المشروعات المتوقفة مسئولية من؟.. حضرت الأفكار وعصيت خطط التنفيذ

56

بقلم: حسام الدين ناصف

عندما نشر لي مقال سابق بعنوان رؤية اقتصادية لآفاق المستقبل فى 8 مارس الجاري اتصلت بأستاذي فى العلوم السياسية والاقتصاد د.جودة عبد الخالق طالبا منه تقييم معطيات هذا الطرح ووعدني خيرًا، وبعد عدة محاولات تلقيت اتصالًا كريمًا منه، بدأ فى مدح العنوان والإخراج، وللحق فالفضل يرجع للصديق العزيز أ.علاء غنيم فى هذا، ثم شرع فى تحليل تلك الرؤية الاقتصادية بفكر الاستاذ الجامعي والخبير الدولي والوزير السابق مما جعلني فى وضع تلاميذ سقراط وأفلاطون، ولكن المجمل أنه راضٍ عن هذا الطرح؛ إلا أنه توقف عند الخطوة الأولى، وهي مساندة المشروعات ذات التمويل الذاتي والمحلي، وقال لي :لماذا لم تذكر شيئا عن المشروعات المتوقفة ؟ وكان تعليلي عدم وجود بيانات دقيقة عن الموضوع،ثم فوجئت بعدم وجود بيانات وافية عن هذا الموضوع لدى معظم الجهات الرسمية وغير الرسمية، وإن كانت بعض الاجتهادات هنا وهناك، ولكن إصرار د. جودة على إلقاء الضوء على هذا الموضوع (على حد تعبيره) اعتبرته تكليفًا، فبدأت البحث ووجدت أن هناك نوعين من المشروعات المتوقفة:
أولا : المشروعات الحكومية المتوقفة وهي التي شرعت الحكومة فى ايجاد حلول لها ولم تنته منها بعد، أو أنها قد توقفت نتيجة قلة التمويل ونقص المستلزمات مثل بعض الوحدات الصحية على سبيل المثال وليس الحصر، مما دعا المهندس إبراهيم محلب – رئيس الوزراء السابق- للتحدث عن هذا الموضوع خلال الاجتماع الاسبوعي لمجلس الوزراء فى 25/3/3015،وقيام الحكومة بمسح شامل لكل المشروعات المتوقفة حيث إنه اكتشف العديد من المشروعات المتوقفة خلال زيارته المتكررة للمحافظات !! ولا نعرف حتى الآن مدى تقدم مثل هذا (المسح) والخطوات التي تم اتخاذها من قبل الحكومات المتعاقبة لحل مشاكل هذه المشروعات ومدى مساندتها لتقوم بواجبها نحو رفع المعاناة عن كاهل هذا الشعب الطيب، وفى وقت سابق أعلن السيد اللواء /عادل لبيب – وزير التنمية المحلية السابق- عن تكليف السادة المحافظين بإجراء حصر شامل لأي مشروعات متوقفة للانتهاء منها، وذلك للقضاء على أية عقبات تحول دون استكمالها !! وما الحلول التي وضعت لحل مشاكلها؟! ولكننا كشعب لا نعرف على وجه الدقة الأعداد ولا الحلول المقترحة أو الخطوات التي تم اتخاذها فى هذا الشأن.
ثانيا : المشروعات المتوقفة أو التي خرجت من النشاط وهي مملوكة للقطاع الخاص ففى 1/8/2015 خرجت علينا جريدة الأهرام الغراء بعنوان 7 آلاف مصنع متعثر تبحث عن حل،فى مشادة بين اتحاد الصناعات صاحب هذا التعداد وهيئة التنمية الصناعية التي تصر على أن العدد لا يتجاوز 700 مصنع لاغير، أما اتحاد الصناعات فإنه يؤكد أن هذا العدد أي (7) آلاف مصنع يمكن أن يساهم فى زيادة قيمة الصادرات بـ30%،ويمكن أن يساهم فى حل مشكلة بطالة 2 مليون عامل، على اعتبار أن متوسط العمالة بكل مصنع من تلك المصانع هو 300 عامل، وخرجت أيضًا بتوصية بمراعاة ملاك هذه المشروعات، حيث إنهم خسروا مالهم الخاص قبل الأموال المقترضة من البنوك، والتي رفعت القوائم السلبية لعملائها من (2) إلى (5) سنوات،مشيرة إلى أنه خلال تلك الفترة قد تضاعفت أسعار العملات الأجنية أضعافا مضاعفة، خاصة بالنسبة للمشروعات التي استوردت آلاتها،أو التي تعتمد على استيراد مواد خام لإنتاجها من الخارج،ثم دخل اتحاد المستثمرين فى تلك الحلبة ليصرح ويناشد رئيس مجلس تنمية الصعيد بالاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين فى 13/2/2016- فى تصريح لوكالة أ.ش.أ- السادة المسئولين بسرعة توفير الحكومة للتمويل عن طريق البنك المركزي والبنوك الوطنية.
أي أنه منذ عام 2015 وحتى الآن عام 2017، ورغم أن الجميع ابتداء من رئيس مجلس الوزراء والوزراء واتحاد الصناعات واتحاد المستثمرين وجميع الاتحادات والهيئات تناشد أي مسئول أن يتولى هذا الملف، وحتى ولو تم عمل مجلس أعلى له،على غرار المجلس الأعلى للسياحة أو الاستثمار لحل المشكلات والتنسيق بين الهيئات والإدارات لمساعدة مشروعاتنا المتوقفة بدلا من الهرولة وراء الاستثمارات الأجنبية ؛التي تردد الحكومة بصفة مستمرة أملها فى دخولها إلى مصر بمئات المليارات،ولم نشاهد أيًا منها حتى الآن ولعل المانع خير.
ويجب أن نتطلع باهتمام إلى المشروعات الوطنية المتعثرة والمتوقفة وتخصيص جزءًا من مبادرات دعم (مصر) لتكون فعلا لمصر والمصريين، ورحم الله بنك مصر وشركاته المساهمة،ولكن للحق، هذا جانب واحد،فهناك عدة جوانب أخرى غير التمويل منها على سبيل المثال: قيمة الدولار الجمركي، الجودة، التسويق، دراسة الجدوى للمنتجات ومدى احتياج السوق المصري لها، التعقيدات الإدارية، وجوانب أخرى عديدة، ولكن بدون بيانات وتقسيم تلك المشروعات إلى مجموعات ذات مشاكل متجانسة لحلها ودعم مستثمريها ومعرفة نقاط الضعف التي أدت إلى توقف تلك المشروعات وخروجها من السوق، ووضع الحلول المناسبة لها سوف نظل كما كنا خلال المرحلة السابقة فى الحصر والمسح والتنجيم حتى خروج المستثمر المصري من السوق المصري انتظارًا لما يجود به النظام الاقتصادي العالمي على الشعب المصري، ووضع الاقتصاد المصري تحت الوصاية، وكل عام وأنتم بخير، بمناسبة فصل الربيع ( العربي).

التعليقات متوقفه