خفض وزن رغيف الخبز.. مضاعفة مصروفات المدارس.. ارتفاع أسعار تذاكر المترو.. مواطنون يصرخون: إجراءات اقتصادية طاحنة لحرق “الجيوب والقلوب”!!

فوزية إبراهيم: حولت بناتي من المدارس الخاصة للحكومية بسبب غلاء الأسعار

683

وائل النحاس: الحكومة صنعت الأزمة.. وما يحدث غضب شعبي ودعوة للفساد
شريف الدمرداش: برنامج الإصلاح لم يستهدف العنصر البشري

تحقيق منى السيد:

أزمات اقتصادية طاحنة يعاني منها أصحاب الدخل المتوسط، خاصة مع الإجراءات التي اتخذتها الدولة مؤخرًا من ارتفاع أسعار تذاكر المترو، لقانون التصالح مع مخالفات البناء، إلى جانب تخفيض وزن رغيف الخبز، ومضاعفة مصروفات المدارس، هو ما أثار غضب المواطنين ووصفوا تلك الإجراءات بحرق “الجيوب والقلوب”، خاصة بعد فقدان الكثير من الناس لوظائفهم، وارتفاع معدل البطالة، وزيادة نسبة الفقر، نتيجة لتصاعد وتيرة كورونا ، وهو أمر أدى إلى إغلاق جميع المطاعم والمقاهي والفنادق وشركات الطيران، ووفق أخر إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أكد أن ارتفاع معدلات الفقر ارتفعت إلي 32.5 في المئة من عدد السكان، بنهاية العام المالي 2017/2018، مقابل 27.8 في المئة لعام 2015/ 2016.
معدل الفقر وبرنامج الإصلاح الاقتصادي
في حين قالت هالة السعيد، وزيرة التخطيط المصرية، إن السبب الرئيسي في ارتفاع معدلات الفقر بنسبة 4.7 في المئة، خلال الفترة بين عامي 2016 إلى 2018، هو تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي في الفترة ذاتها، وهو ما تطلب تكلفة على المجتمع والدولة المصرية.
وأضاف التقرير أن معدل خط الفقر للفرد في السنة المالية 2017/2018، بلغ 8827 جنيها سنويا، أو 736 جنيها شهريا، فيما بلغ خط الفقر المدقع في نفس الفترة 5890 جنيها سنويا، أو 491 جنيها شهريا، وذلك مع الأخذ في الاعتبار خصائص كل أسرة، وتركيبها العمري والنوعي ومكان إقامتها.
ويرى خبراء الاقتصاد أن زيادة الفقر جاء نتيجةُ الإجراءات الاقتصادية التي نفذتها الدولة في إطار برنامجِ الإصلاحِ الاقتصادي، وأوضحوا أن تلك الإجراءات كانت ضرورية وحتمية، ولكن كان يجب العملُ على توفيرِ فرصِ العمل لتخفيفِ آثار الإجراءاتِ الاقتصادية الصعبة التي أضافت مزيداً من الأعباء على كاهلهم.
الأهالي تحاور الأسر
وحاورت الأهالي عددًا من الأسر متوسطي الدخل لتبين كيف تعيش في ظل الأجواء الاقتصادية الراهنة؟، حيث قالت فوزية إبراهيم أم لثلاثة أبناء، إن دخل المنزل الشهري لا يتعدى الــ 4 الالف جنيه، وأدفع شهريا 600 جنيه لفواتير المياه والكهرباء والغاز، إلى جانب 200 جنيه صيانة للعمارة، و200 جنيه إيجار قديم ، و600 للمواصلات رغم توفيري الكثير منهم عند ذهابي إلى العمل أنا وزوجي خاصة أننا نعمل في إحدى المصالح الحكومية ونتقاضى كل منا 2000 جنيه.
وأضافت لم أحسب كم أنفق من الأموال على الطعام، ولكن الراتب ينتهي قبل أن يأتي الأسبوع الثاني من الشهر ذاته.
وتابعت قمت بتحويل بناتي من المدارس الخاصة للحكومية، أحداهما في الصف الثالث الإعدادي والأخرى في الصف السادس الابتدائي، نظرًا لغلاء الأسعار ولم أعد أتحمل المصروفات الضخمة وزى المدارس الذي وصل الطقم إلى 600 جنيه.
ويصل صافي دخل فوزية وزوجها لــــ1850 بعد سداد 600 فواتير+ 200 خدمات+ 600 مواصلات+ 200 إيجار+ 550 علاج = 2150 . وهذا الراتب يشمل مصروفات الطعام والملابس ومصروفات مدارس.
بينما قال أحمد محمد أب لطفلين ويعمل موظفا في أحد المستشفيات، أعمل أنا وزوجتي في نفس المهنة، وراتبي 1800 جنيه، وزوجتي نفس الراتب ليتلخص الدخل الشهري في 3600 جنيه، لافتًا إلى انه يقوم بدفع 1000 جنيه إيجار، و500 جنيه فواتير شهريًا، و1200 جنيه مواصلات بعد ارتفاع أسعار تذاكر المترو، و1000 جنيه مصروفات بامبرز وأكل وعلاج للأطفال، ولم يتبق لنا ما يوفر لقوت يومنا، ولكني أقوم باستلاف مبلغ شهريًا لأكمل به باقي كل شهر.
وأستكمل: أبحث عن وظيفة أخرى حتى أحصل على ما يكفي أسرتي، خاصة أن أي ظرف يطرأ على المنزل لم أعد أتحمله.
ونرى أن ما ينفقه أحمد شهريا هو 1000+1200+1000+ 500= 3700، وهذا المبلغ يتعدى راتبه وراتب زوجته بــ 100 جنيه، دون التطرق للطعام والشراب
أما شرين عطية وهي ربه منزل وأم لأربعة أبناء تقول: يعمل زوجي في أحد المهن الحرة بمنطقة شق الثعبان، ولم يكن له دخل ثابتا، ويتراوح الدخل ما بين 2000 إلى 3 الاف شهريًا، ولكننا نقوم بسداد المستحقات المالية أولا؛ ومن ثم نفكر في شراء السلع الغذائية، حيث ندفع شهريًا مابين 500 إلى 700 فواتير الكهرباء والمياه والغاز، إلى جانب 900 جنيه إيجار، و500 جنيه للمواصلات، و 150 اشتراك الانترنت لمتابعة المراجع للأبناء، و300 جنيه أقساط، غير مصروفات الأطباء والعلاج.
وأضافت شرين، أن ما يحدث من غلاء للأسعار هو بمثابة حرق “للجيوب والقلوب”، خاصة أنه يهل علينا منتصف الشهر ونحن لا نملك قوت يومنا، ولم نعرف كيف ندبرها ونتركها لله هو الرزاق، مشيرة إلى أن كل هذه الأعباء دون مصروفات الدراسة والزى والأدوات المدرسية والدروس الخصوصية، قائلة: ” لما عيل من عيالي بيتعب بخاف أسال على الدواء في الروشتة علشان عارفة أني مش هقدر أجيبه ومش بيبقى معايا فلوس الكشف”.
ونجد أن ما تنفقه أسرة شرين شهريًا هو 900 إيجار+ 600 فواتير+ 150+ 300 قسط + 500 جنيه مواصلات = 2450 .
دعوة للفساد
وقال وائل النحاس الخبير الاقتصادي، إن الدولة هي من صنعت الأزمة الاقتصادية حيث قامت برفع الدعم عن المواطن، وأصبح المواطن هو من يدعم الدولة بالكهرباء والغاز والبترول وليس العكس، وهم ما يجعلنا نؤكد أن الخطر قادم لا محالة.
وأضاف أن الوقت الراهن يشهد حالة من التفاقم الاقتصادي وهو ما يصعب على المواطن معايشته للواقع ، لافتًا إلى أن ترك الدولة للشركة القابضة للكهرباء لتغطي تكلفتها بنفسها جعل المواطن فريسة لها.
وتابع النحاس أن سعر برميل البترول العالمي بــ 40 قرشا ونحن مازلنا على أسعار الـ 80 ، مشيرًا إلى أن تكلفة نقل بضاعة من محافظة لمحافظة أخرى أعلى من تكلفة تصديرها لأمريكا، وأن سعر متوسط الكيلو وات على مستوى العالم يساوي 6 سنت فيما يوازي 90 قرشا ويباع للمواطن بـ 140 قرشا.
وبين أن الدولة تركت المواطن فريسة للقطاع الخاص سواء في التعليم أو التجارة، إلى جانب سوء التعامل مع قانون المصالحات وما يحدث هو دعوة للفساد وغضب شعبي، لابد وأن نتساءل هل ما يحدث في قانون التصالح هو مناسب للمواطن أم لا؟، ولكن من الصعب تطبيق ما يحدث في الغرب بنفس الشكل في مصر ، مشددًا على ضرورة خلق طرق مختلفة للتعامل مع المخالفات غير الهدم، خاصة أن الأحياء كان لها دور في هذا الفساد، قائلًا: “إذا أمرت أن تطاع فأمر بما هو مستطاع”. وتساءل النحاس: متى يحاسب المواطن الحكومة؟
معادلة مستحيلة
وفي السياق ذاته قال الخبير الاقتصادي شريف الدمرداش، إن علم الاقتصاد قائم على الموازنة بين الأسعار والأجور، وهو تعظيم الاستفادة من الموارد المحدودة، وهي مبنية على فكرة السوق بالتوازن مع الأسعار والأجور أو الدخل لإشباع احتياجات المواطن الأساسية.
وأضاف أنه كلما أشبع المواطن جزءا أكبر من احتياجاته الكمالية إلى جانب الأساسية كنت في مجتمع أغنى وأكثر تقدًما اقتصاديًا، وإذا كانت السلعة موجودة ومستوى الدخول لا يمكنك من الحصول عليها، فهي معادلة صعبة وتضحية بـ 70% من المواطنين في سبيل عمل مؤشرات وأرقام، وهو إصلاح غير أخذ في الاعتبار أنه يستهدف في المقام الأول العنصر البشري، مؤكدًا أن الهدف الأساسي من الإصلاح هو تحقيق مستوى إشباع أعلى للمواطن العادي من احتياجاته الأساسية وجزء من احتياجاته الكمالية.
وتابع الدمرداش أن دور القيادة السياسية هي المفاضلة بين عدة بدائل اقتصادية لتعظيم مردود المتاح من الإمكانيات الطبيعية والمادية والبشرية في المجتمع لصالح المواطن البسيط، ولكن ما نراه الآن هي معادلة مستحيلة.
وأوضح أن الدولة لم تقم بمراقبة الأسواق، وأصبح المواطن فريسة للتجار ورجال الأعمال والدولة؛ وتساءل: ماذا تحقق لتحسين المستوى المعيشي للمواطن؟.
ترشيد الإنفاق
بينما أكد ماهر هاشم الخبير الاقتصادي، أن مصر هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تعاملت مع أزمة كورونا بطريقة جيدة، وأعطت المنحة للمواطن الذي فقد وظيفته وتأثر دخله منحة على دفعات متكررة، خاصة اقتصاد الظل الذي يعتبر قوة وركيزة أساسية تحمي الاقتصاد الوطني في حدود 3.5 تريليون جنيه.
وأضاف أن الحكومة قامت بإجراءات بنكية عظيمة وخفضت الفوائد إلى جانب تقليل صرف النقود ورغم ذلك لم يشعر المواطن بنقص المواد الغذائية مثلما حدث في أمريكا والكثير من دول الغرب.
وبين أن الأسر الآن أصبحت تصرف مصروفات ترفيهية، فجميعها تحمل أكثر من ثلاث هواتف محمولة في الشقة الواحدة، ورغم استمرار برنامج الإصلاح الاقتصادي أوقف الرئيس الشريحة الثانية من الكهرباء، وخفض أسعار المحروقات.
وتابع أن زيادة دخل المواطن لا بد وأن يكون بالعمل على المشروعات الصغيرة لتعزيز المشروعات الاقتصادية العملاقة مثل قناة السويس ومشروعات إسكندرية دون الانتظار من الدولة أن تعطيه.
وأكد أن مصر تحتضن الآن 8 ملايين عربي ما بين سوري وسوداني وليبي ويميني وعراقي، ورغم ذلك لم يتأثر اقتسام الوجبة مع المصريين، بالإضافة إلى تراجع الدولار أمام الجنيه وهو ما يجعلنا نؤكد أن الاقتصاد متعافي ويصب في مصلحة المواطن.
وشدد على ضرورة أن تقوم الأسر في زيادة ترشيد الاستهلاك والإنفاق، والحفاظ على الصحة العامة لمساعدة الدولة للخروج من الأزمة، مطالبًا بضرورة نشر الوعي من قبل وسائل الإعلام المختلفة .
حائط صد للجماعات الإرهابية
وقال سامح عيد الباحث في الشئون الإسلامية، إن الجماعات الإرهابية تستغل الأوضاع السياسية والاقتصادية خاصة ارتفاع الأسعار بشكل عام إلى جانب هدم مخالفات البناء في العديد من الأراضي الزراعية، لتحقيق أغراضهم بنشر الفوضى وإشعال الفتن لإسقاط الدولة.وأضاف أن العناصر الإجرامية تسعى لاستقطاب عدد كبير من الشباب وممن أحسوا باليأس والاضطهاد ويعانون من أزمات نفسية على سبيل المثال عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي بعدد من الاختبارات والتأثيرات.
وشدد عيد على ضرورة مكافحة فساد المحليات التي تفشى منذ أكثر من أربعين عامًا لمحاسبة المخطئين في مخالفات البناء مع الملاك، خاصة أن الجماعات تلعب دورًا كبيرًا على هذا الأمر، مطالبًا الدولة بضرورة خلق حلول سياسية لمكافحة الفقر والبطالة لغلق الساحة أمام الجماعات الإرهابية التي تستغل الأحداث لإثارة الفوضى، وأن تعيد النظر مرة أخرى في فتح منافذ إعلامية للناس ولم تقتصر على أناس بعينها، وأن تستجيب للضغوط التي نتجت عن أزمة كورونا وتسبب أثرها كساد تجارة الناس، اقتصاديًا، وارتفاع معدل البطالة وخلافه.

التعليقات متوقفه