مظلومية قبطية فى غير محلها

133

فى وطن مأزوم يمر بمصاعب و متاعب عديدة تطل الطائفية بوجهها القبيح ويصبح الاحتماء بالطائفة هو الملجأ والملاذ. فى وطن ينزع العدالة الاجتماعية عن كل مواطنيه ويفتقد أبناؤه المساواة و تكافؤ الفرص تكبر بسرعة الأحداث البسيطة وتتحول الى كرات لهب تذرع بذور الكراهية والشقاق بين أبناء الوطن الواحد. لذلك انتشرت وبسرعة فائقة على مواقع التواصل الاجتماعي ادعاءات بالتعصب والاضطهاد للطالبة مارينا جورج لعدم اتصال وزير التعليم بها لتهنئتها ضمن أوائل الثانوية العامة لحصولها على المركز الثاني ادبى.
وانطلقت بعض الجروبات الدينية تكيل الاتهامات لوزير التعليم بانه “داعشى وهابى” لأنه تجاهل الاتصال بمارينا وأسرتها. وانضمت قنوات دينية مسيحية للعزف على أوتار الطائفية والانعزال بالاقباط الأوائل والاحتفاء بهم والاحتفال معهم بعيداً عن زملائهم بتجاهل الأوائل من الطلاب المسلمين وأسرهم. بل تدخل المتحدث الرسمى للكنيسة القس بولس حليم ليشيد ويبارك تفوق الطلاب الأقباط كأنهم ليسوا من نسيج هذا الوطن أو لإعطاء الصبغة الدينية على التفوق باعتبارهم “أقباطًا” متناسيًا انهم أولاً وأخيرًا “مصريين”.. وأن تدخلة يضر ولا ينفع، يفرق ولا يجمع. واقعة بسيطة “الوزير لم يتصل بمارينا “ التقطتها بسرعة أياد كثيرة من مواقع وجروبات وقنوات دون سابق ترتيب لتتحول لكرة لهب مما يعكس بلا شك حالة من التربص ورغبة كامنة فى استغلال أحداث عادية لينفجر مخزون الإحساس بالغربة والشعور بالتفرقة. كما أنه يعنى بلا جدال تنامى الشعور بالاضطهاد لدرجة ان تصرف عادى أو غير مقصود من الوزير ربما يكون لأسباب أخرى يصبح بغير حق دليلاً دامغا على ممارسة الاضطهاد. هذه هى سمات الوطن المأزوم و ملامح المجتمع الذى يعانى من شظف العيش ولهيب أزمات اقتصادية طاحنة. غير أن هذا لا ينفى ابدا مسئولية الأقباط عن تضخم وتنامى المشاعر السلبية تجاه الآخرين. عند أى موقف عادى أو عابر يحمل تفرقة أو تمييزًا أو أجحافُا بالحقوق أو سطوًا على فرصة عمل أو ظلمًا.. يسرع الأقباط بالادعاء انه بسبب الدين وأنه اضطهاد. فى حين أن ذات نفس المواقف المشينة والتى أصبحت “عادية ومألوفة “ لأن الوطن مأزوم تحدث أيضا مع شركاء الوطن من المسلمين. الفرق أن المواطن القبطى بدلا من البحث والتفكير فى أسباب ما يتعرض له من ظلم والذى يرجع بالأساس لغياب العدالة الاجتماعية وافتقاد المساواة يريح نفسه ويرتكن إلى تفسير عاطفى بأن ما يتعرض له لأنه “قبطى”. لقد تبين بعض الضجة على الوزير انه لم يتمكن من الاتصال بغالبية الأوائل لسبب بسيط أن عددهم على مستوى الجمهورية حوالى 50 طالبًا تقريبًا. ومن الصعب الاتصال بهم جميعاً. وتواصل مكتب الوزير مع مارينا وأسرتها للتهنئة والترتيب لحفل التكريم. ثم خرجت والدة مارينا لتعرب عن شعورها بالحرج والأسف مما تم ترويجه دون داع وبغير حق. تعالوا معا نتمسك و نسعى لتحقيق العدالة للجميع والمساواة لكل أبناء الوطن.. عندئذ تختفى براثن الطائفية وتنطفئ كرات اللهب.

التعليقات متوقفه