«الفاو» تحذر من أزمة غذاء عالمية..محمود منصور: غياب خطة طويلة الأجل لتوفير مخزون استراتيجي وأسواق متنوعة

شريف فياض: "عاصفة التنين" أثرت بشكل كبير على سنابل القمح وتراجعت الإنتاجية

270

جمال صيام: سلاسل إمداد الغذاء في العالم سوف تتوقف
حذر عدد من المختصين في الشأن الزراعي، من توقف سلاسل إمداد الغذاء في العالم نتيجة تراجع حركة التجارة الدولية وعدم قدرة الدول على الصادرات والإنتاج جراء تفشي انتشار فيروس كورونا، وشددوا على ضرورة تغيير السياسيات الخاصة بالزراعة، في ظل تهميش الفلاح والقطاع الزراعي ووضعه في المرتبة الأخيرة من اهتمامات الدولة.
ووفقًا لتقرير منظمة “الفاو” فإن المواد الغذائية ستشهداضطرابات وارتفاعا في الأسعار، مطالبة الدول بضررة اتخاذ إجراءات من شأنها مواجهة الأزمة.
وأصدرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “فاو”، بيانًا أكدت فيه أن العالم قد يشهد أزمة غذائية ما لم تتخذ إجراءات سريعة للحفاظ على استمرار سلاسل إمدادات الغذاء العالمية التي تضررت جراء انتشار فيروس كورونا منذ بداية العام الجاري وحماية الفئات الأكثر ضعفًا.
وأضافت المنظمة، أن تفشي فيروس كورونا عالميا وفرض كثير من الدول تدابير حجر صحي للحد من انتشاره تسبب في شل القدرة على نقل المواد الغذائية وأضر بقطاع الثروة الحيوانية بسبب ضعف إمكانية الوصول إلى العلف، إلى جانب قيود اللوجيستية ونقص العمالة.
كما حذرت تقريرها من احتمالات ارتفاع أسعار مواد غذائية مثل اللحوم وغيرها من السلع القابلة للتلف مقابل استقرار نسبي في أسعار السلع الأساسية المتوفر لها مخزون كبير.
تقارير غير دقيقة
واستنكر الدكتور خالد عياد، الأستاذ بمركز البحوث الزراعية، تصريحات المنظمة، مؤكدًا أن فيروس كورونا مرض يصيب الجهاز التنفسي للإنسان، وليس مرضا يصيب الأرض أو المحاصيل هو ما يجعلنا نؤكد أنه لم يؤثر على الطاقة الغذائية.
ووصف عياد، أن التقرير غير دقيق؛ وأن 90% من تلك الافتراضات غير علمية؛ خاصة في ظل غياب الرؤية عن استمرارية هذا الوضع من عدمه، قائلًا: لا يمكن لأحد في الوقت الراهن أن يتطلع لما يحدث في الفترات المقبلة. وأكد أن الواضح من أزمة كورونا أنه ليس وباءً يصيب البشر، نظرًا لأن الوباء ينهي بحياة قبائل وقرى بأكملها وليس شخصا أو اثنين، كالكوليرا والاركوت، وأن انتقاله من مريض لآخر يحدث كأعراض الأنفلونزا فقط.
ومقارنة بفيروس كورونا فإن الوفيات التي يسببها مرض الأنفلونزا أكثر بكثير من الأرقام المعلنة عنها لفيروس كورونا، مؤكدًا أن فيروس كورونا ضعيف يعترض كبار السن والذين يعانون من أمراض مزمنة حسبما ذكر.
وأضاف، أن العالم بأكمله قرية واحدة، وأن أي دولة في العالم مرت بأزمة غذائية ينعكس بالطبع على دول أخرى، خاصة أنه لا توجد دولة واحدة في العالم تزرع كل المحاصيل، ولكن هناك تبادل في الاستيراد والتصدير لأنها سياسة عالمية.
وأضاف، أن الصين في مدة قليلة أعلنت عن عدم وجود كورونا في بلادها رغم أن عدد سكانها يتعدوا الـ2 مليار، متسائلا: كيف يكون وباءً ولم يتعرض له أعداد كبيرة أو مدن؟.
تقييد الصادرات والواردات

بينما قال الدكتور جمال صيام، الخبير الزراعي، إن المؤشرات الاقتصادية والصحية تؤكد أن عددا كبيرا من الدول المصدرة للغذاء تعاني من فيروس كورونا، مثل فيتنام، أكورانيا، روسيا، الهند، أمريكا، وإيطاليا، الأمر الذي يجعلهم يقيدون صادراتهم بعد هذه الأزمة، إما تعليق بشكل كامل، أو تعليق بحد أقصى؛ مشيرًا إلى أننا نستورد حوالي 15 مليون طن من الحبوب، منها 10 ملايين طن من القمح والأرز، وأجمالي 60% من المواد الغذائية، ما ينتج عنه زيادة في الفاتورة والاحتياج، وهو مايجعلنا نبحث عن استيراد في الفترات المقبلة، لافتًا إلى أن انخفاض سعر البترول قد يخفف في تلك الأزمة أو يساهم في الحد من الارتفاع.
وأشار إلى أن مصر تستورد ما يقرب من خمسة ملايين طن ذرة صفراء من أمريكا التى تعاني في الوقت الراهن مما تعاني منه الدول الأخرى، وهو ما يجعلها تقيد صادراتها، مثلما حدث في عام 2008؛ لافتًا إلى أن هذه الأوضاع تضرب الأسعار في مقتل، الأمر الذي جعل منظمة الفاو تحذر من هذه النتائج.
وبين أن سلاسل إمداد الغذاء في العالم سوف تتوقف، ولا ينجى من هذا إلا البلاد التي قامت بتخزين استراتيجي، وأوضح أن ما يتم الإعلان عنه عن وجود سلع استراتيجية لمدة ثلاثة أِشهر لا يكفي، خاصة أننا طالبا كثيرًا بضرورة توفير مخزون يكفي لمدة سنتين.
وتابع أن الــ 7 ملايين طن المخزون الاستراتيجي للقمح سوف يكون جزءًا من حل المشكلة لفترة محددة، مشددًا على ضرورة تغيير السياسيات الخاصة بالزراعة حتى يكون لديها خطط على المدى القصير، خاصة أن الدولة تضع الزراعة في المرتبة الأخيرة من اهتماماتها.
وشدد الخبير الزراعي، على ضرورة تخزين أكبر قدر ممكن من الـ 9 ملايين طن من القمح المحلي، لأن الاكتفاء بـ 3 ملايين طن يعرضنا لأكبر خطر مع إعلان البنك الدولي دخول الاقتصاد في مرحلة الركود؛ حتى تتخذ الدولة السيناريو على أسوأ الاحتمالات، وأن تفرض سياسية ترشيد الاستهلاك ؛ كإجراءات حرب.
غياب المؤشرات
وفي السياق ذاته، قال الدكتور شريف فياض، الخبير الزراعي، إن الركود الاقتصادي الذي أعلن علنه البنك الدولي، سيؤثر على التجارة الدولية من ناحية، وقدرة الدول على الصادرات والإنتاج من ناحية أخرى.

د. فياض

وأَضاف، أن دول العالم تحاول توفير مخزون استراتيجي من المنتجات في ظل غياب المؤشرات التي تدل على نهاية الفيروس، خاصة أن المنتجين والمصدرين الأساسيين للمواد الغذائية مثل “أوروبا، أسبانيا، أوكرانيا، فرنسا، أمريكا، الولايات المتحدة، بريطانيا أصبحوا وكر للفيروس؛ مؤكدًا، أن حركة التجارة لهذه الدول لم تكن كما كانت في السابق، وإعادة هيكلة القطاع الصحي في بعض الدول، يؤثر على الموازنات والقدرة على الغذاء.
وتابع أن تقرير المنظمة يحذر من الإقبال على أزمة غذاء، إلى جانب ارتفاع أسعار الغذاء عالميًا، وهذا سيؤثر على الدول المعتمدة على تصدير الغذاء، من بينهم مصر التي تستورد أكثر من 60% من منتجاتها الغذائية كونها تستورد “القمح ، العدس، الفول، الذرة، سكر، والنباتات. وهو غذاء الفقراء من الشعب المصري. وأشار إلى أن نقابة الخبازين في أوكرانيا طالبت الدولة بفرض قيود على صادرات القمح لتوفير احتياجاتها من الغذاء، لتأمين نفسها خاصة أننا نستورد كمية كبيرة من القمح.
وأوضح، أن الاحتياطي سيتأثر بشكل كبير إذا استمرت الأزمة لمدة أربعة أشهر، خاصة أننا نورد خضراوات وفاكهة للدولة التي تعاني من أزمة كرونا أيضًا؛ وهذا نتيجة لعدم فتح أسواق جديدة للصادرات المصرية، وعدم التنوع لمناطق الصادرات، وإهمال أسواق إفريقيا وأمريكا اللاتينية في هذه المناطق، رغم أن الدول الكبرى تفتح أسواق كبيرة في هذه المناطق.
ولفت إلى أن عاصفة التنين، أثرت بشكل كبير على سنابل القمح، ما ترتب عليه تراجع في الإنتاجية، مشيرًا إلى أن السعر التي أعلنت عنه الوزارة الأسبوع الماضي، 700 جنيه لإردب القمح هو سعر غير مجزي للفلاح، مقارنة بالعام الماضي، موضحًا أن السعر لا يمكن أن يقل عن 800 أو 900 جنيه للإردب، ومؤكدًا أن الحكومة في ظل استمرارها لعدم ارتفاع الأسعار بشكل مجزي للفلاح سوف يضطر الفلاح أن يبيع للقطاع الخاص 4 ملايين طن؛ ولم يوردهم للدولة.
وأشار، إلى أن الدولة لم تخصص مليونًا واحدًا من الـ100 مليار التي خصصتها لمواجهة كورونا، ولم يستفد قطاع الزراعة إلا بتأجيل الضريبة على الأطيان الزراعية لمدة ثلاث سنوات. وأوضح أن صرف 500 جنيه للعمالة غير المنتظمة لمليون ونص عامل، رغم أن قوة العمل في مصر تقدر بـ 27 مليون منهم 5.5 مليون للقطاع العام، والقطاع الخاص يصل إلى 22 مليونا. متسائلًا: أين قطاع العمالة غير المنتظمة في القطاع الزراعي؟، مؤكدًا أن هناك غيابا في الإحصائيات والأرقام الخاصة بالعمالة غير المنتظمة في قطاع الزراعة.
وتابع فياض، أن السياسات الزراعية وتعامل الدولة مع الفلاح وتهمش المنتج الزراعي سيؤثر بشكل مباشر في تصاعد الأزمة.
مجابهة الفيروس
وقال أستاذ الاقتصاد الزراعي، الدكتور محمود منصور؛ إن الدولة المصرية وفقًا لتقرير منظمة الفاو ستعاني من مشكلات عديدة في الحبوب والبقوليات، خاصة أننا نستورد معظم منتجاتنا من الدول التي تعاني من أزمات، وهي نتيجة لعدم وجود خطة طويلة الأجل لتوفير مخزون استراتيجي وأسواق متنوعة، وأرصدة يتم دفعها على فترات.وأكد أن الأزمة لم تنل من مصر فقط فحسب، بل تمتد للعالم أجمع وغلق جميع الحدود ووقف الاستيراد والتصدير بسبب تفشي المرض. وأوضح أن هناك أولويات عديدة يجب أن يتم توجيه الدعم لها، مثل مجابهة الفيروس في ظل غياب الأرقام والإحصائيات الصحيحة، توقف عجلة الإنتاج، تدهور الاقتصاد، وخلافة.

 

التعليقات متوقفه