إقبال بركة تكتب :سيناء كنزنا المفقود

487

شكشكة

الشخصية المصرية.. ” 5 “

سيناء كنزنا المفقود

اقبال بركة

ولسيناء حكاية  ينبغى أن يطلع عليها الجيل الحالى كدليل تاريخى على مطامع الآخرين فى بلادنا وهوان حكامنا أثناء احتلال تركيا لمصر. فى بداية القرن العشرين كانت مصر واقعة تحت سيطرة قوتين عظميين فى وقت واحد هما السلطنة العثمانية والاحتلال البريطانى. وكان لابد أن يصدر من السلطان العثمانى فرماناً شاهانياً بتعيين حاكم مصر، فلما توفى الخديوي توفيق فجأة في 7 يناير 1892م  عاد ابنه عباس حلمى من فينا إلى مصر ، و انتظر وصول الفرمان الشاهاني بتولية حكم مصر، وهنا أثيرت المشكلة . كانت شبه جزيرة سيناء كلها من أملاك مصر وذلك بموجب الفرمان الصادر لمحمد علي بعد معاهدة لندن عام 1841م ، واستمر ذلك أثناء حكم خلفائه ابراهيم وعباس الأول وسعيد وإسماعيل، وقام اسماعيل بوضع حاميات من الجند للمحافظة على طريق الحج بين مصر والحجاز. وعلى غير العادة تأخرالفرمان العثماني مما أدى إلى إثارة شك سلطات الاحتلال الانجليزى في أن الدولة العثمانية تعتزم اقتطاع شبه جزيرة سيناء وإلحاقها بأراضي الدولة العثمانية بعد أن خرجت الرقابة الفعلية على مصر من يد تركيا. الجدير بالذكر أن اليهود بدأوا التخطيط للاستيلاء على فلسطين فى تلك الفترة ، وفى عام 1890 زار مصر  پول فريدمان بعد أن حصل على الإذن من  سلطات الاحتلال البريطاني في البلاد، وأبلغها نيته على الهجرة الى سواحل الخليج، وفي أواخر العام التالي، 1891، عاد فريدمان مع عشرين من اليهود الألمان والروس . ولم تغفل الصحف المصرية الخطر القادم من أوروبا بعد أن قام فريدمان وجماعته  بشراء أراض مصرية، بالمخالفة لقوانين الدولة العثمانية التى كانت لا تبيح بيع الأرض للأجانب في شبه جزيرة سيناء. ولعل ذلك ما أثار مخاوف الدولة المصرية على سيناء  فلم يمانع الخديوى عباس قرار السلطان عبد الحميد الثاني باقتطاع شبه جزيرة سيناء وضمها إلى الأراضي العثمانية، وصدر قرار في 16 فبراير 1892 من مجلس الوزراء المصرية يقضي بالتخلي عن العقبة وما حولها جنوباً من شبه جزيرة سيناء إلى الدولة العثمانية!!. لقد تغلبت عواطف المصريين تجاه السلطان باعتباره خليفة المسلمين ورئيساً لأكبر دولة إسلامية رغم حرصهم على ما نالوه من استقلال محدود ورفضهم أي عودة إلى الحكم التركي المباشر. و أخيرا وصل الفرمان المنشود إلى مصر في 14 أبريل 1892 وكان مطابقاً لفرمان 17 أغسطس عام 1879 الصادر للخديوي محمد توفيق فيما عدا نقطة واحدة هي أن انتزاع  شبه جزيرة سيناء بما في ذلك العقبة والطور التي كانت قد ضُمت إلى الادارة المصرية في عهد الخديوي إسماعيل وبهذا تصبح حدود مصر ممتدة من العريش إلى السويس. الغريب أننا ندين لسلطات الاحتلال البريطانى لاعتراضهم على الفرمان ومنع تلاوته لأنهم اعتبروه اعتداء على تسوية لندن 1840- 1841 التي أقرتها الدول الكبرى. الواقع أن انجلترا كانت حريصة على تأمين مصالحها التي تقضي بحماية الطريق إلى الهند، فعطلت تنفيذ الفرمان .  أما الخديوى عباس حلمى، حاكم مصر، فلم يستطع الوقوف ضد رغبة بريطانيا، وحرص على عدم التدخل فى الأزمة بين إنجلترا والدولة العثمانية، وانتظرحتى تنتهى الأزمة منعاً لإحداث أي مشاكل . وانتهت الأزمة بعد أن أجمع مندوبى الدول على إرسال برقية استرحام (!!) للسلطان التركى وطالبوه ببقاء شبه جزيرة سيناء تحت ادارة مصر كما كانت من قبل!.

 

التعليقات متوقفه