د. هبة جمال الدين تكتب رسالة إلى رجال الدين:تبعات صلاة 14 مايو من منظور الحوار الشعائري

2٬268

سبق لي وأن نوهت بخطورة اختيار تاريخ 14 مايو 2020 ليكون تاريخا للصلاة من اجل انقضاء جائحة الكورونا، بدعوة عالمية من الفاتيكان رحب بها الأزهر الشريف وطالبت بتأجيلها لأن موعدها هو تاريخ يتوافق مع حرب 48 وإعلان قيام دولة الكيان الصهيوني المسمى بإسرائيل عام 1948 “عيد الإستقلال”، وكذا تجرأ اسرائيل لأول مرة على القدس الشريف لتعلن أن القدس هو العاصمة الإبداية لإسرائيل عام 1980.

ولكن في الواقع ما طلبته هو أضعف الإيمان لأن الأمر أخطر من ذلك بكثير. ولن أطرح أنه يأتي في إطار صفقة القرن وأن ما يحدث مع مصر في ملف سد النهضة، وأحداث سيناء وكتابات نيوتن بشأنها، أو العملية الارهابية الأخيرة في سيناء قبيل 10 رمضان، أو ما يحدث الأن في ليبيا وسوريا والعراق كلها فصول تكللها الصلاة لتحقيق صفقة القرن المزعومة والمستفيد الأكبر هو اسرائيل والماسونية والمسيحية الصهيونية لتحقيق خرافة هرمجدون.

فقد لا يؤمن رجل الدين أو القارئ العادي بهذه الأمور المتشابكة، ولكن ما سأطرحه هو تبعات الحوار الشعائري الذي يبدأ بالصلاة المشتركة في 14 مايو 2020، ربما أستطع لفت انتباه كبار علماء الدين من خطورة هذه الصلوات.

وفي البداية أوجه سؤالي:

  • كيف ستتم صلاة 14 مايو؟

ستتم عبر تنظيم صلوات مشتركة مع قراءات مشتركة للكتب المقدسة للمسلمين والمسيحيين واليهود في كنائس وجوامع ومعابد، وكذا غير الموحدين وفقا لمعتقداتهم ودور عبادتهم.إذا هى صلاة مشتركة ولكن مع احتفاظ كل دين بطريقة الصلاة الخاصة به. ولكن في إطار الصلوات المشتركة هل نعلم ماذا يتم الأن بين الشباب:

  • الصلوات المشتركة بين الشباب: يتم الأن تدريب الشباب من اتباع الأديان الثلاثة “ما يسمى بالأديان الإبراهيمية” معا في لندن ونيورك وباريس وغيرها للوصول إلى طقوس دينية جديدة مستحدثة، بين الاديان الثلاثة للبدء في اقناع مجتمعاتهم لتطبيقها بالفعل داخل دور العبادة. أي أن الصلاة المشتركة ستمتد لتصبح شعائر موحدة.فمن منا سيقبل هذا إذا تم مخاطبة المساجد و الكنائس بها، مع العلم انها تتم الأن تحت مرمي ومسمع الفاتيكان.

هل يقف الأمر عند تغير الصلاوات؟ الإجابة بالطبع لا فلا يقف الأمر عند هذا الحد

  • فقد بدأت تظهر خلال صفحات التواصل الاجتماعي صفحات تنادي بالزواج الإبراهيمي عبر تطبيق المشترك الابراهيمي، كمدخل للتسامح ويتم عبر المطالبة بالزواج بين المسلمة وغير المسلم والمسيحية وغير المسيحي من حاملي الديانات الإبراهيمية.

فيتم الدعوة للزواج الإبراهيمي بين أتباع الديانات الابراهيمية.  فالسؤال هنا أي مؤسسة دينية ستوافق على هذا الخبل؟

  • المطالبة بإيجار الارحام كي لا يتكرر العداء الأزلي بسبب تعدد الزوجات الذي تم بين السيدة هاجر ونبي الله إبراهيم عليه السلام بسبب عدم قدرة السيدة سارة على الانجاب في البداية، مما ولد مشاعر الغيرة والعداء المتوارثة. فيتم الترويج أن إذا استطاعت سارة ايجار رحم هاجر كانت حلت جميع المشكلات ولم يكن للعرب وجود.

واتذكر أنه تم مناقشه  ما يسمى بـإيجار الارحام الابراهيمية في احد البرامج التليفزيونية بقناة العربي القطرية تحت مرأي ومسمع الجميع. ويطبق الامر بالفعل في الهند.

فالسؤال هنا هل ستوافق المؤسسات الدينية على إيجار الأرحام أو ما يسمى بالأرحام المشتركة أو الأرحام الإبراهيمية؟

  • المشترك الإبراهيمي يمتد للنصوص الدينية بالكتب المقدسة: التي تحتاج لإعادة تأويل لاستثمار المشترك واقصاء المختلف عليه لصياغة ميثاق ابراهيمي مشترك عالمي يكون له القدسية في المستقبل مع نزع القدسية من المقدس. ولن أشرح هنا الكثير فرجال الدين أعلم بما هو المقدس الذي يتحدثون عنه.

والتمهيد لهذا الفكر يتم بهدوء تحت مظلة مقبولة فيتم المطالبة  بإقامة منتديات دولية للصلوات المشتركة رافعة شعارات “السلام الديني العالمي”. كما يتم الدعوة لإقامة رقصات السلام العالمي للوصول للمشترك ونزع الفرقة، كمدخل لتحقيق السلام ونزع الخلافات خاصة لو كانت أسبابها دينية. وهذه الرقصات تطبق الان في سوريا والعراق كمختبر لما يتم، وتأخذ عبارات مقدسة من جميع أديان العالم، للتمهيد لتنتشر في جميع البلاد بداية بدول الديانات الابراهيمية. كمدخل لتكريم جميع المسارات الروحية كمسار مفتوح للجميع كمظلة لجمع المؤمن وغير المؤمن حتى وإن كان ملحدا فالهدف هو التهيئة للقبول بضياع المقدس، واعادة كتابة النص الديني، واعادة كتابة التاريخ تحت دعوى التسامح والسلام الديني العالمي. هنا اتذكر بعض المهرجانات التي ترفع شعارات “سماع وطن بلا حدود” فمنذ متي كان الوطن بلا حدود؟!

 كما يتم الترويج إلى أن المشترك الإبراهيمي مدخلا لصياغة “أخلاقيات عالمية”:

في إطار إلزام الديانات الثلاثة اتباعها بقيم العدل والمساواة والرحمة – والحياة الفاضلة والزواج والأسرة ورعاية الفقراء والمحرومين وخدمة الاخرين والانضباط والالتزام الذاتي وحماية البيئة والمساهمة في بناء المجتمع-  يتم العمل على تأسيس لميثاق اخلاقي عالمي للتمهيد لإقامة اخلاقيات ابراهيمية والمطالبة بعد ذلك بوجود دين عالمي ابراهيمي للجميع كما ينادي القس جيروك لي بكوريا الجنوبية واعلن عنه باراك اوباما عام 2013 وذكره جون كيري بالارض المشتركة للديانة الابراهيمية العالمية.

هنا السؤال من سيقبل بوجود ديانة ابراهيمية موحدة مشتركة؟.. وهل لا نعلم ان كل دين ينفي بوجود الأخر، إلا الديانة الاسلامية التي تعترف باليهودية والمسيحية والمشترك فقط بين الثلاثة هى اليهودية، فلمن سيكون المشترك اذا.

هل يمكن اذا تفسير اختيار تاريخ 14 مايو ليكون أول بداية للصلوات المشتركة والحوار الشعائري الاول بالعالم ككل.

هل هى دعوة للمطالبة بتبرأة إسرائيل من دم العرب من قبل الأزهر والكنيسة المصرية، كما فعلت الفاتيكان بتبرأة اليهود من دم المسيح عليه السلام، خاصة أن اسرائيل اعلنت رسميا بعد اسبوعين من الان ضم غور الاردن والضفة الغربية اي بعد الصلاة المزعومة. فمن من رجال الدين سيتحمل مسئولية هذا الفعل الدموي؟

هل لم يلفت نظركم أن مسلسل أم هارون التطبيعي اختار عائلة حاخام يهودي وسلط عليها الضوء لأنها تمارس شعائرها اليهودية من صلوات وأدعية لتكون مقبولة ومتعارف عليها بين الجميع لنألفها كبداية للحوار الشعائري.

أفيقوا يرحمكم الله فالمخطط له أيادي ناعمة وعليكم أن تنتبهوا فالأمن القومي مسئوليتنا جميعا وهذا ما طلبه سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي مرارا حينما طالب بتجديد الخطاب الديني فما قصده هو الوعي بالمخاطر الكامنة ورفع الوعي بشأنها والتأهب لمنع الوقوع في براثن الخطر. حمى الله مصر ومؤسساتها الدينية والمنطقة العربية  والإسلامية من مخالب الأفعى المتحولة.

*بقلم د. هبة جمال الدين:مدرس العلوم السياسية- والدرسات المستقبلية- معهد التخطيط القومي- عضو المجلس المصري للشئون الخارجية

التعليقات متوقفه