خبير جرائم أمن المعلومات الدكتورعادل عامر: الأجهزة الأمنية لديها قوائم كاملة ببعض أسماء الممولين للإرهاب فى مصر

87

حوار: محمد صفاء الدين

ظهور العمليات الإرهابية فى مصر بين الحين والآخر، يجعلنا أمام عدد من الأسئلة المحيرة حول تمويل هذه العمليات التي تستهدف الأمن القومي وتزعزع استقرار الوطن وتقضي على ما تبقي من أمل السياحة إلى مصر.
أجرت «الأهالي» حوارًا مع الدكتور عادل عامر، مستشار تحكيم دولي وخبير فى جرائم أمن المعلومات، لتوضيح أمر تمويلات الجماعات الإرهابية ومن أين تأتي بأموالها وهل لها حسابات مصرفية أم لا، وتطور اقتصاد الجماعات الإرهابية والدول الداعمة لها.

* بداية هل تمتلك الجماعات الإرهابية حسابات مصرفية وكيف تأتي بأموالها؟
** عادة لا تملك الجماعات الإرهابية حسابات مصرفية باسمها بشكل صريح ولكن هناك حالات تفتح فيها هذه الجماعات حسابات مصرفية باسمها أو بأسماء أخري معروفة، وقد تتحدث الجماعات الإرهابية علناً عن ارتباطها بهذه المجموعات فعلي سبيل المثال فإن جبهة العمل الإسلامي فى سوريا و جماعة الإخوان المسلمين فى مصر تعلنان دعمهما لتنظيم القاعدة جهاراً، ويدعون العرب والمسلمين إلى تقديم الدعم المالي للهجمات الانتحارية التي ينفذّها تنظيم القاعدة.
* ما علاقة أمريكا بهذه المجموعات المرتبطة بالجماعات الإرهابية؟
** لم يرد فى اللائحة الأمريكية للإرهاب ذكر أي اسم من هذه المجموعات المرتبطة بالجماعات الإرهابية، ولكن جميعها كانت تحت سيطرة الإدارة الأمريكية بشكل كامل لأنها تستخدمهم فى العديد من العمليات ضد الأنظمة التي تسعى إلى ضرب استقرارها.
* من الدول الداعمة للجماعات الإرهابية؟
** أن أجهزة الأمن لديها رصد كامل لكل مصادر تمويل الإرهاب الداخلية والخارجية، والتي تأتي فى مقدمتها قطر المتورط الأول فى تمويل معظم العمليات الإرهابية فى المنطقة العربية وفى مقدمتها مصر، حيث مولت قطر الجماعات الإرهابية فى سيناء مؤخراً بأكثر من 100 مليون دولار، أي ما يعادل 2 مليار جنيه مصري لضرب أمن واستقرار مصر، واستهداف قوات الجيش والشرطة واستهداف كنائس الأقباط المصريين.
* ما السبب وراء دفع كل هذه الأموال من أجل تمويل الإرهاب؟
** مصر قررت تقديم مذكرة تفصيلية لمجلس الأمن الدولي، باعتباره رئيسا للجنة مكافحة الإرهاب بمجلس الأمن، بأسماء الدول المتورطة فى دعم وتمويل الإرهاب فى مصر، ومن أبرزها قطر وتركيا، مع العلم أن تركيا هي الراعي الرسمي لأكبر منظمة فى العالم متورطة فى دعم الإرهاب فى مصر وسوريا وليبيا، وهي منظمة «يارديم فاكفي» أو «مؤسسة الغوث الإنسانية»، التابعة للتنظيم الدولي للإخوان، والتي تعمل تحت غطاء تقديم المساعدات الإنسانية، رغم أن جميع التقارير الدولية بما فيها تقارير الأمم المتحدة ومجلس الأمن أكدت أن «يارديم فاكفي» لها أنشطة مشبوهة فى دعم الإرهاب وغسيل الأموال.
* هل لدى أجهزة الأمن معلومات كافية بأسماء المتورطين فى تمويل الإرهاب؟
** أجهزة الأمن لديها رصد كامل ببعض أسماء الممولين للإرهاب، ويأتي فى مقدمتهم القيادي السلفى محمد أحمد العدوى شلباية، وهو مصري مقيم فى المملكة العربية السعودية، ويعتبر الممول الرئيسي لجماعة أنصار بيت المقدس فى سيناء، حسب ما جاء فى اعترافات أمير التنظيم محمد على بدوى عفيفي، واسمه الحركي الشيخ محسن، أن «شلبايه» هو المسئول عن تمويلات الجماعة، وأن آخر دفعة وصلت أنصار بيت المقدس منه بلغت 170 ألف دولار، أي ما يقارب 2 مليون جنيه.
* وكيف تدعم تركيا الإرهاب فى مصر؟
** تعد تركيا من أخطر الدول الداعمة للإرهاب فى مصر، من خلال شخص يدعى ياسين القاضي، وهو الصديق الشخصي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وممول التنظيمات الإرهابية فى سيناء بمبلغ 250 مليون جنيه لتنفيذ عملية تفجير كمين كرم القواديس فى سيناء.
* وماذا عن العمليات الإرهابية فى سوريا؟
** هناك خلية كبيرة تقوم بدعم جميع العمليات والجماعات الإرهابية فى سوريا وبعض العمليات الإرهابية فى مصر، يتزعمها الجهادي السلفى المصري عمرو الدماطي، المقيم حاليًا فى سوريا والمتورط فى تمويل جميع العمليات الإرهابية التي تمت فى سيناء مؤخرًا.
* كيف تطور اقتصاد الجماعات الإرهابية لتغطية كل هذه العمليات الإرهابية التي نرها فى مصر وسوريا وليبيا وغيرها؟
** أن اقتصاد الإرهاب تتطور بالفعل من خلال عدد من الأنشطة غير المشروعة الأخرى كتجارة الأسلحة، وغسيل الأموال، وتجارة المخدرات، ولذلك لابد على البرلمانات العربية والدولية سرعة تعديل قوانين البنوك، لمواكبة التطورات المصرفية العالمية، لمحاربة عمليات غسيل الأموال، ونقل أموال الإرهابيين، لأن هناك مصادر متخصصة لدعم وتمويل العمليات والجماعات الإرهابية فى جميع دول الخليج العربي وفى مقدمتها مصر وسوريا وليبيا وهذه المصادر تتلقى تمويلا كبيرا من عدد من عواصم الدول الغربية وفى مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، وإسرائيل.
* هل هناك تمويل ذاتي للجماعات الإرهابية يجعلها تخرج من تحت عباءة الدول الداعمة؟
** الجماعات الإرهابية، تعكف على تمويل نفسها ذاتيًا من خلال إنشاء مشاريع استثمارية قانونية سواء فعلية أو افتراضية موازية وتأتي على هيئة مصارف أو مؤسسات استثمارية فى التحويلات النقدية، وتكون هياكلها المالية بمعزل عن الدول التي تنشط فيها وتحت مسميات أخرى بعيدة عن الشبهة. ويتم استغلال هذه المشاريع الضخمة كغطاء لعمليات مصرفية من فتح حسابات وتحويلات مالية بالإضافة إلى عمليات غسيل الأموال، الأمر الذي يجعل من الصعب تتبع الحركات المالية للعمليات المصرفية بسبب الحماية التي تتمتع بها بمقتضى القوانين التي تضبط العمليات المصرفية. كما تقوم تلك التنظيمات بإنشاء مؤسسات خيرية تتلقى الدعم من قبل الحكومات والمؤسسات والشركات إضافة إلى التبرعات عبر الأفراد ونقلها إما بشكل إلكتروني أو شخصي لتمويل أنشطة الجماعات الإرهابية إما عبر التمويل النقدي أو عبر شراء الأسلحة من أمراء الحرب والأسواق السوداء أو الشركات المصنعة للسلاح تحت غطاء دولي.
* كيف يتم إدارة الأموال وغسيلها من قبل الجماعات المسلحة؟
** إن المجموعات المسلحة تدير العديد من عمليات غسيل الأموال، أحيانًا من داخل دول أوروبية وأحيانًا من دول عربية، ويلعب القطاع الخاص دورًا فى تمويل الإرهاب، فمكاتب الصرافة الخاصة وتحويل الأموال عبر العالم تم استغلالها من قبل الجماعات المسلحة فى تدوير الأموال وغسيلها، بالإضافة إلى تدوير الأموال بواسطة المقايضة بعمليات الاستيراد والتصدير.
* وما الحل من وجهة نظرك فى هذا الأمر؟
** فرض الرقابة الشديدة على الشركات المالية الخاصة ومتابعة أصولها المالية من شأنها أن تعمل على تجفيف مصادر التمويل ومكافحة الإرهاب، لذا من التوصيات فى تجفيف مصادر تمويل القاعدة ومن شابهها هو العمل الاستخباراتي وفرض عقوبات والتعاون مع الشركاء والحلفاء الدوليين وإشراك القطاع الخاص من أجل تحديد الجهات المانحة والممولين والوسطاء المتورطين فى دعم المنظمات الإرهابية، وإيجاد تعاون مشترك دولي فى مراقبة وتعقب الأصول المالية للجماعات المسلحة، لا تقل عن العمليات المسلحة فى مواجهة الإرهاب.
* كيف يتم تجفيف منابع تمويل الجماعات الإرهابية من الخارج؟
** تجفيف منابع التمويل من الخارج أسهل من تجفيفه من الداخل، لأن التمويل الخارجي يأتي عن طريق 3 طرق من أهمها السفارات المتعاونة مع الجامعات الإرهابية، والطريقة الثانية هي التمويل المباشر لهذه الدول وبعض الأشخاص بعينهم من أعضاء الإرهابية أو احد أقاربهم أو شخص بعيد عن الشبهات يحمل هذه الأموال بمقابل مادي وهذه الطريقة تتطلب يقظة من قبل قوات الأمن وجهاز الأموال العامة لتحديد أوجه إنفاق هذه الأموال، وثالث هذه الطرق تأتي عن طريق إرسال تمويل فى صورة بضائع من الخارج دون مقابل مادي للجماعات الإرهابية يتم بيعها وإنفاق أموالها فى تمويل العناصر الإرهابية.
* وماذا عن معاناة السياحة فى ظل العمليات الإرهابية المتعاقبة؟
** السياحة فى مصر تتعرض لضربات موجعة بين الحين والآخر، وهو أمر طبيعي أن يصحب العمليات الإرهابية تأثير على حركة السياحة، سواء أكان هذا التأثير مباشرا أم غير مباشر، لأن أي حادث إرهابي يعد خنجرًا فى قلب الوطن بشكل عام والسياحة بشكل خاص، ولذلك علينا أن ندرك أن تكرار العمليات الإرهابية له تأثيرات سلبية على تدفق حركة السياحة الوافدة، إلى جانب تراجع حجم الاستثمارات المحلية والأجنبية فى القطاع السياحي، مما يؤثر على صناعة السياحة فى المستقبل القريب، ومن ثم يتطلب الأمر وضع خطة استراتيجية شاملة للتنمية السياحية لمواجهة كل الاحتمالات والسلبيات التي تواجه صناعة السياحة، حتى تجد طريقها للتعافى وتجذب المزيد من الاستثمارات العربية والأجنبية، بدلاً من هروبها إلى خارج المنطقة.

التعليقات متوقفه