قبل 25 يومًا على إجرائها.. هل ينجح وزير التعليم فى مواجهة «تسريبات» الثانوية العامة؟

51

بدأ العد التنازلي لانطلاق امتحانات الثانوية العامة والمقرر لها يوم 4 يونيو حتى 24 من ذات الشهر، ويسيطر الخوف والقلق على الطلاب وأولياء الأمور ويترقب كل المهتمين بالعملية التعليمية سير الامتحانات هذا العام، خوفاً من تكرار حدوث ازمة تسريب الامتحانات والغش الإلكتروني كما حدث بالعام الماضي فى معظم المواد بما أخل بمبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب، وتسبب ذلك فى غضب شديد اتجاه وزير التعليم حينها د.الهلالي الشربيني، وأطلق عليه الطلاب وأولياء الأمور «وزير التسريبات» وتصاعدت المطالب بإقالته إلى أنه تم استبعاده من الوزارة فى التعديل الوزاري الذي جري فى فبراير الماضي وتولي خلفاً له د. طارق شوقي وزارة التربية التعليم.. بما يضع بذلك أمام الوزير الحالي مسئولية كبيرة فى ضمان سير العملية الامتحانية بما يحقق الهدوء والاستقرار وكسب التحدي أمام صفحات الغش الإلكتروني وأبرزهم صفحة «شاومينج» و»غشش ثانوية» التى أعلنت عن تحديها للوزارة وتسريب الامتحانات.
استعدادات
وقد أعلنت وزاره التعليم، عن اتخاذها عددًا من الإجراءات من شأنها أن توقف عملية التسريبات والغش الجماعي، ومن ضمن هذه الاستعدادات تولي جهات سيادية طباعة «البوكليت» أو الكراسة الامتحانية ونقلها فى صناديق خاصة على ان يتم فتحها داخل اللجان الامتحانية بحيث تصل الكراسة الى الطالب مغلقة، فضلاً عن وجود أربعة نماذج مختلفة لـ»البوكليت» بما يصعب عملية الغش داخل اللجان.. وحذرت الوزارة من حيازة الطلاب للتليفون المحمول إلا لرئيس اللجنة فقط على ان يتم مسح الطلاب قبل دخولهم اللجنة بالعصا الإلكترونية، فضلا عن أن تغليظ عقوبات الغش والمحدد لها الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على 7 سنوات وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على 200 ألف جنيه لكل من طبع أو نشر أو إذاعة بأى وسيلة لأسئلة وأجوبة الامتحانات.
ضمانات
قال د.شكري سعيد «أستاذ المناهج وطرق التدريس بالمركز القومي للامتحانات» إن تولي جهة سيادية طباعة كراسة الاختبارات يصعب من تداول الأوراق بين أشخاص عاديين ومعرفتها قبل توزيعها على الطلاب، بالإضافة إلى أن وضع كراسة الامتحانات فى صناديق مغلقة وليست مظاريف ورقية كما كان يحدث بالماضي، يعطي طمأنينة وضمانة بعدم تسريب الامتحانات هذا العام.. مضيفاً أن كراسة الاختبارات لا تقل عن 15 صفحة وبالتالي يصعب على الطالب أن يقوم بتصوير ونقل كل هذه الصفحات خاصة ان نماذج «البوكليت» مختلفة وترتيب الأسئلة مختلف بين الطلاب عبر 4 نماذج مختلفة يتم توزيعها.. لافتاً إلى أن هناك وسائل غش بخلاف التليفونات المحمولة مثل سماعة الأذن وكان يجب التشويش على اللجان وقطع الإنترنت من خلال التعاون مع وزارة الاتصالات إلا انها رفضت واعتبرت أن هذا الفعل غير دستوري ومن الممكن ان يتسبب ذلك فى تضرر بعض الجهات الموجودة بالمناطق بمحيط اللجان.
مؤكداً بذلك أن الاختبار يجب ألا يكون اختبار «الفرصة الواحدة» والمعيار الوحيد لقبول الطالب فى الجامعة، وبالتالي يجب ان يكون النظام تراكميًا يشمل مراحل الثانوية العامة (أولي وثانية وثالثة) ثانوي، وأن يكون الامتحان التحريري جزءًا من عملية تقييم الطالب بجانب الأنشطة والبحوث والمشاريع.. «المدخل الحقيقي لتطوير التعليم هو التقويم» هكذا يقول د.مختار أحمد «رئيس قسم علم النفس التربوي بجامعة عين شمس» ويري أن المشكلة لدينا تكمن فى أننا مازلنا أمام قاعدة واحدة للتنافس وهي المجموع، ومازالت قضية الحصول على «درجة» هى الشغل الشاغل لكل طالب وولي أمر فى المرحلة الثانوية، وبالتالي يلجأ الطالب إلى وسائل مشروعة أو غير مشروعة فى تحصيل أكبر عدد من الدرجات لدخول الجامعات والحصول على الأماكن المتاحة.
لافتاً إلى ضرورة الخروج من التعليم النمطي فى المدارس إلى تعليم يتيح للمتعلم حرية اختيار وقت التعلم وكيفية التعلم ومكان التعلم، بالإضافة إلى اتباع أسلوب آخر للتنافس على الأماكن المتاحة بالجامعات يكون أساسه قياس السمات الحقيقية لدي المتعلم وفى هذه الحالة الإمكانيات هى التى تحدد المكان يصلح لمن.
أزمة أخلاقية
ويري د.سيد عبد المقصود «خبير بمعهد التخطيط القومي» أن استمرار ظاهرة الغش يتسبب فى أزمة أخلاقية، وعدم التوعية والنصيحة يجعل الظاهرة تنتشر، والأسرة عليها دور فى توجيه أبنائها والتربية السليمة التى تفيد الطالب والمجتمع الذي ينشأ فيه.. مضيفاً أننا لابد أن نضرب بيد من حديد على الطالب والمعلم وولي الأمر وكل من يمارس ظاهرة الغش، فضلا عن العمل على مواجهة وسائل الغش المختلفة ولعلنا نتذكر انها بدأت باستخدام الميكروفونات وتلقين الإجابة للطلاب أثناء الامتحانات فى محافظات مثل بنى سويف والزقازيق ثم انتشر الغش بوسائل مختلفة وأكثر تقنية.. لافتاً إلى أن تجربة «البوكليت» تحتاج إلى تقييم لمعرفة مدي مكافحتها للغش، والدولة عليها مسئولية حماية المجتمع من أجيال اتخذت الغش سبيلاً للوصول إلى أماكن ومناصب وشغل وظائف ليس لديهم القدرة على الإبداع والاتقان فيها بما يضر بالمجتمع ويعوق تقدمنا.
فكرة جيدة
بينما يري د. هاني الشيخ «أستاذ المناهج وطرق التدريس بالمركز القومي للبحوث التربوية» أن «البوكليت» فكرة جيدة وإحدي وسائل مواجهة الغش، كما أن اتخاذ الاحتياطات الأمنية حول اللجان الامتحانية تحد من ظاهرة الغش.. مضيفاً أن الغش مواجهته صعبة لأنه يكون داخل اللجان بين الطلاب، وبالتالي يؤثر ذلك على مدي قياس قدرات الطلاب ويلغي فكرة تكافؤ الفرص ونتيجة الامتحانات لا تعطي المؤشر الحقيقي لمستوى للطلاب.. لافتاً إلى أن أزمة الغش ستظل قائمة طالما النظرة للامتحانات بهذا الشكل واعتبارها المقياس النهائي لقياس قدرات الطلاب، وبالتالي لابد من تغيير ثقافة المجتمع ونظرته نحو الامتحان والعملية التعليمية، بالإضافة إلى تطوير طريقة التدريس وطريقة قياس قدرات الطالب.
العنصر البشري
ويري طارق نور الدين «معاون سابق لوزير التعليم وناشط تعليمي» أن الوزارة تتبع نفس الأسلوب فيما يخص طباعة الأسئلة ونقلها، وبالتالي إمكانية تسريب الأسئلة واردة هذا العام، فتدخل العنصر البشري فى طباعة ونقل الأسئلة قد يتسبب فى تسريب الامتحانات.
لافتاً الى أن الأساليب «البوليسية» المتمثلة فى استخدام العصا الإلكترونية وقطع النت والحبس وتغليظ العقوبات، لم تقض على الغش نظراً لابتكار الطلاب أفكار حديثة مثل الطالب الذي تم ضبطه بوضع السماعة بين الدروس فى الفم، وبالتالي يبتكر الطلاب كل عام أفكارًا أكثر تعقيداً من الصعب أن تكتشفها مثل هذه الوسائل.. وأفاد نور الدين، أن تطبيق نظام الامتحانات الإلكترونية المشفرة والطباعة اللامركزية داخل كل لجنة بالمحافظات يضمن منع تسريب الامتحانات، مقترحاً اتباع الطباعة «الديجيتال» للامتحانات ووضع رقم الجلوس بوضع مائي على كل ورقة داخل الكراسة الامتحانية.
الحفظ والتلقين
ويؤكد حسن أحمد» نقيب المعلمين المستقلة» أن الغش فى الامتحانات «عرض لمرض» والمشكلة تكمن فى طريقة وضع الامتحانات القائمة على الحفظ والتلقين ولم تقس قدرات الطالب الذهنية وقدرته على البحث كما يطبق فى دول العالم حيث يدخل الطالب الامتحان بـ»التابليت» والكتاب ويقيس الامتحان القدرات ويتضمن شقًا نظريًا وأخر عمليًا.
مضيفاً أن تسريب الامتحانات مستمر منذ سنوات لأصحاب المصالح وذوي النفوذ واللجان الخاصة وكنا نشاهد التوقعات والأسئلة التى تأتى نصية فى الامتحانات، ولكن ما حدث بالعام الماضي كشف هذه الفوضي حيث كان لأول مرة أن يتم تسريب الامتحان لصالح الفقير ويجده الطالب بسهولة على صفحات الإنترنت.
لافتاً إلى أن الطبقات الكادحة والفقيرة أكثر الفئات المتأثرة سلباً من الغش لعدم قدرتها على إدخال أبنائها كليات خاصة إذا لم يتحصل على المجموع الذي يؤهله لدخول كليات حكومية، حيث يتسبب الغش فى ارتفاع المجاميع ومن ثم يرتفع تنسيق الكليات، وبالتالي لابد من تغيير آلية وضع الامتحان ليقيس القدرات وليس الحفظ.

التعليقات متوقفه