لقطات: عن عيد الفلاح مع القراء

74

 

أثار ما كتبته فى لقطات الأسبوع الماضي عدة تعليقات من  قراء أعزاء. بعضهم علق على ما كتبته بخصوص عيد الفلاح، و بعضهم علق على ما كتبته بخصوص المعونات الأمريكية.  و أرجيء  نشر ما جاءنى حول المعونات لمناسبة قادمة، وأقتبس اليوم ما كتبه أحدهم  حول عيد الفلاح.  و أنقل كلامه بنصه. “دمتم بخير              د / جودة … . لا غرابة فى إصراركم على الضغط على مواضع الداء و بقسوة،  لننتبه للخلل فى مجتمعنا . و دعني يا سيدي أطرح سؤالا بسيطا أسأله لنفسي من حين لآخر: أين الفلاح لنحتفل بعيده؟  إن الفلاح الذى عاصرته فى صباى و الذى فاز بخمسة أفدنة من قانون الاصلاح الزراعى، أنجب خمسة اولاد وزع عليهم أرضه ليصبح كل ابن لديه  فدان.  ثم أنجب كل ابن  6 أبناء  وزع إرثه عليهم. فصار حظ الابن أربعة قراريط،  بنى على قيراط منها وباع قيراطا ليبنى به، فتبقى لديه قيراطان اعتبرهما حديقة منزل لا يستحقان عناء زراعتهما.”

“إننى وفى نطاق معيشتى لم أعد أرى فلاحين. فجميعهم انشغلوا بالسهر أمام التلفاز و مواقع التواصل الاجتماعى .

إن كسل الدولة فى توسيع رقعة الأرض الزراعية لتستوعب الزيادة السكانية و ضم أراضٍ جديدة للرقعة الزراعية، أدى لتآكل مضمون الزراعة بعد تفتيت الحيازة الزراعية. أرجو أن يكون هناك حملة قومية لاستصلاح الاراضى هدفها إضافة مساحات مستصلحة مملوكة لكيانات مساهمة لا تقبل التجزئة و التفتيت تزرع بمحاصيل إستراتيجية و تزرع و تروى طبقا لنظم الزراعة الحديثة. حينها يمكننا أن نحتفل مرة أخرى بعيد الفلاح.  تحياتى . و حفظكم الله.”  طارق محمد أبو والى.

شكرا  للقارئ الكريم على وصفه لحال الفلاح الذى يدل على أنه مثلى و مثل ملايين المصريين الذين شبوا و ترعرعوا  فى طين هذه الأرض الطيبة.  لقد ركز على العلاقة غير المتوازنة بين سكان يتزايدون بمفعول التوالد  و أرض زراعية تتقلص بمفعول التجريف و الاعتداء.  و اقترح حلا لمشكلة التوسع الرأسى من خلال الإصلاح الزراعى. و أود أن أضيف أنه، بعيدا عن التفاصيل حول  البشر و الطين و بؤس الفلاحين، فالزراعة (و معها الصناعة) تحتاج إلى  نظرة جديدة. و قد كتبت أكثر من مرة فى هذا الموضوع. طالبت بإصدار قانون جديد بديلا للقانون 96 لسنة  1992 بعد أن ثبت أن  القانون 96 أضر بالفلاحين و بالأرض الزراعية.  وكانت أولي نتائجه تشريد أكثر من 900 ألف مستأجر وفقدان الأرض الزراعية  لخصوبتها التى تكونت عبر ملايين السنين. و طالبت بالاهتمام بالبنية الأساسية للزراعة بتأهيل شبكة الصرف المغطى المتهالكة، كما طالبت بإعادة الدورة لزراعية.

و بالمناسبة، كانت المعونات الأمريكية من أهم أسباب تدهور الزراعة و بؤس الفلاح. فلقد وجه الأمريكان قرابة 300 مليون دولار للمشروع القومى للبحوث الزراعية فى الثمانينيات من القرن الماضى. و كانت النتيجة تدمير الزراعة المصرية و خراب بيت الفلاح المصرى. فقد نتج عن توصيات الخبراء فى المشروع:  إلغاء الدورة الزراعية، و تحويل بنك التنمية والإئتمان الزراعى (حاليا البنك الزراعى المصرى) إلى بنك تجارى، و إضعاف قدرات مركز البحوث الزراعية فى مجال استنباط السلالات والتقاوى عالية الغلة، و تغيير العلاقة الإيجارية فى الزراعة طبقا لقواعد القانون المدنى. و قبل ذلك حاربت أمريكا إنشاء السد العالى بكل الوسائل، بما فيها تحريض دول المنابع على مصر. لذلك أقول للمسئولين: يا سادة، نحن إزاء قضية أمن قومى بامتياز.  فالفلاح عماد الزراعة، و الزراعة أساس الأمن الغذائى،  والأمن الغذائى ركيزة الأمن القومى. فهل تصل الرسالة؟!

 

 

التعليقات متوقفه