قادمة من عصر الخيال العلمى.. الطباعة المجسمة الثلاثية الأبعاد.. فى الطريق إلى منازلنا

217

ربما تندهش إذا قلت لك أن عصر الطباعة التقليدية التى نعرفها كالطباعة على الورق أو الأقمشة قد انتهى، وبات بمقدروك الآن أن تطبع مكتبك، أو الكرسى الذى تجلس عليه، أو فنجان القهوة بالتصميم الذى تحبه، وربما يمكنك أن تطبع منزلا بأكمله. هذه التصورات أشبه بالخيال العلمى، ولكنها تحققت بالفعل، بفضل تقنية الطباعة المجسمة أو الطباعة الثلاثية الأبعاد 3D Prininting، وهى التقنية التى أصبحت معتمدة فى الكثير من دول العالم، لدرجة أن العديد من الشركات باتت تعتمد على هذه التقنية فى صناعة قطع الغيار مثلا للسيارات، أو الطائرات، وغيرها.
حيث انه أصبح بالإمكان طباعة أى أجسام مهما كان شكلها أو تعقيدها، وكل ما هو مطلوب فقط أن تقوم بتصميم الشىء الذى تريد طباعته على الكومبيوتر من خلال برنامج الأوتوكاد، وهو برنامج معروف للرسم الهندسى، وبعد ذلك تقوم الطابعة بتحويله إلى المجسم المطلوب.
وتعتمد هذه التقنية على آلات طباعة يتم تغذيتها بالمواد المطلوب الطباعة عليها، فمثلا خام البلاستيك لطباعة مواد بلاستيكية، حيث تقوم الطابعة بمزج المادة الخادم، وطباعتها على شكل طبقات فوق بعضها البعض، تبدأ من القاع، وصولا إلى القمة، وبنفس الأبعاد والألوان المطلوبة طبقا للتصميم الهندسى الموضوع، من خلال عملية تسمى التصنيع التجميعى، أو “الطباعة التجميعية” طبقا للمصطلح الذى أقرته الجمعية الأمريكية للفحص والمواد.
وتتبع هذه العملية مخطط أو تصميم هندسى معد مسبقا بواسطة برامج الكمبيوتر. ويقوم الكمبيوتر بتوجيه الطابعة ثلاثية الأبعاد لإضافة طبقات متتالية كمقطع عرضى دقيق للجسم النهائى.

 

البداية
بدأ التطوير الأولى للطابعة ثلاثية الأبعاد فى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالتعاون مع شركة “الأنظمة ثلاثية الأبعاد” وذلك فى التسعينيات من القرن الماضى. وفى شهر فبراير عام 2011 منح معهد ماساتشوستس ترخيصا لستة شركات لاستخدام هذه التقنية فى منتجاتها.
الطباعة ثلاثية الأبعاد المباشرة
تعتبر أحد الطرق المستخدمة فى الطباعة، ويعتمد هذا النوع من الطباعة على تقنية قاذفة (نافثة) الحبر، وهى تقنية تستخدم فى الطباعة الورقية منذ الستينيات من القرن الماضى. وفى الطابعات النافثة للأحبار inkjet توجد فوهات دقيقة تنفث الحبر على الورق لطباعة المستند أو الصورة المطلوبة. ولكن على العكس من الطباعة الورقية فان سطح الطابعة الثلاثية الأبعاد يتحرك للأعلى والأسفل حتى يتم ترسيب طبقات متعددة من المادة على نفس السطح. كما أن هذه الطابعات لا تستخدم الحبر، بل إنها تقوم بتطبيق طبقة سميكة شمعية من مواد بلاستيكية، تجف وتتصلب لتشكل مع كل طبقة مقطع جديد من الجسم الصلب ثلاثى الأبعاد المطبوع.

الطباعة ثلاثية الأبعاد بالمادة اللاصقة
وهى أيضا تشبه الطباعة العادية فى استخدامها للفوهات لتطبيق سائل يشكل طبقة جديدة إلا أنها تختلف من حيث استخدامها لمادتين منفصلتين كلاهما مع بعض يشكلان طبقة مطبوعة جديدة، حيث تتكون المادتين من مسحوق ناعم مع سائل لاصق. يمرر المسحوق على لفافات يخرج منها المسحوق فى صورة طلاء رقيق، وفى المرحلة الثانية تستخدم الفوهات لتطبيق المادة اللاصقة. يتم خفض القاعدة للأسفل لاستقبال طبقة جديدة من المسحوق، وتتكرر العملية حتى يكتمل بناء النموذج المطلوب.
تعتبر طريقة الطباعة بالمادة اللاصقة أفضل من الطباعة المباشرة لأنها أسرع وتستهلك مادة خام أقل. كما أنها تعتمد على تشكيلة واسعة من مواد الطباعة، بما فيها المعادن، والمواد السيراميكية وكذلك الألوان.

 

مراحل عملية الطباعة ثلاثية الأبعاد
مهما كانت الطريقة المستخدمة للطباعة الثلاثية الأبعاد فهى تعتمد على نفس المراحل والخطوات وهى ثمانية خطوات على النحو التالى:
1. التصميم بواسطة الكمبيوتر، حيث ينتج عنها نموذج ثلاثى الأبعاد، وتوفر هذه البرامج فى بعض الأحيان معلومات علمية حول طبيعة المواد التى سوف تستخدم فى الطباعة، وكيف سوف يكون سلوكها فى ظروف معينة من خلال المحاكاة الافتراضية التى تأتى مع برمجيات الأوتوكاد.
2. تحويل ملفات الأوتوكاد CAD إلى صيغة تسمى STL وهى نوع من الملفات تعنى “لغة معيار التغطية الفسيفسائية” التى تفهمها الطابعة.
3. يتم نسخ ملف STL إلى جهاز الكمبيوتر الذى يتحكم فى الطابعة ثلاثية الأبعاد. ويقوم المستخدم بتحديد الحجم واتجاه الطباعة.
4. إعداد وتجهيز الطابعة، حيث أن كل آلة طباعة تمتلك متطلباتها الخاصة لكيفية تحضيرها وتجهيزها لبدء طباعة جديدة. هذا يشتمل على إعادة تعبئة المواد الخام، والمواد المستخدمة كلاصق، والمواد المستهلكة الأخرى التى تستخدمها الطابعة.
5. التنفيذ، إعطاء الأمر للطابعة للقيام ببدء عملية التنفيذ لتبدأ عملية بناء المجسم المطلوب. وهى عملية أوتوماتيكية بالكامل.
6. الإزالة، وتعنى إزالة الجسم المطبوع من الطابعة. مع أخذ الحيطة والحذر لتجنب لمس المواد المطبوعة وهى ساخنة.
7. المعالجة بعد الطباعة، وتشمل إزالة المسحوق المتبقى فى الطابعة تمهيدا لبدء عملية طباعة جديدة.
8. الاستخدام، وتعنى الاستفادة من الأجسام المطبوعة الجديدة.

 

الطباعة ثلاثية الأبعاد فى المنزل
ربما تكون هذه التقنية مكلفة جدا فى الوقت الحالى من ناحية المعدات، وكذلك المواد المستخدمة فى الطباعة، حيث أن آلة الطباعة قد تصل تكلفتها إلى 250 ألف دولار، وتكلفة المواد المستخدمة للطباعة تصل إلى 800 دولار للجالون الواحد، إلا أن هناك الكثير من الشركات بدأت تتوجه إلى صناعة الطابعات ثلاثية الأبعاد للاستخدام المنزلى لتطبع الأجسام الصغيرة بأبعاد حوالى 22 سم فى 17 سم فى 20 سم. وتصل تكلفة هذه الطابعة إلى حوالى 10 آلاف دولار. وتستخدم هذه الطابعة البلاستيك المقوى. وتكلفته نحو 850 دولار لكل 2 كجم.
ومن المتوقع أن تتقلص الأسعار تدريجيا مع استمرار تطور هذه التقنية، وانتشارها حتى تصبح بمتناول أى فرد منا.
وقد نستخدمها فى المستقبل لتصميم قطع فنية لمنازلنا أو طباعة أى قطع غيار لأثاث المنزل، أو طباعة المنزل بالكامل، حيث قامت بعض الشركات الصينية بالفعل فى تصميم طابعات تقوم ببناء المنزل بالكامل.

التعليقات متوقفه