إعتراف إسرائيلي جديد بنجاح الجيش المصري في التمويه العسكري خلال حرب 1973

*"هآرتس" تكشف تفاصيل ما توصلت إليه "لجنة أغرانات" الإسرائيلية عن خفايا هزيمة حرب أكتوبر..* خطأ "إيلي زعيرا" سببه أشرف مروان الذي زعمت إسرائيل أنها قامت بتجنيده

977

كشفت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية في تقرير حديث لها عن أن تحقيق “لجنة أغرانات”أظهر أن “الوسائل الخاصة” التي كان بإمكانها التنبؤ بحرب 1973 لم يتم توظيفها، وأن رئيس المخابرات خدع قادة البلاد وجعلهم يعتقدون خلاف ذلك.
وتضم وثيقة حصلت عليها الصحيفة –ونشرها موقع rt – أمس الأحد أسرار تقرير لجنة أغرانات التي شكلتها تل أبيب للتحقيق في قصور الجيش الإسرائيلي خلال حرب أكتوبر 1973، وعزت هذا القصور لفشل الاستخبارات في كشف نوايا العرب.
وقالت هآرتس إن اللجنة لخصت فصلا رئيسيا في تقريرها عن فشل الاستخبارات الإسرائيلية العسكرية وكذلك “الموساد” في التنبؤ بالحرب، بثلاث كلمات هي”فشل مهني ذريع”.
وذكرت الصحيفة العبرية، أن عضو المركز البحثي العبري، أوري بار جوزيف أكد في تصريحات لها، أن استنتاجات تقرير لجنة أغرانات “لا لبس فيها، وتعزو قصور الجيش لفشل الاستخبارات بشكل واضح”.
ووفقا لـ”هآرتس”، حمّلت لجنة أغرانات مدير الاستخبارات العسكرية السابق إيلي زيرا، خطأ عدم تفعيل ما يسمى بـ”الوسائل الخاصة” في الوقت المناسب، على الرغم من القدرة البالغة لهذه الوسائل على تحذير قادة الدولة من الهجوم على الجبهتين المصرية والسورية.
وتقول وثيقة لجنة أغرانات إنه “كان من واجبه (زيرا) تمكين الاتصال بهذه المصادر من أجل القيام بكل ما هو ممكن لتحديد نوايا العدو، وأن الخطأ الذي يؤدي إلى عدم استخدام مصدر استخباراتي حيوي (الوسائل الخاصة) عندما تكون هناك حاجة ماسة إليه، هو فشل مهني ذريع”.
وأوضحت “هآرتس” أن الانتقادات لم تنته عند هذا الحد، حيث اعتقدت اللجنة أن زيرا ضلل القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين، بمن فيهم وزير الدفاع موشيه ديان، ورئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي ديفيد اليعازار ورئيسة الوزراء غولدا مائير، ليعتقدوا أن “الوسائل الخاصة” نشطة بالفعل، رغم أن مدير الاستخبارات العسكرية لم يفعّلها.
وأكدت الصحيفة العبرية أن الطبيعة الدقيقة لهذه “الوسائل الخاصة” لا تزال غير واضحة حتى يومنا هذا، ولا يوجد تعريف واضح لها، ولكنه مصطلح يستخدم للإشارة إلى خاصية في الاستخبارات العسكرية مهمة للغاية.
وتقول تقارير مختلفة، سواء في اسرائيل أو في الخارج، إنها أجهزة تنصت معقدة يمكنها تسجيل المكالمات الهاتفية واللاسلكية لضباط وقادة العدو.
وذكرت “هآرتس”، أنه عشية حرب أكتوبر 1973، كان صناع القرار الإسرائيليون على يقين من أن تلك “الوسائل” ستعطي البلاد تحذيرا قبل 48 ساعة على الأقل من بدء أي هجوم.
ويقول عضو المركز البحثي العبري، أوري بار جوزيف: “لا يمكن لأي جيش شن حرب كبرى ومعقدة دون الحفاظ على اتصال منتظم مع الوحدات القتالية في الأيام التي تسبق بدء إطلاق النار، ولأن المصريين كانوا على دراية بقدرة إسرائيل على مراقبة الاتصالات اللاسلكية، عرفت الاستخبارات العسكرية أن المعلومات الحساسة لن يتم نقلها إلا عبر الهاتف، وليس عن طريق الراديو. وكان هذا هو دور الوسائل الخاصة”.
وأخبر زيرا اللجنة أنه في اليوم الذي تولى فيه منصبه، “بذل جهدا خاصا للاتصال بهذه المصادر … لاعتقاده أن تل أبيب ستحصل في النهاية على تحذير” وأكد أنه كان يعتبر أن المواد التي يمكن أن توفرها هذه المصادر “موثوقة”.
ومع ذلك اعتبر التقرير، أن “المشكلة تمثلت في أن الاتصال بهذه المصادر كان حساسا للغاية” وبعبارة أخرى، فإن تكرار استخدام هذه الوسائل يشكل خطر فضحها.
وكشف التقرير أن زيرا أعرب للجنة عن اعتقاده بأنه يجب استخدام “الوسائل الخاصة” في حالات “عدم اليقين” أو “الشكوك الخطيرة” أو “عدم وجود تفسير لحدث معين” لأن المخاطرة باستخدامها دوريا قد تؤدي لانكشاف تلك الوسائل.
وذكر تقرير لجنة أغرانات، أنه منذ مطلع أكتوبر 1973، طالبت قيادات كبيرة في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، بتفعيل “الوسائل الخاصة”، إلا أن زيرا رفض.
وبرر مدير الاستخبارات العسكرية موقفه بأنه كان يريد أن ينظم ما لديه من معلومات ضخمة وهائلة جمعت قبل الحرب، وترتيبها لعرضها على القادة، بدلا من البحث عن معلومات جديدة.
وقالت الصحيفة العبرية، إن صناع القرار العسكريين والسياسيين قد ضللوا باعتقادهم بأن زيرا استخدم “الوسائل الخاصة”.
وبحسب الوثيقة، فإن غولدا مائير شهدت أمام اللجنة، أنه كان واضحا تماما لها أن زيرا يتلقى معلومات استخبارية عبر استخدام “الوسائل الخاصة”.
وخلص تقرير لجنة أغرانات إلى أن مدير الاستخبارات العسكرية ضلل صانعي القرار، وقادهم إلى الاعتقاد بأن “الوسائل الخاصة” كانت تعمل، لكنها لم تلتقط أي معلومات عن الحرب.

وفي رد فعل بعض الخبراء في مصر حول التقرير المنشور حديثا ، نشر” rt ” أيضا على لسان اللواء سمير فرج مدير الشؤون المعنوية في الجيش المصري، قوله إن تقرير لجنة أغرانات هذه المرة تحت عنوان التقصير، يتحدث عن الجزء الخاص بالاستخبارات.
وأشار إلى أن التقرير الذي نشرته صحيفة “هآرتس”، وصف هذا التقصير بالخطأ المهني الفادح، لأن إلياهو زاعيرا إيلي زعيرا مدير الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية لم يستخدم الوسائل المتاحة له لمعرفة توقيت الحرب.
وأعطت هذه الاستخبارات معلومات مغلوطة وغير صحيحة للقيادة السياسية، مما ترتب عليه عدم اتخاذ القرار الصحيح والهزيمة.
وذكر فرج أن التقرير ألمح ولو بشكل غير مباشر لطبيعة الدور الذى قام به أشرف مروان لتضليل إسرائيل.
من جانبه قال اللواء محمد الشهاوي الخبير العسكري والمستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، إن لجنة أغرانات تكونت في نوفمبر 1973 للتحقيق في القصور الذي تصرف به الجيش الإسرائيلي فى حرب أكتوبر، وترأس اللجنة رئيس المحكمة العليا الإسرائيلية شيمون أغرانات.
وأوصت اللجنة بإقالة مدير الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية إلياهو زاعيرا، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي ليفي اليعاز، وكذلك عدد من ضباط الاستخبارات.
ويرى الشهاوي أن التقرير، يعد شهادة نجاح للجيش المصري في التمويه العسكري، وأن هذا التمويه كان على مستوى الجبهتين المصرية والسورية حيث كانت هناك خطة خداع استراتيجية شملت عدة نقاط في اختيار توقيت ساعة الصفر.
وعلقت الباحثة المتخصصة في الشأن الإسرائيلي سارة شريف، على تقرير صحيفة هآرتس بالقول إن التقرير صدر عدة مرات قبل ذلك وكلهم تناولوا نفس المعنى، وهو فشل الاستخبارات العسكرية في التنبؤ بحرب أكتوبر 1973 قبل وقوعها.
وأوضحت أن خطأ الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، وعلى وجه الخصوص خطأ رئيس الاستخبارات العسكرية إيلي زعيرا، يرجع في جزء كبير منه لأشرف مروان الذي زعمت إسرائيل أنها قامت بتجنيده، لكن حسب التقارير فإن مروان أبلغ زعيرا بأن مصر وسوريا تستعدان للهجوم الساعة الثامنة مساء، فيما تم الهجوم الساعة الثانية ظهرا، ورغم ذلك فإن زعيرا وحتى اليوم لأسباب غير معلومة تجاهل ذلك أو لم يتعامل معه بالحذر الكافي، فيما منح فارق التوقيت القوات المصرية، إمكانية تحطيم خط بارليف وعبور القناة.

*المصادر : هآرتس+rt+ وكالات .

التعليقات متوقفه