سفر الحماقة.. فى الطريق إلى البرازيل

122

قبلت العرض دون أدنى تردد، حاولت جاهدة أن أقطع على الأستاذة « أنهار قٌرة « جمل الاعتذار وشرح مبررات تأخره ولما فشلت التزمت الصمت حتى أنهت الكلام بالتأكيد على أن ثلاثة أيام فى دربان بجنوب إفريقيا تستحق أي تعب وأنني لن أندم أبدا إن وافقت، طبعا أوافق، ومع أنني لا أعرف أين تقع سفارة جنوب افريقيا داخل حي المعادي إلا أنني طمأنتها، وإن شاء الله أحصل على التأشيرة وأسافر فى الموعد المطلوب، وقد كان، وإن لزمت الإشارة إلى بعض مكملات الصورة.
أولاً، أنني كنت من الذين يفرحون لمجرد سماع صوتها على الطرف الآخر من التليفون، لأن ذلك يعني أنها تريد أن تكلفني بشئ مهم وهذا أمر لاشك يسٌر لأنها « أنهار قٌرة « المترجمة القديرة والمديرة المصدقة لأولى أكبر شركة للترجمة فى مصر أنشأتها مع أربع من زميلاتها من نفس الجيل والكفاءة، وقد أصابوا فى اختيارها هي بالذات لتولي الإدارة، ولقد تكفلت بإنجاح الشركة طوال رياستها لها، وهي مثل فى الإدارة كما هي قدوة فى اعتناق العمل سبيلاً للنجاة، ومع تركها لإدارة الشركة، ورغم التقلبات الصحية الملازمة للتقدم فى العمر، فقد واجهت كل مقلب صحي بكل شجاعة واقتدار هو من نوع كفاءتها كمترجمة تشبثت بالعمل بنفس مستوى الكفاءة حتى رحيلها بعد أن تجاوزت الثمانين.
ثانيا : أن القدرية الحاكمة لمعظم قراراتي حفزتني على القبول، وكيف لا، ستكون هذه أولى أسفاري إلى جنوب إفريقيا وسنرى كيف يتجلي لعب الأقدار..
لم نغادر مقصورة الترجمة العربية.
حين رفعوا الجلسة، كان عندنا كلام كثير بسبب تأخرى يومين عن بداية الاجتماعات، وكانت الزميلتان دعاء درويش، وأماني راشد قد أبلغتاني أن رئيستنا فى هذا الاجتماع الأستاذة سميرة عبد السيد تحضر اجتماعاً جانبيا مع ممثلة شركة السياحة المسئولة عن ترتيب تذاكر السفر والمسئولة عن تعطيل وصول تذكرتي فى نفس موعد وصول بقية أعضاء فريق الترجمة الفورية. وصلنا صوت ضحكة سميرة عبد السيد المجلجلة فأندفعنا لنلقاها خارج المقصورة « شئ غريب جداً، عمرنا ماسمعنا عن خطأ من هذا النوع « تواصل الضحك وهي تعانفني وتقول « شوفى يامرفت.. كانوا حطين اسمك على تذكرة جاية من البرازيل هاهاها».
اختلطت ضحكاتنا بالصياح والتهليل، ولم يفتني مع تكرار اسم البرازيل أن أذكر بأن المجئ من البرازيل يقتضي الذهاب أولا.. من يدري.. هل هو فال طيب !!.
كان يوم العمل الأول بالنسبة لي هو الثالث بين أيام الاجتماع الخمسة، أما اليومان الرابع والخامس فهما للاجتماع الوزاري بما يعني القاء كل وزير لكلمته التي عادة ما تكون طويلة أو معقدة بسبب تداخل التفاصيل أو تباين درجة وضوح الألفاظ والأهم هو تجاوز الساعات المقررة لليوم، والمقصود أن فرصتنا الوحيدة لأي نزهة أو تسوق تنحصر فيما يتبقى من نهار اليوم، ولقد فعلنا.. تولت الأستاذة سميرة عبد السيد قيادة من يرغب فى شراء الحلي ولها فيها من الذوق والخبرة ما يضاهي خبرتها فى تذوق الفنون واللغات، بما أهلها لمكانة ظلت لها وحدها بين المصريين الذين يترجمون من اللغتين الفرنسية والعربية إلى اللغة الإنجليزية.. أما العزيزة خديجة برادة فبفضل ما سبق لها من حضور مؤتمرات فى جنوب افريقيا فهي المبادرة بالنصح فى كل ما يتصل بالخامات والوان الأقمشة وكذلك الاصرار على تقديم القروض لمن هو فى مثل موقفى المرتبك بفعل ظروف تذكرة السفر، تلك التي اعتبرناها مقلبا وإذ بها تأخذنا عبر المحيط، ولا أقصد هنا المحيط الهندي الذي تطل عليه دربانه، من الجهة الشرقية لجنوب افريقيا، لا إطلاقا، الإشارة هنا إلى المحيط الأطلنطي الذي تطل عليه الجهة الغربية من جنوب افريقيا، التي ذهبنا إليها فى سياق مؤتمر وزراء الإسكان الذي انعقد أوائل فبراير 2005 ولم يأت شهر ابريل من نفس العام إلا وقد أٌبلغنا، أنا ودعاء وأماني، أننا ضمن فريق الترجمة المصري المشارك فى قمة امريكا اللاتينية والعرب فى الفترة من 11 13 مايو 2005 بالبرازيل وبالتحديد فى العاصمة برازيليا.
اتصور أن كل ما سبق كان مقدمة واجبة قبل عبور المحيط الأطلنطي فى الطريق إلى برازيليا، ويلزم قبل إنهاء هذه التقدمة أن أنوه إلى أننا كنا خمسة وعشرين مترجما ومترجمة من مصر خلاف من أتوا من بلدان أخرى، وكانت بيننا واحدة انفصلت عن زوجها بالطلاق قبل سنوات عديدة، لكنه لما سمع أنها ستسافر إلى البرازيل أرسل لها،» ممكن ترديني علشان أسافر معك إلى البرازيل «..!

مرفت رجب

التعليقات متوقفه