لقطات: إصلاح التعليم أخطر القضايا
إذا أردت بناء دولة قوية، فلا سبيل إلا العلم و المال، أى المعرفة و الاقتصاد. وهذا ما أثبتته تجارب دول مثل كوريا الجنوبية و ماليزيا التى كانت نامية و ارتقت و أصبح اقتصادها متينا نتيجة اهتمامها بالتعليم. من هنا تابعت باهتمام شديد خلال الأيام القليلة الماضية تطورات تحمل تباشير الاهتمام بالعلم فى بلدنا الحبيب. أقصد بذلك قيام وزير التربية و التعليم و التعليم الفنى بإعلان مشروعه لتطوير التعليم. كما أقصد أيضا ترتيب احتفال بعيد العلم يوم الأحد الماضى الموافق 6 أغسطس بحضور رئيس الجمهورية. و أبدأ فى لقطة اليوم بالموضوع الأخطر، و هو موضوع إصلاح التعليم. و سوف أعود إلى موضوع عيد العلم فى لقطة قادمة. و بناء على ما جاء فى المؤتمر الصحفى للوزير المسئول عن التعليم قبل العالى الدكتور طارق شوقى يتكون الإصلاح من عدة عناصر نورد أهمها.
(1) اعتبار الصف السادس الابتدائى سنة نقل عادية وليست شهادة. (2) اعتبار إمتحانات الميد تيرم (تعبير الوزير!) لصفوف النقل إمتحانات دورية ولا يمنح الطالب درجة عليها. (3) تطبيق نظام جديد للثانوية العامة بدءًا من العام الدراسى 2018/2019. (4) إدراج مادة القيم والأخلاق والمواطنة في السنوات الثلاث الأولى من المرحلة الإبتدائية من خلال إعداد ثلاثة كتيبات تركزعلى قيم الحب والتسامح والتعاون وقبول اﻵخر والسلام مع النفس والعمل والمواعيد والوﻻء والانتماء. (5) تصميم نظام تعليمى مبتكر قائم على الجودة والمنافسة مع إعادة النظر فى كافة عناصر التعليم بدءا من الدستور والقوانين المنظمة إلى إعداد المعلمين و بناء المناهج والتقويم و اقتصاديات التعليم وجودة التعليم. (6) الدروس الخصوصية في إطار تشريعي. (7) حذف الزيادات في مناهج العام المقبل بنسبة 40 %. تلك فى رأينا أهم عناصر الإصلاح طبقا لتصريحات الوزير. و لنا الملاحظات الآتية.
أولا: إن وضع إصلاح التعليم على جدول أعمال المجتمع خطوة إيجابية. المشكلة صعبة و القضية معقدة، لكن يستحق الوزير كل التحية والدعم و المساندة. ثانيا: إن إصلاح التعليم قضية المجتمع كله، و لذلك لا بد من صيغة تضمن إشتراك كل الأطراف ذات العلاقة: الحكومة و المدرسين و خبراء التربية و التعليم و الأحزاب و مجلس النواب. فالإصلاح المنشود أكبر و أخطر من أن تنفرد به وزارة واحدة أو حتى حكومة بأكملها. إنه مشروع قومى بامتياز. ثالثا: إن المدرسة كمؤسسة للتربية والتعليم قد اختفت. و ما لم يتضمن الإصلاح عودة المدرسة لأداء دورها، فسوف تكون النتيجة محدودة. رابعًا: إن قضية محو الأمية غابت تمامًا من الحديث الجارى عن إصلاح التعليم. و هذا خطأ ينبغى تداركه، خصوصًا فى ظل نص دستورى (م 25) يلزم الدولة بوضع خطة شاملة للقضاء على الأمية الهجائية والرقمية بين المواطنين فى جميع الأعمار، و وضع آليات تنفيذها بمشاركة مؤسسات المجتمع المدنى، وذلك وفق خطة زمنية محددة.
أخيرًا، لنا ملاحظة خاصة بتصريح الوزير أن العام الدراسى الجديد هو آخر عام للتعريب بالنسبة لمدارس اللغات. فهل يعرف سيادته أنه بذلك يخالف الدستور الذى ينص (م 24) على أن اللغة العربية، والتربية الدينية، والتاريخ الوطنى بكل مراحله، مواد أساسية فى التعليم قبل الجامعى، الحكومى والخاص؟ أدعو سيادة الوزير إلى مراجعة قراره هذا، و إلى استبدال ألفاظ مثل البوكليت و الميدتيرم بمرادفات من لغتنا الجميلة. و كلى أمل فى استجابة سيادته، لأنه إذا ضاعت لغة القوم ضاعوا!
حكمة اليوم: بالعلم والمال يبني الناس مُلكَهُمُو …. لم يُبْنَ مُلكٌ على جهلٍ وإِقلالِ
(أمير الشعراء أحمد شوقى)
التعليقات متوقفه