ماجدة موريس تكتب:نساء نجيب محفوظ

547

نساء نجيب محفوظ

ماجدة موريس

هل صنع نجيب محفوظ صورة جديدة للمرأة المصرية في أعماله الروائية أم أن السينما هي من فعلت هذا؟. أقول هذا بعد رؤية «اللص والكلاب » و«بين القصرين »علي قناة مصرية تحولت إلى قناة للأفلام بدلا من المسلسلات، وهو أمر جيد إذا اقترن باختيار جيد للأفلام مثل هذين الفيلمين اللذين أخرج أولهما كمال الشيخ، وأخرج الثاني حسن الأمام، وكتب السيناريو لكل منهما كاتب محترف بينما كان نجيب محفوظ نفسه يكتب السيناريوهات لأعمال غيره من الكتاب، خاصة إحسان عبدالقدوس، ونادرا ما كتبها لنفسه، وهو أمر محير بالفعل، ولكنه بالغ الأهمية في مسيرة هذا الروائي العظيم، قبل جائزة نوبل وبعدها، والذي جاء الاحتفاء بذكري رحيله هذه الأيام«٣٠ أغسطس ٢٠٠٦» أقل بكثير من المتوقع إعلاميا وهو ماعوضته وسائل الإعلام الالكتروني بأحاديث وبوستات معبرة عن قدره وقيمته ومحبته في قلوب قرائه،ومشاهدي أعماله السينمائية، والتليفزيونية المستمرة في العرض، وكان آخرها إنتاجيا مسلسل «أفراح القبة» للمخرج محمد ياسين والذي عرض عام ٢٠١٦ وما زال يجد طريقه عبر الشاشات معبرًا عن رؤية تجمع بين العمق والاشتباك الإنساني والمجتمعي في حياة شريحة تعيش في قاهرة الخمسينات وحين تتأمل الشخصيات النسائية في هذا العمل لا بد أن تعود إلى الوراء كثيرا لتتذكر شخصيات أخري، أكثر شهرة، إبدعها قلم محفوظ ككاتب قبل أن تتحول إلى نماذج من لحم ودم عبر السينما، وعلي يد مخرجين مختلفين، مثل «صلاح أبوسيف» و«حسن الإمام» و«كمال الشيخ» وغيرهم وكل منهم قدم بعضًا من أهم وأروع أعماله من خلال روايات نجيب محفوظ، ولكن المثير للفضول والدهشة هنا أمران، الأول هو إقبال الكاتب الكبير علي تعلم حرفة ومهارة كتابة السيناريو وتحويل الرواية إلى فيلم علي الورق، والثاني هو إدراكه لأهمية هذا في التغيير الذي يطول الرواية حين تتحول لفيلم، وهو ما دفعني للبحث عن الأفلام التي كتبها أو شارك فيها ككاتب سيناريو، وأهميتها.
من «جميلة» إلي «أنا حرة»
مائة فيلم مصري اختارها مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته العشرين،عام١٩٩٦بمناسبة الاحتفال بمرور مائة عام علي مولد السينما المصرية، وفِي الكتاب الكبير لهذه الأفلام وجدت الدليل علي أهمية وقيمة ما فعله النجيب محفوظ حين تعلم فن الكتابة للسينما فبين المائة فيلم الأهم ١٦ فيلما عن روايات محفوظ هي بالترتيب «بداية ونهاية»، «اللص والكلاب»، «القاهرة ٣٠»، «ريا وسكينة» عن قصة كتبها بناء علي تحقيق صحفي، وشارك في كتابة السيناريو مع صلاح أبوسيف «ميرامار»، «أهل القمة»، «الكرنك»، «درب المهابيل» وقد كتب لها السيناريو مع مخرج الفيلم توفيق صالح، «ثرثرة فوق النيل»، «بين السماء والأرض»، المذنبون، «الحب فوق هضبة الهرم»، «الوحش» كتب له السيناريو مع المخرج،«السمان والخريف»، «بين القصرين» أي١٦ فيلما شارك في كتابة ثلاثة منها ضمن أفضل مائة فيلم مصري، أما الأفلام التي عمل بها ككاتب سيناريو، «وحده أو بالمشاركة مع آخرين» بعيدا عن إبداعه الروائي، ودخلت ضمن القائمة فهي عشرة أفلام، هي شباب امرأة-الفتوة -الناصر صلاح الدين-الزوجة الثانية-جعلوني مجرما -أحنا التلامذة-لك يوم يا ظالم- الاختيار -جميلة بوحريد- أنا حرة ٢٦ فيلما ضمن أهم الأفلام المصرية قدمها نجيب محفوظ لنا وللتاريخ، أما عبر قصصه، أو عبر مشاركته الاحترافية ككاتب سينمائي وهو أمر مذهل لمن تفوق ككاتب روائي، ولكنه، من جهة أخري، خير تعبير عن عقل وفكر مفتوحين علي عالم يتغير كل لحظة، وهو ما نراه في الفروق بين صور النساء في أفلام الغير عنه «الثلاثية نموذجا »، وما قدمه هو ككاتب سينمائي في أعمال مثل «الاختيار»، و«جميلة بوحريد» ليوسف شاهين و«انا حرة» لصلاح أبو سيف. وهل أراد نجيب محفوظ بهذه الاختيارات نفي أسطورة «سي السيد» ونسائه الخاضعات؟

التعليقات متوقفه