مينا كرم يكتب :الشنطة فيها كتاب دين !!

186

بقلم : مينا كرم

ليس هناك فرق بين رفع ترامب للأنجيل وسط حراسة مشددة في وجه معارضيه للتغطية علي فشله وعنصرية نظامه وبين الرئيس السادات الذي قال أنه رئيس مسلم لدولة مسلمة , وهناك تشابه كبير يصل إلي حد التطابق بين شعارات الحروب الصليبية الدينية المزيفة للتغطية علي أطماعها وبين رفع الخوارج للمصاحف علي أسنة الرماح التي كانت ” كلمة حق يراد بها باطل ” كما وصفها الامام علي ابن ابي طالب , كرم الله وجهه , حيث كان القاتل مسلما والقتيل مسلما لتبرير صراع علي منصب سياسي في النهاية , وهو نفس النهج الذي أنتهجه الأخوان والجماعات الدينية التي تتاجر بالدين للوصول للسلطة , و جميعهم امتداد لفكرة طفولية ساذجة بدأت حينما ظهر ذلك الطفل المزعج الذي أطاح بحقيبتك يوما ما وعندما ذهبت لأخذ حقك منه بمعاملة مماثلة صرخ قائلاً بان ” الشنطة فيها كتاب دين ” وهكذا يبدأ معه استخدام الدين كوسيلة للنصب والاتجار وليس للعبادة والتقرب لله وهو نفسه الشخص الذي يكبر ويستولي بدون وجه حق علي أراضي الدولة ويبني بها جامع او كنيسة حتي لا يستطيع أحد إزالة تعدياته !!.

إن تسيس الدين أو تديين السياسة يشوه كل منهما الأخر ويسيئ إليه اذ كيف نربط الثابت الديني بالمتغير السياسي , كيف نربط بين الكيان المقدس القائم علي المحبة والتسامح والبذل واللعبة السياسية القذرة القائمة علي المصالح والالاعيب المختلفة _ كما وصفها الانجليز dirty game , كيف يتحول الدين إلي أن يكون بضاعة رائجة لدي جموع الناس يتلاعب به السياسيين للوصول إلي مطامعهم في الوصول للسلطة وأهدافهم الخاصة , وكيف يسمح رجل الدين لنفسه بأن يلوث رسالته ونفسه بتأييد وتملق نظام حاكم أومعارضته باسم الدين ومن خلال أنصاره ؟ إليس الأصل للدين أن يكون قوة تحرر الأنسان بدلاً من أن تساهم في قهره ؟! فبعض رجال الدين – وليس الكل بالطبع – يعتقد من كثرة كلامه في الوعظ والتفسير في الكتب السماوية ان كلامه واراؤه صارت مقدسة مثل النص وينجرف خلفه البسطاء في حشده لهم سياسيا ليتلق هو الغنائم بعد ذلك ولا يبقي للبسطاء سوي اوضاعهم التي تزداد سوءا وايمانهم الخاطئ بان ذلك المضلل هو رجل الله !

صحيح أنه لا دولة ديمقراطية وطنية حديثة ترتكز علي المواطنة والمساواة بدون فصل الدين عن السياسة حيث لا يتلوث الدين ولا تتقيد السياسة ويتم تكبيلها ولكن يبدو أن هذا أيضا محض شعار وحلم طوباوي بعيد المنال إذ أنه – للأسف – لازال الدين حاضراً بقوة في السياسة بشكل غير مباشر حتي في أعتي الأنظمة التي تدعي العلمانية والديمقراطية وخير دليل ما يحدث الان في الولايات المتحدة التي أظهرت أنها لا تملك من الحرية والعلمانية المزعومة – التي تروج لها الالة الاعلامية الجبارة المزيفة الخاصة بها – سوي تمثال أنيق يقبع في جزيرة بمانهاتن من اهداء فرنسي ! .

تعليق 1
  1. رامي خليل يقول

    مقال رائع

التعليقات متوقفه