إجلائهم يوم 25 مايو الجارى.. عمال «26 يوليو» يستغيثون: نريد تعويضات عادلة ولن نقف أمام مصلحة البلد
تحقيق: حسن عبد البر
الخوف من المستقبل القريب والذي لا يتبقى عليه سوى أيام يسيطر على أصحاب المحلات بشارع 26 يوليو، والذي يتجاوز عددهم 30 محلاً، بالإضافة إلى سينما على بابا خاصة قبل الخامس والعشرين من الشهر الجاري، والذي حددته الهيئة القومية لمترو الأنفاق موعدًا لإخلاء أماكنهم تمهيداً لهدمها لاستكمال المرحلة الثالثة للخط الثالث لمترو الأنفاق.. لا يعارضون المصلحة العامة ولا الوقوف أمام مشاريع من شأنها التقدم بالوطن خطوات للأمام،على العكس تماماً هم مستعدون لإخلاء أماكنهم شرط أن تعوضهم الهيئة بالمقابل العادل لسعر المتر فى هذه المنطقة كي يستطيعوا البدء من جديد فى مشروعات أخرى، هكذا تحدث أغلبهم لـ»لأهالى».
تطورت الأحداث سريعاً بعد إعلان المهندس طارق أبو الوفا رئيس إدارة التخطيط بالهيئة القومية للأنفاق، بنزع ملكية 30 محلاً فى شارع 26 يوليو ومنطقة بولاق أبو العلا، الواقعة بمحيط المرحلة الثالثة من الخط الثالث لمترو الأنفاق، وذلك بالقوة الجبرية، بعد رفض أصحابها التفاوض، وتعويض أصحاب هذه المحلات بـ20 ألف جنيه للمتر للمالك، و7 آلاف للمستأجر، مع التأكيد على ضرورة تسليم الموقع للمقاول قبل يوم 25 مايو المقبل.
يذكر أن الهيئة القومية للأنفاق أعلنت الأسبوع الماضي عن أماكن نزع الملكية فى القاهرة الكبرى فى مناطق بولاق ووسط البلد والزمالك وشارع 26 يوليو وشارع السودان وذلك لتنفيذ خط المترو الجديد على أن يتم منح الملاك والمستأجرين تعويضات مالية، وأعلنت هيئة المترو عن مزايدة علنية لهدم وبيع انقاض المنشآت والمباني التي سيتم نزع ملكيتها.
وحسب ما أعلنت الهيئة القومية للأنفاق عن مزايدة علنية لهدم وبيع أنقاض المنشآت والمباني والأسوار المتعارضة مع تنفيذ المرحلة الثالثة «3 أ» من الخط الثالث فى مواقع محطات «ماسبيرو – ناصر – الزمالك – الكيت كات»، حيث سيتم نزع ملكية العمارات والمنشأت السكنية والمباني فى هذه المناطق وذلك من أجل بناء خط المترو الجديد.
وسيتم نزع الملكية فيما يخص محطة جمال عبد الناصر، عن طريق هدم دورات مياه بمساحة 2.65 متر بساحة انتظار السيارات بشارع 26 يوليو، أما محطة ماسبيرو بشارع 26 يوليو، فسيتم هدم العقارات رقم (70، 72، 72أ، 74، 76، 78، 80) وتشمل الآتي، مبنى سينما على بابا (أرضي وأول طابق) بمساحة 500 متر مربع، وجراج سيارات (أرضي) بمساحة حوالي 1000متر مربع، مبنى (أرضي وأول) بمساحة 950 متر مربع، مبنى (أرضي وأول) بمساحة 1000 متر مربع، جراج شركة ماسبيرو (أرضي) بمساحة 1300 متر، جراج شركة ماسبيرو بمساحة 850 مترا، جراج «إخوان مقار» بشارع 26 يوليو، مباني ومحلات مختلفة أرضي بمساحة حوالي 720 مترا مربعا.
من جانبه يقول سامي زارع مستأجر لسينما على بابا هو وأخوته أنهم ليسوا ضد المنفعة العامة ولكن لاضرر ولاضرار كما أعلنها الرئيس السيسى فى مؤتمر الشباب، كما أنهم يريدون العدالة فى التعويض، لأن الحكومة تعرض عليهم مبلغ هزيل مقابل سعر المتر يتراوح بين 2000 إلى 3000 آلاف جنيه، متسائلاً هل يعقل هذا المبلغ فى مكان استراتيجي بشارع 26 يوليو الذى يصل فيه المتر لاكثر من 40 ألف جنية؟.
وأكد «زارع» عدم وجود عدالة فى توزيع التعويضات بين المتضررين،لأن الحكومة تمنح سعر المتر للمستأجر للمحلات على واجهة شارع 26 يوليو فى نفس مكان السينما تمامًا 7 آلاف جنيه، وللمالك 20 ألفا، بينما تمنح سعر المتر للسينما 3000 جنية فقط.
انهيار سينما
وأضاف «زارع» أنه حزين أنه يعيش لليوم الذى تنهار سينما تاريخية مثل سينما الكورسال الجديدة الشهيرة بسينما على بابا والتى عرضت بين جدران صالتها أهم وأبرز أفلام الترسو لوحش الشاشة فريد شوقى، مشدداً على عدم وجود دور لوزارة الثقافة من هذا التخريب للتراث السينمائى والحضارى للوطن خاصة أن هناك قرارا صدر فى عهد فاروق حسنى بمنع هدم السينمات من أجل نشر هذه الثقافة، وبهذه الطريقة لا تدعم الدولة.
وأعرب عن استيائه من قرار الحكومة بإعطائهم مهلة فقط حتى يوم 25 مايو للإخلاء، لأنه ليس محل ملابس يستطيع تشوين بضاعته بواسطة سيارة نقل، فالسينما تضم أكبر صالة عرض فى مصر تحتوى على 750 كرسيًا، ومازالت تعمل حتى الآن وتستقبل الزوار، فكيف يتم نقل المعدات والكراسى والماكينات خلال هذا الوقت القصير؟.
ويقول أسامة مجاهد، محامي أصحاب المحال المتضررة من قرار نزع الملكية، إن قرار نزع الملكية يهدد بهدم وإخلاء 30 محلاً يقعوا بشارع 26 يوليو يتنوع نشاطهم بين محلات ملابس، ومقاهي، وبقال، وإن عملية الإزالة ستبدأ من أول سينما على بابا حتى أرض جراج ماسبيرو، مرورًا بميدان الانتخانة وشارع السلطان أبو العلا، موضحاً أن عدد العمال بهذه المحال يصل الى 500 فرد، مما يهدد مستقبل 500 أسرة فى ظل ظروف اقتصادية طاحنة وإلقائهم بالشارع.
ويقول محمد سلطان أحد العاملين فى المحلات المطبق عليها قرار الإزالة ونزع الملكية، إنه لا يعرف مهنة سوى بيع الملابس والتى بدأ فيها منذ 14 سنة، مؤكدًا إنه ليس ضد إنجاز مشروع المترو ولكن يجب مراعاة الدولة لبدائل للعاملين وظروفهم الاجتماعية الصعبة.
وأشار إلى أن قيام الحكومة بالإخلاء المرتقب خلال أيام تخرب بيتوهم بشكل رسمي، خاصة أنهم ينتظرون شهر رمضان باعتباره موسمًا سنويًا يساعد على انتعاش حركة البيع والشراء الراكدة منذ تعويم الجنيه، ولكن بعد تنفيذ قرار الإزالة يصبحون هم وبضاعتهم فى الشارع.
قرار صادم
وأوضح، أن القرار صادم ومخيف، وكأن فجأة أحد يقتحم بيتك ويطالبك بالخروج قبل 25 مايو دون بديل، وأنه أصبح يفكر فى مستقبل بناته الثلاث ونفقات تعليمهن، والذي كان يحلم يومًا بإدخالهن كليتى الطب أوالهندسة، وأصبح يشعر بأن كل أحلامه تنهار أمام أعينه، بعد 18 سنة من العمل، لا يعرف ما هو مصيره.
ويقول إبراهيم محمد مستأجر لمحل من الواقع عليهم قرار الإزالة، إن الهيئة أعلنت تعويضات للملاك والمستأجرين لأصحاب المحال ولم يتحدث أحد عن وضع العمالة بهذه المحلات أو أي تعويضات تخصهم، وأنهم لا يعلمون حقيقة ومصداقية الحكومة فى إنشاء مول تجاري بعد الانتهاء من مشروع المترو فى مدة تترواح بين 3 سنوات.
وتابع، أنهم سوف يحضرون أطفالهم ونساءهم يوم 25 مايو لتراهم الحكومة وتتأكد أنهم يحملون مسئوليات على عاتقهم وأعباء اقتصادية، ورغم كل ذلك تصمم الهيئة على طردهم من العمل بالشارع دون بديل، مضيفاً أن المحل يوجد به بضاعة تتجاوز 400 ألف جنيه، تم شراؤها بشيكات وإيصالات أمانة، أملًا فى انتعاش حركة البيع بشهر رمضان، ولكن هذا تبخر بعد قرار نزع الملكية، لينطبق المثل الشعبي «موت وخراب ديار» ومصير بالسجن لا بديل عنه.
التعليقات متوقفه