الأستاذ والمعلم

125

لم أصدق خبر رحيل د. رفعت، فى البداية عندما أيقظتني إحدي صديقاتي لتخبرني به.
وكان حضوره الطاغي يأبي أن يرحل، فهو يملأ حياتنا بآرائه ومقالاته وكتبه وأحاديثه وحواراته. فكيف يرحل ويترك لنا هذا الفراغ الهائل؟ ولكن للأسف هذه هي الحقيقة المؤلمة، فقد رحل الأب الذي نلجأ له عندما تواجهنا مشاكل الحياة، ورحل الأستاذ والمعلم الذي أثر فينا جميعا بل فى اجيال عدة، بآرائه المستنيرة ورؤيته الثاقبة ومواقفه الواضحة القوية والشجاعة.. والتي تجلت فى موقفه من الإرهاب المتأسلم والجماعات السلفية المتخلفة والمتسترة بالدين.
كما لا يمكن أن ننسي له دفاعه بشدة عن الوحدة الوطنية، حق المواطنة واشقائنا الأقباط، وحقوق المرأة وكتبه ودفاعه عنها، منذ عشرات السنين فى مجتمع متخلف ينكر هذه الحقوق ويعمل على سلب ما حققته عبر سنوات من النضال الطويل.
إن رحيل هذا الفيلسوف الكبير الذي نعته مصر بكافة اطيافها واحزابها السياسية، وذلك الكثير من الشخصيات العربية، بعد خسارة فادحة للقوي التقدمية المصرية والعربية، فى ظل رحيل الكثير من رموز هذا الجيل، المناضل والذي عاش سنوات التحرر الوطني وشارك فى كثير من المعارك، وخاصة المعارك الفكرية ضد الافكار الظلامية والرجعية العربية.
إن رحيل الاستاذ الذي كان يمثل البوصلة فى حواراتنا فى الامانة المركزية، ورمانة الميزان فى مواقفنا الحزبية، والتي غالبا ما كان الواقع يؤكد صحتها ومبدأيتها فيما يتعلق بقضايا الوطن ومصالح الشعب المصري، وخاصة الطبقات الفقيرة والمتوسطة منه، إن رحيله يحتم علينا أن نحافظ على وحدة الحزب وتماسكه، والبعد عما يفرقنا ويغرقنا فى خلافات لن تصب إلا فى صالح القوي الرجعية والظلامية فى المجتمع.
لقد رحل الاب والاستاذ السياسي الذي اتفق واختلف مع الكثير من الشخصيات السياسية والعامة، ولكن يوم وداعه كان اشبه باستفتاء على احترامه ومحبته.
ماجدة عبد البديع

التعليقات متوقفه