نفتح الملف قبل مؤتمر العمل الدولى بجنيف: «النقابات المستقلة» بين القوانين المحلية والدستور والاتفاقيات الدولية

38

تحقيق: محمد مختار

كشفت نص الفتوى القضائية التى أصدرتها الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة مؤخرًا، بعدم مشروعية قيام وزارة القوى العاملة والهجرة بتلقى وإيداع أوراق المنظمات النقابية المستقلة، مؤكدة عدم جواز إنشاء منظمات نقابية عمالية مستقلة أخرى بخلاف التى أجازها قانون النقابات العمالية.
وعقب صدور هذه الفتوى وتبعاتها والتى لآقت استحسان الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، بينما على الجانب الأخر فإن أعضاء النقابات المستقلة أكدوا أن الدستور تحدث فى أكثر من مادة عن حرية التنظيم النقابى، مؤكدين أنها أنشئت وفقًا للدستور والاتفاقيات الدولية، وبالتالى أكدوا أن النقابات المستقلة كيانات شرعية.
واستند رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، جبالى المراغى، إلى هذه الفتوى فى حملته لضم جميع الكيانات تحت مظلة الاتحاد العام، وأرسل خطابًا للواء رزق على، رئيس هيئة النقل العام بالقاهرة، حصلت “الأهالى” على نسخة منه، يطالبه بحظر التعامل ماليًا وإداريًا مع ما يسمى بالاتحادات والنقابات المستقلة أو الحرة، وذلك وكما جاء بنص الخطاب فهو إعمالا بمبدأ سيادة القانون، وحتى يتسنى للمنظمات النقابية المنتخبة قانونًا والتابعة للاتحاد العام، من القيام بدورها فى خدمة أعضائها من العمال ورعاية مصالحهم المشتركة.

“الاهالي” تفتح الملف قبل انعقاد مؤتمر العمل الدولي بجنيف فى مايو القادم والذي يجرى فيه تقييم الوع النقابي والعمالي فى كل بلدان العالم..
وحدة التنظيم
وقال مجدى البدوى، نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، إن النقابات المستقلة كانت عبارة عن مرحلة وانتهت بالفعل، مشيرًا إلى أن هناك بعض المنظمات الدولية والتى استغلت الوضع السياسى فى فترات سابقة، وكانت تمارس ضغطها لإيجاد النقابات المستقة فى الشارع العمالى، مؤكدًا ان الدولة فى حينها كانت مضطرة على الموافقة تماشيًا مع الوضع السياسى لهذه المرحلة.
وأكد البدوى، أن الوضع الحالى تغير كثيرًا، وهناك أبعاد كثيرة أدركها المواطنون حول الدوافع الأساسية وراء إنشاء النقابات المستقلة «على حد قوله»، موضحًا أن كثير من أعضاء النقابات المستقلة عند اكتشافهم بعض من هذه الحقائق تركوا هذه النقابات واعلنوا انضمامهم للاتحاد العام لنقابات عمال مصر، والتى كان آخرها عدد من العاملين بالنقل العام، وغيرهم الكثير الذين أبدوا موافقتهم على الدخول تحت مظلة الاتحاد العام فى الانتخابات العمالية القادمة.
وتابع نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، أن رأى العمال أنفسهم هو الذى يجب الاحتكام إليه عند إجراء الانتخابات، وما تُسفر عنه سيكون هو الممثل الشرعى لعمال مصر، وذلك بعيدًا عن التشتت والتشرزم، قائلاً: إن إرادة العمال يجب أن تظهر من خلال انتخابات يُشرف عليها القضاء.
وقال إن فتوى الجمعية العامة للفتوى والتشريع أكدت عددًا من الإمور المهمة وعلى رأسها، أن تحصيل اشتراكات العمال من أكثر من جهة وتفتيتها ليس فى مصلحة العامل ولن يحصل على خدمات، ولن يكون هناك موقف قوى للمثل العمال تجاه عدد من مطالب العامل، مؤكدًا أن المرحلة القادمة هى مرحلة وحدة التنظيم النقابى من خلال انتخابات حرة وتحت إشراف قضائى وعدد من المنظمات الدولية التى أبدت رغبتها فى ذلك.
إصدار القانون
ومن جانه أكد، مصطفى نايض، مسئول أمانة العمال بحزب التجمع، أن الأصل فى النقاات العمالية هو أن تكون قائمة على أساس ديمقراطى ومبدأ عدم التمييز، وأن تكون مستقلة عن الأحزاب وعن الدولة وغير خاضعة لأصحاب الأعمال، ويتم إنشاؤها بإرادة العمال طبقًا للاتفاقيات والمواثيق الدولية رقمى 87 لسنة 47، وكذلك 98 لسنة 49.
وتابع نايض، أنه عقب ثورة يناير 2011، بادر عدد من النقابيين بالإعلان عن تكوين اتحاد عمالى جديد، مشيرًا أنه كان الشرارة الأولى لتكوين المئات من المنظمات النقابية المستقلة والتى نشهدها الآن، حيث أعلن وزير العمل الأسبق، أحمد البرعى، عن إعلان المبادئ بشأن الحريات النقابية، مؤكدًا تعهد الحكومة فى حينها الاعتراف الكامل بانشاء النقابات العمالية وحرية الانضمام والانسحاب منها.
كيانات شرعية
وفى سياق متصل، قال سعد شعبان، رئيس اتحاد عمال مصر الديمقراطى «المستقل»، والذى استهل حديثة بأن اتحاده تلقى دعوة رسمية للمشاركة فى الاجتماع الإقليمى العربى لمستقبل العمل فى المنطقة العربية، والذى عقد فى لبنان وأن اتحاده سيكون الممثل الوحيد لفريق العمال، وبحضور المدير العام لمنظمة العمل الدولية غاي رايدر، وبمشاركة وزراء العمل وممثلين من اتحادات نقابات العمال، وغرف الصناعة والتجارة العربية، ومؤسسات الضمان الاجتماعى فى 12 دولة عربية عضو فى منظمة العمل الدولية، حيث شارك فيها وزير العمل المصرى محمد سعفان.
وأوضح شعبان، أن الدستور والاتفاقيات الدولية تكفل حق التنظيم النقابى، لآفتا إلى أنه يجرى الأن الإعداد للسفر إلى جنيف لحضور فعاليات مؤتمر العمل الدولى، موضحًا إلى أنه لآبد على الحكومة المصرية الذهاب بردود مقنعة حول تأخر إقرار قانون المنظمات النقابية، حتى لا توضع مصر على القائمة القصيرة لمعاير العمل والتى تسمى إعلاميًا «القائمة السوداء».
وردًا على فتوى مجلس الدولة بعدم شرعية النقابات المستقلة، قال نحن لدينا فتوى أيضا وأحكامًا تقر بشرعيتنا.
النقابة العامة
وكان مجلس إدارة النقابة العامة للعاملين بالمرافق، قد أعلن خلو قطاعات العمل بالكهرباء والإسكان والمياه والصرف الصحي من النقابات بالمستقلة، موجهًا الدعوة لجميع العاملين بالانضمام للنقابة العامة، استعدادا للانتخابات العمالية القادمة، فى ضوء اللوائح والقوانين التي أقرها الاتحاد العام لنقابات عمال مصر.
وأكدعادل نظمي، رئيس النقابة العامة، احترام ما قضت به لجنتا الفتوى والتشريع بمجلس الدولة بعدم شرعية النقابات المستقلة فى ردها على مصطفى مدبولى وزير الإسكان والمرافق، ومحمد سعفان وزير القوى العاملة.
الفتوى والتشريع
وقد أكدت حيثيات الفتوى التى أصدرتها الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، أن الفتوى جاءت تماشيا مع فتوى أخرى أصدرتها فى وقت سابق بعدم مشروعية اللجان والاتحادات العمالية المستقلة، مشيرة إلى أن الأخذ بالنظام الديمقراطى فى إنشاء تلك المنظمات لا يمكن أن ينصرف بأى حال من الأحوال إلى إطلاق يد الأفراد والجماعات فى إنشاء منظمات نقابية بدون ضابط، ما يؤدى إلى تفتيت التنظيم النقابى وتصارع المنظمات النقابية مع بعضها على نحو يعيق أدائها لدورها.
رفع الأختام
بينما على الجانب الآخر، فإن محكمة القضاء الإدارى قد أحالت الدعوى المرفوعة من النقابة المستقلة للعاملين بهيئة النقل العام ضد وزير الداخلية ووزير القوى العاملة واللواء مدير مصلحة الاحوال المدنية ضد صدور الكتاب الدوري رقم 6، والخاص بعدم اعتماد أختمام النقابات المستقلة فى الهيئات التابعة لها، إلى المحكمة الدستورية وذلك للفصل فى دستورية المواد رقم ( 63،13،9،7،4)، من قانون النقابات العمالية رقم 35، وهو الأمر الذى يضع شرعية النقابات المستقلة قيد العمل لحين إشعار أخر، وهو فصل المحكمة الدستورية أو صدور قانون جديد أيهما أقرب، وبشرط توافقه مع مواد الدستور أيضًا.

التعليقات متوقفه