عبدالناصر قنديل يكتب :قراءة في أحداث 30 يونيه..نحو ثورة شعب وعزل مرسي

273

*بقلم:عبد الناصر قنديل

يمثل الحراك الجمعي المصحوب بتأييد شعبي واسع حالة استثنائية، خاصة في تاريخ الشعوب والأمم تستدعي حشد طاقات وتوافر ممكنات ذات طبيعة خاصة لا تتوافر للأمم إلا في حالات شديدة الخصوصية تستدعي إحاطتها بهالة وإفراد صفحات متفردة لها في التاريخ الانساني من منطلق أن تكرارها أمر يمكن الطموح له لكن لا يمكن تحديد موعده مطلقا، ومن هنا تأتي الاستثنائية والانبهار بالحالة المصرية التي تصر دوما علي تعليم البشرية والإنسانية معني أن تكون مصريا .

فما كاد العالم يستفيق من حالة الانبهار والتأمل في المسلك المصري المصاحب لانتفاضته الشعبية لتنحية حاكم استبد بموقعه لثلاثة عقود تراكم فيها الفساد والاستبداد لدرجة خال البعض معها استحالة تصحيح المسار،  فإذا بالشعب المصري يخرج الي الساحات والميادين طوال ثمانية عشر يوما من 25 يناير 2011 وحتي 11 فبراير 2011 متمسكا برحيل النظام ورافضا لكل المسكنات والتنازلات التي لا ترقي لآماله حتي تحقق له ما أراد لحظتها، وأن كانت مكاسبه قد تسربت من بين يديه في لحظات تالية لسوء إدارة المرحلة الانتقالية وحماقة الفعل القيادي للسلطة التشريعية والتنفيذية التي هيمنت عليها جماعة البنا، بعد عقود من التآمر والترقب ليعود الشعب وبعد عامين ونصف فقط، من موجته الثورية الأولي وعام أول من حلف اليمين للرئيس  الإخوانى  ليستجمع طاقة ما كان للكثيرين توقع امتلاكه لها بل والاحتشاد بأعداد فاقت بأضعاف مضاعفة حجم الحشود الشعبية السابقة لتنحي مبارك، ووصفها البعض بأنها أكبر موجة ثورية في تاريخ البشرية وتجمع بشري استثنائي يصعب تخيل امكانية تكراره مستقبلا ليعزل الشعب  رئيسا رآه أقل من حجم طموحاته ولا يحقق للثورة مطالبها التي قامت من أجلها بقدر ما يحقق لتنظيمه الخاص املاءته التي يأمره بها.

مرسى عام من الحكم .. فوضي القرارات الرئاسية.. وتصفية الحسابات

مرسي

عكس الأداء السياسيّ للرئيس المعزول منذ توليه السلطة فكرة كونه يُمثّل حزب الأغلبيّة أو الحزب الفائز في الانتخابات وعليه كانت المحطّات السياسيّة الكبرى في رئاسة مرسي مِثل تشكيلِ الحكومة وتأليفِ طاقم الرئاسة إضافةً إلى قراراته في الإعلان الدستوريّ الأخير 22 نوفمبر 2012 تنمّ عن سلوكٍ سياسيّ مرتبطٍ بفكرة اعتماد ما يراه حزبُ الأغلبيّة من إجراءات سياسيّة ملائمة، وليس ما تفرضه قيادة البلاد للمرحلة الانتقاليّة من اعتماد أسلوب التوافقات بين القوى السياسيّة وبالذات الثورية منها على الإجراءات السياسيّة مع أنّه كان قد توافق قبل الجولة الثانية من الانتخابات مع قوى سياسية وثورية على التوافق في ما يخصّ مسألة الدستور والحكومة وتحقيق مطالب الثوّار مقابل دعمه أمام مرشّح النظام السابق أحمد شفيق لاسيّما وأنّه كان في حاجة إلى هذا الدعم في الجولة الثانية .

والواقع أن مرسي بتصرفاته ومواقفه ساهم ربما بجهد وفير وإصرار حثيث في نجاح خروج الناس عليه بمعاندته ومواقفه التي هبطت بشعبيته بقوة لدي فئات مجتمعية عدة بدأها بأزمة القسم الذي أصر ألا يكون أمام المحكمة الدستورية العليا التي لم يخف كراهيته لها ولأحكامها فقرر أن يكون قسمه أقساما عدة أولها كان في ميدان التحرير وثانيها أمام المحكمة الدستورية وثالثها أمام قيادات الجماعة في جامعة القاهرة ما أشاع حالة من التوجس تجاه ما هو قادم منه وهو ما أكده بقراره الغريب بعودة مجلس الشعب المنحل بحكم المحكمة الدستورية ببطلانه في 14 يونيو 2012 وهو القرار الرئاسي الذي ألغاه القضاء المصري لتستمر مسيرة الفشل والصراع الرئاسي المجتمعي بمشاهد عدة من أحداث الاتحادية إلي خطابات التكفير والعزلة بإستاد القاهرة ومن الصدام مع القضاء إلي الصدام مع القوات المسلحة ومن رفض القوي السياسية للحوار معه الي رفض جموع الشعب لإعلاناته التي سماها بالدستورية ومن الاستقالات في مؤسسة الرئاسة إلي اعتذارات السياسيين عن العمل تحت سلطته .

وتشير المؤشرات الاقتصادية الدولية إلي مدي تدهور أوضاع مصر تحت حكم الرئيس المنتخب الذي رأه البعض منفذا أكثر منه صاحب القرار، فتم تخفيض التصنيف الائتماني لمصر للمرة الرابعة بما يعطيه ذلك من دلالة علي عدم الاستقرار وتراجع سعر صرف العملة المصرية أمام العملة الأجنبية.

منذ اللحظة التي أعلن فيها رئيس اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية نتيجة جولة الإعادة لصالح الدكتور محمد مرسي بفارق يقل عن 2 % عن منافسه ونحن أمام حالة التباس واضحة في المواقف والانحيازات بل والقرارات وهو ما تبدي جليا في عملية حلف اليمين التي كررها الرئيس عدة مرات من ميدان التحرير الي المحكمة الدستورية الي جامعة القاهرة ومن الحلف أمام شباب التحرير الي تكراره أمام قيادات جماعته وتنظيمه ليظهر مرسي رئيسا مرتبكا وشخصا منفذا للاملاءات أكثر مما هو قادر علي اتخاذ القرار والذي تظهر دلالاته في رصد وتحليل العديد من المواقف التالية .

أولا : فوضي القرارات الرئاسية ، خلال عامه اليتيم أصدر مرسي بوصفه رئيسا للجمهورية ( 237 ) قرارا رئاسيا توزعت علي  10 مجالات هي دوائر السلطة وميدان عملها: علي أن القرارات التي اتخذها الرئيس المخلوع خلال عامه الأول والأخير كانت لها السمات التالية :

أولا : غياب مبادئ المشاركة في صناعة واتخاذ القرار الرئاسي ( الإنفراد بالقرار ) حيث عكست قرارات الرئاسة حالة من الإنفراد التام للجماعة عبر الرئيس والحزب بصناعة القرار الرئاسي دون مشاورة أو مشاركة أية قوى سياسية أو حزبية أو حتي مؤسسات الدولة غير المسيطر عليها من قبل الجماعة .

ثانيا : عشوائية وفوضي القرار السياسي حيث لم ترتبط قرارات مؤسسة الرئاسة بأي شكل من الأشكال بالوعود الرئاسية التي تناثرت قبل تولي المنصب أو بالبرنامج الانتخابي أو بخطة إستراتيجية ممنهجة ولكنها عكست سيلا من قرارات التعيين والتنظيم العشوائي لمؤسسات الدولة .

ثالثا : تجاوز حدود السلطة وإهانة الدستور والقانون حيث مثلت القرارات الرئاسية منذ بداية العام الوحيد لمرسي تصادما واضحا مع السلطة القضائية وغيابا تاما لاحترام أعلى سلطات الدولة حيث بادر بإقرار عدد من الإعلانات الدستورية ( المكممة ) والتي ألغت حكم المحكمة الدستورية العليا الخاص ببطلان تشكيل مجلس الشعب بعد أيام معدودة من توليه السلطة وثانيهما تمثل في قرار إقالة النائب وتعيين نائب عام جديد أما الإعلان الثالث فقد كان تحصين لقراراته وإعلاناته بشكل فج مثل استهانة كاملة بالمؤسسة القضائية وللقانون والدستور المصري والعهود والمواثيق الدولية تسببت في غضب شعبي متنام أدي لإلغائها والتراجع عنها .

رابعا : استخدام القرارات لتصفية حسابات حزبية وتحقيق مصالح حزب الجماعة الحاكم، وهو ما تمثل في صدور قرارات بالعفو الرئاسي عن فصيل كبير من المحكوم عليهم في قضايا الإرهاب والمنتمين لتيار الإسلام السياسي، بالإضافة لقرارات تخصيص الأراضي والتعيين وقرارات التمكين في الصراع مع السلطة القضائية والمجتمع المدني لتعطي نموذجا هاما لتوجهات الرئاسة حول تصفية الحسابات مع الخصوم السياسيين والمدنيين لصالح تحقيق مصالح وأهداف الجماعة الحاكمة .

خامسا : التخبط والعشوائية وإصدار قرارات غير مدروسة اقتصاديا فكانت قرارات الرئاسة وردود الفعل عليها -حتى من وزراء السلطة التنفيذية – تعكس صورة واضحة افتقادها لأي دراسة أو حسابات فنية تتعلق بضمان تنفيذها وهو ما وضع الحكومة في مأزق ترتب عليه عدم قدرة النظام على تنفيذ العديد من تلك القرارات .

سادسا : غياب احترام حقوق الإنسان بعدما مثلت قرارات فرض الطوارئ وحظر التجوال في محافظات ومدن القناة تحد سافر من قبل المؤسسة الرئاسية للقوانين الوطنية والتشريعات الدولية مع زيادة أعداد الضحايا وإتلاف الممتلكات العامة والخاصة لتلقي القرارات الرئاسية مزيدا من العبء والانتهاك لحقوق هذا القطاع البالغ الأهمية جغرافيا وبشريا و استراتيجيا الذي دخل في عدائية وتحدٍ للمؤسسة انتهت بإسقاط تلك القرارات وانعدام أثرها.

 

غريب في القصر الجمهوري..التحركات الإقليمية والدولية لمؤسسة الرئاسة 

قام مرسي كرئيس للجمهورية بعدد من الزيارات والتحركات الدولية والإقليمية بلغت 18 زيارة شملت خمس قارات حيث مثلت الزيارات للقارات الأمريكية والأوروبية 33.4 % من حجم الزيارات بواقع 6 زيارات، بينما تساوت الزيارات التي قام بها لكل من منطقة الخليج والوطن العربي والقارة الأفريقية وأسيا بنسبة 22.2 % من حجم الزيارات بواقع  4 زيارات لكل منها.

أولا : مثلت بعض الزيارات والتحركات رد فعل لحضور مؤتمرات واجتماعات دولية وإقليمية بالأساس حيث كانت ثلاث زيارات من أصل أربعة قام بها المعزول للدول العربية ومنطقة الخليج استجابة لدعوات بحضور مؤتمرات مثل مؤتمرات القمة الإسلامية والدورة العادية للقمة العربية في حين مثلت ثلاث زيارات من أصل أربعة للمنطقة الأفريقية رد فعل لاجتماعات واحتفالات، حيث حضر الرئيس القمة الأفريقية وتجمع البريكس بالإضافة للمشاركة في العيد الـ 50 لاستقلال أوغندا في تحركات تفرضها الأجندة الإقليمية والدولية ولا تعكس أي نجاحات، وإن كانت تعكس العديد من إخفاقات الرئاسة التي أظهرتها تصرفات مرسي .

ثانيا : ركزت كافة الزيارات والاجتماعات على طلب المساعدات الاقتصادية بشكل عكس لكافة دول العالم وضع مصر المزري كما عكس عنها صورة للدولة المتسولة، حيث كانت البداية مع أولى زيارات الرئيس للسعودية وطلبه مساعدات اقتصادية ثم تصريحات الرئاسة بحصولها علي نصف مليار دولار من المساعدات السعودية ومليار كوديعة في شكل كانت تعتبره الرئاسة انتصارا في حين كان الأمر جليا في طلب المساعدات من الصين في صورة عربات الشرطة والملايين التي تبرعت بها الصين لمصر، وهكذا كان التسول العلني والواضح هو الشعار المعلن للزيارات الدولية حتى في اللقاءات التي جمعت الرئيس بزعماء وقادة ورؤساء وملوك في المحافل الإقليمية والدولية المختلفة .

ثالثا : مثلت استقبالات رئيس الجمهورية إهانة واضحة لممثل الشعب المصري ورئيس الدولة بعدما كانت استقبالاته تتم من قبل العمد، مثلما حدث في روسيا أو وزيرة التعدين في أثيوبيا أو نائب أمير في قطر بينما يستقبل مرسي بنفسه في القاهرة رؤساء أحزاب أو جماعات أو رؤساء جمعيات بشكل وضع المكانة الدبلوماسية لمؤسسة الرئاسة المصرية في مأزق وأهان الشارع والدولة المصرية دون أدني تحرك تصحيحي من مؤسسة الرئاسة، كما عكست خطبة أديس ابابا عدم التزام الرئاسة بأية معايير للخطاب الدبلوماسي بشكل أدي ( لأول مرة في التاريخ ) لقطع الكلمة عن رئيس مصري في محفل اقليمي او دولي وهو ما شكل إهانة للمنصب وللدولة .

رابعا : التناقض الواضح بين زيارات الرئيس وبيانات مكتبه الإعلامي حول مدى الاستفادة من تلك الزيارات وبين التناقص في حجم الاستثمارات مع الدول التي زارها، حيث كشف البنك المركزي تناقص الاستثمارات من الدول التي زارها الرئيس في الربع الثاني للسنة المالية 2012 – 2013 وهي دول ( إثيوبيا والسعودية والصين وإيران وإيطاليا وبلجيكا وتركيا وأمريكا وأوغندا ) في شكل يعكس نوعا من التضليل والتناقض بين التصريح والواقع ويكشف عن فشل رئاسي واضح في الملف الاقتصادي .

خامسا : الغياب التام وانعدام الشفافية حول المعلومات التي تعلنها الرئاسة عن البرتوكولات والعقود التي تعلن عقب كل زيارة أنه تم توقيعها حيث لم تنشر المؤسسة الرئاسية أيا من تلك العقود أو البروتوكولات ولم تحدد مواعيد العمل بمعظمها وتركت الأمر للبيان الرئاسي الغائب بشكل يشكك في مصداقية الفعل ويثير حالة من الغموض حول الأداء الرئاسي .

سادسا : بعض الزيارات مثلت ردود افعالها تهديدا وتوترا للعلاقات مع البلدان التي تمت زيارتها حيث مثلت زيارة الرئيس لروسيا وألمانيا نموذجا واضحا لأزمة حقيقية خلفتها تلك الزيارات فعكست مشكلة القمح الروسي والمعونات الألمانية توترا واضحا في العلاقات، خاصة بعد رد فعل الرئاسة بتنفيذ حملة إعلامية كاذبة تماما عن ارتفاع توريدات القمح المصري، أما فيما يخص ألمانيا فإن الأخبار المتعلقة بدعمها لأنشطة تستهدف تحجيم تنامي تيار الإسلام السياسي في المنطقة دليل على مدي توتر العلاقات إضافة لتصريحات وزيرة الخارجية اللاذعة حول تقديمها النصائح لمرسي حول كيفية إدارة الدولة .

سابعا : رغم أن الحصول على منح ومعونات اقتصادية كان الهدف الرئيسي المعلن لتلك الزيارات إلا أنها لم تشمل دولا هامة تحتوي العديد من الأرصدة والحسابات الخاصة بالنظام السابق مثل سويسرا والمملكة المتحدة بينما يذهب مرسي لباكستان وإيران والهند ويتحدث عن منح وعلاقات اقتصادية .

ثامنا : التكلفة المرتفعة لجولات المؤسسة الرئاسية حيث حرص مرسي في أغلب تلك الزيارات علي أن يصطحب مجموعة كبيرة من الوزراء والمسئولين بل والأصدقاء ( حتي أن الوفد المصري الذي صاحب الرئيس لقطر أثناء مؤتمر القمة كان أكبر من الوفد القطري ذاته وهي الدولة المضيفة في سابقة غير مسبوقة ) وكذلك سبق العديد من الزيارات الرئاسية مجموعة من الزيارات التمهيدية من قبل بعض المسئولين بشكل غير متعارف عليه في الأعراف الدولية ويثير التساؤل حول التكلفة الاقتصادية المرتفعة لتلك الزيارات .

أما تحركات الرئيس الداخلية وزياراته للمحافظات فيمكن ابداء الملاحظات التالية عليها :

أولا : محاولة مؤسسة الرئاسة القفز على أية إنجازات حتى وإن كانت وهمية مثل حملة زيادة محصول القمح وزيارة مرسي لأحد الحقول بمنطقة برج العرب بالإسكندرية أو أنها لا ترتقي لصفة الإنجاز مثل افتتاح الرئيس لوصلة مرورية ومصنع للمكرونة أو الاحتفاء بانجازات لم يقم بها بل كانت نتاج اتفاقات مبرمة في عهد الرئيس السابق مثل مشروعات مترو الأنفاق .

ثانيا : التحركات الاقصائية لمرسي ( والتي دائما ما كانت لصالح جماعته ومحبيه ) بشكل يعكس صورة من صور الدعاية والخطاب الإقصائي أكثر من كونها تحركا له أهداف محددة يرتقى لمنزلة رئيس يخاطب شعب لكنه عوضا عن هذا طبق سياسة الموظف الذي يخاطب جماعته ( أهله وعشيرته ) وهو ما أظهرته خطاباته في كافة المناسبات مثل خطاب إستاد القاهرة الأخير ومن قبلها خطابه وسط أنصاره بالاتحادية .

الخطابات الرئاسية .. كوميديا التشبيهات والحركات تحدث لمدة  156 دقيقة متصلة في خطاب واحد.. وردد الشرعية  198  مرة في خطاب

ظهر المعزول بصورة الأكثر خطابات بل والأطول خطابة بكل تأكيد في تاريخ مصر، وربما عجزت الذهنية البشرية أن تستدعي صورة رئيس مصري غيره، ظل يتحدث لمدة 156 دقيقة متصلة في خطاب واحد أو ردد لفظة واحدة  198  مرة في خطاب لم يتجاوز 55 دقيقة مثلما فعلها المخلوع في كلمته المتلفزة حول الشرعية.

فمع عشرات الخطابات الرئاسية التي ألقاها مرسي في محافل عدة والتي كانت أحد أهم جوانب إخفاق المؤسسة الرئاسية وأحد مداخل الانتقادات وأكثرها التي وجهها الشارع المصري لممثل جماعة وحزبها بالقصر الجمهوري وهو ما يمكن أن نرجعه للأسباب التالية :

أولا : أنها جاءت في معظمها خطابا عاطفيا لا يحمل معاني سياسية أو يعبر عن خطط وإستراتيجيات وإنما ركزت بالأساس على الجانب العاطفي للمواطن المصري، كما حملت تلك الخطب ألفاظا ومصطلحات لا ترتقي للمنصب الرئاسي ومثلت في حد ذاتها إهانة للمنصب وكادت أن تعرض الرئيس لمساءلات قانونية كان أكثرها سخرية وتفزيعا ما قاله في خطابه قبل الأخير عن ( فودة المنصورة وعاشور الشرقية والواد بتاع البنزيمة ).

ثانيا : خلت كل تلك الخطابات من الإعداد المسبق الجيد بشكل جعلها تحمل العديد من التجاوزات والأخبار والمعلومات غير الدقيقة وفي حالات عديدة الكاذب مثلما جاء فى خطاب الاتحادية وإعلانه عن معرفته الكاملة بالمتهمين والمحرضين وخلافه من معلومات كانت محل تحقيق قضائي خرجت نتائجه بعكس ما صرح به .

كما عكست غالبية الخطب سطحية غير مقبولة لثقافة الرئيس، رغم درجته العلمية وخبرته العملية المعلنة حيث حملت خطاباته العديد من الأخطاء اللغوية والتراكيب الإنجليزية الغريبة إضافة لمزجه بينهما في تعبيرات ليس لها معني خلقت استخفافا بقيمة الخطاب الرئاسي كما كانت أخطاؤه فيما يتعلق بالاستعانة بأبيات الشعر والأدب ومواقف التاريخ وغيرها تمثل سطحية تامة وافتقادا للمعلومات والثقافة بل وكانت خطابات الرئاسة أحد أسباب تغيير صورته لدى منتخبيه بعدما تعددت أخطاؤه فيما يتعلق باستعانته بآيات من القرآن الكريم حيث اهتزت صورة الرئيس (الحافظ للكتاب المتدين بالفطرة ).

ثالثا : خلت خطابات المعزول من ذكر مصادر علمية وأرقام وأدلة وبراهين حيث أعتمد على الاستطراد غير المبني على أية أدلة ولا براهين، بل وحملت العديد من الخطابات عبارات التهديد والوعيد للمعارضين لسياسات الجماعة أو للرئاسة بشكل خلق عداء متواصلا بين الحركات والقوى المعارضة وبين الرئاسة .

رابعا : عكس الخطاب الأخير لمرسي والخاص بكشف حساب الإنجازات والإخفاقات الرئاسية في عامها الأول خللا وضعفا رئاسيا واضحا في خطاب استمر لمدة 156 دقيقة كأحد أطول خطابات الرؤساء المصريين عبر التاريخ رغم أنه تضمن 98 تصفيقة بواقع 3  تصفيقات كل  5 دقائق بصورة جعلت منه حوارا للدعاية الرئاسية والحزبية البحتة وسط أنصاره ومعاونيه كما أعطاه التصفيق الحاد شكلا مقاربا للخطابات الرئاسية للنظام السابق .

خامسا : حمل خطابات المعزول تناقضات واضحة تمثلت في ثنائية الاعتذار تارة وإلصاق الاتهامات بأطراف أخرى بالتسبب في كافة المشكلات تارة أخرى بشكل يجعل السؤال عن ماهية أسباب الاعتذار في الوقت الذي يرى فيه الرئيس ( المعتذر ) أنه ليس مخطئا وهو ما ظهر خلال خطابه الكارثي عبر التالي :

أن الشباب المصري نزل في الميادين ليس لفشل الرئيس ولكن لفشل الأحزاب السياسية في احتوائه واحتواء طاقاته وتحويلها لطاقة إيجابية .

أن الجماعة لا تنفرد بالسلطة ولكن المعارضة هي من لا يرغب في الحوار أو التعاون مع الرئاسة وترفض كافة المناصب التي تعرض عليها .

أن المشهد الحالي لا يمثل غضبا على الرئاسة ولكنه يمثل مشهدا عبثيا يختلط فيه أعداء الثورة مع الثوار .

رغم ان الجميع يرى الانقسام في الشارع المصري لكن الرئيس يوضح خطأ نظرتهم ويصف الشارع بأنه منقسم فقط بين المؤيد والمعارض، وهذا أمر طبيعي في نظرته الخاصة للأمور .

ـ أن أزمات الطاقة مفتعلة وأن النظام السابق والعملاء والمحرضين هم سبب افتعالها وأنه لا توجد أزمة حقيقية .

أن المظاهرات لا تعبر عن مشكلات الشارع وأنها تعبر فقط عن العقبات والخطط المفتعلة لإفشال الرئيس .

استخدام نفس عبارات التخوين والعمالة التي كان يستخدمها النظام السابق في تكريس لسياسة إقصاء المعارضة وتشويه صورتها وإلقاء اللوم عليها .

استخدام خطابا تشهيريا ببعض معارضيه بشكل يعكس حجم الاستهانة بالنظام القانوني للدولة حيث سرد الرئيس مجموعة من الاتهامات لأسماء بعينها من المسئولين السابقين والقضاة وغيرهم وأصحاب القنوات في شكل واضح لاستغلال المنبر الإعلامي الذي وفره المنصب الرئاسي لأغراض انتقامية قد تعرض منصب الرئيس للمساءلة القانونية كما حمل الخطاب جملة من التهديدات للمعارضين وغيرهم بشكل جعله يهدد بالمحاكمة العسكرية لمن يتعدوا عليه مكررا أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة وهو ما يمثل انتكاسة للحريات والحقوق .

ـ التلاعب بالأرقام الاقتصادية والإحصائيات بشكل عكس توجها ممنهجا لاستغلال القصور المعرفي لدي الكثير من المواطنين بالمعلومات الاقتصادية خاصة عندما عرض حجم الزيادات في المرتبات والمعاشات وغيرها وعندما أدعي أنها تعادل زيادات ( 60 ) عاما مضت دون أن يتطرق لأية حقائق أو يتطرق للأزمة التي وضعها لحكومته في كيفية الحصول على المبالغ اللازمة لسداد تلك الالتزامات أو لحجم المديونيات التي ستتحملها الدولة نتيجة قراراته الانفعالية غير المدروسة، كما أخطأ الرئيس في العديد من الأرقام الاقتصادية المذكورة، وخاصة في الحديث عن زيادة ميزانيات التعليم والصحة والمخصصات الخاصة بسيناء، حيث عكست الموازنة تقلصا في ميزانيات التعليم والصحة وليس زيادة المخصصات لهما، بالإضافة لحساب حجم التضخم وتدني القيمة الشرائية الحالية للجنيه وحجم ومتطلبات الدعم المالي الخاص بكادر الأطباء وغيرها .

استخدام عبارات السخرية والاستهزاء والاتهام بكثرة وبشكل يعكس كبرياء وغطرسة جوفاء لا تستند سوى على الخوف الواضح من الأحداث القادمة ومحاولة الظهور بمظهر القوي في مواجهة معارضيه لكنه استخدمها بشكل نم عن المزيد من الضعف وعدم احترام المنصب الرئاسي وما يتطلبه من احترام لكافة المواطنين والانتماءات والفئات .

مثلت القرارات التي اتخذها الرئيس بنهاية خطابه أزمة في حد ذاتها إذ مثل قرار انشاء وحدة مكافحة البلطجة و قطع الطرق تحديا واضحا للحق في الإضراب والتظاهر بشكل يعكس محاولته لقمع مخالفيه ولا يعطي أي حلول لمشكلات قطع الطرق التي أضحت ثاني وسيلة احتجاجية يستخدمها المتظاهرون للضغط على الدولة من أجل تحقيق مطالبهم .

ـ مثل قرار تفويض المحافظين في إقالة رموز النظام السابق وتفويض الوزير المختص في سحب التراخيص من بعض محطات البنزين تعديا واضحا على القانون بشكل يخالف نص الحكم المبطل لإبعاد رموز الوطني المنحل من العمل السياسي وكذلك تحديا بمنح سلطات للمحافظين تدخل في نطاق صلاحيات السلطة القضائية.

تراكمات الغضب الشعبي.. 9500 احتجاج شعبى  خلال عام من حكم المعزول

شهد العام الأول والأخير من الفترة الرئاسية الأولى للرئيس المعزول قيام المصريين بالعديد من الاحتجاجات والتي بلغ مجموعها 9427 احتجاجا في سابقة تاريخية لم تحدث من قبل، حيث نفذ الشارع المصري- خلال مطلع حكمه يوليو 2012 – 566 احتجاجا واستمر الوضع على تلك النسبة خلال الأشهر السبعة الأولى من العام والتي انتهت في يناير 2013 بتنفيذ 564 احتجاجا وسط تأرجح في أعداد الاحتجاجات خلال تلك الأشهر ما بين 397 احتجاجا في حدها الأدنى و615 احتجاجا في حدها الأقصى، بينما شهدت الأشهر الخمسة الأخيرة لحكمه قفزة نوعية في أعداد الاحتجاجات التي نظمها المصريون، شهد فبراير 2013 تنفيذ  864 احتجاجا بنسبة ارتفاع قدره 53 % عن شهر يناير من نفس العام ليشهد شهر مارس قفزة أخرى تمثلت في تنظيم الشارع المصري لعدد  1354 احتجاجا بارتفاع قدره 56.7 % عن سابقه حتي وصلت احتجاجات لذروتها خلال أبريل 2013 بعدما نظم المصريون 1462 احتجاجا فيما مثل شهرا مايو ويوليو امتدادا لما حققته الأشهر التي سبقتها من قفزات احتجاجية حيث سجل مايو 1300  احتجاج في حين سجل العشرون يوما الأولى من شهر يونيه عدد 880 احتجاجا ينتهي بتنظيم المصريين لأكبر تجمع احتجاجي ضد نظام حاكم شهدته البلاد على مر العصور.

وقد جاءت المطالب الخاصة بالحق في العمل متصدرة كعادتها الدائمة للحراك الاحتجاجي في مصر، والتي ثار من أجلها العشرات من الفئات في كافة الوظائف والمهن والحرف والقطاعات المنظمة حيث تم تنظيم عدد  4609  احتجاجات مثلت تقريبا 49 % من الحراك الاحتجاجي خلال العام كان الأبرز فيها احتجاجات الموظفين بالقطاعين الحكومى والعام بشكل تبدي نموذجا جليا لانقلاب النظام البيروقراطي على نفسه ( والذي يعد واحدا من أضخم النظم البيروقراطية في العالم ) بعدما عجزت الدولة عن سد احتياجاته .

أدوات وأشكال الاحتجاج

تمثل الأدوات التي يستخدمها المحتجون وسيلة شديدة الأهمية لمعرفة قيمة وتأثير الاحتجاج حيث استخدم المحتجون خلال العام عدد  62 وسيلة وشكلا احتجاجيا في إطار يعكس حرص المحتج المصري على الابتكار والتجديد واستخدام كافة الوسائل التي تستطيع أن تعلى من مطالبه وتساعد في إيصال رسالته على أوسع نطاق وانتهج المحتجون سياسة السلمية تارة والعنف تارة أخرى، كما كانت سياسة التصعيد معبرة دائما عن كم التجاهل الذي يلاقيه المحتجون من كافل الحق .

مثلت جغرافيا الأداء الاحتجاجي نموذجا بالغ الدلالة في ايضاح ما يمكن اعتباره انتشارا هندسيا للاحتجاجات الشعبية بحيث لم تخل محافظة واحدة من علامات ودلائل الرفض لسياسات الحكم كما عكست مواقع الحراك الاحتجاجي مشهدا تنتفض فيه كافة محافظات الجمهورية، بشكل لا مركزي، ينم عن اجتياح ملامح انتهاك الحقوق والغضب بين كافة الأقاليم والقطاعات الجغرافية للجمهورية .

فبالرغم من استمرار تصدر العاصمة للمحافظات المحتجة بعدما شهدت القاهرة 1570احتجاجا خلال العام بنسبة 16.7 % من الاحتجاجات إلا أن تلك النسبة بالمقارنة مع السنوات السابقة تعكس انخفاضا ملحوظا في نسبة الاحتجاجات التي تشهدها العاصمة وهو ما يمكن تفهمه وإعادته الي اشتعال باقي محافظات الجمهورية بالحراك الاحتجاجي حيث احتلت محافظة الغربية المركز الثاني في المحافظات المحتجة بعدما شهدت 684 احتجاجا تلتها محافظة الشرقية مسقط رأس الرئيس الإخواني والتي نفذت  624 احتجاجا في حين جاءت محافظة الإسكندرية في المركز الرابع  626 احتجاجا، بينما كانت مرسي مطروح هي المحافظة الأقل في نسبة الاحتجاجات .

تمرد .. من حركة احتجاجية إلي مشروع وطن

ولدت حركة تمرد في 26 من أبريل 2013 باعتبارها حركة شبابية أطلقها مجموعة من الصحفيين والنشطاء الشباب، تهدف الي سحب الثقة من رئيس الجمهورية، مستخدمين كوسيلة لتحقيق هدفهم استمارات لجمع توقيعات تنص على الرغبة من قبل الموقع في سحب الثقة من الرئيس والدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة، وتقوم فلسفتها على أن الشعب المصري الذي اختار مرسي في أول انتخابات رئاسية تجري بعد الثورة من حقه أن يسحب الثقة من الرئيس، الذي فشل في تحقيق آمال المصريين من خلال جمع توقيعات من أفراد الشعب تؤكد رغبتهم فى ذلك  وبأعداد تفوق حجم ما حصل عليه من أصوات انتخابية .

وجاء في البيان التأسيسي للحملة ( وجب علينا التمرد بعد ما وصلت إليه البلاد من تدهور ملحوظ في الحالة الاقتصادية وسوء الأحوال السياسية بعد وصول جماعة الإخوان المسلمين إلى حكم البلاد برئيسها محمد مرسى الذى أخل بكل موازين العدالة وضرب بالثورة وإرادة الشعب المصري عرض الحائط وكأن الثورة لم تقم ).

وخلال مدة لا تجاوز شهرين تحولت المبادرة الشبابية الي حلم مجتمعي استطاع تفجير طاقات هائلة لدي جموع الشعب المصري الذي أقبل بكثافة منقطعة النظير علي توقيع الاستمارات وتصويرها وطباعتها واحتضان الشباب في حملاتها بكافة الأماكن، اضافة الي أن الحركة لم تستفد فقط من إيجابيات وعناصر القوة لما سبقها من حركات وتنظيمات، ولكنها تجنب كافة السلبيات التي ارتكبتها أو انجرفت اليها الحركات السابقة لها، حيث اعتمدت قوة الحركة على النقاط التالية :

ـ أن الحركة انطلقت في توقيت أكثر من ملائم بحيث مثلت طوق النجاة للملايين من المواطنين فاستطاعت تحقيق مبدأ المشاركة المجتمعية وجمع كافة الأطراف تحت لواء واحد وأهداف واضحة ومحددة و مقبولة .

ـ الاعتماد على مجموعة من الشباب البعيد عن الأضواء الإعلامية أو حملات التشويه أو التورط في أية أنشطة أو مواقف يعتبرها الشارع أو القوى السياسية أنها سلبية .

ـ اعتماد الحملة على المجهودات الذاتية والتبرعات البسيطة وعدم التورط في أية شبهات خاصة بالدعم المالي أو التمويل الداخلي أو الخارجي، وهو ما رفع من مؤشرات مصداقيتها لدي المواطن .

ـ التزام الحملة بقانونية أنشطتها وحفاظها على حدود جعلتها واحدة من أكثر الحملات والحركات المصرية الملتزمة بالقانون شكلا ومضمونا وهو ما أعطاها المزيد من المساحة و القليل من الملاحقة القضائية .

ـ استفادت الحركة بشكل كبير من الخبرات السياسة لمجموعة كبيرة من الكوادر والنخب دون أن تضع هذا جليا أمام كاميرات النقد حتى لا تخسر أيا من مؤيديها أو تثير أية لبس واكتفت بالاستفادة الكبيرة من تلك الخبرات دون أن تضعهم في مقدمة قطار الحملة .

ـ وضعت الحملة إستراتيجيات وأهداف واضحة وبسيطة ويسهل فهمها من قبل الشارع ويسهل الوصول لها والمشاركة في فعالياتها فاعتمدت الحركة على النزول للمواطن والالتحام به بشكل مباشر .

التوتر والعنف في مواجهة تمرد

روع النجاح المفاجئ والمنقطع النظير لحملات جمع التوقيعات من قبل تمرد وانتشارها الجغرافي السريع بمختلف أنحاء مصر دوائر السلطة لدي المخلوع والمتحلقين حولها من قوي وجماعات تمثل في أغلبها قوي التشدد الديني بتاريخها الدموي السابق، والتي حاولت بسعي حثيث ودءوب اضعاف تمرد وتفكيك الجموع الشعبية المحتشدة حولها لتتوالي التهديدات من قبل جبهة الأحزاب ذات المرجعية الدينية بشكل يهدف لخلق حالة من التخويف والإرهاب لكل المؤيدين لتمرد أو لدعوات التظاهر في 30 يونيه، حيث استخدم فيه النظام الحاكم عددا من أسلحته التقليدية مثل الفتاوي وإلصاق الاتهامات والتهديد بالقتل وإسالة الدماء أو إحراق الدولة وغيرها من التصريحات والمواقف التي كان أهمها في التالي:

ـ تهديد صفوت حجازى خلال مليونية ( لا للعنف) بقوله ( اللى هيرش مرسي بالماء سنرشه بالدم)

ـ تهديد طارق الزمر ( ستسحقون جميعًا وسيكون هذا اليوم الضربة القاضية لكل المعارضة )

ـ تهديد عاصم عبدالماجد ( الرئيس لن يتنحي أبدا ومن اعتدي علينا فلا يلومن إلا نفسه وقيادات حركة ( تمرد ) مجموعة من الشيوعيين المعادين للإسلام ) وأيضا تصريحه خلال المؤتمر الاسلامي الذي عقد بمحافظة المنيا ( أرى رؤوسا قد أينعت وقد حان قطافها ) نهاية بكلمته (احذر من حرب أهلية تقضى على كل أشكال الحياة فى الدولة) كما كررها عبد الماجد أنه ( فى حالة التطاول غدا على الشرعية سيعلن عن تشكيل مجلس قيادة الثورة الإسلامية وإذا كانوا يهددونا بحملة صليبية فنحن لدينا صلاح الدين) وأضاف الإرهابي العجوز خلال مؤتمر حملة تجرد بمسجد رابعة العدوية أن (الحرب الآن ليست فى الأعداد الحقيقية التى جمعتها حملتا تمرد وتجرد وإنما الحرب الآن حرب على الأرض حرب على المشروع الإسلامى) وأشار عبدالماجد إلى أن ( من اقتحم المساجد فى التاريخ هو نابليون بونابرت قائد الحملة الصليبية المعروفة باسم الحملة الفرنسية مشيرا إلى أن من يكره الحجاب والنقاب والمساجد هم المتطرفون الأقباط وأن الحملة الصليبية الجديدة استعانت بأوﻻد ماركسيين ليجمعوا توقيعات تحت اسم تمرد ليبدأوا حربهم على المشروع الإسلامى).

ـ أفتى الدكتور محمد عبدالمقصود النائب الثانى لرئيس الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح أن (من يقتل غداً فى تظاهرات 30 يونيو دفاعاً عن الشريعة والشرعية فهو شهيد) كما علق عبدالمقصود فى تصريح له عبر صفحته الرسمية على شبكة التواصل الاجتماعى فيس بوك رداً على تساؤلات من الشباب الإسلامى حول النزول للاعتصام فى رابعة العدوية قائلاً (قولوا للإخوة تنزل دفاعاً عن الشريعة والشرعية والأفضل طبعاً أن تنزل الآن وتعتصم مع الإخوة فى رابعة العدوية حتى من عليه دين ومن يقتل دفاعاَ عن الشريعة والشرعية فهو بإذن الله شهيد).

ـ التدريبات الرياضية التى شهدتها مليونية ( لا للعنف ) وأجراها عدد من شباب جماعة الإخوان المسلمين والتيار السلفى، وتركزت التدريبات حول الدفاع عن النفس والتصدى للخصوم وارتدى خلالها عدد من الشباب الخوذات للحماية أثناء التدريب وحمل العشرات منهم الشوم والعصى، كما نظم المشاركون استعراضا لألعاب الكاراتيه ورياضات الكونغ فو وكمال الأجسام فى حديقة المسجد مرددين صيحات منها ( قوة ـ عزيمة ـ إيمان ـ مرسى بيضرب فى المليان).

ـ فتوى الشيخ أشرف عبدالمنعم العضو المؤسس للهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح وعضو الجبهة السلفية المتعلقة بجواز قتل المتظاهرين في 30 يونيو .

ـ مطالبة محمد عباس رئيس حزب الأمة السلفي جميع الإسلاميين بمبايعته (على الموت حتى القضاء على معارضي الرئيس محمد مرسي الذين سيثورون ضده في 30 يونيو)

ـ جمال الهلالي أمين عام حزب البناء والتنمية (يوم 30 يونيو مرسي لن يخرج من القصر وسيظل داخله حتي عام 2017 وسننزل في الميادين للشهادة).

ـ بيان الحزب الإسلامي التابع لتنظيم الجهاد (فى حال سقوط مرسى سنعلن الدولة الإسلامية بولاية أيمن الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة).

ـ حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان بالدقهلية ( شباب حركة تمرد هاجموا مسجد النصر بالمنصورة واعتدوا على الشباب والنساء بداخله وخارجه، وذلك بعد انتهاء الاحتفالية بذكرى الإسراء والمعراج فى المسجد).

ـ محمد الظواهري القيادي بتنظيم السلفية الجهادية ( لن نشارك كمؤيدين او معارضين فى المظاهرات ولكن سنتصدى لأي تعد على الإسلام لا بصفتنا جماعة أو تنظيم وإنما بصفتنا مجموع الأمة المسلمة).

ـ محمد عباس رئيس حزب الراية ( اطالب رئيس الجمهورية باعتقال تحفظي لقيادات جبهة الإنقاذ ومساعديهم وأعوانهم والتحقق من اشتراكهم في مؤامرة أو تلقيهم تمويلا من الخارج وإغلاق قنوات الفتنة ونصف قنوات الدولة في ماسبيرو واعتقال مذيعي وصحافيي الفتنة وبحث مصادر تمويلهم ومحاسبتهم بقانون من أين لك هذا).

كما أنه في الوقت الذي منعت فيه وزارة الأوقاف الشيخ ياسر برهامى من إلقاء الدروس بمسجد حاتم بالإسكندرية متعللة بأنه تخطى رسالة المسجد الدعوية إلى توظيفه فى السياسية والعمل الحزبى وذكر أشخاص ومواقف بعينها كأحزاب ومؤسسات مدنية وعسكرية ودمج بين الدرس والأمور السياسية، فقد تركت مساجد ومنابر محددة لتكفير الخصوم السياسيين وسبهم والنيل من أعراضهم دون تدخل أو منع لا لشيء إلا لكونهم من أنصار الحاكم فاستمرت الدعاية للعنف والتلويح به من قبل قيادات تيارات الإسلام السياسي والتي يمثل الأغلب الأعم منهم عددا من القتلة العجائز الذين قضوا شطرا ليس بالقليل من أعمارهم وراء القضبان تنفيذا لعقوبات تتعلق بجرائمهم الإرهابية .

وكانت النتيجة الطبيعية لهذا التحريض والخطاب الطائفي عديدا من ممارسات العنف والجرائم التي ارتكبها أنصار تيارات التأسلم السياسي سواء منساقين بفتاوي كتلك السابقة أو مطمئنين بمساندة ودعم نظام يسيطر عبر نائب عام مطعون في شرعيته علي مقدرات اقرار العدالة .

30 يونيه..  يوم الشعب

تحول 30 يونيو من مجرد مظهر احتجاجي علي سياسات ممثل الجماعة بالقصر الرئاسي إلي تاريخ مصيري فارق، ليعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة في صيغة أقرب للإنذار إمهال الجميع ( أسبوعا ) للتوافق وتحديد مسار تصحيحي للخروج من المأزق وهو ما استغلته حركة تمرد التي استبقت موعدها بيوم واحد من 30 يونيه لتعقد مؤتمرا صحفيا أكدت خلاله حصولهم على 22 مليونا 134 ألفا 465 توقيعا لسحب الثقة من الرئيس وهو نجاح بالغ للحملة التي بدأت وهي تستهدف الوصول لعدد ( 15 ) مليون توقيع فقط علي أن تمرد كانت تدرك جيدا أن قيمة الورقة لا تكتمل إلا بمشاركة الموقعين عليها في موجة المد الثوري الثانية فأكد محمود بدر مؤسس حملة تمرد خلال المؤتمر أن الاستمارات بغير مظاهرات وعصيان مدنى يحميها لن يكون لها قيمة وأن (هذه الأرقام النهائية لتمرد جاءت بعد سحب 100 ألف ورقة مكررة وأكثر من 56 ورقة ليست مكتملة البيانات).

وفي استجابة شعبية رائعة جاء 30 يونيه ليشهد خروج الشارع المصرى عبر ( 336 ) تظاهرة احتجاجية ضمن التظاهرات المطالبة بإسقاط النظام شارك فيها قرابة ( 32 ) مليون متظاهر ليس لديهم سوى مطلب واحد فقط ألا وهو اسقاط نظام الاخوان .

فشهدت الموجة الثورية قيام الأهالى والمواطنين بالتعاون مع النشطاء ومختلف القوى الثورية بتنظيم 287 احتجاجا شعبيا فى حين خرج المحامون فى  10 مظاهرات احتجاجية أما الموظفون بالقطاع الحكومى فقد نظموا 9 احتجاجات ونواب مجلس الشورى 9 احتجاجات والعمال 6  والعاملون بالقطاع الأمنى 5 والعاملون بالقطاع السياحى3  فى حين شارك كل من العاملين بالقطاع الطبى والتعليمى والقضاة والأدباء والفنانين والإعلاميين والصوفيين والفلاحين فى مظهر احتجاجى واحد.

لتعاود القوات المسلحة إصدار بيان جديد وحاسم تدعو فيه لتلبية ( مطالب الشعب وتمهل الجميــع [ 48 ] ساعة كفرصة أخيرة لتحمل أعباء الظرف التاريخي الذى يمر به الوطن الذى لن يتسامح أو يغفر لأي قوى تقصر فى تحمل مسئولياتها إضافة إلي أنه إذا لم تتحقق مطالب الشعب خلال المهلة المحددة فسوف يكون لزاماً عليها استنادا لمسئوليتها الوطنية والتاريخية واحتراما لمطالب شعب مصر العظيم أن تعلن عن خارطة مستقبل وإجراءات تشرف على تنفيذها وبمشاركة جميع الأطياف والاتجاهات الوطنية المخلصة بما فيها الشباب الذى كان ولا يزال مفجراً لثورته المجيدة ودون إقصاء أو استبعاد لأحد ) وهو ما رأته القوي السياسية نهاية لعهد مرسي بينما رأي فيه الإخوان تحذير لمعارضي الرئيس لتنقضي المدة الثانية بمزيد من العناد والتمسك بما سماه مرسي عبر خطابه الليلي بـ ( الشرعية ) ليجتمع المجلس الأعلى للقوات المسلحة ويتخذ قراره النهائي بعزل رئيس أمهل الفرصة تلو الفرصة للتراجع عن قرارات أثارت غضبا شعبيا واتخاذ قرارات أخري تصحح واقعا مغلوطا أو الدعوة لاستفتاء شعبي علي استمراره في موقعه تمثل دعما لمواقفه الجدلية أو ختاما الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة .

ويدعو المجلس الأعلى للقوات المسلحة لاجتماع جديد بالمشاركة مع القوي السياسية لوضع خارطة المستقبل وهو الاجتماع الذي رفض حزب الحرية والعدالة المشاركة فيه والذي شهد الإعلان الشعبي عن عزل مرسي والخطوات التالية ضمن خارطة المستقبل لإدارة الفترة الانتقالية وبناء الدولة المصرية الجديدة .

لقد تصرّف الإخوان عبر مندوبهم في القصر الرئاسي أو كحزب أغلبيّة يحاول أن يوطّد مواقعه في الحكم بعد الانتخابات ومع أنّ هذا السلوك مشروع ديمقراطيا إلا أنّه سلوك غير مسئول وطنيًّا في مرحلة انتقاليّة لبناء الديمقراطية على أساس توافقات فوجود حزب أغلبيّة تواجهه معارضة ترفض كلّ ما يقوم به هو من مميزات مرحلة الديمقراطية وليس مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية ففي هذه المرحلة تتطلّب المسؤوليّة الوطنيّة أن تتشارك التيارات الرئيسة المجتمعيّة والسياسيّة في بناء الديمقراطية وإنجاح المرحلة الانتقاليّة والتوافق على دستورٍ ديمقراطي هو أحد معالم هذا النجاح فيما لا يعدّ تمرير دستورٍ بأغلبيّة حزبيّة أو اقصائية نجاحًا فالأغلبيّة الدستوريّة ليست هي الأغلبيّة السياسية بل يجب أن تكون أوسع منها بكثير .

التعليقات متوقفه