دول عربية تعرقل الجهد المصرى لحل الأزمة الليبية.. الورقة المصرية لحل الأزمة الليبية على مائدة زيارة ترامب

37

حذرنا من قبل، هنا، من خطر الصديق القريب، فيما يتعلق بإدارة مصر للملف الليبي. لقد تمكنت مصر منذ أواخر العام الماضي، من إعداد ورقة شاملة للوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف الليبية، لكن عدة دول كبرى وأكثر من ذيل لهذه الدول فى المنطقة، بذلت جهودًا من أجل عرقلة هذا الحل.
للأسف، إن من بين الدول التي جرى استخدامها للوقوف ضد المساعي المصرية، دول شقيقة وصديقة ومجاورة لليبيا. وبعض منها سمح على الأقل بانعقاد اجتماعات لأطراف أجنبية على أراضيها، لإفساد محاولات إصلاح ذات البين فى ليبيا.
لقد تبنى عدد من أعضاء لجنة الحوار السياسي التابعة للأمم المتحدة، خارطة الطريق المصرية التي تم التوصل إليها فى القاهرة، بعد العديد من اللقاءات التي نظمتها مصر خلال الفترة الماضية.
وعرضت ثلاث قيادات من الليبيين الورقة المصرية على باقي أعضاء لجنة الحوار الأممية فى اجتماع عقد قبل شهرين فى تونس.
وعلى غير ما كان متوقعا، لم يجد غالبية أعضاء لجنة الحوار أي مانع من العمل على الورقة المصرية باعتبار أنها الورقة المثالية والشاملة لحل الخلافات بين الليبيين بطريقة سلسة وعلى عدة مراحل تنتهي بإجراء انتخابات عامة فى ليبيا فى ربيع العام المقبل.
لكن بعض الأطراف الدولية دخلت على الخط لعرقلة المسيرة المصرية الليبية. وأوعزت لعدد من الأطراف الليبية بإعداد ورقة موازية، ودعوة الليبيين لمناقشتها، فى محاولة لإرباك المشهد. وعقدت بعض هذه اللقاءات غير النزيهة للأسف فى دول عربية من بينها دول مجاورة لليبيا.
ووصلت الورقة الموازية والمعرقلة، إلى أعضاء لجنة الحوار، وردوا على المقترحات التي تضمنتها بأنه لا جديد فيها، وأنها لا تضيف أي شىء ذي شأن للورقة المصرية. وبناء عليه قرر غالبية أعضاء لجنة الحوار استبعاد الورقة الجديدة والإصرار على السير وفقا لرؤية المقترحات المصرية.
ومن هنا بدأت الأطراف التي تسعى لإطالة أمد الأزمة الليبية، فى ممارسة ضغوط على المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا، مارتن كوبلر، لكي لا يدعو لجنة الحوار السياسي الليبية للانعقاد، لأنه، وبكل بساطة، إذا انعقدت ستواصل طرح الورقة المصرية للنقاش وتشكيل لجان العمل للبدء فى تنفيذ ما جاء فيها من بنود وخطوات.
ويحسب للفريق محمود حجازي، رئيس أركان الجيش المصري، والمكلف بالملف الليبي، أنه تمكن خلال شهور قليلة من جمع غالبية الأطراف المتصارعة فى ليبيا، للتحدث صراحة ووجها لوجه لأول مرة، من أجل الوصول إلى حل.
ووفقا لشهادات من أطراف فى لجنة الحوار السياسي الأممية، شاركت فى لقاءات “لجنة حجازي”، فقد جاءت الروية المصرية أساسًا من مقترحات الخصوم الليبيين، ومن الحلول الوسط التي جرى فى النهاية تدبيجها فى ورقة تشبه خريطة الطريق.
وبمجرد خروج الورقة المصرية إلى النور قبل عدة أشهر، بدأ نشاط محموم من جانب بريطانيا وألمانيا وفرنسا وقطر وتركيا وتونس والجزائر، فى محاولات مستميتة لتعطيل مسار خارطة الطريق المصرية بشأن ليبيا.
وجاء دخول دولة الإمارات العربية المتحدة على الخط، أخيرًا، كمحاولة لتعضيد الجهود المصرية لتقريب وجهات النظر بين الليبيين. وحتى لو لم يتم التطرق إلى الورقة المصرية فى لقاء قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر ورئيس المجلس الرئاسي فايز السراج، فى أبو ظبي، إلا أن هذا المسار فى حد ذاته يعد خطوة لمساندة الجهود المصرية، واصطفافًا إماراتيًا مع مصر، فى مواجهة من يسعون إلى تخريب مساعي الصلح والتوافق.
ما العمل إذن؟
يلوح فى الأفق اتجاه أمريكي جديد فيما يتعلق بليبيا، قد يساعد فى تعضيد الموقف المصري والرؤية المصرية. فالهدف هو تحقيق الاستقرار فى هذا البلد الغني بالنفط والمطل على البحر المتوسط والذي يعد مدخلاً مهما لأفريقيا.
صحيح أنه توجد ملفات كثيرة عن ليبيا أعدتها إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، الموالي للتيارات الإسلامية المتطرفة، لكن الإدارة الجديدة بقيادة دونالد ترامب، يبدو أنها تريد أن تبدأ العمل من جديد بطريقة مختلفة، وبالتالي هي تقوم فى الوقت الراهن، بإعادة لجمع المعلومات وتقييم الموقف، قبل اتخاذ أي توجه بشأن الملف الليبي.
وإذا ما حدث تفاهم قوي بين الإدارة الأمريكية والشركاء العرب والمسلمين الذين سيحضرون “القمة العربية الإسلامية الأمريكية” التي ستعقد فى السعودية يوم الأحد المقبل، بحضور ترامب، فإن الأمور قد تتغير إلى الأفضل، ليس لصالح ليبيا ومصر فقط، ولكن لعموم المنطقة.

عبدالستار حتيتة

التعليقات متوقفه