بعد إقراره بمجلس النواب.. هل نحن بحاجة لقانون التجارب السريرية فى الوقت الراهن فى ظل مواجهة “كورونا”؟

309

جيهان العسال: التجارب الحالية تتم تحت إشراف منظمة الصحة العالمية
علاء غنام: القانون يسد كل ثغرات التحايل لمن يحاول الاستغلال ومخالفة القوانين
محمود فؤاد: اكتشفنا تجارب لمشروعات أمريكية 2005

بعد موافقة مجلس النواب، على مشروع القانون المقدم من الحكومة، بشأن إصدار قانون تنظيم البحوث الطبية والإكلينيكية، المعروف باسم التجارب السريرية، بشكل نهائي، تساءل البعض هل كنا فى حاجة للقانون فى ظل وباء كورونا ؟، ومتى سيتم إصدر اللائحة التنفيذية له، لتفعيله بشكل فعلى.
وكان مجلس النواب، أقر قانون التجارب السريرية في مايو 2018، وأرسله للرئيس عبد الفتاح السيسى ، للتصديق عليه، إلا أنه اعترض عليه، وأعاده إلى البرلمان متضمنا 15 ملاحظة على القانون، ليشكل المجلس لجنة خاصة فى بداية دور الانعقاد الرابع لدراسته.
تتسارع كل دول العالم في الوقت الراهن عبر مئات التجارب على مجموعة من الأدوية بهدف الوصول دواء فعال لمكافحة فيروس “كوفيد ١٩”، دون الالتزام بكل اشتراطات وحقوق المرضى عالميا بحجة الجائحة، لكن يتم إنهاء التجربة في حالة حدوث مخاطر، كما هو الحال مؤخرا مع إنهاء التجارب لدوائين هما: “هيدروكسي كلوروكين” و”لوبينافير، ريتونافير” ، لعدم فاعليتهما ضد فيروس كورونا المستجد، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
تجارب سريرية
وفى مصر تجرى تجارب سريرية بهدف الوصول لعلاج فعال، لكن تظل التجارب محاطة بالمخاطر للمبحوثين المصريين طالما، لم يقر حتى الآن قانونا يحفظ حقوقهم من ناحية ويمثل استقرارا للسوق الدوائى من ناحية أخرى.
فمصر من ضمن أكثر ١٠ دول قدمت أبحاثا بخصوص البحث عن مصل للفيروس، كما قدمت مصر ٢٧ بحثا في المركز الأول على مستوى أفريقيا والشرق الاوسط لإيجاد حل لـ” كوفيد ١٩ ” بحسب بيانات وزارة التعليم العالى.
ومؤخرًا، أظهر مؤشر أبحاث فيروس ” كورونا ” المستجد، التابع لموقع ” فينبولد ” العالمي، أن مصر هي البلد العربي الوحيد وكذلك الأردن، المساهمة بنسبة كبيرة في الأبحاث العلمية المسجلة في مجال علاج الفيروس، حيث تأتي مصر في مرتبة متقدمة باحتلالها المركز التاسع عالميا والأول عربيا، ضمن قائمة تضم ٤٢ دولة ، فيما جاءت الأردن في الترتيب ٣٨ بالقائمة ذاتها.
كما تصدرت جامعة عين شمس، وفقا لمؤشر أبحاث فيروس ” كورونا ” المستجد، القائمة بتقديم ٨ أبحاث علمية في مجال التجارب المكافحة للفيروس ، كما شاركت جامعات أخرى أيضا مثل جامعة القاهرة وطنطا وأسيوط.
مراحل متقدمة
قالت الدكتورة جيهان العسال، نائب رئيس اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كورونا المستجد، إن خروج قانون التجارب السريرية، فى الوقت الراهن، سيسهل العمل كثيرا خلال الفترة المقبلة على الأدوية التي تم الإعلان عنها لعلاج فيروس ” كوفيد ١٩”، والموجودة في مراحل التجارب السريرية منذ البداية، ولكنها في مراحل مختلفة دون الإعلان عن نتائجها حتى الآن، مضيفة أن اللقاحات ما زالت في مرحلة التجارب، فهناك بعض الأحاديث من قبل بعض الشركات أنه بنهاية العام الجاري أو بداية العام المقبل سيكون هناك لقاح ضد الفيروس.
موافقة رسمية
وأضافت، أن تجارب الأدوية فيما يخص أزمة فيروس “كورونا” المستجد تتم بعد الحصول على موافقة رسمية من قبل كل مريض، وأنه سيخضع لتجربة دواء أو عقار معين، مشددة على ضرورة الأخذ في الاعتبار أنه حتى الآن لا يوجد دواء فعال لهذه الأزمة، فإن أي دواء يحصل عليه المريض يكون تحت التجربة كـ”أمر واقع”.
وتابعت أن أعداد المرضى التي تخضع لتجارب الأدوية لا يمكن الإعلان عنها حاليا سوى بإعلان نتائج تجارب كل دواء على حده وأعراضه على الحالات التي خضعت للتجربة، فإن مصر من الدول المشاركة مثلها مثل كل دول العالم فيما يخص التجارب على الأدوية واللقاحات.
منظمة الصحة العالمية
وأضافت، أن التجارب تتم تحت مظلة منظمة الصحة العالمية، ويتم اتباع اشتراطات المنظمة في بعض الأمور، ولكن عندما قررت إيقاف عقار “هيدروكسي كلوروكين” لم يتم إيقافه في مصر، لأن التجارب المصرية التي تم تنفيذها أظهرت نتائج إيجابية، حيث إن التجارب السريرية التي أجريت لهذا العقار كانت جيدة على الحالات المتوسطة والبسيطة، وبالتالي لم يتم إيقافه، فهناك العديد من الأدوية التي يتم تجريبها لمواجهة “كورونا”، ومن أبرزها “هيدروكسي كلوروكين، سوفالدي لعلاج فيروس ” سي ” ، لوبينافير ـــ ريتونافير أو كاليترا ” وغيرها من العقاقير.
وأشارت، إلى أن مصر في مراحل متقدمة فيما يخص علاج فيروس “كورونا” المستجد أو الوصول إلى لقاح فعال، حيث سيتم الخروج بنتائج إيجابية قريبا، بالإضافة إلى أن مصر تأتى في مرتبة متقدمة باحتلالها المركز التاسع عالميا والأول عربيا فى المساهمة بنسبة كبيرة في الأبحاث العلمية المسجلة في مجال علاج الفيروس، موضحة أنه تم دراسة بروتوكولات العلاج للفيروس في مختلف دول العالم، وأن التجارب تتم وفقا لكافة القواعد المتبعة فى التجارب السريرية عالميا.
خطوة على الطريق

أكد الدكتور عادل العدوى، وزير الصحة الأسبق، أن وجود قانون للأبحاث الإكلينيكية السريرية ، يضع مصر على الخريطة البحثية العالمية، حيث كانت هناك أبحاث عالمية تجرى في عدد من الدول التي تتمتع بقوانين بحثية سرية بها وتتشارك هذه الدول في الأبحاث، وبالتالي يكون لها نصيب من العقاقير الدوائية بأسعار مخفضة عند إجازتها، كما تمنح للمبحوثين استخدام الأدوية والعقاقير في مجالات مرضية معقدة مثل الأورام وخلافه .
وأضاف إن الباحثين والأطباء في مصر ، كانوا ينتظرون صدور قانون الأبحاث السريرية منذ سنوات طويلة، مشيدا بموافقة البرلمان نهائيا عليه، حيث إنه بمثابة خطوة على الطريق ، انتظرها الكثير من الباحثين وكل العاملين في الحقل البحثي والطبي بصورة عامة منذ سنوات عديدة.
وأشار إلى أنه كانت تجرى أبحاث إكلينيكية في مصر كثيرة ، لكن كانت تمر في المراحل الأخيرة منها على استحياء من خلال إدارة متخصصة في البحث العلمي وأخلاقياته بوزارة الصحة فقط ، لكن لم يكن هناك قانون عام وشامل للبحوث الإكلينيكية بصورة عامة، ولم يكن هناك كيان منظم لأخلاقيات البحث العلمي .
وشدد على أن القانون الذي تم إجازته من البرلمان ، بعدما تم إعادته من مؤسسة الرئاسة ، لإضافة وتعديل مواد تصب أساسا في مصلحة البحث العلمي ومنح حرية للباحثين والمراكز البحثية، وتم تعديل تلك المواد، سيفتح مجال بحثي وطبي كبيرة لمصر خلال السنوات القادمة .
قانون التجارب السريرية
ومن جانبه قال محمود فؤاد، المدير التنفيذى للمركز المصرى للحق في الدواء، أنهم منذ سنوات مضت، يطالبون بوجود قانون، ينظم التجارب السريرية بعيد عن فكرة التجربة، خاصة أن للقانون فائدة تتمثل في جذب الاستثمار لصناعة الدواء ويفتح المجال للاستثمار الدوائى من كبرى شركات الدواء العالمية بمئات المليارات من الدولارات، وفى نفس الوقت يمثل المناخ المستقر لصناعة الدواء من الناحية الفنية، وهناك اقتصاديات دول تعتمد على ذلك، مثل سنغافورة التى سجلت نحو ٢٦ مليار دولار ، بسبب هذا القانون تليها بولندا وإسرائيل.
وتابع أن مصر تأخر الوضع كثيرا بها، قائلا: “رغم أننا كمركز حقوقى اكتشفنا أنه في ٢٠٠٥ أُجريت نحو ٥ تجارب أدوية لصالح شركة نوفارتس الأمريكية، كشفتها منظمة سويسرية لندلل أن خلف الستار تدار التجارب السريرية بالمخالفة للقوانين والمواثيق الدولية”.
وأشار، إلى أنه مؤخرا ظهر قانون التجارب السريرية وكان جيدا بشكل كبير، وحضروا أكثر من 4 جلسات استماع بمجلس النواب، وتم تسجيل الملاحظات على القانون والاعتراضات، مؤكدا أن المجلس بالفعل استجاب وسجل الملاحظات والاعتراضات، ووافق على القانون من حيث المبدأ وسجلت رئاسة الجمهورية الاعتراض على ٣ مواد وطالبت بتغييرهم لكن الأمر استغرق نحو ١٤ شهرا ولم يقدم النواب جديد، حيث يرون أن القانون ليس على أجندة أولوياتهم، رغم أن الفترة الحالية الخاصة بالجائحة وظرف تجريب عشرات الأصناف الدوائية، يلزم التحرك بشكل عاجل وفورى بإقرار القانون، حتى تجرى مثل هذه التجارب التى وصلت لقرابة الـ٧٣ تجربة تحت مظلته على النحو الذى يحفظ حقوق المرضى.
المستشفيات الجامعية
وأكد أن القانون يمكننا من معرفة التجارب والفريق الطبى والشخص المبحوث وتشترط في ذلك أن تتم التجارب السريرة داخل أروقة مستشفيات جامعية لما لها من شق بحثى تعليمى إلى جانب الشق العلاجى، وتحظر على بعض الفئات مثل الأطفال والحوامل والشيوخ والمسجونين، لأنه تعتبرهم فاقدى الأهلية وتحظر وجود أي نوع من الإجبار أو الابتزاز لأن التجارب قائمة بالأساس على فكرة التطوع ، بالإضافة إلى وجود الموافقة المستنيرة وليست لها علاقة بالجوانب المادية ولا المالية ، تجنبا للاتجار والابتزاز بل يعمل بإسم التجربة وثيقة تأمين تودع في أحد شركات التأمين العامة ويتم الخصم من هذه الوثيقة في حالة الفقد ” الموت ” أو حدوث مضاعفات للمبحوث، ليتم إيداعه في أحدى المستشفيات والصرف عليه حتى تستقر حالته.
وتابع أن التجارب لها مواعيد محددة وفريق طبى معروف وشرط اعتمادها في موقع ” كينيكل ترايل ” أن تنشر في دوريتين طبيتين عالميتين فلا شىء يتم في الخفاء ، لكن معظم التجارب تجرى بدون الشفافية والاشتراطات المطلوبة بدعوى الجائحة ، لكن مصر تأخرت كثيرا في إقرار قانون التجارب السريرية.
73 تجربة
وأشار، إلى أن مصر تخطت الـ ٧٣ تجربة لأدوية كورونا لتصل للمرتبة الأولى إفريقيا، لكن هذا الأمر معمول به عالميا في ظل الظرف الاستثنائى للجائحة، حيث يجرى العالم كله مثل هذه التجارب دون ضوابط أو اشتراطات أو مراعاة للحقوق أو بمعنى أدق بموافقات استثنائية، حيث تسعى كبرى الشركات العالمية لتجاوز هذه الاشتراطات التي تمثل لها عراقيل، بهدف الوصول لدواء يقضى على هذه الجائحة.
وأضاف، أنه لا يمكن الإنكار بأن الجائحة، خرجت عن سياقها وبدأ استغلالها بشكل سياسى واقتصادى وفى الدعاية الانتخابية ودخلت تحت مظلة مصالح كبريات الشركات العالمية للدواء، حيث يتصارعون من يحقق الربح الأول عبر عقار ينقذ العالم ، لذلك فأن الوقت الراهن أفضل وقت لخروج هذا القانون، وبالرغم من تأخر مجلس النواب فى إقراره وتجاهله لفترة كبيرة، إلا أنه حاليا ، نأمل أن يتم تطبيقه بشكل سريع لضمان حقوق المرضى وتطبيق التجارب بشكل علمى وسليم وفقا لما يطبق فى باقى دول العالم.
أخلاقيات البحث العلمى
أما الدكتور علاء غنام، مدير برنامج الحق في الصحة في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، فقال إن التجارب السريرية التى تجرى على مرضى كورونا ، يتم إجراؤها وفقا للوائح القديمة التى تلزم ذلك بمعرفة لجنة أخلاقيات البحث العلمى بوزارة الصحة، وهى التى تراقب مثل هذه التجارب وتضعها في سياقها الصحيح، ولكن ذلك لا يغنى عن حاجتنا الماسة لاستصدار القانون الخاص الذى ينظم التجارب السريريه، لأنه بالطبع سيقوم بسد كل الثغرات التى يتحايل منها كل من تسول له نفسه استغلال يخالف القوانين واللوائح والضمير .
وتابع، إن مصر تقوم بعمل الدراسات البحثية حول فيروس “كورونا” المستجد تحت ما يسمى بـ”الدراسات التضامنية” وفقا لمنظمة الصحة العالمية، حيث يتم تجريب عقاقير “ريمديسيفير” و”أفيجان” الياباني بالتعاون مع وزارة التعليم العالي، ولذلك لحين الانتهاء من قانون التجارب السريرية وصدور اللائحة التنفيذيه لتطبيقه.
وأشار إلى أن التجارب الإكلينيكية له مواصفات معينة، فلا بد أن يعرف المريض أنه يخضع لعقار تحت البحث ، وهى ” الموافقة المستنيرة ” التي يوقع عليها المريض، ضمن تجربة بحثية والتي يكون لها اشتراطات محددة مثل انصراف المريض عن الدراسة في أي وقت إذا أراد الأمر، دون التأثير على حقه الطبيعي في العلاج.
وأوضح، أنه في حالة تعرض المريض لآثار جانبية، قد تحدث أثناء التجارب السريرية يتم علاجه من قبل الفريق البحثي، وأن يكون دخول المريض للتجربة ليس مادي أو بمعني “عرض أموال عليه نظير التجربة” فهذا أمر ممنوع، وهذا موجود في مصر بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية.
وأكد أنه في وضع الأوبئة يسمح للدول، لعلاج مرضاها باستخدام الأدوية الموجودة لديها لإنقاذ حياة المواطنين، ومن هنا أجاز استخدام أدوية مثل “هيدروكسي كلوروكين، ريمديسيفير، أفيجان ، كاليترا ” وغيرها من الأدوية، فإن العقار الوحيد الذي حصل على موافقة من أكبر هيئتين الأمريكية والأوروبية، وهو “ريمديسيفير”، والذي تم اعتماده في حالات الطوارئ بشكل مشروط لفترة محددة، وليس اعتماد استخدام عام، وهذا يعني أنه يتم استخدامه مع المرضى الذي تستدعى حالاتهم الرعاية المركزة واستخدام جهاز التنفس الصناعي، وبالتالي لا يسمح لهذا العقار أن يتم تداوله داخل الصيدليات ولا يسمح للحالات البسيطة أيضًا.

التعليقات متوقفه