لقطات: المركزى يقتل الناس و يخنق الاقتصاد

75

فام البنك المركزى يوم الأحد الماضى (21مايو) برفع سعر الفائدة 200 نقطة أساس بحيث يصل سعر الإئتمان و الخصم إلى 17.25% بهدف تخفيض التضخم بحيث يصل إلى 13% فى المدى المتوسط. و معلوم أن المركزى كان قد رفع سعر الفائدة 300 نقطة أساس فى نوفمبر 2016 لامتصاص السيولة و تخفيض التضخم، لكن العكس هو الذى حدث بعد ذلك. و أعتقد أن رفع سعر الفائدة فى الظروف الحالية للاقتصاد المصرى ستكون أضراره أكبر من فوائده. فمعظم السيولة تم امتصاصها بفعل رفع سعر الفائدة فى نوفمبر 2016. و الرفع الأخير للفائدة سيؤثر سلبا على الإنتاج والإستثمار و الموازنة العامة للدولة. و كل هذا سيؤدى إلى خنق الاقتصاد.
و قد قلت فى مقال سابق أن خبراء صندوق النقد الدولى غرروا بنا و ضللونا، وقالوا إن التعويم هو الحل. و فى المقابل قلنا إن التعويم ليس هو الحل وقدمنا البديل الذى نراه أكثر ملاءمة لحالة مصر. و سبق أن أشرت إلى تصريح منشور للسيد كريس جارفيس فى يناير الماضى بأن معدلات تدهور سعر الجنيه فاقت تنبؤات خبراء الصندوق. و بمناسبة وصول بعثة الصندوق فى أبريل الماضى لعمل المراجعة الأولى لتنفيذ إتفاق القرض، طالبت بإعادة النظر فى بعض بنود الاتفاق بين مصر والصندوق فى ضوء نتائج تنفيذه فى الواقع. و جاءت البعثة، وقامت بعمل المراجعة، وامتدحت الحكومة والبنك المركزى على التنفيذ الجيد للاتفاق. و اتفقت بعثة الصندوق مع رأى البنك المركزى فى ضرورة اتخاذ إجراءات لتخفيض معدل التضخم بعد أن ارتفع إلى 33% نتيجة الإجراءات التى تم تطبيقها تنفيذا للاتقاق مع الصندوق.
البنك المركزى يرقص على إيقاع صندوق النقد الدولى. فخبراء الصندوق هم الذين اقترحوا رفع سعر الفائدة لتخفيض التضخم. و سارع المركزى بالاستجابة دون دراسة أو تفكير، تماما كما حدث بالنسبة لتعويم الجنيه! فقد أعلن جهاد عازور رئيس قسم آسيا الوسطى و الشرق الأوسط فى الصندوق (و هو المنطقة التى تتبعها مصر) أن على الحكومة المصرية محاربة التضخم الجامح، و أن الوسيلة الفعالة هى رفع سعر الفائدة. و قد كرر كريس جارفيس نفس الكلام مؤخرا. ولم تمض إلا أيام وإذ بالبنك المركزى ينفذ طلبات الصندوق. و ليذهب إقتصاد مصر و شعب مصر إلى الجحيم- جحيم الغلاء و الكساد!
لنأخذ كمثال تأثير رفع سعر الفائدة على الموازنة العامة. أرقام وزارة المالية تقول ن الدين الداخلى بلغ 3.4 تريليون جنيه مصرى و الدين الخارجى و صل 67 ملياردولار، و أن مدفوعات فوائد الدين فى مشروع موازنة 2017/18 بلغت 380 مليار جنيه مقابل 340 مليار جنيه لبند الأجور. و بناء عليه، فكل زيادة فى سعر الفائدة بمقدار نقطة مئوية تؤدى إلى زيادة مدفوعات الفوائد بمبلغ 34 مليار جنيه. إذن قرار المركزى الأخير برفع الفائدة نقطتين يعنى زيادة مدفوعات الفوائد بمبلغ 68 مليار جنيه. فكيف ستدبر وزارة المالية هذا المبلغ؟ غالبا بمزيج من الاقتراض الداخلى و الخارجى. يعنى زيادة السيولة و زيادة الدين. عكس المطلوب تماما. أضف إلى ذلك أن رفع سعر الفائدة سوف يرفع تكلفة الإنتاج و الاستثمار و بالتالى يزيد من شدة الركود. المستفيد الوحيد من رفع سعر الفائدة هم حملة أوراق الدين العام سواء من المصريين أو الأجانب. فأَىٌّ حساب إقتصادى وسياسى هذا؟!.

التعليقات متوقفه