صناع السينما.. لماذا يتجاهلون بطولاتنا القومية ؟

101

مع كل مناسبة وطنية تعرض الفضائيات نفس الأفلام التى تم انتاجها تخليدا لتلك الأحداث، لدرجة أن الجمهور بات يحفظها عن ظهر قلب، بل و يتوقع “الأيدى الناعمة” و”شروق وغروب” فى ذكرى ثورة يوليو، و”الرصاصة لا تزال فى جيبى” أو “بدور” أو “حتى أخر العمر” أو بقية الستة أفلام فقط والتى تم إنتاجها تخليدًا لهذا الإنتصار العظيم.

فيما مناسبات أخرى مثل ذكرى تحرير سيناء أو ثورة 25 يناير لم تجد من يؤرخ لها سينمائيا برؤية محايدة و شفافة. والسؤال الذى يفرض نفسه كل عام هو ما السبب وراء هذا التجاهل لمناسباتنا القومية وبطولاتنا حتى تكون هذه الأفلام تاريخا للأجيال القادمة.
أفلام المناسبات
وهل اكتفى صناع السينما المصرية بتلك الأعمال التى تعد على أصابع اليد، وتتداولها القنوات الفضائية فى أية مناسبات وطنية من دون إنتاج أعمال جديدة ؟ رغم تطور صناعة السينما حالياً وظهور أجيال جديدة من الممثلين والنجوم والمخرجين والمنتجين فى السنوات الأخيرة، وظهور العديد من القنوات الفضائية الخاصة، إلا أن أفلام المناسبات القومية المسجلة فى التاريخ مازالت ثابتة بلا جديد، تتكرر كل عام، وعليه لم تعد تجذب اهتمام المشاهد لكونها محفوظة عن ظهر قلب نظرًا لتكرارها الدائم.
الأفلام التجارية
من جانبه يري الناقد نادر عدلى أنه رغم تطور صناعة السينما عبر السنوات الماضية إلا أن عدد الأفلام التى تتحدث مثلا عن حرب أكتوبر وغيرها من المناسبات القومية قليلة جدا بل إن عددها لا يتجاوز 6 أفلام رغم أن صناعة السينما كبيرة، وكذلك انتصارنا فى أكتوبر خالدا، وحتى على مستوى الدراما التليفزيونية لم يلق هذا العمل قبولا ويتم رصده أو انتاج أعمال لتخليده، وليست حرب اكتوبر فحسب ولكن معظم مناسباتنا القومية يتم تجاهلها سينمائيا، ولم يتم تقديمها بما يتناسب مع عظمتها، ويجب صناعة أكثر من عمل لا يغلب عليه الطابع الاستهلاكى، مشيراً إلى أن السينما الأمريكية مازالت تنتج حتى وقتنا هذا أفلاماً عن الحرب العالمية وبعض الأحداث الخاصة بها وتحقق أرباحاً هائلة وذلك يشترط دعم الدولة وقوة الإنتاج التي يجب تسخيرهما فى خدمة هذه الأعمال لتشجيع النجوم والمنتجين على تقديمها، لافتاً إلى أن سبب قلة عدم إنتاج هذه الأفلام هو التكلفة الكبيرة واتجاهات صناعة السينما للأفلام التجارية والكوميدية وغيرها من الإنتاجات التي لا تحمل الطابع الجدى.
أفلام ثقافية
فيما ترى الناقدة ماجدة خير الله أن توقف إنتاج هذه الأفلام راجع إلى صعوبة الحصول على المعدات الحربية أو توافر أعداد كبيرة لتدريبهم لتحقيق المصداقية وأخذ التصاريح الخاصة بتصوير مثل هذه المشاهد العسكرية أو التاريخية المطلوبة وفقاً لسياق العمل المنفذ نتيجة ظروف الدولة حالياً والفترة السابقة.
وأكدت أن مؤسسات الدولة غير متعاونة لإنتاج تلك الأفلام، مشيرة إلى توقف التليفزيون الرسمي عن إنتاج أية أفلام الفترة الحالية سواء المتعلقة بحدث أو مناسبة معينة وحتى أفلام الأطفال نتيجة الحالة الاقتصادية والميزانية المتراجعة، بعكس فترات سابقة كان التليفزيون المصرى ووزارة الثقافة يساهمان بشكل كبير لإخراج أفلام ثقافية وتاريخية مفيدة للمجتمع.
الذوق العام
ويشير الناقد محمود قاسم، إلى أن تراجع الإنتاج لغياب الإمكانات المادية ودعم الدولة، فإن عدم وعى المواطن بأهمية متابعة تلك الأفلام أدى إلى توقف إنتاجها على زمن معين، مطالبا الدولة بحملات توعية لمثل تلك الأحداث للحفاظ على تاريخ الدولة.
مضيفاً أن الذوق العام للمشاهد تغير فى وقتنا الحالى نتيجة للإمكانات المتوفرة والتى يشاهدها الجمهور من حوله فى السينمات العالمية ويتطلب أعمالا قريبة من ذلك، لكن أفلام المناسبات القومية وقت إنتاجها كانت ناجحة عند طرحها لأن ذوق المجتمع وقتها كان مختلفاً ويتناسب معها. موضحاً أن الذوق العام الحالى يعتمد على أفلام معينة سواء الكوميدية، أو شبابية وتجذب الجمهور ويفضلها عن غيرها، أما الأفلام التى تناقش قضايا تاريخية بحتة وأحداثا قومية فغالبًا ما تفشل، وهو ما يدفع المنتجين للبعد عنها لأنه يسعى للربح أو تعويض التكلفة الإنتاجية على الأقل. واستطرد أنه لو أردنا تجسيد فيلم عن انتصار حرب أكتوبر أو تحرير سيناء فإننا بحاجة إلى تكاليف مادية عالية جدًا ومعدات وطائرات حربية، ودبابات، وملابس عسكرية، يجب أن توفرها مؤسسة القوات المسلحة.
الصورة الكاملة
وأكد فاروق صبرى رئيس غرفة صناعة السينما، أنه يتمنى ظهور أفلام بهذا الشكل مرة أخرى تعيد تشكيل وعى المشاهد، لكن إقبال أى منتج على هذه الأفلام يتطلب التفكير منه خصوصاً فى الوقت الحالى لأنه سيتطلب التنازل عن تحقيق الأرباح المعتاد عليها لأن هذا يرجع إلى أولويات الجمهور وأذواقه والتى من الطبيعي أنها تغيرت كثيراً، رافضاً تحميل الدولة المسئولية كاملة فى عدم إنتاج هذه الأفلام لأنها مرتبطة جميعها بأطراف متشابكة ليست جهة واحدة المسئولة، يجب أن تتغير الصورة الكاملة للمشاهد وتقبله لهذه الأفلام.
دعم السينما
مرة أخرى تتخلى أجهزة الدولة عن مسئوليتها فى مثل هذه الانتاجات رغم أهميتها وإقبال الجمهور على مشاهدتها بالرغم من تكرار عرضها على الشاشات؟ وماهو مصير المشاريع التى سبق وأعلن عنها لتخليد الكثير من المناسبات القومية والوطنية، مثل فيلم عن نصر أكتوبر كان قد تحمس الراحل أسامة أنور عكاشة على تقديمه ورحل قبل أن يتمه ومن ثم يظهر للنور، وغيرها من المشاريع التى تحولت لحبر على ورق؟ والى متى سيظل هذا التجاهل يتواصل عاما تلو الآخر، وأين ميزانيات دعم السينما من أجل مثل هذه الانتاجات المهمة.

التعليقات متوقفه