لليسار در: ثلاث «قمم» لمحاربة إيران !
أنهى الرئيس الامريكي «دونالد ترامب» يوم الاثنين الماضي «أمس الأول» زيارة استغرقت يومين للمملكة العربية السعودية، وهي أول دولة أجنبية يزورها منذ وصوله إلى البيت الأبيض بادئاً جولة تشمل إسرائيل (بيت لحم) والفاتيكان «حيث أزور أقدس الأماكن فى الأديان الإبراهيمية الثلاثة» حسب قوله، ثم يسافر إلى بروكسل وصقلية للمشاركة فى اجتماعات حلف شمال الاطلنطي «الناتو» وقمة مجموعة الدول الصناعية السبع.
وقبل ساعات من توجه «ترامب» للعاصمة السعودية «الرياض» قال ترامب على صحفته فى تويتر «استعد لجولتي الخارجية الكبرى، للعمل على حماية المصالح الأمريكية بقوة».
وقال «ريكس تيلرسون» وزير الخارجية الأمريكي «تؤثر دولة الرئيس دونالد ترامب إلى عودة الدور القيادي الأمريكي فى المنطقة».
وأضاف مستشار الأمن القومي «إتشي. ار. مكماستر»، أن البيت الأبيض حدد ثلاثة أهداف لجولة ترامب وقممه فى السعودية، وهي.. إعادة التأكيد على الدور القيادي للولايات المتحدة على الساحة الدولية، وبناء علاقات مع زعماء عالميين، وتوجيه رسالة وحدة لأصدقاء امريكا وأتباع ثلاث من أكبر الديانات فى العالم.
بينما اعتبر «سلمان الانصاري» رئيس لجنة العلاقات العامة السعودية الأمريكية «سابراك» أن القمة العربية الإسلامية الأمريكية «تحمل رسالة واضحة للنظام الإيراني» المتشدد مفادها أنه سيكون هناك تفاهم كامل واتفاق شامل بين الولايات المتحدة والعالمين العربي والإسلامي بشأن التعامل معها.
ويرى «إندرياس كريج» الباحث فى مجال الدفاع فى كلية كينفر بلندن أن الملك سلمان يسعى من جانبه للاستعانة بالولايات المتحدة لتشكيل «تحالف إسلامي» بقيادة السعودية ضد الفكر المتطرف وضد إيران فى نفس الوقت و» القمة جزء من استراتيجية أمريكية لدفع العالم الإسلامي إلى التحرك ضد المتطرفين السنة فى تنظيم «داعش» وضد الجماعات المسلحة الشيعية المدعومة من إيران، وعلى رأسها «حزب الله اللبناني « ويقول « مصطفى العاني» من مركز الخليج للأبحاث «إن هذه الاستراتيجية قد تترجم بإجراءات على الأرض، وبمساهمات مالية سخية من الدول النفطية، مقابل مشاركات عسكرية وتبادل للمعلومات الاستخبارية».
ومن الواضح أن العداء لإيران واستهدافها احتل أولوية فى أهداف هذه الجولة لترامب، فقد أفرد مساحة كبيرة فى خطابه أمام القمة العربية الإسلامية الأمريكية للهجوم على النظام الإيراني قائلا.. «من لبنان إلى العراق إلى اليمن، تقوم إيران بتمويل وتسليح وتدريب الإرهابيين والميليشيات والجماعات المتطرفة الأخرى التي تنشر الدمار والفوضى فى المنطقة على مدى عقود غزت إيران حرائق الصراع الطائفى والارهاب، إنها حكومة تتحدث صراحة عن القتل الجماعي، فتتعهد بتدمير إسرائيل والموت لأمريكا، والخراب لكثير من القادة والأمم فى هذه القاعة».
وتضيف مصادر أمريكية شاركت فى التحضير لهذه الزيارة.. إن هذه الزيارة جرى الإعداد لها بشكل محدد لدحض الانطباعات التي تولدت فى فترة سابقة عن عداء ترامب للمسلمين، وذلك بعد بعض تصرفاته المثيرة للعالم الإسلامي، مثل المرسوم التنفيذي بحظر دخول مواطنين من عدد من الدول الإسلامية للولايات المتحدة.
وطبقا لمصادر فى البيت الأبيض، فقد راهنت إدارة ترامب على هذه الجولة الخارجية لتحويل إنتباه الرأي العام الأمريكي بعيدا عن الجدل الداخلي وتوجهه صوب سياسته الخارجية، فى ظل المشاكل التي تواجهها إدارته، بسبب عزل ترامب لمدير مكتب التحقيقات الاتحادي «إف بي أي» جيمس كومي، والمزاعم أنه ضغط عليه لوقف التحقيق فى أمر مستشار الامن القومى السابق مايكمل فلين وتعيين مستشار خاص للتحقيق فى مزاعم عن تدخل روسيا فى انتخابات الرئاسة الأمريكية فى 2016 واحتمال ارتباطها بحملة ترامب الانتخابية.
وعقد «ترامب» خلال هذين اليومين ثلاث قمم إذا جاز التعبير.
* الأولى قمة سعودية أمريكية شملت سلسلة من الاجتماعات الثنائية بين الملك سلمان، والرئيس ترامب، لتعزيز العلاقات بين البلدين والتنسيق فى مواجهة الإرهاب.
* الثانية قمة أمريكية مع رؤساء دول مجلس التعاون الخليجي لمناقشة التهديدات التي تواجه الأمن والاستقرار فى المنطقة، والعمل على بناء علاقات تجارية بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي.
* قمة عربية إسلامية أمريكية مع ما يقرب من 55 من قادة وممثلي هذه الدول، لبحث سبل بناء شراكات أمنية أكثر قوة وفعالية من أجل مكافحة ومنع التهديدات الدولية المتزايدة بسبب الإرهاب والتطرف.
والتقى ترامب خلال وجوده فى السعودية بملك البحرين وأمير قطر ورئيس مصر وأمير الكويت ونائب رئيس وزراء عمان.
ورغم أن الرئيس عبد الفتاح السيسي لم يحظ باهتمام خاص فى هذه القمة تتفق مع مكانة مصر ودورها المفترض عربيا وإقليميا ودوليا، إلا أن كلمته أمام القمة العربية الاسلامية الأمريكية جاءت مميزة ومختلفة عن كل ما قيل من المتحدثين أمام القمة، فإضافة إلى الوضوح فى الموقف والتركيز على القضايا الجوهرية، فلم يشارك السيسي فى كلمته فى الهجوم على إيران واعتبارها العدو، مشيرا بوضوح إلى القضية الفلسطينية، ومؤكدا أنه يستحيل مواجهة الإرهاب بدون تسوية شاملة وعدالة لقضية الشعب الفلسطيني، قائلا.. ودعوني أصارحكم أن جهودنا فى مكافحة الإرهاب والقضاء عليه لا يمكن أن يكتب لها النجاح وتصبح واقعا ملموسا.. إلا من خلال تسوية القضية الفلسطينية عن طريق حل عادل وشامل ونهائي، على أساس مبدأ حل الدولتين ومرجعيات الشرعية الدولية ذات الصلة، بما يوفر واقعا جديدا لكل شعوب المنطقة، تنعم فيه بالازدهار والسلام والأمان، فضلا عن هدم أحد الأسانيد التي يعتمد عليها الإرهاب فى تبرير جرائمه البشعة.
ولفت النظر فى كلمة السيسي تأكيده على أن مواجهة خطر الإرهاب واستئصاله من جذوره،” تتطلب إلى جانب الإجراءات الأمنية والعسكرية، مقاربة شاملة تتضمن الأبعاد السياسية والأيديولوجية والتنموية ” وإشارته إلى أهمية تكريس مسيرة الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والوفاء بمعايير الحكم الرشيد واحترام حقوق الإنسان، وترسيخ مفاهيم دولة القانون والمواطنة واحترام المرأة وتمكين الشباب “، فأغلب الدول العربية والإسلامية، بمن فيهم مصر تنتهك الحريات العامة ومبادئ حقوق الإنسان بحجة مواجهة الإرهاب !
وللأسف فقد تجاهلت القمة القضية الفلسطينية بما فى ذلك إضراب الأسرى الفلسطينيين عن الطعام فى السجون الإسرائيلية، وتجاهلت قضية الحريات العامة وحقوق الإنسان.
التعليقات متوقفه