متحف نجيب محفوظ.. مركز إبداعى لعميد الرواية العربية

153

تعد منطقة الجمالية واحدة من أهم المحطات التاريخية المؤثرة فى حياة الأديب العالمي نجيب محفوظ، الذي ولد فى جنباتها عام 1911، وتفردت فى حياته بكثير من الذكريات سطرها بنفسه فى أغلب رواياته، حيث يقول عنها فى “زقاق المدق” لقد وعيت وأدركت قيمة حي الجمالية فى حياتي منذ النشأة الأولى، كانت الجمالية أمامي، وربما حين كنت أعيشها لم يكن حبي لها مثلما هو الآن.

ولا يختلف اليوم أحد على أن مشروع وزارتي الثقافة والآثار بإنشاء مركز إبداعي ومتحف لـ”محفوظ” فى تلك البقعة بمثابة إعادة الروح إلى موطنها الطبيعي بعد غياب دام لـ11 عاماً، ويقول مصطفى الصباغ، المشرف على العروض ببيت السحيمي، إن قرار وزيرتي الثقافة والآثار، بانجاز مشروع إنشاء مركز إبداع ومتحف للكاتب الكبير الراحل نجيب محفوظ فى منطقة الجمالية من شأنه أن يضيف إلى تلك المنطقة مزيدا من الاهتمام باعتبارها مركزاً للإشعاع الديني والثقافى والفني، لافتاً إلى أن اختيار تكية “أبو الدهب” والتي تعد واحدة من ابرز المعالم الأثرية بمنطقة الجمالية لتكون حاضنة لتاريخ الأديب الراحل، وعرض جزء منه بمثابة اختيار موفق لكونها تحاذي الأزهر بتاريخه وعراقته.
وأشار الصباغ، لـ”الأهالي” إلى أن تكية “أبو الدهب”، إحدى منشآت المجمع الذي أنشأه والي مصر محمد بك أبو الدهب، والذي يضم “مسجداً، مدرسة، وتكية”، أنشئت عام 1703م، على يد محمد بك أبو الدهب الذي كان تابعاً لعلى بك الكبير أحد أمراء مصر، والذي اشتراه عام 1761م، وقلده الإمارة واشتهر بـ”أبو الدهب” لقيام بتوزيع الذهب على الفقراء. وأكد، أنه بنهاية العام الحالي، سيكون هناك مركز ثقافى يضاف إلى تلك المنطقة ذات التاريخ العريق، مشيراً إلى أن هناك متابعة دائمة من قبل وزراء الثقافة حلمي النمنم، والآثار خالد العناني لأعمال التجهيز، والذي من شأنه أن يبشر بنموذج رائع يليق بتاريخ الأديب العالمي وحائز نوبل نجيب محفوظ.
لا تليق
وبدوره انتقد الدكتور شاكر عبدالحميد، وزير الثقافة الأسبق، اختيار الدولة بتكية أبو الدهب لتصبح متحفا يحمل اسم الأديب العالمي نجيب محفوظ، مؤكدا انه من العبث أن تقوم الدولة باختيار تلك المساحة الضيقة لتكون معلما يحمل اسم أديب حصد جائزة نوبل، وأشار إلى أن الوزارات المعنية بالتراث والأدب عليها أن تكون أكثر حرفية فى التعامل مع مثل هذه الأشياء الهامة، والتي تعبر عن ثقافة دولة بأكملها، مشددا من العبث أيضا أن تصمت الدولة لسنوات منذ وفاته حتى الآن لتخرج علينا بمثل هذه الفكرة لتعلن فشلها فى اختيار موضع بإقامة متحف يليق باسم “نجيب محفوظ”، وطالب شاكر فى تصريحات خاصة لـ”لأهالي”، وزارة الثقافة بأن تكون حريصة على مكان يليق بالأديب الراحل نجيب محفوظ وبتاريخه، ومقتنياته، خاصة أنها تأخرت كثيراً عن إقامة هذا المتحف، وبعد مرور 11 عاما على وفاته.
المتأسلمون ومحفوظ
بينما قال الناقد الأدبي، يسري عبد الله، إن نجيب محفوظ يمثل قيمة مركزية فى السرد المصري والعربي، وإنشاء متحف له يعد استعادة لجملة من القيم الجمالية والمعرفية التي كرستها أعماله الإبداعية المختلفة، مضيفاً أنه يبدو أن بعض مسئولي الثقافة الرسمية لم يدركوا الأهمية التي تمتع بها أدب محفوظ فى العالم، ومن ثم انتظرنا أحد عشر عاما على رحيل الروائي كي نخطو فى إنشاء هذا متحف، فى مفارقة عبثية للغاية، وأشار إلى أن اختيار الجمالية دالا بالطبع لمركزيتها فى حياة محفوظ وكثير من أعماله المهمة التي ذكرها فى رواياته، مشدداً على أن يكون إنشاء هذا المتحف جزءا من عمل ثقافى جاد ومستنير؛ لإعادة الاعتبار له خاصة انه لم يزل يكفره بعض المتأسلمين حتى الآن، وتابع يسري عبد الله، أن نجيب محفوظ معنى مضيء ونبيل للثقافة الوطنية المصرية يجب الاهتمام بتراثه والاعتداد به، خاصة انه من أحد التنويعات المهمة لميراث التنوير المصري والعربي، والذي اتخذ صبغة أدبية تخص كاتبها وتؤكد فرادته.
قلادة النيل
وفى السياق ذاته أشار الناقد السينمائي، طارق الشناوي، إلى أن اختيار حي الجمالية التي استقى منه الأديب العالمي “نجيب محفوظ” روايته، هي ليست عشوائية، مؤكدا كانت هناك محاولات كثيرة منذ عام 2006 لإنشاء متحف له، ولكن اختلفت وزارتي الآثار والثقافة على اختيار المكان الأثري الذي يليق بمكانة نجيب محفوظ، موضحا أن أسرة نجيب محفوظ الممثلة فى ابنته أم كلثوم، أرسلت كافة مقتنياته للدولة لإنشاء هذا المتحف، بما تحوي هذه المقتنيات من قلادة النيل المزعوم تزويرها، خاصة ان الدولة لم تصدر بيانا بشأن هذه القلادة بعد التشكك فى أمرها، متسائلا: هل هي من الذهب الخالص أم لا؟ وهل كافة القلادات التي حصل عليها البعض من قبل مزورة أيضا؟ خاصة ان قانون القلادة ينص على أنها من الذهب الخالص.
أماكن سياحية
وقال الروائي، سيد نجم، أن اختيار هذا التوقيت لإنشاء المتحف مناسباً، خاصة ان مصر فى الآونة الأخيرة شهدت حالة من الاستنفار الأمني، والصدامات والثورات، وعدم استقرار داخلي وخارجي، ولكن الأهم أن هناك أشياء تتحقق على أرض الواقع، موضحا أن حي الجمالية يحمل مضامين فكر نجيب محفوظ كمنطقة شعبية، فضلا عن تكية أبو الدهب التي يتم إنشاء المتحف بها، من الأماكن الأثرية المعروفة والتي لها معالم بارزة، خاصة ان هذا المتحف سوف يعلن أن هذه المنطقة سوف تصبح ضمن المواقع السياحية المتميزة، وطالب نجم فى تصريحات خاصة لـ لأهالي، بضرورة تجهيز حي الجمالية أمنياً، وثقافياً، إلى جانب تنظيفها وتهيئتها لإقامة المتحف، لتصبح بيئة حاضنة للثقافة بكافة أشكالها.

التعليقات متوقفه