لليسار در: رئيس جديد للجمهورية

102

 

سيواجه الرافضون للسياسات التي طبقها الرئيس السيسي خلال السنوات التي انقضت منذ توليه منصب رئيس الجمهورية ، وبالتالي الراغبون في التصويت خلال الانتخابات الرئاسية العام القادم (2018) في الفترة من 7 فبراير إلى 7 يونيو2018 ـ لرئيس آخر وبرنامج جديد ، صعوبات بالغة .

فمن ناحية لا يمكن أن يعاودوا التصويت شبه الإجماعي لصالح الرئيس عبد الفتاح السيسي ، الذي منحوه (94ر96%) من أصواتهم ، تقديرا منهم لدوره والمجلس الأعلى للقوات المسلحة في حماية الدولة الوطنية ، وإسقاط حكم الاخوان بعد أن اكتوى الشعب المصري بنارهم ، وأجمع على رفض استمرارهم في السلطة ورفع شعار ” تسقط .. تسقط دولة المرشد ” وطالبت بتأسيس دولة مدنية ديمقراطية حديثة.

فرغم أن الدستور الذي صاغته لجنة الخمسين برئاسة عمرو موسى ” أكد  تأسيس دولة مدنية ديمقراطية حديثة ، وأقام توازنا بين السلطات الثلاثة ، وحدد العلاقة بين رئيس الجمهورية ومؤسسات الدولة ، كافة بما يضمن عدم عودة الدكتاتورية ، ونص على العدالة الاجتماعية مفصلا حقوق الطبقات المختلفة طبقا لمفهوم هذه ” العدالة الاجتماعية ” .. الخ فقد تجاهل الرئيس وأجهزة الدولة الدستور الذي قال عنه الرئيس أنه ” كتب بحسن نية ” ، وحولوه إلى حبر على ورق بعدم إصدار القوانين التي تحول مواد وبنود الدستور إلى تشريعات واجبة النفاذ ، فلم يصدر من 54 قانونا ( جديد أو معدل لقوانين قائمة إلا قانونين !).

وجاءت السياسات الاقتصادية والاجتماعية استمرارا لنفس السياسات التي طبقت في مصر منذ عام 1974 ، والتزمت بروشته صندوق النقد والبنك الدوليين ، والتي أدت إلى تراجع التنمية بعد تخلي الدولة عن دورها في الاستثمار وتوفير الخدمات الأساسية ، وتركت السوق نهباً للاحتكارات الرأسمالية ، مما أدى لتراجع التنمية وموجات متتالية للتضخم وارتفاع الأسعار وانضمام شرائح طبقية جديدة للفقراء ، وارتفاع نسب البطالة وشيوع الفساد .. وكانت أحد أهم أسباب ثورة 25 يناير2011.

وبدا انحياز الحكم للطبقات والفئات الغنية ، فجرى تخفيض الحد الأعلى لضريبة الدخل من (25%) إلى (5ر22%) بدلا من رفعها لتقترب من ضرائب الدخل في الدول الرأسمالية والتي تتراوح بين (35%) و(65%) . وتم تأجيل تحصيل الضريبة على أرباح البورصة لمدة خمس سنوات ( على مرتين ) ، وتوالت القرارات الحكومية التي رفعت أسعار كل السلع والخدمات ، وآخرها قرار تعويم الجنيه وبالتالي تخفيض قيمته أمام العملات الأجنبية ( ارتفع سعر الدولار من 8ر8 جنيه قبل التعويم إلى حوالي 18 جنيها حاليا ) وبالتالي تخفيض القيمة الحقيقية للأجور والمرتبات وارتفاعات متوالية للأسعار ، ثم خفض دعم البنزين (92و80) والسولار والذي أدى إلى موجة جديدة من انفجار الأسعار ، وتراكم الغضب الشعبي بصورة تنذر بالانفجار في أي وقت .

واستمر العمل بقانون التظاهر ومحاكمة العشرات من شباب الثورة والحكم عليهم بالسجن سنوات طويلة ، وتعرض النشطاء لعمليات قبض واعتقال وخضوع المدنيين لمحاكمات أمام القضاء العسكري ، رغم تجريم ذلك في الدستور ، وملاحقة المنظمات الحقوقية المستقلة ، وإصدار قانون للمؤسسات والجمعيات الأهلية ، حول الجمعيات الأهلية إلى إدارات تابعة وخاضعة للأمن ، ويغتال بدم بارد المجتمع المدني فى تناقض صارخ مع الدستور والاتفافات والعهود الدولية والبروتوكولات الدولية التي صدقت عليها مصر .

وأصدر الرئيس قانونا لمكافحة الإرهاب وآخر خاص بالكيانات الإرهابية ، تضمن مواد تمس حرية الرأي والتعبير ، وتعطي الشرطة سلطات غير مسبوقة ، وتؤكد هذه القوانين تغول الدولة البوليسية في مصر .

في ضوء هذه الحقائق فمن الطبيعي أن يتجه قطاع من الناخبين ( كبر أم صغر) لمنح أصوات لمرشح آخر غير الرئيس الحالي .

وفي ضوء الأسماء التي تردد إعلاميا عزمها على الترشح لمنصب رئيس الجمهورية في العام القادم ، تتضح الصعوبات التي يواجهها الناخب ، فحتى الآن طرحت عشرة أسماء :

محمد أنور السادات ، والفريق أحمد شفيق ، والفريق سامي عنان ،مصطفى حجازى ، وهيثم الحريري ،وطارق العوضي ، وعبد المنعم أبو الفتوح ، ود. هشام جنينة، وخالد علي ، وعصام حجي .

ومع الاحترام لهم جميعا وتقدير بعض الأدوار المهمة التي قام بها بعضهم ، فباستثناء ” محمد أنور السادات والفريق أحمد شفيق ” فلا ينتمي أي منهم لحزب سياسي موجود على الساحة المصرية ، ولم ترشح الأحزاب السياسية أيا من أعضائها البارزين لمنصب رئيس الجمهورية نتيجة ضعفها وما تعرضت له من حملات أمنية وسياسية وحصار مالي ، ورغم أهمية هذه الشخصيات العامة ، فلا يستطيع أحد الزعم أنه شخصية قومية له وجود سياسي وجماهيري.

ويحتاج أي مرشح لرئاسة الجمهورية لمبلغ 25 مليون جنيه على الأقل ـ ذلك إذا التزم بالقانون ولم يلجأ لتجاوزه بطرق ملتوية لخوض المعركة الانتخابية ، وفي حدود المعلومات المتاحة لا يملك غالبية ـ أن يكونوا جميعا ـ مثل هذا المبلغ لإنفاقه في المعركة الانتخابية الرئاسية ، التي تحتاج أكثر من هذا المبلغ بكثير .

وقد يكون الحل في إجماع الأحزاب الوطنية التي لديها قدر من التواجد والامكانيات على التقدم بمرشح واحد باسمها جميعا تدعمه سياسيا وجماهيريا وماليا.

أو تتفق أحزاب اليسار والوسط على مرشح ، وتتفق أحزاب اليمين ـ باستثناء طبعا المؤيدين لانتخاب السيسي لمدة ثانية ـ على مرشح تدعمه وتنافس به في هذه المعركة الصعبة.

التعليقات متوقفه