ماذا حدث فى مؤتمر العمل الدولى بجنيف؟!.. مصر على «القائمة السوداء» فى الحقوق النقابية.. فماذا بعد؟!

126

فى هذا الأسبوع أصدرت لجنة المعايير بمنظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة قرارها النهائي بإدراج سياسة الحكومة فى مصر على القائمة القصيرة،المعروفة إعلاميا بالقائمة السوداء فى الحقوق والحريات العمالية،ضمن 24 دولة أخرى..حدث ذلك بعد مناقشات،واجتماعات عامة وخاصة خلال الدورة رقم 106 لمؤتمر العمل الدولي فى قصر الأمم فى الفترة 5-16 يونيو 2017،حيث تناول ما يقرب عن 4 آلاف ممثل عن العمال وأصحاب العمل والحكومات من الدول الأعضاء الـ 187 فى منظمة العمل الدولية طيفاً واسعاً من القضايا الاخرى الخاصة بالمناخ وعلاقته بعالم العمل،وايضا اوضاع العمال العرب فى الاراضي العربية المحتلة.
وفى كلمته لمواجهة “اللجنة الدولية” وقرارها أبدى وزير القوى العاملة رئيس وفد مصر الرسمي محمد سعفان اندهاشه من وضع مصر على “القائمة”،وقال إن مصر حريصة على التعاون مع منظمة العمل الدولية،وهي طريقها لاصدار التشريعات العمالية المتسقة مع الاتفاقيات الدولية التي وقعنا عليها.. ثم تحدث “محمد وهب الله” رئيس فريق العمال والامين العام للإتحاد العام لنقابات عمال مصر ووكيل لجنة القوى العاملة فى البرلمان،وقال إنه يوجد تعاون كامل بين “الاتحاد العام ” و النقابات المستقلة، وأنه فى الأشهر الأخيرة عقدنا عدة اجتماعات مشتركة بين الاتحاد وممثلين عن الاتحادات والنقابات المستقلة. ثم تحدث عن رجال الأعمال عبدالستارعشرة الذى أعلن أنه ضد تفتيت النقابات وقال:”مش ممكن الموضوع يتساب كده”.بعد ذلك تحدث مندوبو ألمانيا وإيطاليا والاتحاد الدولى للنقل الذين أدانوا ما سموه الانتهاكات التى ترتكبها الحكومة المصرية بحق العمال المصريين.و تحدثت “ثريا بالأحرش” مندوبة الكونفيدرالية الديمقراطية للشغل بالمغرب، التى دافعت فى كلمتها عن حق العمال المصريين فى تكوين نقاباتهم بحرية، وعن حقهم فى التعبير.بعدها جاء الدور على “رحمة رفعت” منسقة البرامج بدار الخدمات النقابية والعمالية والتي قدمت تقريرا خطيرا عن تجاوزات ضد العمل وملف العمل..ويرى خبراء ان إدراج مصر على القائمة القصيرة يهدد الاستثمارات الأجنبية،ويضع مصر فى موقف دولي صعب،ويفرض على الحكومة سرعة اصدار التشريعات واجراء الانتخابات العمالية ومواجهة مشاكل العمال فى مواقع العمل،لدعم الإنتاج،والتقدم الاقتصادي،وحجز مقعد فى تلك المنظمة الدولة بعد أن فشلت “الحكومة” فى الحصول على اي منصب فى مجلس إدارة المنظمة الدولية مثلما حدث مع بلدان كالمغرب والبحرين وتونس والعراق وغيرها… إلى التفاصيل )
نص القرار!
فى تقريرها النهائي أعربت لجنة المعايير الدولية عن خيبة أملها لوجود تفاوت كبير ولمدة طويلة بين الأوضاع القانونية والاتفاقية 87،الخاصة بالحقوق والحريات العمالية..كما أعربت اللجنة عن خيبة أملها ايضا بسبب إخفاق الحكومة المصرية فى توفير مشروع قانون العمل ومشروع قانون المنظمات النقابية للجنة. وتأمل “اللجنة” أن يأتي قانون المنظمات النقابية متسقا مع أحكام الاتفاقية على الأخص فيما يتعلق بعدم جعل تنظيم نقابي واحد ظاهرة مؤسسية.كما تأمل اللجنة أن تقوم الحكومة بتوفير نسخ من مشاريع القوانين، وأن تقوم الحكومة بضمان أن تتمتع كلف المنظمات النقابية بالحق فى ممارسة جميع أنشطتها وانتخاب ممثليها دون معوقات قانونية أو واقعية.وتدعو اللجنة الحكومة المصرية إلى قبول بعثة اتصال مباشر من منظمة العمل الدولية لتقييم الجهد المبذول فيما يتعلق بهذه المستخلصات وتقديم تقرير مفصل بذلك الى اللجنة فى دور انعقادها القادم فى شهر نوفمبر 2017.
اعترضت حكومة مصر ممثلة فى “وزارة العمل” جملةً وتفصيلا، على ما ورد فى الاستنتاجات التي أعلنتها لجنة تطبيق المعايير الدولية المنبثقة من الدورة 106 لمؤتمر العمل الدولي فى ختام أعمالها،عن حالة مصر بشأن تطبيق الاتفاقية الدولية رقم 87 لسنة 1948 بشأن الحرية النقابية وحماية حق التنظيم والتي صدقت عليها مصر منذ عام 1957.وجاء الاعتراض من جانب، محمد سعفان وزير القوي العاملة رئيس وفد مصر بالمؤتمر، فضلا عن محمد وهب الله الأمين العام لاتحاد نقابات عمال مصر رئيس وفد فريق العمال، وبحضور السفير عمرو رمضان مندوب مصر الدائم لدي الأمم المتحدة،فى أثناء قراءة رئيس لجنة الاستنتاجات الذي أصر على النطق بها، مما حذا بـ “سعفان” و”وهب الله” التأكيد أمام ممثلي 187 دولة الأعضاء، أن هذه الاستنتاجات مبنية على كلام مرسل وغير حقيقي.”
رفض قاطع
وأعلن وزير القوي العاملة، رفض حكومة مصر رفضاً قاطعاً لهذا الاستنتاج، والذي يؤكد استهداف مصر ووضعها على القائمة القصيرة للرد على بعض الملاحظات الخاصة بتطبيق الاتفاقية رقم 87 لسنة 1948 دون أسباب موضوعية تتسم بالشفافية.وأشار إلى أن الحكومة تستشعر بوجود نوع من الاستهداف والكيدية لأسباب تخرج تماما عن اختصاصات لجنة المعايير ولتحقيق أهداف سياسية أخرى،.
انتصار؟!
وفى اول رد فعل لاتحاد عمال مصر الديمقراطي المستقل الذي قدم الشكاوى الى المنظمة الدولية قال ان ما حدث هو انتصار ساحق للحركة النقابية المستقلة.. وانسحاب مهين للوفد الرسمي فى مؤتمر العمل الدولي..وقال فى بيان له ممهور بتوقيع سعد شعبان رئيس الاتحاد وامينه العام هاني عفيفى انه بعد صدور القرار النهائي من منظمة العمل الدولية والخاص بالحالة المصرية ووضع الحريات النقابية بها ثبت فشل أسلوب “الفهلوة” التي حاولت الحكومة المصرية ممثلة فى وزير القوى العاملة أتباعه مدعية أن ذلك سينجو بها من مصير القائمة السوداء..وقال البيان ان ماحدث يؤكد كذب ادعاءات وزير القوى العاملة بالوصول إلى توافق مع المنظمة وإرسال مشاريع القوانين إليها ومناقشتها مع ممثلي المنظمة،وهو ما يشير إلى ضرورة الاعتراف الحكومي بالإتحادات والنقابات المستقلة..وهو ما أدى إلى انسحاب الوفد المصري من محفل دولي بهذا الحجم فى مشهد اقل ما يقال عنه انه هزيمة منكرة،وفضح لأساليب اللف والدوران التي اعتادت حكومتنا على أتباعه.. وأن اتحاد عمال مصر الديمقراطي إذ يؤكد على أسفه الشديد لتلك الفضيحة الدولية التي سببها لنا الوفد الرسمي المشارك فى فعاليات مؤتمر العمل الدولي رقم 106 بانسحابه المهين، يتقدم بالتهنئة الخالصة للحركة النقابية المستقلة المناضلة على هذا الاعتراف الدولي كمعبر حقيقي وصادق عن هموم وأوجاع عمال مصر.
الأسباب!
وكانت كلمة “رحمة رفعت” منسقة البرامج بدار الخدمات النقابية والعمالية هي الفيصل فى تقيم الوضع النقابي والعمالي فى مصر فى ذلك المحفل الدولي الكبير فى كلمتها أمام لجنة “المعايير ” قالت بالنص : “لدينا قلق شديد بشأن مشروع قانون النقابات العمالية الذي تقترحه الحكومة، حيث إنه يقمع الحق فى حرية التنظيم وينتهك العديد من بنود الاتفاقية رقم 87.وعلى الرغم من تعليقات الحكومة، ما زالت هناك مشاكل جوهرية لم يتم تناولها بعد، وأعني هنا كون القانون المقترح يفرض نموذجا للنقابات العمالية مطابقا لنموذج الاتحاد العام للنقابات العمالية الرسمي؛ إذ أن التوحيد المفروض على الحركة النقابية من خلال تدخل الدولة بواسطة وسائل قانونية يتناقض مع المبادئ التي تتضمنها المادتين 2 و11 من الاتفاقية رقم 87.”
وقالت “رحمة ” إن المحكمة الدستورية قد اعتبرت أن مسودة القانون تلك غير دستورية بمقتضى الحكم رقم 120 لسنة 30 قضائية، وكذلك الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا رقم 12089 لسنة 69 قضائية،و إن حرية تكوين النقابات مبدأ دستوري وأن قضاء المحكمة الدستورية استقر على كفالة حق الناس فى تكوين نقابتها دون تدخل، لهذا فإن مشروع القانون يخالف الدستور فيما يتضمنه من مساس بهذا الحق، وهو ما انعكس مرات متعددة فى الأحكام الصادرة عنها. وقالت انه لا يجب تقليص هذا الحق بأي طريقة كانت من خلال تدخل الحكومة أو أجهزتها التنفيذية، وهو ما يعني الحق فى تأسيس النقابات والانضمام إليها أو الانسحاب منها، وكذلك حق النقابات فى تطوير لوائحها الداخلية دون تدخل حكومي.
واضافت “رحمة” انه بينما تتغاضى الحكومة عن حكم المحكمة واجب النفاذ، فإنها تستند إلى الرأي الاستشاري لمجلس الدولة الصادر من قسمي الفتوى والتشريع بتاريخ 21 ديسمبر 2016 الذي يذهب إلى “عدم مشروعية قيام وزارة القوى العاملة والهجرة بتلقي وإيداع أوراق النقابات المستقلة” مما يعد تعديا على حكم المحكمة السابق ذكره، فمنذ صدورها، تم استعمال هذه الفتوى بطريقة واسعة للهجوم على النقابات المستقلة والنيل منها، وأذكر هنا حالة المذكرة التي أصدرتها هيئة الضرائب العقارية بتاريخ 25 مايو 2017 والتي تنطبق على 17 محافظة من محافظات مصر وتقضي بالتوقف عن تحصيل اشتراكات المنضمين إلى النقابات المستقلة والتي كان يتم تحصيلها من رواتب العاملين مباشرة لصالح نقابتهم، مثل هذا الإجراء يحد من نشاطهم وينتهك حقهم فى إدارة نقابتهم بطريقة حرة.
حالات انتهاكات
وقالت “رحمة” للجنة الدولية :”دعوني اشير لكم أيضا عن حالات الانتهاكات المتعددة التي تتم عمليا ضد حرية التنظيم فى ظل الاتفاقية رقم 87.فخلال الستة شهور الأخيرة، تم ملاحقة القيادات العمالية التي تطالب بالحقوق المشروعة للعمال، فمنذ بداية عام 2017، تم اقتياد ما يزيد على 70 قيادة عمالية ونقابية أمام المحاكم، وظل بعضهم حبيسا وراء القضبان لشهور طويلة، كما تم فصل عشرات النقابيين من أعمالهم بوتائر لم نشهدها من قبل. وقالت :”ألفت هنا انتباه اللجنة إلى حالات الاتحاد العام للعاملين فى الضرائب العقارية، والاتحاد العام للعاملين فى الشركة المصرية للاتصالات، واتحاد العاملين بالتموين الذين تلقوا خطابات مباغتة من الأقسام التي يعملون فيها تطالبهم بوقف أنشطتهم وإخلاء مقار نقاباتهم، كما توقفت هيئة النقل العام من تحصيل اشتراكات العاملين، وقامت الهيئة العامة لتعليم الكبار بنقل رئيس النقابة المستقلة للعاملين بالهيئة وكذلك أحد أعضاء مكتبها التنفيذي كما أوقفت جميع الأنشطة النقابية.
واضافت “رحمة رفعت” :”نذكر أيضا أن القضايا ضد عمال هيئة النقل العام، وإفكو، والترسانة البحرية بالإسكندرية ما زالت قائمة إضافة إلى القبض على القيادات العمالية بالشركة المصرية للاتصالات والتحقيق معهم لمدة يومين قبل الإفراج عنهم تحت ذمة قضية جديدة.وفى 23 مايو 2017، قامت قوات الأمن باقتحام وقفة سلمية لعمال شركة أسمنت طرة، وقبضت على 32 عاملا بتهمة التحريض على الإضراب؛ وقد تم مؤخرا الحكم على هؤلاء العمال بثلاث سنوات سجن لمجرد ممارستهم حقهم المشروع فى الإضراب”.. وقالت انه بسبب تلك الممارسات، فقد مئات العمال مصدر رزقهم الوحيد فى الحياة لأنهم مارسوا حقوقهم الديمقراطية المشروعة بينما تنتفى عنهم الحماية القانونية على أساس عدم مشروعية نقاباتهم بمقتضى القانون رقم 35 لعام 1976.
تعليق للحكومة
وخلال المناقشات داخل “اللجنة الدولية” علق وزير القوي العاملة محمد سعفان، على بعض النقاط فى مداخلة نائب الرئيس عن العمال بلجنة المعايير، عن مشروع قانون النقابات العمالية، ويشكك فى ما قالته مصر، فى هذا الخصوص.أعلن الوزير أمام اللجنة رفض مصر لفظ التشكيك، مؤكدا أن هناك مجموعة كبيرة من الإجراءات والأعمال قامت بها مصر بمعرفة وعلم منظمة العمل الدولية ومتابعة مشروع قانون المنظمات النقابية أولا بأول. وقال فيما يتعلق بالملاحظات التي أبداها نائب رئيس العمال، فإنه يتحدث عن قانون النقابات الحالي رقم 35 لسنة 1976 أو النسخة غير النهائية فى مشروع القانون، مشيرا إلى أن القانون الحالي تم تعديله تعديلا شاملا واطلعت المنظمة على ذلك، حيث إن القانون كان عليه اعتراضات كثيرة من المنظمة.. وأوضح “سعفان” أن الدولة المصرية منذ عام 2011 وهي فى أحداث العالم كله يعلمها وتحققت الاستحقاقات تباعا وأن الإجراء الذي تم فى مصر كان بعد الهدوء الذي تم فى منتصف 2013 فكانت الانتخابات الرئاسية والدستور ثم مجلس النواب وهو المنوط به مناقشة القوانين.
وقال : يبقى لى نقطة واحدة للرد على ممثل العمال بدولة ايطاليا، إن ما ذكر يعتبر جريمة جنائية ليس مجال الحديث عنه هنا ولكن طالما طرحت من جانب الممثل الايطالي فيجب الرد عليها لأن هناك إجراءات لا يعلمها ممثل ايطاليا ويجب أن يعلمها، مشيرا إلى أن الجميع يقدر أن النفس البشرية مصونة ومصاب ايطاليا بهذا الشاب الجميع ينعيه، ويجب عدم المساس بالنفس البشرية آيا كانت جنسيتها.أما الإجراءات بين النائب العام المصري والنائب العام الايطالي مستمرة حتى كان هناك لقاء فى 17 مايو الماضي التقيا للتنسيق فيما بينهم ضمن وفد من المحققين القضائيين من روما.. وأشار إلى أن لدينا مواطنا مصريا يدعى باهر صبحي قتل فى ايطاليا لم نتحدث عنه لأن هناك تحقيقات وتنسيق بين الجانب المصري والإيطالي ما زال مستمرا فى هذا الشأن، كما أن هناك مصريين قتلوا فى أماكن أخرى لن اتحدث عنها لأن هذا أمر جنائي وليس مجال الحديث عنه منظمة العمل الدولية والنقاش فيه يكون بين حكومتين والنائب العام المصري والنائب العام فى أي دول أخرى.

التعليقات متوقفه