المضــــــــــــــــــاد للتــأسلــــــــــــم

90

كان بحث السعيد عن تسمية جديدة لظاهرة توظيف الدين فى السياسة، تكتسب بها إمكانات إضافية وآفاقا أخرى، حين عالق سيميائية الدال اللغوي بسيميائية المدلول الفكري، كي يكسب مصطلحه »التأسلم« تلقائية توليدية، تجد برهانها فى قدرتها على المواجهة المرتجلة مع وضعيات متجددة دوما.
ولأن السعيد وجد فى جماعة الإخوان المسلمين النموذج الأبرز للتأسلم، واعتبارا من أنها لا تحمل فى شقوق خطابها محض رؤية دعوية، فيما لعب دورا جوهريا فى ميادين الفعل والتنظيم والسياسة، حين زاولت جماعته وعلى طول مسيرتها ممارسة الإرهاب، فقد أطلق عليه السعيد »الإرهاب المتأسلم« ورآه أعتى صفوف الإرهاب وأخطرها، بسبب من تنزله ضمن سجل مفارق للزمان والمكان، وتعلقه فى الآن عينه بادعاءات روحانية تتجاوز المجتمع والتزامه بأفكاره وأخلاقياته وأدبياته، مما اضطر خطبا الجماعة إلى محاولة إيجاد نوع من التوازن الصعب بين عنف يستعمله ويسانده سياسيا، وبين مزاعم روحانية، بين أهداف مقدسة ووسائل تدميرية مدنّسة.
بالوسْع، على أية حال، تلقى نص السعيد عن التأسلم السياسي، عبر اشتغاله على خصائص بعينها، ساهمت فى التعبير عن إشاراته، وهي خصائص تتوزع على مجموع أعماله، أو يجتمع بعضها فى نص واحد:
ولعل أول ما يبادهنا فى هذا النص، أن إشكالية نقده للتأسلم تدور فى سائر أعماله، وهو ما يسمها بالتكرار، فيما يمكن استبانة مسوغاته خلال واقع جماعة الإخوان المسلمين، والتي حاولت، ومنذ مؤسسها حسن البنا، الخروج من علمانية الفصل بين الدين والساسة، تلك التي سماها سيد قطب تاليا “الفصام النكد”، انتهاء إلى معاناتها الحالة، الكامنة فى التراوح بين الطابع الدعوي والطموح السياسي، السري والعلني فى الممارسة، والمهادنة والمعارضة.

محمد حافظ دياب

التعليقات متوقفه