تفاصيل إغلاق مقر حزب الإخوان فى ليبيا وطرد رئيسه

140

تقرر إغلاق المقر الرئيسي لحزب جماعة الإخوان فى ليبيا. وجاء قرار الإغلاق بعد يومين من تفجير تنظيم داعش لمجمع المحاكم فى مدينة مصراتة، التي يقع فيها المقر الرئيسي للحزب المعروف باسم العدالة والبناء، ويعد من ألد أعداء الدولة المصرية.
وقد يعتقد البعض أن الحزب أغلق أبوابه احتجاجا على تفجيرات داعش فى المدينة التي تقع على بعد 200 كيلومتر إلى الشرق من طرابلس. لا. الحقيقة أن إجبار الحزب على غلق مقره، جاء بسبب الاشتباه فى وجود علاقة قوية بينه وبين تنظيم داعش.
وحزم محمد صوان، رئيس حزب الإخوان، حقائبه سريعا، فى الليل، وهرب تحت جنح الظلام من مصراتة، متوجها إلى مسقط رأسه فى بلدة زليتن، قرب طرابلس، حيث يوجد مقر لفرع الحزب الإخواني هناك.
لكنه حتى فى مسقط رأسه قد لا يتمكن من مواصلة عمله الحزبي، الذي أصبح كثير من الليبيين ينظرون إليه باعتباره كيانًا مثيرًا للفوضى والإرهاب وله علاقات مشبوهة تضر بالدولة الليبية وبدول الجوار خاصة مصر.
وللأسف إن قرار إغلاق الحزب لم يصدر من جهة قضائية، كما يحدد ذلك قانون الأحزاب فى ليبيا، الذي جرى وضعه بعد الانتفاضة المسلحة التي دعمها حلف الناتو وجماعة الإخوان فى 2011. ولكن القرار جاء بطريقة تثبت إلى أي حد بدأ صبر الليبيين ينفد على ممارسات جماعة الإخوان وأتباعها.
ورغم أن المقر الرئيسي للحزب، وفقًا لإجراءات تأسيسه، كان فى مصراتة، إلا أن رئيسه، صوان، ونشاط أعضائه وقياداته كان ينصب على العاصمة طرابلس. وبسبب الممارسات المثيرة للريبة للحزب فى طرابلس، تم طرده منها قبل عامين. فرجع ليمارس نشاطه من مصراتة.
واتسم نشاط الحزب فى مصراتة، بكثير من الشبهات وكثير من الاتهامات التي لم تجد من يحقق فيها إلى النهاية. فقد لوحظ كثرة زوار الحزب من دول تناصب مصر العداء، أو بينها وبين مصر مشاكل. وكانت الاجتماعات لا تنقطع داخل الحزب مع عناصر قادمة من قطر ومن تركيا ومن السودان ومن أثيوبيا.
وأدت زيارات واجتماعات لعناصر لها صلة بأجهزة مخابرات من تلك الدول، إلى مقر حزب الإخوان فى مصراتة، إلى التنبيه على رئيس الحزب، صوان، أكثر من مرة، بضرورة أن يقتصر نشاط الحزب على ما يهم ليبيا، وأن علاقات الحزب العابرة للحدود، والمثيرة للريبة يمكن أن تتسبب فى مشاكل لمصراتة من عدة دول منها مصر.
ومنذ أواخر العام الماضي ومطلع هذا العام، زاد الغموض بشأن ما يجري بين أروقة الحزب، وبشأن طبيعة الشخصيات الأجنبية التي تنزل كل يوم أو اثنين فى مطار مصراتة، وتتوجه لعقد اجتماعات داخل المقر. وتسبب هذا الأمر فى أن يدخل كل من عبد الرحمن السويحلي، رئيس المجلس الأعلى للدولة فى ليبيا، فى خصومة مع زعيم الإخوان الليبيين، على الصلابي، المقيم فى قطر.
وبعد اجتماع لرجال مخابرات من دول إقليمية تناصب مصر العداء، فى مقر حزب إخوان ليبيا فى مصراتة، وقعت تفجيرات الكنيسة المصرية فى العباسية بالقاهرة. وربط محققون من الاستخبارات العسكرية فى مصراتة بين هذا التفجير الذي وقع فى مصر، والاجتماعات التي عقدت فى مقر حزب الإخوان فى تلك المدينة الليبية.
وحدث الأمر نفسه بعد تفجير كنيستي طنطا والإسكندرية. وحامت شبهات المحققين فى مصراتة حول نفس الاجتماعات التي كانت تعقد فى حزب الإخوان. وكشفت هذه التحقيقات أيضًا عن أن اجتماعات حزب الإخوان فى مصراتة كان يشارك فيها كذلك قيادات من جماعة أنصار بيت المقدس المصرية.
وبعد كل عملية إرهابية تقع فى مصر، يبحث المحققون فى مصراتة وراء اجتماعات الحزب الإخواني فى مدينتهم، فيعثرون على دلائل قوية بأن مخططات التخريب التي تستهدف مصر يتم التنسيق لها من مقر الحزب.
ومنذ حوالي خمسة شهور بدأ عدد من قيادات مصراتة فى التضييق على الحزب وعلى باقي قادة الإخوان فى المدينة. وتم بالفعل طرد بعض القيادات منذ بداية هذا العام، وإغلاق شركاتهم ومنعهم من دخول المدينة.
وشعرت كل من قطر وتركيا بأن حزب الإخوان الليبي يتعرض للمضايقات، وأن أهم رجل كان يتابع ممارسات الحزب المشبوهة، وينتقد ويحذر من تداعياتها، هو السويحلي. فقد قال السويحلي صراحة لصوان: نحن لن نسمح بأن تكون مصراتة مقرا لمؤامرات قطر وتركيا على مصر.
وفى ذلك الوقت، أي فى صيف هذا العام، بدأت قطر فى محاولة لاستقطاب السويحلي وعدد من القيادات السياسية والعسكرية بمصراتة. ووجهت لعدد من هؤلاء دعوات لزيارتها واللقاء مع رئيس مخابراتها ووزير خارجيتها وأخيرا أميرها نفسه، الأمير تميم. كما فتحت الدوحة مسارا للتواصل بين قيادات مدنية فى مصراتة، وكل من الإخواني الليبي الصلابي، والإخواني الليبي الصادق الغرياني، الذي يحمل صفة مفتي الديار الليبية، والمقيم حاليا فى قطر أيضا.
وأدت مثل هذه الزيارات إلى هدوء نسبي وخفض من التوتر بين مصراتة وحزب الإخوان المتمركزين فيها برئاسة صوان. وظل مقر حزب الإخوان مستمرا فى عمله فى المدينة بكل وقاحة، إلى أن وقع الهجوم على مجمع المحاكم فى مصراتة يوم الرابع من الشهر الجاري.
وعلى الفور بدأت التحقيقات التي فرضت نفسها على الجميع تشير إلى وجود علاقة قوية بين تنظيم الإخوان وحزب الجماعة فى مصراتة، والتفجير الذي نفذه تنظيم داعش فى المدينة. وبدأ تدفق المعلومات حول علاقة الإخوان بالتفجير وعلمهم به قبل وقوعه. وبدأ الغليان يسري فى أوصال المدينة بسبب الغضب من تواطؤ الإخوان ومقرهم فى مصراتة.
ولم ينتظر السويحلي، أي إجراءات قضائية لغلق مقر الحزب وطرد رئيسه. بل وجه له رسالة قوية تقضي بأن ينهي أي وجود للإخوان فى المدينة حالا، وأن يغلق مقر الحزب وأن يخرج من مصراتة الآن وفورا.
وأبلغ السويحلي، صوان، رسالة مفادها أن مقر الحزب أصبح هدفا لأبناء المدينة الغاضبين، وأن عليه أن ينجو بنفسه، إلى أن يحال الأمر برمته إلى التحقيق والقضاء لإصدار حكم عن علاقة الإخوان بالدواعش وبأعمال القتل والتخريب دخل ليبيا وخارجها.
وهو ما حدث، حيث شوهد صوان وهو يخرج بحقائبه من شوارع مصراتة تحت جنح الظلام متوجهًا إلى مسقط رأسه فى زليتن. وهناك استقبله الليبيون فى المدينة الواقعة قرب طرابلس بالاحتجاجات، وأخبروه أنه يمكن له الإقامة فى بيته، لكن غير مسموح له بفتح فرع الحزب فى المدينة أ ممارسة أي نشاط إخواني.
وأغضبت إجراءات السويحلي بغلق المقر الرئيسي لحزب الإخوان فى ليبيا، كلا من قطر وتركيا، والتنظيم الدولي لجماعة الإخوان، وكذلك تنظيم داعش. ولهذا أخذ رجال الأمن فى مصراتة فى فرض حالة من الاستنفار تحسبا لأي عمليات انتقامية.

عبد الستار حتيتة

التعليقات متوقفه