ليس بالأمن فقط نواجه الإرهاب.. مطالب بتطوير المناهج والخطاب التعليمى ونشر الفكر المستنير

39

لم يعد الحل الامنى بمفرده قادرا على مواجهة الارهاب، فقد ظل يعاني الشعب المصري على مدار الثلاث سنوات الماضية من عمليات ارهابية ممنهجة تأخذ فى طياتها ارواح مصرية (اطفال ونساء ورجال وشيوخ ) مسلمين ومسيحيين، ولم يشهد التعليم تطوراً ملحوظاً يلبي رغبات ابناء الوطن الواحد نحو تعليم هادف يقود المجتمع الى فكر مستنير ويحقق التقدم والرقي الذي تطمح اليه الامة على مستوى المجالات المختلفة.

لذا فقد حان الوقت ان نقف وقفة صارخة فى وجه الارهاب الغاشم الذي يدمر مؤسسات الدولة، ويجب مكافحته بخطاب تعليمي وثقافى مستنير قائم على الفكر والابداع وقبول الاخر وحب الوطن، بالاضافة الى تضافر الجهود والتواصل بين الخبراء والمتخصصين لوضع استراتيجية تتضمن تطوير سبل التعلم والمناهج واعتبار التعليم قضية امن قومي
الفكر والثقافة
وفى ذات السياق يري د.صلاح عبد السميع “ استاذ المناهج بجامعة حلوان “ ان الفكر والثقافة يمثلان تحصناً للمجتمع بكل طوائفه، فقد يستغل الارهاب العقول الفارغة ويملأها بالفكر المتطرف الهدام للوطن فى ظل غيبة القانون وعدم تطبيق الخطاب الدينى والتعليمي المستنير.. مضيفاً ان المناهج الازهرية اصبحت تمثل حشوا معلوماتيا لكثرة المقررات الدينية التى يدرسها الطلاب بجانب المقررات العلمية الاخري، وبالتالي لا تعطي فرصة للدارسين ان يتدبروا ما يدرسونه لتشكيل الوعي العلمي لديهم القائم على الفكر والإستنارة العلمية.. واكد عبد السميع، ان الامة المصرية لم تنهض إلا بتعليم جيد يحقق التجانس بين افراد المجتمع ويعمق الانتماء لديهم، مشدداً على اهمية غرس المبادىء والقيم فى المناهج الدراسية والتركيز على قيم العطاء والوحدة الوطنية والعمل وحب الوطن.
فكر وعقائد
ويري د.محمود منسي “ عميد كلية التربية بجامعة الاسكندرية سابقاً “ ان الحلول الامنية لم تمنع التطرف كفكر وعقائد وميول يكتسبها الافراد وتصبح قيما ثم عقيدة يموت من اجلها لما فى عقيدته بأن التفجير الانتحاري من الامور الدينية التى يجتاز عليها الصواب والشهادة، وبالتالي فإن الفكر الهدام لابد من مواجهته بفكر بناء.. مضيفاً ان الخطاب الديني لم يتغير طالما الفكر المتطرف الذي يكفر الاخر نابع من عقيدة بعض المشايخ وأئمة المساجد، معتبراً انه من غير المنطقي ان نضع فى ذهن اطفالنا ان غير المسلم كافر.
لافتاً الى ان القائمين على تطوير المناهج ليسوا متخصصين فى وضع برامج تدعو للتسامح وقبول الاخر والدليل على ذلك ان مشكلة دمج ذوي الاحتياجات الخاصة فى المدارس لم تحل حتى الان.. مشدداً بذلك على اهمية مراجعة التعليم الديني، ومنع وضع العلامات والرموز الدينية فى الاماكن العامة والطرقات مثل اللافتات المكتوب عليها ايات قرآنية او تشغيل القرآن فى المواصلات العامة، مع الوضع فى الاعتبار ان الامور الدينية يتعلمها البشر فى دور العبادة مثل الجامع او الكنيسة.. مؤكداً ضرورة القضاء على ازدواجية التعليم فى المدارس حيث يوجد لدينا تعليم مدنى وديني واجنبي.
تعليم الدين
ويري د.يوسف نوفل “ استاذ الادب والنقد بجامعة عين شمس “ ان تعليم الدين سواء كان الاسلامي او المسيحي ليس مجرد مادة دراسية تدرس للتلاميذ فى المدارس ليمتحنوا فيها نهاية العام الدراسي، بل يعد تعليم السلوكيات والقيم من اساسيات الديانات السماوية.. مضيفاً ان الاهتمام بالشعر والنصوص الادبية فى المناهج من الاساسيات التى تعلم الطلاب معني الانسانية وتقبل الاخر، وبالتالي لابد ان تكون المناهج تكاملية بمعني ان تكمل بعضها الاخر لتأصيل الفكر المعتدل وتربية النشء على ثقافة قبول الاختلاف وحب الوطن.. مؤكداً اهمية دور الاسرة والمؤسسات الدينية فى تثقيف وتوعية الافراد بجانب المؤسسات التعليمية، فضلا عن تفعيل دور المراكز الثقافية فى المحافظات وتنظيم ندوات تثقيفية لنشر الوعى وزيادة الانتماء.
المدرسة
ويري د.ايهاب حامد عبد العظيم “ وكيل كلية التربية النوعية بجامعة الزقازيق “ ان المشكلة لدينا ان الطلاب لا يذهبون الى المدارس، ويتلقون المعلومات من الخارج سواء عن طريق النت ووسائل الاتصال الاجتماعي ( الفيس بوك ) او من خلال الاعلام والبرامج دون توجيه او رقابة، وبالتالي يصبحون تربة خصبة من السهل إستقطابهم للفكر المتطرف.
مضيفاً ان عودة الانشطة ( تربية موسيقية وفنية ورياضية ) فى المدارس وممارسة الهوايات، من الامور المهمة فى مكافحة الارهاب لانها تعمل على تحويل الطاقة السلبية لدي التلاميذ الى طاقة إيجابية وتنشيط العقل.. لافتاً الى ان غياب القدوة فى المجتمع جعل الشباب ليس لديهم طموح بتحسين وضعهم الاجتماعي والتعليمي والثقافي، وبالتالي لابد من الاهتمام بدور المعلم ونشر النماذج الايجابية والناجحة.. مؤكداً اهمية وضع المقررات الدراسية المناسبة وفق المراحل العمرية للطلاب لسهولة إستيعابها فضلا عن تدريس مادة “ القيم والاخلاق “ بجانب التربية الدينية وإتباع طرق التقييم الحديثة.
التعليم الجيد
ويري د.على إسماعيل”رئيس قسم إعداد المواد التعليمية الاسبق بالمركز القومي للبحوث التربوية “ ان التعليم يشكل فكر الانسان ووجدانه، والتعليم الجيد يحمي الانسان من الانزلاق نحو الجريمة والخطر المتمثل فى الارهاب.. مضيفاً ان مستوي التعليم لدينا أفرز مالايقل عن 30 مليون أمي واضعاف هؤلاء غير مثقفين ثقافة وطنية واعيه، وبالتالي فإن وجد تعليم كما ينبغي فى اى وطن ما وجد الارهاب.
لافتاً الى ان تطوير التعليم لابد ان يكون من خلال إتباع خطوات موضوعية ومدروسة وفق تخطيط تربوي لسد منابع الارهاب وتجفيفها، بالاضافة الى الاستعانة بالتكنولوجيا الحديثة التى تسهم بفاعلية فى إعداد إنسان خادم لوطنه وعلى دراية واسعة بما يدور حوله.
التعليم فى الصغر
وقال د. أسامة عبد المنعم “منسق حملة يا ابناء مصر اتحدوا “ إن مواجهة الإرهاب تبدأ بتغيير ملامح التعليم الأساسى “ الإبتدائى – والإعدادى “ لأن التعليم فى الصغر كالنقش على الحجر، وللأسف الشديد يقوم كثير من المدرسين ببث الفوضى فى نفوس أبنائنا بمعلومات مغلوطة.. مضيفاً التعليم لا يزال يقوم على التلقين وليس الفهم والتساؤل والحوار، ولا يصح أن نحمل الأزهر بمفرده مسئولية مواجهة الفكر المتطرف، ولكن المسئولية تقع على كل قطاعات ومؤسسات الدولة.. لافتاً الى انه لابد من تبني حزمة من البرامج فى المدارس لتعزيز الأمن الفكري وتحصين الأطفال من الأفكار الضالة وتطهير مجتمع من مظاهر التشدد والتطرف.

التعليقات متوقفه