ضد التيار: فلسطين الغائبة فى قمة الرياض

67

برغم أن  البيان الختامى للقمة العربية الإسلامية الأمريكية  فى الرياض  تعهد  ببناء شراكة بين دوله والولايات المتحدة لمواجهة التطرف والإرهاب وتحقيق الاستقرار والسلام والتنمية الإقليمية والمستدامة، وبالتنسيق الوثيق بين دوله لتعزيز تلك الشراكة فى المجالات التنموية، لتحسين المستوى المعيشى لشعوبها، وتوفير بيئة مستقرة ومزدهرة تذلل العوائق أمام الشباب للمساهمة فى التنمية وتحصنه ضد الأفكار المتطرفة وتحديد التدابير التى تمكن من ذلك، بالرغم من ذلك،إلا أن الجانب الأعظم من البيان ركزعلى الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب والتطرف، والتصدى لجذوره الفكرية، وتجفيف مصادر تمويله، ومواجهة المفاهيم المغلوطة عن الإسلام، ونشر الخطاب الفكرى المتوافق مع وسطيته واعتداله. وفى  هذا السياق تم الإعلان عن اتفاق الدول المشاركة على تفعيل القرارات الدولية الخاصة بمكافحة الإرهاب، وتطوير المؤسسات الوطنية والإقليمية والدولية للقيام بذلك،وفتح باب التوقيع على اتفاقية تعاون لمكافحة وتمويل الإرهاب، تتضمن إنشاء مركز مقره الرياض يستهدف مراقبة مصادر تمويل له.
حديث البيان عن الإرهاب أشاد بالدول العربية والإسلامية المشاركة فى التحالف الدولي ضد داعش، وأشار إلى استعداد عدد منها للمشاركة فى التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب بتكوين قوة عسكرية قوامها 34 ألف جندي للتصدي لإرهاب داعش فى العراق وسوريا، وأجل البيان للعام القادم الإعلان عن تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي لتحقيق ما سماه السلم والأمن فى المنطقة والعالم وتحديد الدول المشاركة فيه، وهو التحالف الذي يستهدف فيما يبدو ضم إسرائيل إليه.
خلا بيان الرياض من أي ذكر للقضية الفلسطينية، وتحدث بكلام عام عن التوصل إلى تسوية سياسية للصراعات دون تحديدها، لكنه عدل عن قاعدة التسوية السياسية حين أكد رفضه لممارسات إيران التي تزعزع الأمن والاستقرار فى المنطقة والعالم، ولتدخلاتها فى الشئون الداخلية للدول وعزم قادة الدول على التصدي لمواجهة النشاط التخريبي والهدام لها، وإدانتهم لبرنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، فيما بدا أن التجمعات العسكرية والتحالفات الإقليمية، هي فقط لمواجهة إيران، وهو أمر كان يمكن أن يصبح مفهوماً، لو أدرجت إسرائيل فى سياق تلك المواجهة، لكن الأرجح أن إسرائيل غدت جزءًا من تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي المزمع إعلانه عام 2018، والتي تصبح فيه إيران هي العدو.
وحدهما الرئيس السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله ذكرا نحو 55 من قادة الدول العربية والإسلامية أن مكافحة الإرهاب والنجاح فى القضاء عليه لن تنجح كما قال الرئيس السيسي، إلا من خلال تسوية القضية الفلسطينية بحل عادل وشامل ونهائي على أساس مبدأ الدولتين ومرجعيات الشرعية الدولية، وهو ما ينطوي على هدم أحد الأسانيد التي يعتمد عليها الإرهاب لتبرير جرائمه.
فيما أكد الملك عبد الله أن القضية الجوهرية فى المنطقة هي القضية الفلسطينية، وأن التوصل لحل شامل وعادل لها، يقوم على حل الدولتين ومبادرة السلام العربية من شأنه أن يحقق السلام للجميع، وأن للمجتمع الدولي مصلحة مباشرة فى إنجاز هذا الحل الذي شكل غيابه شيوع الظلم والإحباط والتطرف.
غابت فلسطين عن البيان الختامي لقمة الرياض، لكن الموقف الثابت والمبدئي للسياسة المصرية، أوجدها فى قاعاته وكلماته وتعليقاته، جنباً إلى جنب مع وضع رؤية متكاملة للتصدي لظاهرة الإرهاب بملاحقة منصات التمويل والتسليح والدعم السياسي والفكري والإيديولوجي ووسائل الإعلام التي ارتضت أن تتحول لأبواق دعائية للتنظيمات الإرهابية.
لم تكن إيران فى خطاب الزعيمين العربيين هي العدو والخطر الأوحد، بل غياب الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية هو مصدر الخطر الأول والصمت على من يقدمون الدعم والتمويل المالي والغطاء السياسي والدعائي والإعلامي للارهاب، وما ينطوي عليه ذلك من استفحال لظاهرة الإرهاب التي تسعى كما قال الرئيس السيسي بحق لهدم الدولة الوطنية وتحطيم مؤسساتها.
لذلك ولغيره بدت مصر فى قمة الرياض مرفوعة الرأس، محددة الهدف، موفورة الكرامة رغم كل المزاعم والترهات.

التعليقات متوقفه