ضد التيار: الحل الموفق السعيد

40

قررت الجمعية العمومية لمجلس الدولة السبت الماضي ، أن تسمى اسما واحدا فقط لرئاسة مجلس الدولة هو اسم المستشار يحيي الدكروري النائب الأول لرئيس المجلس ، بدلا من تسمية ثلاثة أسماء يختار منهم رئيس الجمهورية ، كما ينص على ذلك التعديل الأخير على قانون السلطة القضائية .

وفي حين يرى البعض ، أن قرار الجمعية العمومية لمجلس الدولة ، يشكل تحديا للقانون ، رأى آخرون بمن فيهم متحدثون باسم الجمعية العمومية للمجلس ، أنهم عبروا عن آرائهم ، وأن من حق الرئيس أن يمارس سلطته طبقا لنص القانون ، الذي يقضى بأنه في حالة ما إذا رشحت الجمعية العمومية أقل من العدد المطلوب ، أو رشحت شخصا لا تنطبق عليه الشروط ـ وهي أن يكون من بين أقدم سبعة نواب لرئيس الهيئة القضائية ـ يكون لرئيس الجمهورية  الحق في أن يختار واحداً من بين هؤلاء السبعة .

والحل الموفق السعيد الذي يرضى جميع الأطراف ، هو أن يختار الرئيس المستشار يحيي الدكروري لرئاسة مجلس الدولة ، إذ أنه أقدم نواب رئيس المجلس ، ويتصدر قائمة السبعة الذين يجيز القانون للرئيس أن يختار واحداً منهم .

وإذا كان كثيرون قد أبدوا مخاوفهم من أن يؤدي اختيار أحد غيره إلى عدم تعاون مستشاري وأعضاء مجلس الدولة معه ، فقد نفى المتحدث باسم الجمعية العمومية لمجلس الدولة ، هذا الاحتمال مؤكدا أن أعضاءها سيتبعون القانون ويتعاونون مع الذي يتم اختياره ، حتى ولو لم يتوافق مع اختيارهم .

والحقيقة أن مشكلة قانون السلطة القضائية ، هو التوقيت الذي طٌرح فيه ، والطريقة المباغتة التي مربها ، وهو ما دفع البعض لتصور أن الهدف الوحيد منه هو استبعاد المستشار يحيي الدكروري من الاختيار ، بسبب الحكم الذي أصدره بمصرية جزيرتي تيران وصنافير .

في حين يذهب المدافعون عن القانون إلى القول بأنه إصلاح ضروري يصحح عوارا في القانون الذي كان قائما قبل التعديل وبه كانت سلطة رئيس الجمهورية في اختيار الهيئات القضائية مطلقة ، ولأن شرط الأقدمية كان عرفا لم يكن نصا قانونيا ، فضلا عن أن احتمال أن يوجد سبب مادي يحول بين الأقدم و أداء مهمته بكفاءة في رئاسة الهيئة القضائية.

والمشكلة الآن تتطلب أقصى قدر ممكن من الحكمة والبصيرة لإعلاء المصلحة العامة على من يسعون  لتصويرها كصراع إرادات ، وتلك الحكمة تستدعي المواءمة السياسية التي تحول دون أي صدام ما بين سلطات الدولة ، إنطلاقاً من تصورات قد لا تكون صحيحة او الاستغلال القبيح للأمر ، لخلق مناخ أزمة لن يستفيد منه إلا الذين يسعون لهز استقرار الدولة ومؤسساتها في ظرف تواجه فيه البلاد مجموعة من المشاكل المعقدة المعيشية والاقتصادية والأمنية ، وهو ما يحتم على الجميع أن يرتبوا أولوياتهم بشكل صحيح ، ولو فعلوا لإدركوا أن المعركة لا ينبغي أن تكون بين سلطات الدولة ، ولكن بين هذه السلطات متعاونة ، يساندها المواطنون ، وبين الذين يسعون إلى هدم الوطن على رؤوسنا جميعا.

وهذا ما يؤكده مرة أخرى ، أن الحل الموفق السعيد ، هو أن يقترح مستشارو الرئيس عليه أن يختار المستشار الدكروري رئيسا لمجلس الدولة .

 

التعليقات متوقفه