منتدى خالد محيي الدين يناقش الحراك اللبناني وسيناريوهات الأزمة

محمد سعيد الرز: الطائفية ولدت طبقة سياسية فاسدة حكمت لبنان 30 عامًا

291

قال الكاتب والمحلل السياسي اللبناني محمد سعيد الرز، إن الثورات عادة تبدأ بتحرك جماعات كبيرة داخل مجتمعاتها لتغيير الأوضاع نتيجة غياب الاستقرار الداخلي والخارجي، والاستقرار الداخلي هو مبدأ وطني عام يأتي من خلال سيادة مبدأ المساواة في المواطنة، وتحقيق التنمية المستدامة، والنهوض بمؤسسات الدولة، واستقلال قرار السلطة عن أي جهة، وغياب كل هذه العوامل ينتج عنه عدم استقرار لا داخلي ولا خارجي، وهذان النوعان من الاستقلالية افتقدهما لبنان منذ استقلاله عام  1943 وحتى الان فالانتداب الفرنسي لم يرحل عن لبنان إلا أن أورثنا امتيازات لطائفة معينة على باقي الطوائف، وكانت المارونية السياسية التي حظيت بكافة الامتيازات مقابل الطوائف والمناطق الاخرى، وعشية استقلال لبنان كانت هناك نزاعات بين المسلمين والمسيحيين، فالمسلمون أرادوا تأكيد عروبة لبنان وانتمائه للمحيط العربي، بينما كانت المارونية السياسية تؤكد تبعيتها لفرنسا، ومن هذه الامتيازات إعطاء المارونية السياسية الوجود داخل جميع مؤسسات الدولة وحرمان المسلمين من نفس الأمر، واتكال المسلمين على زعامات فردية، وهنا كانت المعادلة أشخاص مقابل مؤسسات، كما ترسخ النزاع حول مفهوم الاستقلال، وقد تدخلت مصر حينها عن طريق مصطفى النحاس وضغط على فرنسا لاستكمال انسحابها من لبنان وأجرى توافق بين الفرقاء انتهى الى ان لبنان اصبح ذو وجه عربي.

جاء ذلك خلال ندوة “الحراك الشعبي اللبناني إلى أين” بمنتدى خالد محيي الدين.

وتابع “الرز” ان لبنان شهد ثورات واضطرابات نتيجة الخلل في مبدأ المساواة والمواطنة، فكانت هناك تحركات 1958، 1969، 1972، 1975 والتي بدأت معها الحرب الاهلية اللبنانية والتي استمرت لـ 15 عاما، وهذه الثورات التي اندلعت في لبنان بعضها كان بسبب هذه التفرقة، وبعضها ضد الغلاء، وبعضها لضرب المقاومة الفلسطينية، وهذه الثورات طالما استدعت التدخلات الأجنبية، عام 1958 تدخل الأسطول الأمريكي السادس، فتدخلت مصر بشخص الرئيس جمال عبد الناصر، وتم التوافق على فؤاد شهاب قائد الجيش هو رئيس الجمهورية، والامثلة كثيرة على مبادرات اجنيبة تدخلت لايجاد حلول في لبنان ولكنها ركزت عى القبول بالامر الواقع والتقسيم، ادارة مدنية للمسلمين وادارة ذاتية عند المسيحيين كنوع من الفيدرالية، وكل كانتون كان يقيم مطارًا وميليشيا خاصة ومفتي خاص، ويحصل الضرائب من اتباعه، الى ان اتى اتفاق الطائف الذي كان تتويج لمؤتمر القاهرة ومؤتمر الرياض 1989.

ونذكر أن اتفاق الطائف نفسه لم يرض عنه الكثير من السياسيين، وقال عنه نبيه بري رئيس البرلمان الحالي إن هذا الاتفاق يجعلنا نترحم على الدستور، ووليد جنبلاط رفض هذا الاتفاق بالكامل، ومعظم الطوائف كذلك.

وقال “الرز” ان هذه الطائفية والمحاصصة، ولدت طبقة سياسية فاسدة حكمت لبنان على مدار 30 سنة، وعودة مفهوم الكانتونات ولكن مدنيا وليس عسكريًا، مثل حركة امل وحزب الله في الجنوب، والقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر في المناطق المسيحية، وتيار المستقبل في المناطق الاسلامية، وجميع هذه الكانتونات فرضت نفسها على ارض الواقع فلم تشكل حكومة في لبنان إلا وكان المخاض العسير الذي يعتريها هو أن هذه الطائفة تريد هذه الوزارة، وتلك الطائفة تتنافس، الى آخره، واحتوت هذه الكانتونات على تدخلات أجنبية كثيرة، وبعضها يتحرك باوامر امريكية، او فرنسية، او ايرانية او تركية، واتجهت الدولة الى الاقتصاد الريعي يعتمد على الديون، ولا يوجد هناك أي إنتاج، لدرجة ان فرنسا والاتحاد الاوروبي يسألون لبنان على المبالغ التي تتجاوز الـ 25 مليار دولار التي قدموها اين ذهبت واكتشفنا ان هذه الاموال التي قدمت لمجال التعليم والصحة لم تذهب لهذه المجالات، وهناك تحقيق في الاتحاد الأوروبي حول الأمر، وبنوك سويسرا تتحدث عن وجود 600 مليار دولار خاصة بزعماء لبنانيين، كل هذا ادى الى الحراك اللبناني الذي اندلع بسبب نسبة 35% من السكان تحت خط الفقر، ونسب تجاوزت 35% من البطالة مع أن الأرقام الرسمية تقول 25%، وتعددت مظاهر موت الناس على أبواب المستشفيات، وعدم قدرة الناس على تعليم ابنائهم، كل هذه الامور تجمعت فكان طبيعيا ان تولد ثورة 17 اكتوبر عابرة للطوائف والاحزاب، خرجت من قلب الناس للشارع لتعبر عن نكبتها وتعبيرها عن ضرورة اسقاط الطبقة وانشاء مجتمع قائم على المواطنة والمساواة والقضاء على الفساد.

من جانبه قال الكاتب الصحفي اللبناني فرحان صالح رئيس تحرير جريدة الحداثة اللبنانية، أن دول الخليج خاصة المملكة العربية السعودية كان لها دور كبير في لبنان أثناء تولي رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان الراحل ومن بعده ابنه سعد الحريري رئيس الوزراء الذي أجبر على الاستقالة، مضيفًا ان الاوضاع في لبنان لا يمكن ان تنفصل عن الاحداث في الوطن العربي ككل، فالدول العربية جميعًا تشهد حراكات ثورة على الاوضاع الحالية، ونتيجة لذلك كان الحراك الشعبي في 17 أكتوبر 2019.

وأكد “صالح”  ان الخلافات بين القوى السياسية مازالت مستمرة، وستكشف الفترة المقبلة مدى قدرة الحكومة الجديدة على حل المشكلات الاقتصادية وتجاوز الخلافات السياسية.

التعليقات متوقفه