والتجارة الداخلية، على احتجاج المواطنين فى بعض المحافظات، على قرار وزارة التموين بتخفيض حصة الخبز بالكارت الذهبي، أنها ليست المرة الأولى لعلي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، فهو يكرر نفس الأخطاء، حيث قام أثناء حكم مبارك بتقليص حصص الدقيق المخصصة للأفران.
وأوضح أنه يظن نفسه يعمل لصالح الدولة وليس لصالح المواطن،فتزايدت طوابير الخبز، وحدثت فضيحة شهداء الخبز فى فضائيات الخارج بسبب نقص الدقيق وقام مبارك بسحب اختصاصات الدقيق والأفران منه وإسنادها إلى المحافظين وقال له جملته المشهورة “خربتها يا على وقعدت على تلها “.
وأضاف أنه يكرر نفس خطأه السابق بإصراره على إثبات أنه يعمل لصالح الدولة فقط وليس لصالح المواطن، مع أنه لو عمل لصالح المواطن لكان هذا لصالح الدولة، فلم يستطع من حل أزمة تموينية واحدة فى عهده،وتفاقمت طوابير الخبز وكان الأفضل له كمهندس غير دارس لنمط الغذاء والفقر والجوع وأسواق التجزئة أن يكون وزيرا للاتصالات وربما للاستثمار، ولكن ليس للتموين على وجه اليقين.
بالونة اختبار
ومن جانبه أكد الخبير الاقتصادي، وائل النحاس، أن الدولة هي من صنعت الأزمة وتحاول أن تجد مخرجا لها على حساب المواطن،فهي من خفضت سعر الجنيه بعد قرار تحرير سعر الصرف، وبدلا من البحث عن موارد للدولة،بدأت تبحث للسيطرة على قوت الناس.
وأشار إلى أن الحكومة المصرية بصدد اتخاذ إجراءات جديدة لرفع الدعم للتماشي مع شروط صندوق النقد، واصفا أزمة الكارت الذهبي المثارة حاليا بـ “ بالونة اختبار” لمعرفة رد فعل الشعب حيال القرارات التي تتخذها الحكومة.
وأضاف أن الحكومة تتبع سياسة جس النبض للشارع حول قرارات رفع الدعم، مشددا على أنه من الصعب أن يكون هناك تظاهرات متنقلة بالمحافظات المختلفة ومحاولة الإعلام تصويرها على أنها مفتعلة، فهذا أمر لا يليق، والحقيقة أنه حدث نوع من الصدمة للشعب فى الأزمة الأخيرة لذلك انطلقت تلك المظاهرات.
وأوضح أن أزمة انتفاضة الخبز هي جزء من واقع تعيشه مصر منذ عام ونصف العام من افتعال أزمات ومحاولة حلها على حساب الشعب، مع حصول الحكومة على امتيازات كأزمة السكر ولبن الأطفال،مؤكدا أنه فيما يتم تصويره فى الإعلام عن الأحوال الاقتصادية للمواطنين والفروق الاجتماعية بينهم تبث الكراهية والجرائم الاجتماعية بين الشعب، كما أنه فى حال انتشرت تلك المشاهد فى الإعلام يتلقى الشعب بعده بالصدمة فى قرارات الحكومة الصادمة للشعب.
مستحقات مالية
وقال عطية حماد،رئيس شعبة مخابز القاهرة بالغرف التجارية، إن المشكلة الآن بسبب الكارت الذهبي والربط الموجود بين المخابز ووزارة التموين لصرف الخبز للمواطنين الذين لا يحملون بطاقات إلكترونية أو بطاقاتهم التموينية متوقفة بسبب تلف الكارت أو إدخال بيانات خاطئة.
وأضاف أن الكارت الذهبي،لا يهم صاحب المخبز فى شيء، فمنتج الرغيف يهمه تكلفته، لكنه يعني المواطن والدولة، ووزارة التموين هي المسئولة عن حل هذا الاشتباك،مشددا على أنه لا توجد أزمة فى رغيف الخبز،فهو متوافر وبجودة عالية،،فالأزمة ليست فى إنتاج رغيف الخبز وإنما فى نقص الكارت الذهبي، ونصيب المواطنين منه،فالبعض لم يأخذ الحصص الخاصة به، ولا دخل للمخابز به فحصتها ثابتة، فالمخابز لديها مستحقات مالية لدى وزارة التموين، تقدر بنحو 980 مليون جنيه، عما يقرب من 3 أعوام، يجب تسلمها فى أقرب وقت لتغطية مصاريف الإنتاج، التي ارتفعت بنسب كبيرة خلال الفترة الأخيرة، بعد قرار تحرير سعر الصرف وخفض الدعم عن المنتجات البترولية.
وتابع أن وجود أزمة فى محافظة أو محافظتين من 29 محافظة،لا يدل على أن هناك أزمة عامة،فالتظاهرات والتجمعات التي حدثت خلال الأيام الماضية مفتعلة، ولا ترقى لكونها تظاهرة، موضحا أن الشعبة العامة ستطالب وزارة التموين بحل المشاكل مع الشركات المنظمة، لمنع اختراقات “ سيستم المنظومة ومشاكله “، واتهام أصحاب المخابز أنهم يستولون على الدعم الحكومي.
ومن جانبه قال احمد الوكيل،رئيس اتحاد الغرف التجارية،أن هناك أكثر من 27 الف من أصحاب المخابز،قاموا بالإستجابة الفورية لحقوق المواطنين من الخبز المدعم، وعدم انصياعهم للشائعات المغرضة التي تهدف الإضرار بالأمن القومى ومصالح الشعب.
وشدد على أن لقمة العيش خط أحمر لا يمكن المساس بها، والحكومة ممثلة فى وزارة التموين تسعى للحفاظ على نجاح منظومة الخبز، ولم تصدر أي تعليمات أو دراسة لخفض نصيب الفرد من الخبز المدعم،مؤكدا أن الشعبة العامة لأصحاب المخابز بالاتحاد تدخلت فورا مع الغرف التجارية واتحادها العام لمجابهة الشائعات التي صدقها قلة ببعض المحافظات.
كما قال المحامي بمجلس الدولة،صلاح حنفى، إنه قام برفع 20 دعوى من أصحاب المخابز بمحكمة القضاء الإداري، من بينها الدعوى رقم 6279 لسنة 22 ق، والمقدمة من “فاروق محمد إبراهيم” صاحب مخبز، للمطالبة ببراءة ذمتهم المالية.
وأضاف أن وزارة التموين، قامت بتوزيع كروت ذهبية على أصحاب المخابز، لرصد حصة الخبز، للمواطنين الذين جار استخراج بطاقات تموينية لهم، ويحملون البطاقة الورقية، وبعد فترة فوجئ أصحاب المخابز بأن وزارة التموين تطالبهم بدفع الفرق مبالغ مالية، لأن ما تم صرفه من الخبز لم يكن من خلال البطاقة الإلكترونية.
طلب إحاطة
ومن جانبه رفض النائب محمد العقاد، قرار وزارة التموين، بتعديل الكارت الذهبي بالمخابز البلدية المدعمة بالمحافظات كافة ليصبح 500 رغيف يومي كحد أقصى، محذرا من موجة الغضب التي بدأت تنتشر فى ربوع محافظات مصر، بسبب هذا القرار.
وطالب وزارة التموين بسرعة التدخل لإنهاء الأزمة قبل تفاقمها، حرصا على مصلحة المواطنين، خاصة أن الأوضاع الاقتصادية للشعب المصري لا تتحمل مثل هذا القرار فى الوقت الراهن، مؤكدا أنه سيتقدم بطلب إحاطة إلي الدكتور على المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، خوفا من استمرار حالات الغضب الشعبي.
انتفاضة 1977
يذكر أن المصريين لديهم تاريخ حافل وعظيم مع التظاهرات من أجل الخبز، الذي يعد بمثابة “ خط الدفاع “ الأخير لدى البسطاء ومحدودي الدخل قبل السقوط فى “الجوع الكافر”، ففى 18 و19 يناير 1977 اندلعت انتفاضة شعبية فى طول البلاد وعرضها، إثر قرار الرئيس الراحل أنور السادات برفع الدعم عن عدة سلع غذائية، كان على رأسها الخبز، وهو ما تسبب فى تضاعف أسعارها.
ورغم أن السادات كان “صانع” انتصار العبور، لكن نداء البطون الجائعة وقسوة الجيوب الخاوية كان أشد وطأة، وسقطت أمامه أي انجازات سابقة له،وتطورت تلك التظاهرات، خاصة مع انضمام عمال المصانع إليها، إلى أعمال عنف وتخريب، ما دفع الرئيس السادات إلى طلب تدخل قوات الجيش، التي نزلت إلى الشوارع لاحتواء الغضب الشعبي العارم، لكنها اشترطت قبل النزول أن يتراجع السادات عن قرار زيادة الأسعار، وبالفعل رضخ الرئيس للأمر، وهو ما سهل مهمة عناصر الجيش الذين انتشروا فى شوارع القاهرة.
وأطلق الرئيس السادات على تلك التظاهرات اسم “ثورة الحرامية” وخرج الإعلام الرسمي يتحدث عن “مخطط شيوعي لإحداث بلبلة واضطرابات وقلب نظام الحكم” وتم القبض على عدد كبير من النشطاء السياسيين، خاصة من اليساريين، قبل أن يصدر القضاء حكما تاريخيا بتبرئتهم، مؤكدا الطبيعة العفوية والعادلة لتلك التظاهرات، كما رسخت تلك التظاهرات فى الوجدان الوطني تحت اسم “انتفاضة الخبز”.

التعليقات متوقفه