محمود دوير يكتب :على الحجار … القابض على جمر الغناء الجاد

808

*بقلم محمود دوير: عندما اجتاح العالم وباء الكورونا وعانت مصر من تلك الكارثه وأغلقت المسارح وأجبرنا على التزام المنازل لمكافحة هذه الجائحة التى عمت بلدان القارة كان هو المغنى الوحيد الذى أعلن عن تقديم حفلات عبر الإنترنت مساهمة منه فى التخفيف علينا وبالفعل قدم عدة حفلات عبر “البث المباشر ”
اليوم فى الرابع من أبريل يحتفل اليوم الفنان على الحجار ونحتفل معه بعيد ميلاده.والحجار ليس مغنيا عاديا فى مسيرة الأغنيه المصرية بل هو يمثل مشروع فنى متكامل لا تخطئه الأذن ولا يمكن أن يمر تاريخ الأغنيه الحديثة دون التوقف طويلا أمام هذا المغنى الإستثنائى ..

يمتلك الحجار خامة صوت مميزة ومختلفه وقوية لكن التميز ليس فقط في ذلك الصوت “القوى- الدافىء ” لكن فى اختياراته ومواقفه التى جعلته شاهدا على مرحلة مهمة من تاريخنا المعاصر.
انطلق الحجار مغردا فى 1979 ولم تكن بداية عاديه لكنها كانت شديدة التميز عندما غنى هذا الشاب الصغير من الحان “سيد مكاوى ” رباعيات صلاح جاهين والتى ستظل حالة غنائية فارقة فى مسيرته ومسيرة جيله بأكمله.
وكان الحجار الذى تربى فى أرسرة فنيه عريقة وتقليدية قد قدمه الراحل بليغ حمدى فى بداية مشواره ،ويرتكز مشروع “الحجار ” الغنائى على عدة أسس جعلت منه عنوانا مهما فى كتاب الموسيقى المصرية.
من أهم تلك الأسس ارتباطه بالموسيقى العربيه الكلاسيكسية بحكم تربيته الفنيه واجادته كافة اصولها المستقرة بتمكن شديد فهو الأفضل من بين ابناء جيله والاجيال التاليه فى التعامل مع موسيقانا العربية.
كما أن الحجار استطاع عبر مشواره الفنى أن يكون صوتا لمصر يعبر عن كل مراحلها ويتسلل إلى وجدان المصريين ببساطة وعمق ويغنى لأوجاعهم السياسية والاقتصادية ويمس بروعة أوتار مشاعرهم وبهجتهم.
غنى الحجار عندما تألمنا خلال الازمة العربية فى حرب الخليج الأولى وصرخ :”لم الشمل بلاش تفكيكا ياللى بتلعب بالبوليتيكا ..عايز تاكل كل من قمحك ..
عايز تلعب العب سيكا …بلدك واحدة وربك واحد … لا تروح روسيا ولا أمريكا “.
فى نفس الألبوم الذى صدر فى 1991 قدم أغنيات ” عم باطاطا – فلسطينى – متغربناش – طلعت أنش … وغيرها ومن محتويات ألبوم غنائى استثنائى كتبه “جمال بخيت ولحنه فاروق الشرنوبى ”
وكان ألبوم “أنا كنت عيدك ” والذى طرحه الحجار فى 1989 قد وضعه فى مكانته الفنيه التى تليق بموهبة بهذا الحجم.
ردد المصريون والعرب أغنيات هذا الألبوم وتلقفوه بإعتباره ميلاد جديد لمطرب كبير واعتبره النقاد درة غناء على الحجار وقمة تالقه.
لم يخن الحجار الفن لحظة حتى فى لحظات الضعف والتردى كان قابضا على حبه للوطن وللفن الجاد.
فى عام 1997 وفى لحظة وطنيه حرجة حين تزايدات وتيرة الأعمال الإرهابية وعمت البلاد فتاوى التكفير والتطرف خرج الحجار معلنا موقفه “المغنى واجب … المغنى حق ” فى أغنيته “نويت أغنى “.
عندما انطلقت ثورة يناير 2011 كان الحجار فى الميدان باغنياته العديدة والتى خرجت فى ألبومين هما “اصحى يناير ” و”ضحطة وطن “.
وعندما وصلت جماعة الإخوان للسلطة ووسط شعبى لساساتهم ومحاولاتهم خطف الدولة كان الحجار حاضرا بصوته وأغنيته ” هما شعب وإحنا شعب ” التى جلبت عليه كثير من المتاعب من جانب أنصار الجماعة لكن الحجار كان متسقا مع نفسه متسقا مع شعبه.
مسيرة حافله ما تزال متواصلة لفنان جاد حمل عبء الاغنيه المصرية الملتزمة مبتعدا على الإسفاف ممسكا بناصية الإرتباط بالناس
” هنغنى لجل الناس الناس
فى امبابة ولا فى العباس
فى حارة ايدين تنباس
ما دام بتبنى ولا تدمرش ”
هذا ما غناه الحجار فى أغنيته “مرمر زمانى عام 1991 ويواصل الحجار مسيرته المضيئة فى سماء الأغنيه العربيه متسلحا بتراث موسيقى عريق تعلمه من والده الراحل “ابراهيم الحجار ” وبوعى كبير بدور الفنان فى حياة شعبه وارتباطه بقضايا أمته وهموم ناسه وأهله وأحلام أجيال متعاقبه فى حياة كريمة تليق بهم وفنون ترقى بهم.
يظل “على الحجار ” رقما مهما فى التاريخ الفنى المصرى والعربى ويظل ما قدمه وما قدمه ويقدمه بالتعاون مع رموز الشعر والتلحين مثيرا للتأمل مبعثا على البحث والقراءة والتحليل.
كل عام وصوتك ومواقفك وفنك الخلاق تضىء عالمنا … دام ابداعك

التعليقات متوقفه