في منتدى خالد محيي الدين ..النموذج الصيني يصلح لعلاج الأزمات وسلوكياتنا خطر إذا دخل “كورونا”

384

قال السفير محمد نعمان جلال، سفير مصر الأسبق في الصين، أن المجتمع الصيني يقوم على نظام الحزب الواحد، وفي رأيي أن الصين دولة ديمقراطية بغض النظر عن المفهوم الغربي للديمقراطية، فأنا أرى أن الديمقراطية تهدف في الأساس إلى تحقيق مصالح الشعوب، فالصين ديمقراطية في أدائها، الذي يرفع من معدلات مواطنيه، بينما أمريكا بالمفهوم الغربي نجد أن هناك 30 مليون مواطن تحت خط الفقر، والصين  تعمل على تقليل أعداد الفقراء عبر تحويل السكان الفقراء الى قوى رئيسية منتجة في المجتمع، وذلك بعد مجيئ ماوتسي تونغ، واهتمامه بالفلاحين على عكس النظرية الشيوعية التي ارتكزت على العمال، وهذا لا يعني انه اهمل العمال، ولكنه اضاف الى الفكر الماركسي مفهوم الطبقة الفلاحية، فهو نفسه كان فلاحا وفقيرا، والنموذج الصيني يقدم مفهوم الاعتداد بالوطن مهما كانت طبقاته وتنوعه.

جاء ذلك خلال الندوة السادسة عشرة من منتدى خالد محيي الدين الذي يقيمه حزب التجمع الأربعاء من كل اسبوع بالمقر الرئيسي للحزب بوسط القاهرة، والذي يديره الصحفي خالد الكيلاني، وكانت الندوة بعنوان التجربة الصينية، وخطورة كورونا على المجتمع الصيني، بحضور الدكتور بهي الدين مرسي مستشار وزير الصحة الأسبق.

وتابع “جلال” قائلًا، في الصين كنت سفيرًا لفترة طويلة، وتعلمت أن القرارات الكبرى قد تؤخذ من خلال المسئولين الصغار، ثم تصعد حتى تصل الى الرئيس لإقرارها وهو ما حدث خلال زيارة مرتقبة للرئيس الصيني للشرق الأوسط كان من المقرر أن يزور فيها اسرائيل والاراضي الفلسطينية وجنوب أفريقيا، وعندما علمت تواصلت مع وزير خارجيتنا في ذلك الوقت عمر موسى واقترحت أن نكتب رسالة من الرئيس مبارك لدعوة الرئيس الصيني لمصر، والتي كانت مرفوضة حسب البروتوكول الصيني الذي يقول ان الرئيس الصيني لا يزور خلال ولايته بلدا بعينه مرتين، وقد كان بالفعل قد زار مصر قبل عامين فكتبنا رسالة الرئيس مبارك ووقع عليها، ثم تواصلت مع مسئول العلاقات الخارجية في الصين، ثم مسؤول ملف الشرق الاوسط وشرحت لهم أهمية زيارة مصر، ثم توصلنا لفكرة ان تكون الزيارة هذه المرة في الاسكندرية حيث التاريخ البطلمي عندما بدأت لأول مرة العلاقات المصرية الصينية في عهد كليوباترا فوافق في البداية مسئول الشرق الأوسط ثم مرر القرار الى الرئيس الصيني وبالفعل نجحت في تغيير البروتوكول الصيني من خلال الدبلوماسية وكان أمرا عظيمًا.

وأضاف “جلال” ان مجيء فيروس الكورونا في الصين، أعاد للمجتمع الصيني الذاكرة لما حدث بعد مجيء مرض السارس عام 2002، ومن خلال معايشتي للتجربة الصينية استطيع ان اقول ان هناك مبدأ صينيا ان كل من يخطئ يعاقب وفي احدى المرات تم اقالة عمدة بكين وهو منصب اعلى من الوزير وذلك لارتكابه خطأ ما، وحديثًا تمت إقالة أحد كبار الشخصيات والذي كان مرشحا ليكون رئيس وزراء لارتكاب زوجته خطأ ما، وهذا ما يعلمنا كيف تتطور الصين والمجتمع الصيني، وبالنسبة لفيروس كورونا تأثيره على الاقتصاد الصيني تأثير كبير، فهناك مليارات بدأت تفقد بسبب توقف الصادرات والواردات والسياحة، وفرض منع تجول، والامور تسوء في هذا المجال، ولكن أسلوب اتخاذ القرار في الصين دقيق جدًا وتتعامل مع الامر بشكل جيد حتى الان.

وتمنى سفير مصر الأسبق في الصين أن تتعلم مصر من التجربة الصينية، والتي استحضرت عظمة تاريخ حضارتها وبجلت مفكريها على مر التاريخ، واهتم بالعلم والفكر لتنهض بأمتها، واعتمدوا على مقولة لرئيس الصين الأسبق تقول لا يهم ان يكون القط ابيض او احمر الأهم ان يصطاد الفئران، وأعادوا الصين لدولة عظمى مرة اخرى، كما تنتهج الصين مبدأين في سياساتها الخارجية وهي مبدأ التفاوض لفوز الطرفين، ومبدأ عدم تصدير ثورتهم أو اعتقاداتهم او أفكارهم للخارج وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، ويحزنني انه في احدى المرات كنت في احدى القاعات الصينية الفخمة ووجدتها مزينة باجود انواع الرخام، فسألت من اين اتيتم بهذا الرخام قالوا انهم استوردوه من إيطاليا، ولكنه في الأساس رخام مصري، فسألت مسئولين مصريين كيف تبيعون جبل رخام كامل للصينيين، هل لا نعرف كيفية معالجته، فردوا علي مسئول الاستثمار انه وفق لقانون الاستثمار، وأرى أن يكون الايمان الوطن إيمانا عميقا وجادا، واتمنى ان نعيد الاعتبار لتاريخ حضارتنا ونضع اسم أشهر مفكر وحكيم في مصر القديمة على أسماء الشوارع والميادين ويعرفه المصريون بشكل جيد كما فعلت الصين.

من جانبه قال الدكتور بهي الدين مرسي مستشار وزير الصحة الأسبق، ان الكورونا في الحقيقة هو فيروس، وتعريف الفيروس هو أحد الكائنات الدقيقة، وهو عبارة عن شيء غريب، كيان دقيق جدًا يشبه الخيط ويحمل أحماضا أمينية ذات تركيب بدائي جدًا ولكنه في منتهى الذكاء البيولوجي، والكورونا ليست ضيفًا جديدة على الكرة الارضية بل لديها عائلة، حيث كان جد الكورونا هو فيروس السارس، او متلازمة الجهاز التنفسي الحادة، وهنا يجب ان نعرف كلمة وباء حسب مفهوم منظمة الصحة العالمية هو استفحال مرض في بقعة جغرافية معينة، بشكل سريع جدًا بلا اي ضوابط او سيطرة، وهنا يجب ان نقول ان الميكروبات والفيروسات موجودة مع الانسان دائمًا، وتنشط في ظروف معينة تهيئ الى نشاطه، وظروف أخرى تهيئ الى انتشاره فيسمى ذلك بوباء، ومن عائلة الكورونا ايضًا هو متلازمة الشرق الأوسط، وهنا يجب أن نعلق على المخاوف التي تقول هل الكورونا مصنع من قبل امريكا لنشره في الصين، او الصين صنعته وفشلت في احتوائه، في رأيي أنه لا يمكن ان يفعل اي طرف ذلك، فهو أمر بلا ضمانات لأي طرف، فالقضية في الأوبئة ليست خطورة الفيروسات وإنما الأخطر هو عامل سرعة انتشارها، وفي العالم الان 196 دولة من سينتشر فيها الفيروس، ذلك أمر يعتمد على جاهزية هذه المجتمعات لاستقبال الفيروس، ونحن هنا في مصر لدينا سلوكيات ترحب بالكورونا، فالكورونا اذا دخل مصر ستصبح ازمة، وذلك بسبب سلوكيات المجتمع، فهو ينتقل عبر شخص حامل المرض، وليس بالضرورة ان يكون مريضا ولا عليه ايه اعراض، ولكنه من الممكن ان يسلم على شخص اخر ومناعته ضعيفة او لديه مرض مزمن، فالفيروس يتعامل مع كل جسم بشكل مختلف حسب استقبال الجهاز المناعي، وانتقال المرض يأتي عبر افرازات الرذاذ من فم الانسان، ولذلك عندما يكون الدكتور في غرفة العمليات يضع كمامة حتى لا يخرج رذاذ من فمه الى جسد المريض.

وأضاف “مرسي” أن الكمامة الذي ينتشر في الشوارع هي بدعة كارثية، ووهم، لأنه يمنع رذاذ الشخص من الانطلاق للخارج ولكن لا يحمي الشخص نفسه من استقبال أي مرض، ونلاحظ أنه غير محكم الاغلاق، فمن الاعلى ومن الاسفل هو مفتوح، فكل ما تفعله بالكمامة هو انك حميت الأشخاص الموجودين حواليك من الرذاذ الخاص بك الذي يخرج أثناء الكلام فقط، ولكنك لم تحم نفسك على الإطلاق، وفيما يخص قضية تصنيع الفيروسات معمليًا بهدف الحرب البيولوجية شدد على أنه من المستبعد جدًا هذا السيناريو فلا احد يضمن باي خطأ كان ألا يصيب شعبه به.

وتابع “مرسي” ان الكورونا لم تصنع كما يروج، فلم ندخل لتلك المرحلة بعد، وفي اعتقادي أن الكورونا أمر بسيط فمن توفوا الى الان هم 2000 شخص، و90 ألف مصاب، فهو ليس رقم بالنسبة للصين، واعتقد ان الكورونا إذا دخلت مصر فمشكلتنا معها ستكون في السلوك البشري، فنحن ليس لدينا أي منهج لإدارة المخاطر، وإذا سألت أي مصري هل لديك طفاية حريق في المنزل ستجد ان النسبة ربما تكون صفرا، ومنهج مداهمة الخطر لا نعرفه، وسأعطي مثال أتوبيسات السوبر جيت التي تسافر بين المحافظات في عدة ساعات واجواء مغلقة مكيفة، هنا تزيد نسب الإصابة بأي عدوى لمجموعة مشتركة في مكان مغلق لعدة ساعات، كذلك الأمر في المسارح والسينما والمترو والقطارات واي مكان مغلق التهوية، فأي مكان مغلق ترتفع نسبة الترشح لانتقال العدوى 15%، إذن السلوك البشري هو خط الدفاع الاول وللاسف هذا الأمر منهار في مصر.

ونصح مستشار وزير الصحة الأسبق، ان يغسل الإنسان يديه باستمرار خلال اليوم، وعدم ملامسة الأنف والعين ابدًا، فالعين والأنف بوابة دخول الفيروس، وعدم الاعتقاد أن الكمامة من الممكن أن تحميك، فهي لا تعني شيئا، كما يجب عدم العطس إلا في منديل، والتخلص نهائيًا من عادة سيئة وهي البصق في الشوارع، مضيفًا أن خصائص الكورونا أن لديه نسبة هلاك 2% فقط عكس السارس الذي كان لديه نسبة هلاك 10%، ولكن خطورته تقبع في أن انتشاره أسرع وأسهل بكثير، وكيف يأتي من الصين كمثال، فالصين لديها ما يسمى الأسر المنتجة فمن الممكن أن يعمل 10 أشخاص على أشياء صغيرة مثل لعب الأطفال وغيرها، ولذلك يجب عدم استيراد لعب الاطفال في الفترة المقبلة، والملابس من أخطر ما يكون ايضًا، وايضًا المواد النصف مصنعة غذائية، كما قال انه يجب على مصر أن تدرس إيقاف الحج والعمرة هذا الموسم لأن ذلك خطير جدًا، وهو امر اتوقع ان تنادي به منظمة الصحة العالمية، فتجمعات الحج والعمرة هي تجمعات من كل دول العالم ربما احدهم يحمل الفيروس وينقلها لمختلف الجنسيات وتكون كارثة، مؤكدًا انه لا يوجد أي تطعيم أو علاج لكورونا إلى الآن ولا يتوقع أن يتم ذلك في القريب العاجل.

التعليقات متوقفه