المخلص للعلم الحافظ للنشيد

70

.. والطيبُ من تعرّى من نجاسة الجهل والفسق وقبائح الأعمال وتحلّى بالعلم والإيمان ومحاسن الأعمال.. لكن أكثر الإخوان لا يعلمون، جهلهم نورون والعلم ظلام، فليمدهم الله فى طغيانهم يعمهون.
معلوم عن محمد مهدى عاكف مرشد الإخوان الأسبق (شفاه الله وعافاه) أنه «ابن نكتة»، وعندما سأله المرحوم «محمود فوزى» على فضائية المحور: من ألد أعداء الإخوان؟!. أجاب والقافية تحكم: رفعت السعيد وولده حمدى رزق، وضحك ساخراً باعتبار ما فاه به لماما نكتة، عادة ما كان عصام العريان يضحك مجاملة للمرشد!.
عاكف لم يكن يهزل، جمعنى بتاع «طز فى مصر» فى ربطة واحدة مع أشرس المفكرين المصريين العاملين على فضح الفكرة الإخوانية عبر قراءة تفكيكية للأساطير المؤسسة للجماعة الإرهابية، كاشفاً وجه مؤسسها القبيح، معرياً تناقضات مرشديها مع الثوابت الوطنية، مسجلاً عليهم خيانة «الجماعة العجوز» لمعارك الأمة المصرية طوال تاريخها.
شماتة زعران الإخوان والتابعين من قطاع الطرق إلى الجنة فى رحيل الدكتور رفعت السعيد ليست مستغربة، ولا حتى باتت مستهجنة منهم، صارت طقسا رديئا يهب علينا بهبوبه كلما كان الفقد عزيزا وغاليا، سِلو جماعتهم، إذا لم يشمتوا فى رحيل السعيد ففى مِن يشمتون وهو من هو، الرجل الذى كشف سوءاتهم، وعرّى عوراتهم، وضبطهم بالجرم المشهود فى حق مصر والمصريين.
إن كان فى أرضك مات رفعت السعيد.. فيه ألف غيره بيتولد.. وإذا كان قد ترجل الفارس بعد أن أدى الأمانة.. فيه ألف غيره لايزال مرابطا على ثغور الوطن، يخوض غمار معركة الوطنية المصرية فى مواجهة هذه الجماعة العقور التى لا تعرف لها وطنا، ولا تحدّها حدود، ولا ترعوى لميثاق غليظ.
الإخوان اليوم فى عيد لرحيل رفعت السعيد، مصنف فى الشّعب والكتائب والسرايا والأسر بأنه عدو الإخوان الأول الذى لم يصمت عنهم يوماً، ولم يهادنهم يوماً، ولا عصر على نفسه ليموناً، ولا أكل من أيديهم زيتوناً، ولا عجن على خميرتهم، ولم يأكل من خبزتهم، الإخوان لا يشيع فيهم فضل العيش والملح، ولا يرعوون لقدسية الأخوة الوطنية.
السعيد الذى قيل فى مناقبيته ما شهد به ألد أعدائه كونه وطنياً جسوراً مخلصاً للعلم حافظاً للنشيد، لم يمارِ قط فى حق اعتقده، «الإخوان ملهمش أمان»، ولم يوالس السلفيين، وشد لحاهم كاشفا عن وجوههم البغيضة، ولم يُعرّض مع المعرضين فى «فيرمونت».
السعيد دنيا وآخرة إن شاء الله، لم يحج إلى مكتب الإرشاد، ولم يخلع نعليه على عتبة الباب العالى فى الملك الصالح، ولم يستجب لدعوات المرشد بالجلوس تحت قدميه مقبلا يديه، السعيد عبد من عباد الله الطيبين، تعرّى من نجاسة الجهل والفسق وقبائح الأعمال، وتحلّى بالعلم والإيمان ومحاسن الأعمال، ومحاسن أعماله ترويها ألسنة الرفاق.
السعيد رحل وهو يخشى على مصر من الإخوان، ويرى أن العدو كامن جوه البلد، ولما ركب الإخوان ظهر الوطن لم يرتحل سياسيا، ولم يتنح ويتجنب الطريق الواعر إلى المقطم خشية، وفى زمن كان الانبطاح أمام المرشد طقسا حزينا كان يصرخ فى البرارى يحشد الصف لمعركة 30 يونيو، كان من المرابطين.
وتاريخيا، وإن اختلف معه البعض سياسيا وحزبيا، حجز لحزب التجمع صفحة معتبرة فى التاريخ المصرى، شرفة تشرف اليسار يطل منها على الوطن، ويذب عن وجهه الصبوح خفافيش الظلام، ويهش قطعان الرأسمالية المتوحشة عن لقمة الفقير مغموسة فى عرق العافية.. تخيل حتى لقاء ربه نفر ممسوس من الإخوان لا يصدقون رحيله، سيظهر السعيد كالشبح ساخرا من مرشدهم يؤرق لياليهم السوداء.

حمدى رزق

التعليقات متوقفه